«حزب الله» إذ يواجه «لحظة الحقيقة»
أحمد بن راشد بن سعيّد
تلقى «حزب الله» طعنة قاسية بتصنيفه «منظمة إرهابية».
ولا يستطيع الحزب ادعاء عدم الاكتراث بالتصنيف ودلالاته، لاسيما أنه لم يقتصر على السعودية وحدها، بل اتسع ليشمل دول التعاون الخليجي ودولاً عربية أخرى.
لأول مرة، يشعر الحزب أنه فقد كل شيء بعد زمان كان فيه «سيّده» رمز «المقاومة»، ونجمها اللامع.
هي الأمور كما شاهدتَها دولٌ/ من سرّه زمنٌ ساءته أزمانُ.
لكن «السيّد» القابع في الضاحية الجنوبية من بيروت لن يحدّث نفسه بقول الله تعالى: «قل هو من عند أنفسكم»، فربما لم يعلم بها قط، وإن علم، فليس بوسعه مساءلة الواقع الذي تردّى إليه حزبه، ولا التفكير، مجرد التفكير، في هذه المحرقة التي يرسل إليها شيعته في سوريا، فيعودون في توابيت، ثم يُشيّعون مكفّنين بالأعلام الصفراء، بوصفهم شهداء، بزعمه، «أدّوا واجبهم الجهادي» دفاعاً عن آل البيت، وحفاظاً على «مقام زينب» التي «لن تُسبى مرتين» بحسب تعبير «السيّد» نفسه خلال معركة القُصير، وتعبير أتباعه الذين يَزجّ بهم في أتون المحرقة.
ليس بوسع حسن، وتلك حكايته الحقيقية، أن يعترض؛ لأن «الوليّ الفقيه» قد حكم، وهو الذي لا معقّب لحكمه، في عقيدة «السيّد»، ولا رادّ لمشيئته.
لم يدرك حسن نصر الله، رغم ما أُوتي من دهاء وبلاغة، أن الباطل لن يستطيع هزم الحق إلى الأبد، حتى لو كان هذا الباطل مسلّحاً حتى الأسنان؛ حتى لو كان الحق أعزل من غير سلاح ولا أعوان.
تفقد القوة هيبتها إذا ما انقضّت على النساء والأطفال، تقتلهم وتجوّعهم وتدمّر مدنهم وقراهم (قبل أيام قتل مقاومو حسن بدم بارد رجلين حاولا إدخال طعام إلى أهل قرية مضايا التي يحاصرها المقاومون).
تنهار القوة إذا انهارت أخلاقها.
لم يدرك حسن ذلك لأنه مهجوس بأساطيره عن الإمام الغائب، ومهووس بثارات أهل البيت المزعومة، وتعليمات «الولي الفقيه».
احتكر «حزب الله» المقاومة المسلحة في لبنان، واتخذها ذريعة لإرهاب المعارضين لهيمنته، وتحالف مع المسيحي ميشال عون ليعطي الاحتكار طابعاً وطنياً، وليحتفظ بسلاحه، الذي سمّاه «سلاح المقاومة».
بعد العدوان الصهيوني على لبنان عام 2006، قلّم «المجتمع الدولي» أظافر الحزب، وأبعده عن مناطق التماس مع العدو، فاتجه إلى الداخل محتلاً بيروت في أيار (مايو) 2008، وفارضاً سلطته على الدولة مرات عدّة من خلال تعطيل البرلمان أو تعبئة الشارع، وحامياً عملاء سفاح الشام مثل ميشال سماحة من العقاب، ومانعاً حتى اللحظة اختيار رئيس للبلاد ليخلو له الجو ويمارس «مقاومته».
ولما اشتعلت الثورة السورية، شارك الحزب في قتل الشعب السوري ضارباً بسيادة لبنان عُرض الحائط، وقاسماً المجتمع اللبناني وفق خطوط طائفية.
ولم يكتف بذلك، بل امتدّ إرهابه ليطاول العراق واليمن ودولاً خليجية متحولاً إلى ميليشيا عابرة للحدود تحرّكها مجموعة من الفاشيين المتعصبين في طهران.
كان لا بد من الرد. وفي الرؤية الكونية للسياسة السعودية الجديدة، فإن المعركة على أدوات إيران في المنطقة يجب أن تكون شاملة، فلا يمكن علاج عضو من الجسد، والمرض يتفشى في عضو آخر.
وقد اتهمت المملكة واليمن «حزب الله» صراحة بتدريب الحوثيين والتخطيط لعمليات إرهابية في الأراضي السعودية، وأبلغ أحمد عسيري، مستشار وزير الدفاع السعودي، قناة الجزيرة أن الحزب ليس سوى دمية في يد إيران تحرّكه كيف تشاء.
السعودية تقود مشروعاً لإنقاذ المشرق من زحف فارسي متكىء على أحلام إمبراطورية وأساطير طائفية، وليس بوسع أي عربي ومسلم، حتى لو اختلف معها في بعض الملفات، إلا الاصطفاف معها في هذه المعركة.
البديل، لا قدّر الله، المزيد من التوحش الإيراني الدموي، ومرحلة تقسيمية ثانية قد تتضاءل عندها «سايكس-بيكو».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق