حروب البترول الصليبية والقرن الأميركي الجديد
- العنوان: حروب البترول الصليبية والقرن الأميركي الجديد
- المؤلف: عبد الحي زلوم
- عدد الصفحات: 396
- الناشر: المؤسسة العربية للنشر، بيروت
- الطبعة الأولى: 2005
قراءة وعرض إبراهيم غرايبة
يحاول المؤلف أن يفسر سلوك الهيمنة والاستعمار الأميركي وفق مسار النفط وتاريخه بدءا بالقارة الأميركية ومرورا بالخليج، ويرى أزمة الخليج واحتلال العراق في هذا السياق، وكذلك الصراع العربي الإسرائيلي، ويرى أن مشكلة العالم في طبيعة الرأسمالية المتوحشة التي تقود الولايات المتحدة والعالم إلى الكارثة.
عصر النفط والاستعمار
بدأ عصر النفط عام 1859 بعد حفر البئر الأولى في ولاية بنسلفانيا، وبدأ النهج الاستعماري للولايات المتحدة الأميركية عام 1898.
وفي ظل القيادة الأميركية شهد العالم أربع حروب عالمية: الأولى ضد ألمانيا والإمبراطورية العثمانية، والثانية ضد ألمانيا واليابان، والثالثة ضد الاتحاد السوفياتي (الحرب الباردة)، والرابعة في العالم الإسلامي تحت عنوان مكافحة الإرهاب، وقد احتل فيها العراق وأفغانستان، ودفع بأعداد كبيرة من القوات الأميركية إلى الخليج العربي، وهي حرب لا يرى لها المؤلف هدفا إلا السيطرة على النفط.
ويعرض الكاتب نتائج تقارير وأبحاث لخبراء وقادة سياسيين في الشؤون النفطية، مثل ديك تشيني نائب الرئيس الأميركي ورئيس مجموعة تطوير السياسة الوطنية للطاقة، تشير إلى أزمة نضوب النفط ودخول الحقول النفطية العالمية مرحلة الذروة في الإنتاج، وهي الوصول إلى مرحلة يتعذر معها تحقيق أي زيادة في معدلات الإمدادات النفطية، ويبدأ الهبوط التدريجي في الإنتاج، في الوقت الذي يستهلك فيه العالم يوميا حوالي 28 مليون برميل.
وتكمن مشكلة الولايات المتحدة الأميركية في تحقيق التوازن بين الإنتاج والطلب المتعاظم على النفط، والاقتصاد الأميركي الذي يعتمد على عامل النمو، فالقصور في الإنتاج مقارنة مع الطلب يصل إلى نسبة 1-5? مما يسبب الركود، وإذا ارتفعت النسبة عن هذه المعدلات فستكون النتيجة كارثة عظيمة.
وفي هذه المرحلة تحتاج الولايات المتحدة الأميركية للسيطرة على حركة السوق النفطية في توزيع الكميات وتحديد الأسعار، وهي سيطرة لا تأتي بدون احتلال فعلي لمنابع النفط.
وكان التحرك المفاجئ نحو العراق -الذي يملك 112 مليار برميل أي ما يعادل 11? من الاحتياط الإجمالي العالمي من النفط- بسبب التقارير الفعلية التي تلقتها أميركا بعد الحرب الأفغانية حول نفط بحر قزوين.
وتشير تلك التقارير إلى أن منطقة قزوين تضم ما بين 10 و20 مليار برميل فقط، في حين أنه كان يتوقع أن تضم نحو 200 مليار برميل، وعندها بدأت الشركات النفطية الكبيرة إلغاء خططها الخاصة بمشروع خط الأنابيب عبر أفغانستان.
وقال المؤلف إن العراق قد سلك في السنوات القليلة السابقة لاحتلاله مسارا يستفز الولايات المتحدة وطموحاتها النفطية، مثل عقد صفقات واتفاقات نفطية مع روسيا والصين وفرنسا، واستخدام اليورو بدلا من الدولار.
"النخبة الأميركية بدأت التخطيط للهيمنة على العالم ضمن ما عرف بإستراتيجية الإمبراطورية العالمية قبل هجمات سبتمبر/ أيلول بسنوات.. وكان احتلال منابع النفط العربية فكرة قديمة لكيسنجر، خاصة نفط العراق لأنه الأقل تكلفة في الإنتاج على المستوى العالمي"
وأشار إلى أن الولايات المتحدة تحتفظ الآن بقواعد عسكرية وتتحكم في طرق شحن النفط بدءاً من الخليج وانتهاء بالصين، ولن تشعر بالقلق تجاه التقدم الحاصل في الحركة الصناعية لكل من الصين والهند ما دامت تسيطر على حقول نفط الشرق الأوسط وتسيطر على إمدادات النفط لهذه الدول.
وأعدت الولايات المتحدة الأميركية حسب الكتاب إستراتيجية إمبريالية جديدة للسيطرة على المنطقة التي تتحكم في إمدادات الطاقة العالمية، لأن الإنتاج الأميركي بدأ رحلة التراجع في وقت مبكر يعود إلى عام 1970 حسب رأي الخبراء الجيولوجيين مثل كينغ هوبارد.
ويرى الكاتب أن النخبة الأميركية بدأت التخطيط للهيمنة على العالم ضمن ما عرف بإستراتيجية الإمبراطورية العالمية قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول بسنوات، أي بعد انهيار المنافس الرئيسي وهو الاتحاد السوفياتي.
ففي عام 1992 أعد ولفويتز بتكليف من وزير الدفاع تشيني وثيقة حول الإستراتيجية العسكرية الأميركية باسم دليل "التخطيط الدفاعي للسنوات 1994-1996"، رسم فيها صورة جديدة لعالم فيه قوة عظمى وحيدة، هدفها الرئيسي منع منافس جديد أو محتمل من القيام بأي دور إقليمي أو عالمي، ومنع أي قوة معادية من السيطرة على منطقة تملك من المصادر ما يكفي لتغذية ولادة قوة إقليمية وتشمل هذه الأقاليم كلاً من أوروبا الغربية وشرق آسيا، ودول الاتحاد السوفياتي السابق وجنوب غرب آسيا.
ويكشف بريجنسكي في كتابه "رقعة الشطرنج العظيمة" كيف أن المؤامرة الأميركية للسيطرة على العالم تطلبت حدثاً بحجم ما حصل يوم 11 سبتمبر/أيلول.
وتأتي إيران وسوريا في المرحلة القادمة من الحرب على الإرهاب تحت شعار مبادرة الشرق الأوسط الكبير من أجل الديمقراطية وفرض الإصلاحات الاقتصادية، وتقوم بتنفيذها "القيادة المركزيةUSCENTCOM" وهي واحدة من أربع ممالك عسكرية عالمية تم توزيع العالم عليها في المخطط الأميركي.
وتضم هذه الممالك عشرين بلداً تتباين من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والجغرافية، وتنتمي لقارات أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتشكل مهداً للأديان الثلاثة.
وهذه البلدان هي: "أفغانستان والبحرين وجيبوتي ومصر وإرتيريا وإثيوبيا والأردن وإيران والعراق وكينيا والكويت وعُمان وباكستان وقطر والسعودية وسيشيل والصومال والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن".
وكان احتلال منابع النفط العربية فكرة قديمة لكيسنجر، كما أن الإدارة الأميركية ترى في نفط العراق مصدراً متاحاً لأنه الأقل تكلفة في الإنتاج على المستوى العالمي.
"ثمة علاقة دائمة بين النفط وفلسطين، كما أن جيولوجيا النفط كانت أكثر تأثيرا على حدود دول سايكس بيكو من أية اعتبارات جغرافية"
وأعدت الولايات المتحدة الأميركية حسب الكتاب إستراتيجية إمبريالية جديدة للسيطرة على المنطقة التي تتحكم في إمدادات الطاقة العالمية، لأن الإنتاج الأميركي بدأ رحلة التراجع في وقت مبكر يعود إلى عام 1970 حسب رأي الخبراء الجيولوجيين مثل كينغ هوبارد.
ويرى الكاتب أن النخبة الأميركية بدأت التخطيط للهيمنة على العالم ضمن ما عرف بإستراتيجية الإمبراطورية العالمية قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول بسنوات، أي بعد انهيار المنافس الرئيسي وهو الاتحاد السوفياتي.
ففي عام 1992 أعد ولفويتز بتكليف من وزير الدفاع تشيني وثيقة حول الإستراتيجية العسكرية الأميركية باسم دليل "التخطيط الدفاعي للسنوات 1994-1996"، رسم فيها صورة جديدة لعالم فيه قوة عظمى وحيدة، هدفها الرئيسي منع منافس جديد أو محتمل من القيام بأي دور إقليمي أو عالمي، ومنع أي قوة معادية من السيطرة على منطقة تملك من المصادر ما يكفي لتغذية ولادة قوة إقليمية وتشمل هذه الأقاليم كلاً من أوروبا الغربية وشرق آسيا، ودول الاتحاد السوفياتي السابق وجنوب غرب آسيا.
ويكشف بريجنسكي في كتابه "رقعة الشطرنج العظيمة" كيف أن المؤامرة الأميركية للسيطرة على العالم تطلبت حدثاً بحجم ما حصل يوم 11 سبتمبر/أيلول.
وتأتي إيران وسوريا في المرحلة القادمة من الحرب على الإرهاب تحت شعار مبادرة الشرق الأوسط الكبير من أجل الديمقراطية وفرض الإصلاحات الاقتصادية، وتقوم بتنفيذها "القيادة المركزيةUSCENTCOM" وهي واحدة من أربع ممالك عسكرية عالمية تم توزيع العالم عليها في المخطط الأميركي.
وتضم هذه الممالك عشرين بلداً تتباين من النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية والجغرافية، وتنتمي لقارات أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتشكل مهداً للأديان الثلاثة.
وهذه البلدان هي: "أفغانستان والبحرين وجيبوتي ومصر وإرتيريا وإثيوبيا والأردن وإيران والعراق وكينيا والكويت وعُمان وباكستان وقطر والسعودية وسيشيل والصومال والسودان والإمارات العربية المتحدة واليمن".
وكان احتلال منابع النفط العربية فكرة قديمة لكيسنجر، كما أن الإدارة الأميركية ترى في نفط العراق مصدراً متاحاً لأنه الأقل تكلفة في الإنتاج على المستوى العالمي.
"ثمة علاقة دائمة بين النفط وفلسطين، كما أن جيولوجيا النفط كانت أكثر تأثيرا على حدود دول سايكس بيكو من أية اعتبارات جغرافية"
تاريخ النفط العربي
في مايو/أيار 1973، عقد 84 من كبار رموز السياسة والمال في الغرب اجتماعاً لهم في فيلا عائلة والنبيرغ Wallenburg (المالية اليهودية المتنفذة في السويد، والتي تملك القرار والحصص في مؤسسات مالية وتجارية تجاوز حجم مبيعاتها السنوية عام 1997، 112 مليار دولار، الرقم الذي يزيد على إجمالي المبيعات النفطية لسائر الدول الأعضاء في منظمة أوبك).
وكان من بين الحضور هنري كيسنجر ممثلا للبيت الأبيض، وعدد من كبار مديري الشركات النفطية الأميركية والأوروبية والمصارف والمؤسسات المالية العالمية، للبحث في زيادة أسعار النفط في المستقبل القريب، وكيفية إعادة تدوير تدفقات الدولارات النفطية إلى البنوك الأميركية والبريطانية، فعملت على ترتيب حرب السادس من أكتوبر بين مصر وسوريا من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى.
وتحققت النتيجة الرئيسية بالنسبة لمخططيها وهي رفع أسعار النفط بنسبة 400% طبقاً لما تم الاتفاق عليه في اجتماع مجموعة والنبيرغ في مايو/أيار 1973، وكان الرابحون الرئيسيون من خطة كيسنجر هم وول ستريت وبنوك نيويورك ولندن والشركات النفطية العملاقة، أما الدول النامية الأشد تأثراً فقد أوقعتها آثار الصدمة في مصيدة الديون
وفي أواخر السبعينيات تم تشكيل قيادة خاصة للتدخل في دول الخليج المنتجة للنفط، كما جاءت عقيدة كارتر لعام 1980 لتنص على أن نفط الخليج يشكل أهمية إستراتيجية بالنسبة للأمن القومي الأميركي، وبأن أميركيا ستستخدم كل الوسائل الضرورية، بما فيها القوة العسكرية لضمان مصالحها والإمدادات النفطية من الدول المنتجة للنفط.
من أجل ذلك أوجدت ما يعرف بالقيادة المركزية، وكانت حرب الخليج الأولى الفرصة المواتية لتمكين الولايات المتحدة من السيطرة على النفط، ثم تفريغ خزائن المال في الدول العربية لتسديد فواتير الحرب وفواتير شراء الأسلحة الأميركية الفائضة عن حاجة أميركيا والناتو تحت مبرر استمرار التهديدات العراقية الوهمية.
ثم كان العراق المسرح الأخير للعمليات الأميركية الأخيرة للسيطرة على نفط الشرق الأوسط والعالم من خلال غزو أراضيه.
وكانت ثمة علاقة دائمة بين النفط وفلسطين، كما أن جيولوجيا النفط كانت أكثر تأثيرا على حدود دول سايكس بيكو من أية اعتبارات جغرافية.
وبدأ التنقيب عن النفط في مصر عام 1877 بإشراف وتنسيق البحرية البريطانية في خليج العقبة، ثم أعلن عن شركة نفط البحر الميت برأس مال مقداره مليون جنيه، وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت.
وكانت عائلة روتشيلد اليهودية من أهم ثلاثة مراكز تجارية مسيطرة على النفط في نهاية القرن التاسع عشر، وفي عام 1872 منح شاه إيران لليهودي إسرائيل بيير جوزفات امتياز التنقيب عن النفط في إيران، وفي عام 1908 أعلن عن اكتشاف النفط في شمال العراق.
وشاركت الولايات المتحدة الأميركية منذ الحرب العالمية الأولى عبر شركاتها النفطية في التنقيب واستخراج النفط العراقي، ثم بدأت في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين تعمل في استخراج النفط من السعودية، وشكلت في عام 1943 شركة أرامكو الحكومية الأميركية بناء على أمر الرئيس الأميركي روزفلت.
"العمل على تطوير التحالف السياسي والعسكري مع إسرائيل هو جزء من السياسة الإستراتيجية الأميركية، فأميركا وإسرائيل أشبه بتوأمين سياميين ملتصقين من جهة الرأس"
جذور الإمبراطورية الأميركية العالمية
جاءت عقيدة بوش والقرن الأميركي الجديد امتدادا لما تمكن تسميته بالقرن الأميركي القديم، حسب وصف ناشر مجلة التايم هنري لوس للقرن الماضي عام 1948 بـ"القرن الأميركي".
وقد بدأت النخبة المتنفذة في الولايات المتحدة الأميركية الهيمنة على العالم في عام 1939، فكانت المشاركة في الحرب العالمية الثانية وليدة حسابات قائمة، وشكل مشروع دراسات الحرب والسلام من مجلس العلاقات الخارجية خلال سنوات إدارة روزفلت.
وتقوم الخطة الرئيسية للنظام العالمي الجديد في مرحلة ما بعد الحرب على أن تصبح الولايات المتحدة القوة المهيمنة على العالم.
وخرجت الولايات المتحدة الأميركية من الحرب العالمية الثانية زعيمة للعالم، وفي عام 1950 كانت النخبة المتنفذة (فئة من رجال المال والصناعيين والسياسيين، الذين يسيطرون على الصناعات العسكرية والنفطية، وبعض العائلات الثرية وعلى رأسها عائلة روكفلر) قد عززت من سيطرتها على القرار الرسمي.
وعند تتبع الرأسمالية الأميركية منذ بداياتها نجد أنها تبحث عن عدو حقيقي أو وهمي لتقوم النخبة المتنفذة بقيادة الجماهير الغائبة عن الحقيقة إلى حروب تغذي صناعاتها العسكرية، وتتيح الفرصة لأصحاب المال بالإقراض، باسم الدفاع عن الديمقراطية.
وما أن تم دحر الشيوعية، حتى تم البحث عن عدو جديد وهو الإسلام في هذه الأيام.
أما علاقة إسرائيل بأميركا فهي موضع جدل وخلاف كبيرين، إلا أن طرحها للنقاش، حتى بأسلوب أكاديمي واقعي محايد، يجعل الباحث عرضة لهجوم قاس من القوى الأميركية والإسرائيلية بتهمة "معادة السامية".
ويوجد الكثير من المؤسسات الفكرية البارزة المؤيدة للسياسية الإسرائيلية مثل: لجنة الشؤون العامة الأميركية والإسرائيلية، والمعهد اليهودي لدراسات الأمن القومي، والقلة من الأميركيين فقط هم الذين يدركون درجة تأثير المصالح الإسرائيلية على السياسية الخارجية.
ويقول الكاتب إن المؤسسة العسكرية هي التي تسيطر على القرار الإسرائيلي والاقتصاد، مؤكدا أن إسرائيل اليوم هي خامس أكبر دولة مصدرة للأسلحة في العالم، وأنها تنفرد بالتركيز على تصنيع الأنظمة الإلكترونية والمعدات العسكرية ذات التقنية العالية، بالإضافة إلى الإمدادات العسكرية الأميركية.
وبعد انتصار إسرائيل في حرب 1967 ركزت كامل طاقتها على بناء تفوقها العسكري وإظهار نفسها كحليف ضروري يمكن الاعتماد عليه بالنسبة لأميركا في المنطقة في مواجهة الخطر السوفياتي، فأصبحت أميركا الداعم السياسي والمالي الأكبر لإسرائيل، ومصدر حماية لها على الساحة الدولية.
وقد مهد اغتيال الرئيس كيندي ومجيء الرئيس ليندون جونسون الطريق أمام تحالف إستراتيجي رئيسي بين أميركيا وإسرائيل، وتمحور التحالف الإستراتيجي بينهما حول التعاون العسكري والاستخباري.
والعمل على تطوير التحالف السياسي والعسكري مع إسرائيل هو جزء من السياسة الإستراتيجية الأميركية، فأميركا وإسرائيل أشبه بتوأمين سياميين ملتصقين من جهة الرأس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق