الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013

الفاشلون


الفاشلون
عبد الرزاق كبا

الثلاثاء 11 ذو القعدة 1434 الموافق 17 سبتمبر 2013

لقد تأملت أحوالهم ومسيرتهم فوجدت أن القاسم المشترك بينهم يتمحور في لوم الآخر وإعذار الذات.
الفاشل الأول الشيطان ألقى باللائمة على رب العزة والجلال ( قال بما أغويتني...) ونسي تكبره وعناده.
 والفاشل الثاني قابيل رمى بالتبعة على أخيه وحسده (إذ قرّبا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، قال لأقتلنك..)
أرءيتم كيف افتقد الرجل إلى المنطق السليم والعقل الرزين فبدلا أن يكون صادقا مع نفسه، و يدرس القضية بالمنهج العلمي والمنطق العقلي السليم ويقوم بمراجعة محاور الضعف في شخصيته، ركن إلى اتهام أخيه وتحميله ورز فشله فقام بإعدامه.
أما الناجحون فهم يلومون أنفسهم إذا أخفقوا وأخطؤوا وخرجوا عن الجادة، فاقرؤوا قول الناجح الأول حينما أخطأ ( قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) والناجح الآخر يونس عليه السلام ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) وهكذا اتبعهم الناجحون فيما بعد..
نعم إننا لا نهزم أمام الأعداء أبدا لأنهم أقوياء، ولكن نهزم أمامهم لأننا ضعفاء .
 إن الغرب لم يستعمرنا أبدا لأنه كان عندهم القوة والحضارة والسلاح، ولكن لأننا لم نكن نملك العلم والقوة والوعي والحضارة التي كانت تكفي لصدهم، وزواجك لم ينته إلى طلاق لأن زوجتك عنيدة مكابرة، ولكن لأنك كنت تفقتد إلى الصبر والحلم والحكمة في معالجة الأشياء، وشركتك أو محلك التجاري لم تتكدس وتخسر فيها حتى فقدت رأس مالك لأن المنافسة كانت شرسة من التجار الآخرين، ولكن لأنك لم تقرأ السوق جيدا، ولم تلمّ برغبات الزبائن ولم تهتم بتقديم الخدمات والإمتيازات لهم.
 إن رسوبك في الإختبار ليس سببه ذلك المدرس المتشدد المتغطرس ولكن لأنك لم تراجع دروسك جيدا، ولم تأخذ حذرك من الأسئلة المعقدة، ومؤسستك التعليمية أصبحت خاوية على عروشها ليس لأن المجتمع عازف عن الدعوة والعلم الشرعي، ولكن لأنها تفتقد إلى مقومات الجاذبية والإدراة الناجحة، و سبب التخلف الأفريقي والعربي والديار الإسلامية ليس لأن الغرب وقف أمامهم في كل مرصد ولكن لأنهم لم يقفوا ضد الجهل والتبعية والفقر والأمراض والفرقة والتنازع ويسدوا طريقها من كل منفذ.
خطأ أن يفني البعض عمره كله في سب اسرئيل ولعنه مع أن طائفتين من الشعب تعادي بعضها بعضا وتفشل للتوصل لحل داخلي فيما بينهم وينقسمون إلى حمساوي وفتحاوي في الوقت الذي هم أحوج فيه إلى الوحدة والتصالح
 وخطأ أن يلقي الصوماليين باللائمة على الغرب مع أنهم شعب واحد ولغة واحدة ودين واحد ومذهب فقهي واحد ومع ذلك يتقاتلون!!!
وخطأ أن يظل الأفارقة يلعنون الإستعمار في كل وقت وحين وينسبون سبب تخلفهم في هذا العصر إليه، مع أن دولا مستعمرة أخرى نجحوا وتطوروا وتقدموا.
 خطأ أن تجلس في ظلام دامس وتنهي الليل كله في لعن الظلام ولا تحاول أن تشتعل شمعة لتضيئ لك الطريق!!!
إنه الدرس القرآني الذي نتعلمه من هزيمة المسلمين في أحد
(أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير)
وفي مكان آخر في سياق آخر يقول ( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)
نعم إن كيد الشيطان لضعيف، ولكن تحركاتنا والمناعة عندنا ضد فيروساته أضعف،إن الشر لا يغلب علينا لأنه أقوى ولكن لأن عامل الخير في نفوسنا أهون.
وانظر كيف يحاجج الشيطان أولياءه ويفضحهم ويخذلهم بالمنطق والحجة العقلية التي لا يستطيعون ردها – نسأل الله أن لا نكون منهم- ( وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم، وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم...)
وأخيرا فإن القاعدة الكلية والكلمة الأخيرة هو قول الله عز وجل
 ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق