السبت، 6 يوليو 2013

الجنرال في متاهته!


الجنرال في متاهته!


 حلمي الأسمر

الفرق كبير بين جنرال غارسيا ماركيز محرر بلدان أميركا اللاتينية «سيمون بوليفار» والجنرال عبد الفتاح السيسي الذي قاد انقلابا عسكريا ضد رئيس مصر المنتخب الدكتور محمد مرسي، فما فعله الاخير على العكس تماما ما فعله الأول، وربما تمر عقود قبل أن تزول الاثار السيئة التي خلفتها حركة السيسي، ليس على الإخوان ولا على مصر فحسب بل على أمتنا كلها، بين يدي هذا الحدث الجلل والمزلزل، سأتوقف سريعا أمام بضعة مسائل، لأن المجال لا يتسع لنظرات معمقة، قد يحين وقتها في أيام عصيبة قادمة!

أولا/ أثبت الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، انه الزعيم الوحيد الذي كان في غاية الصرامة والصراحة في اتخاذ موقف واضح ومبدئي من الانقلاب ووصفه بما يستحق، حين حمل عليه بشدة، وتكلم كلاما بمنتهى الأهمية على حسابه في تويتر، حيث قارن بين تركيا ومصر مقارنة معمقة، وأرسل برقيات سريعة ليس للمصريين فحسب، بل لدول أوروبا المنافقة، التي اعتادت الكيل بمكاييل عدة لا بمكيالين، ومما قال أن حقبة الانقلابات العسكرية بقيت فترة مظلمة في تاريخ تركيا، الذين قاموا بالانقلابات العسكرية في تركيا، حوسبوا وسيحاسبون حتى لو كان ذلك آخر يوم في حياتهم . كل انقلاب عسكري شهدته تركيا في تاريخها المعاصر أعادها عشر سنوات إلى الوراء على الذين قاموا بالانقلاب في مصر، الاطلاع على الحقائق الهامة في تاريخ ‏تركيا الحديث وأخذ العبر من أحداث الانقلابات!

ثالثا/ ليس بعيدا عما قاله اردوغان، كتب إلياس حرفوش مقالا مهما في «الحياة» اللندنية، قارن فيه بين ما وقع في ميدان تقسيم وميدان التحرير، مع ملاحظة الفرق الهائل بين تصرف الجيشين التركي والمصري حيال كل حدث، ويرى أن المعارضة المصرية ترتكب خطأ كبيراً عندما تستنجد بالجيش في وجه خصومها الإسلاميين.فهي أولاً تستنجد بالجيش ضد نتائج صناديق الاقتراع، وثانياً تتجاهل الدور السلبي الذي لعبه الجيش (في ظل الرؤساء المدنيين ) على مدى عقود كحاضن وحامٍ لعمليات قمع الحريات ولزج المعارضين في السجون، ومن بينهم رموز من المعارضة من الذين يعتبرون الجيش نصيراً لهم اليوم!

رابعا/ ليس بعد اليوم، فبعد تأييدهم لانقلاب العسكر على خيار الصناديق، أي ليبرالي أو يساري أو قومجي يفتح فمه متحدثا عن الديمقراطية والحقوق المدنية والحريات، يجب أن يَسكـُت أو يُسكت، فكل المقولات الليبرالية التي تدعي التمسك بالديمقراطية والتداول السلمي للسلطة سقطت ايضا، وبات واضحا ان الليبرالي في مفهوم الغرب هو الذي يتخلى عن عقيدته وقيمه ومبادئه، ويتبنى المبادئ الغربية التي تضعها واشنطن ومحافظوها الجدد، كما يقول عبد الباري عطوان!

خامسا/ الجيش المصري هو أهم الجيوش العربية الآن لأكثر من اعتبار، بعد تدمير الجيشين العراقي والسوري، توريطه في مواجهة مع شعبه عبر انقلابه على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر مؤامرة كبرى، لن يغفرها التاريخ وستدفع الأمة ثمنا غاليا لهذا الحمق المدبر، علما بأن الجيش المصري لم يخض حرباً كبرى منذ عام 1973، وإن ضعف أدائه في منع تهريب الأسلحة إلى غزة(!) يشير إلى أن مهاراته في حماية الحدود ينقصها الكثير.
وبدلاً من ذلك، كرس العقود الأربعة الماضية على بناء إمبراطورية مالية هائلة، تشمل ملكيات عقارية موسعة والسيطرة على صناعات كبرى، يُعتقد أنها تشمل ما بين 15 و 40 في المائة من الاقتصاد المصري. كما أنه يقوم بتوسيع تلك الأصول من خلال إقامة مشاريع تنموية جديدة، كما يقول أحد باحثي معهد واشنطن!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق