الاثنين، 4 أغسطس 2025

صفقة ترامب ونتنياهو.. نزع سلاح غزة بين الحقيقة والوهم

  صفقة ترامب ونتنياهو.. نزع سلاح غزة بين الحقيقة والوهم

د عز الدين الكومي



في ظل حالة الفشل والتخبط المتكرر التي تلازم تعامل حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة مع قضية الأسرى الصهاينة، وفي ظل الدعم الأميركي الصريح والمستمر لهذه السياسات التي تكاد تُعتبر شراكة فعلية في الجريمة الجماعية ضد أهل غزة، ظهر اقتراح الإدارة الأميركية بقيادة ترامب ككشف عن رؤية شيطانية تهدف إلى نزع سلاح المقاومة الفلسطينية، في محاولة جديدة لتصفية مشروع التحرر الفلسطيني تحت غطاء «السلام المزيف».

لقد بات واضحًا أن نتنياهو وحكومته لا يكلّان من تكرار الخطط القذرة التي لم تحقق أيًا من أهدافها المعلنة، مهما تنوعت وتعددت أساليبها: 
من حملات القصف الوحشية، وهدم المنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادة، إلى فرض الحصار وتجويع الملايين، مرورًا بمحاولات تفكيك النسيج الاجتماعي والفكري للمقاومة. 

وكل ذلك كان محكومًا بالفشل، لأن معادلة المواجهة بين قوة احتلال متوحشة وشعب مقاوم له عقيدته وجذوره، لا تُحسم إلا بإرادة وعزيمة هذا الشعب الذي لا يلين.

في هذا السياق، تبرز محاولة ترامب وإدارته الأخيرة لتسليم سلاح المقاومة إلى الدول العربية – وكأنهم يتجاهلون إرادة المقاومة ومبادئها الراسخة – كخطوة تهدف إلى إعادة ترتيب الأوراق لصالح الاحتلال على حساب حق الفلسطينيين في الدفاع عن أنفسهم، وإلغاء وجود أي رادع حقيقي في وجه العدوان الصهيوني المتكرر.

ولعل أكثر ما يفضح سذاجة هذا الطرح هو تجاهل القيادة الإسرائيلية والأميركية للحقيقة الراسخة في ثقافة وفكر المقاومة: 
لا يمكن لأحد أن يطالب حماس أو أي فصيل مقاوم بالتخلي عن سلاحه، فالسلاح هو حياة هذه المقاومة، ورمز وجودها، وضمانة استمرارها في وجه الاحتلال والغطرسة.
في عرف المقاومة، لا وجود لخيار الاستسلام أو التراجع، فالمقاوم إما أن ينتصر أو يقتل في سبيل الله وحقه. 
ومن يحاول فرض خيار ثالث فهو ببساطة يروج لخرافات المنافقين والمنبطحين الذين فقدوا البوصلة وأضاعوا الشرف والكرامة.
ومن هنا، فإن تصريحات بعض المسؤولين، كالمدعو ستيفن ويتكوف – تاجر العقارات والمبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط – التي زعم فيها موافقة حماس على نزع سلاحها، ليست سوى كذبة مكشوفة لا تنطلي إلا على من لا يعرف طبيعة هذه المقاومة وأدبياتها الثابتة التي تُجسد روح الكفاح والتحدي. 

وكما قال القيادي الفلسطيني صلاح خلف: 
«مين هالحمار إللي يسلم سلاحه ويروح يفاوض؟».. 
هذه العبارة تلخص بجرأة وسخرية أن نزع السلاح من المقاومة أمر مستحيل، وأن أي محاولة في هذا الاتجاه محكوم عليها بالفشل الذريع.
إن القضية الفلسطينية اليوم ليست مجرد صراع على الأرض، بل هي صراع وجود وهويّة ومشروع تحرر لا يمكن أن يُقهَر بسلاح ولا بإرادة. 
وما يدفع الاحتلال وحلفاءه إلى طرح مثل هذه الخطط هو إدراكهم العميق بأن قوة المقاومة وحيويتها هي العائق الحقيقي أمام مخططاتهم التوسعية والاحتلالية.
ختامًا، لا بد أن يعلم القارئ العربي أن هذه المحاولات لن تثني أبناء فلسطين الأحرار عن مواصلة مسيرة الكفاح، وأن سلاح المقاومة هو منبع عزتهم، وحقهم المشروع في الدفاع عن النفس والكرامة. 
ولأن المقاومة هي خيار الحق، فهي ستظل، مهما اشتدت المحن، في صدارة الصفوف نحو الحرية والعدل.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق