الخميس، 2 يونيو 2016

هل الانقراض مصير حتميٌّ للمسلمين؟!

هل الانقراض مصير حتميٌّ للمسلمين؟! 


محمد يوسف عدس

تفرّغْتُ سنوات لبحث ودراسة الفلبين وأوضاع المسلمين في الفلبين اعتبارًا من سنة ١٩٦٤م عندما  انتدبتنى الحكومة المصرية لإنشاء وإدارة مركز ثقافي بمانيلا استجابةً لرغبة المسلمين هناك ، وتنفيذًا لاتفاقية بين الحكومتين المصرية والفلبينية في مرحلة سابقة .

 منذ ذلك الوقت حتى الآن: كتبت عشرات المقالات في هذا الموضوع ، وصدرت لى بعض كتب من دور نشر مختلفة،  ولكن رفضت المؤسسة العامة للكتاب ، نشر أهم هذه الكتب ، ولم أفهم وقتها السبب، حتى أفضى إلي الدكتور محمد محمود الصياد أحد أعضاء اللجنة التي فحصت الكتاب؛ أنه أوصَى بنشره ، وذكر في تقريره ، أنه كتاب ممتاز، نادر في موضوعه ، ويصلح للتدريس بالجامعة ، ولكنّ فاحصان آخران من كبار الشيوعيين[أحدهما عبد العظيم أنيس]- لم يحبّذا نشره،دون إبداء الأسباب، وكان السبب المخفيّ كما- رجّح الدكتور الصياد- هو أنه يحتوى على فصل هام معنيّ بأوضاع المسلمين ، كاشفٌ عن مأساة تاريخية دامية يتعرضون لها ؛ وهم لا يتعاطفون مع مشكلات المسلمين في العالم .. وكان على رأس المؤسسة أحد أشهر الماركسيين العرب هو محمود أمين العالم .

وضعت الكتاب جانبا انتظارًا لفرصة مواتية لنشره .. ثم فقدته ، نظرًا لكثرة تنقُّلاتى بين بلاد العالم ، وأحاول الآن استعادة أشلائه المبعثرة ..  حيث وجدت  بعض صفحات هنا وهناك.. عندما تأملت فيها  أذهلتنى  حقيقة أن تتحول أوضاع المسلمين في مصر إلى حال أسوء من أحوال المسلمين في الفلبين: تحت الاستعمار الأمريكي ، منذ أكثر من مئة سنة .. نعم .. للأسف أنا مضطر للاعتراف بأن عقلية الحكّام العسكر الذين يديرون شئون الشعب المصري منذ انقلاب ٣يولية ٢٠١٣م هي عقلية استعمارية ، وفوق هذا متخلّفة أكثر من مئة سنة عن العقلية العسكرية الأمريكية التي حكمت المسلمين في الفلبين .

فقد لجأ المستعمر الأمريكي في أول عهده إلى استخدام العنف المفرط ،والقتل والاستئصال،ولكنه سرعان ما تنبّه إلى خطئه الجسيم ،عندما أدرك أنه يتعامل مع نوع من البشر قاوموا الاستعمار الأسباني أكثر من ثلاثة قرون ، فلم يتمكّن من وضع قدمه على أراضى المسلمين في  مندناو وما حولها من جزر بالجنوب الفلبيني..

وهكذا اضطر الأمريكيون إلى البحث عن نصيحة الخبراء الموالين لهم ، الفاهمين لأوضاع المسلمين وطبائعهم من الداخل .
فكانت أداته مجموعة من الباحثين الأذكياء في الشأن الإسلامي ، على رأسهم "نجيب صليبي" .. كان طبيبًا في القوات المسلحة الأمريكية ، من أصل لبنانيّ .. يُجيد اللغة العربية .. وعلى معرفة بالثقافة الإسلامية في المشرق العربيّ  . عُيِّنَ في « مندناو » وسرعان ما أصبح له أصدقاء من الشخصيات الهامة في المنطقة . ساعده على ذلك مهنته وذكاؤه ، ومهاراته في العلاقات العامة .. وقد دعّم هذا كله بتعلُّمه لغتين من اللغات المحلية الأكثر انتشارًا هما : الماجندناو  و التاوسوج  .

استطاع صليبي ترجمة القوانين المحلية و"الترسيلات" [قوائم النسب التي تحرص عليها اُسَرُ النخبة المسلمة]- إلى اللغة الإنجليزية ، فأتاح بذلك لعلماء الأنثروبولوجيا الأمريكيين دراستها لأول مرة ؛ لتكون وسيلة فعّالة  لتطويع المسلمين من الداخل.
وسرعان ما اعترف به الأمريكيون خبيرًا بشئون مسلمي الفلبين . وفي سنة 1903 عُيِّن مستشارًا للدولة في شئون المسلمين ، وفي سنة1905 صدر له أَوَّل دراسة علمية عن مسلمي الفلبين لتُنْشَر باللغة الإنجليزية ، وبذلك تأهَّل لوظيفة أول مدير للمدارس في المحافظات المسلمة .

وانظر هنا إلى مقارنة سريعة وبسيطة بين عقلية المستعمر الانقلابي فى مصر، الذى جاء بوزير جِلْف للثقافة يصدم المسلمين بقوله: إن المصريين علمانيون بالفطرة ، وأنه ملحد ويفخر بإلحاده ، بينما لجا المستعمر الأمريكي منذ قرن - إلى البحث والدراسة العلمية في تطويع المسلمين .. وجاء بنجيب صليبي، الذى كتب في سنة ١٩١٣ مقالًا بعنوان "مشكلة الموروز" [المسلمين] فنّد فيه الفكرة الشائعة أَنَّهم متوحِّشون وإرهابيون ومتعصِّبون في الدِّين .. ولكنه كشف للأمريكيين عن جوانب الضعف في تديّن الأغلبية الكبرى منهم .

وفي محاولة لإفهام الأمريكيين طبيعة الحياة التي يَحْيَاها المسلمون قال: « يملك المسلمون نظامًا على درجة كبيرة من الاستقرار ، وهو نظام إقطاعيّ لمجتمعات يحكمها حكام محليون هم الـ «داتو» ، هؤلاء الـ « داتو » يفترضون في أنفسهم أنهم خلفاء الله في الأرض وأنهم نُبلاء بالمولد ... أشراف [هاشميّون..!] ، تجري في عروقهم دماء النبوة كما تؤكِّد الترسيلات ، ولذلك يَدِينُ لهم الناس بالولاء والطاعة .
 
ومادام « الداتو » لا يقاومون الأمريكيين ومادام الدين هشًّا في قلوب المسلمين فلن يكون سببًا في صراع بينهم وبين الأمريكيين ، ومادام المسلمون مُوَزَّعُون في قبائل كثيرة .. ولن يحدث أن يتَّحِدُوا على هدفٍ واحدٍ، لذلك يرى صليبي أن النظام القبليّ مع الإسلام المطاوع يمكن توظيفهما لصالح الجانبين: الحكومة الاستعمارية ورؤساء القبائل المحليين .. وهكذا نبّه نجيب صليبي إلى وسيلة خطيرة لتطويع المسلمين للنظام الأمريكي ..

يتابع صَليبي وصفه لسناريو المستقبل لهذه التركيبة السعيدة فيقول : « في هذا النظام يشعر المسلم الفرد أَنَّه محميّ لا خطر يُهَدِّده .. وفي هذا المناخ يزدهر وتنمو ملكاته.. عندئذ يتحرك بشكل طبيعيّ لتقليد حضارة مبهرة و متفوقة ؛ هي الحضارة الأمريكية  ، ربما بطريقة لاشعورية ، و بذلك تتغير عاداته وأسلوب حياته تدريجيًّا.. بينما هو لا يدري أنه يتطوَّر .. ويكتسب الأفكار الأمريكية والطموحات الأمريكية يعني "أسلوب الحياة الأمريكية" ... وتبعًا للقانون الطبيعيّ للتطور سوف يرتفع المسلم الفلبينيّ تدريجيًا في سلم الرَّخاء والثقافة إلى المستوى الديمقراطيّ الذي تعيشه المجتمعات المسيحية..!

يأتي في سياق الشخصيات الهامة التي اعتمد عليها الأمريكيون في التعامل مع المسلمين « فرانك كاربنتر » وهو يتبنى أفكار صليبي ، فيرى أنه من العبث محاولة تنصير المسلمين ..وأن تطويرهم يكون أفضل من خلال مؤسسات الحكم القبليّ التي يهيمن عليها « الداتو » .

وليضع « كاربنتر » أفكاره الاستعمارية موضع التنفيذ ، شجع سلطان « سُولو » على أن يبعث بابنته « تارهاتاكرام » لتتعلم في الولايات المتحدة ، ويبدو أن السلطان كان شديد الثقة في أصدقائه الأمريكيين فلم يُمَانع في ذلك .. وسوف تسأل:
ماذا يُرَاد لابنة السلطان أن تتعلم في الولايات المتحدة..؟!  
ولكي تعرف الإجابة إقرأ معى  خطاب التَّوصية الذي بعث به كاربنتر مع الأميرة في رحلتها إلى أمريكا يقول للمعنيين هناك:
" لا تحاولوا تنصير الأَميرة وإنما يكفي تعليمها المناقشة بمنطق قوي وعقلانية حتى تنتزع احترام رجال الدين المحمدييِّن ... عَلِّمُوها كيف تُنَاقش وتنتقد الأفكار الواردة في القرآن والكتب الأُخرى المقدسة عندهم  وكذلك المناقشة في تاريخهم  السياسيّ ".

ومن أكثر المتأثرين بآراء صليبي أيضًا "إدوارد  إم . كودر" ، الذى عمل  سبعة عشر عامًا مديرًا للتعليم في ثلاثة محافظات إسلامية بالجنوب الفلبينيّ ، وكان مثل صليبي يجيد الحديث باللهجات المحلية.. وقام  بتعليم كوادر من طبقة النخبة المسلمة من الجيل الثاني الحاكم في المنطقة [يعني أبناء الداتو] الذين سيصبحون حُكّام المستقبل بين المسلمين . 
وكانت أبرز توجيهاته لهم أن يُفَكِّروا في عقيدتهم الإسلامية  من خلال ما تعلَّمُوه من آداب وعلوم غربية ، أي من خلال النظرة التحليلية النقدية .

وقد أدّت توجيهات كودر إلى إنشاء  "جمعية مسلمي مندناو وسولو" سنة ١٩٣٢ ، وكانت جمعية محدودة العضوية تضم نخبة من تلاميذ كُودر بعد أن ألحقهم بجامعة الفلبين في مانيلا .
وفي سنة ١٩٣٥م كتب " ساليبادا بنداتون " زعيم طلاب كودر يتحدث عن أهداف جمعيتهم فقال : « من أهدافنا ... تنمية قيمة التعاون مع القادة المسيحيين في الفلبين " .

حاول هؤلاء الطُّلاب تحقيق أهدافهم من خلال وظائفهم وأعمالهم بعد أن أصبحوا محامين وموظفين عموميين وسياسيين ... وتزوجوا من نساء مسيحيات وانغمسوا في حياة العاصمة وإن لم يَقطعوا صِلتهم بقواعدهم في الجنوب المسلم .

ننتقل من هذه المرحلة الأمريكية الخالصة إلى مرحلة الاستقلال حيث يظهر على الساحة الفكرية  المؤرخ الفلبينيّ ذائع الصيت " قيصر أديب ماهول" [التقيته وصادقته وكتبت عنه من قبل .. وكشفت عن أسباب اعتناقه للإسلام] .
يتتبّع أساليب المُبَشِّرين المسيحيين بين المسلمين في الجنوب ، فَيَعْرض لنقطة مبدئية يرتكز عليها التبشير وهي الأوضاع الاقتصادية المترديَّة والفقر المدقع الذي يعانيه  قطاع كبير من الشعب المسلم ؛ فالمُبَشِّرُون ينتهزون فرصة هذه الأَحوال التعيسة للمسلمين فيجعلونهم بين خيارين: إما الاستمرار في الفقر والعَوَز مع الإسلام .. أو الرخاء والطعام والمأوى مع اعتناق المسيحية .

أما بين الفئات الأَحسن حالاً فهناك الإغراء بالمِنَح الدراسية للشباب ، ودعوة المثقفين إلى مؤتمرات وحلقات نقاش لإشاعة الثقافة المسيحية وبث الميل إليها .
ومن أَساليبهم في التبشير إلصاق تهمة التَّخلف المدنيّ والاقتصاديّ بالإسلام.  ويتناولون شخصية رسول الإسلام بالنَّقد والتجريح ، ويُرَوِّجُون لما وَرَد في القرآن عن شخصية النبي عيسى عليه السلام ، ويفيضون في سيرته وفضائله ويغمرون الإعلام بالكتابة عنه على أمل أن تطغى سيرته على سيرة النبيّ محمد عليه الصلاة والسلام ، ويعتبرون هذا مدخلا هامًّا من مداخل تنصير المسلمين .

وتستغل البعثات التبشيرية احترام المسلمين للأديان السَّماوية وللرسل والأنبياء السابقين جميعًا امتثالا لروح القرآن وتعاليمه ، وفي هذا يجد المسلمون أنفسهم في موقف لا يحسدون عليه ؛ لأَنهم لا يستطيعون أن يردّوا الإساءة إلى شخصية نبيهم بإساءة مثلها إلى شخصية المسيح عليه السلام .

يُعَلِّق « ماهول » على حصيلة الجهود التنصيرية الحديثة كما رصدها في الجنوب الفلبينيّ فيقول : « الحقيقة أنهم يشيعون البلبلة الفكرية والاضطراب في نُفوس المسلمين وعقولهم ، ومن ثَمَّ بدأ الكثير منهم يَتَشَكَّكون في دينهم ، ويطرحون تساؤلات حول عقيدتهم التي لم يتح لهم من قبل دراستها أو فهمها ، إنهم قد لا يعتنقون المسيحية ولا يفكرون في ذلك ولكن تزعزت عقيدتهم وأصابهم الاضطراب والتمزق النفسيّ  ..

يقول ماهول  : "إِن المُبَشِّرين المسيحيين هم بعض أَخطر أَعداء المسلمين في الفلبين ، ولكنهم ليسوا كل الأعداء الخطرين ، فهناك أعداء كُثْر آخرون ، بعضهم في داخل المجتمعات المسلمة نفسها" ، فمن هم هؤلاء الأعداء ؟ :
 
١ – رجال الأعمال من المستوطنين المسيحيين ، هؤلاء ينتهزون كل فرصة لإزاحة المسلمين من أراضيهم ، ويقومون بتشريدهم متآزرين في ذلك مع رجال السياسة .

[قارن بين حرائق العتبة ووسط القاهرة.. وخطط طرد المصريين من العشوائيات ، باتفاق غير مكتوب بين السلطة الانقلابية والبابا وساويرس]
٢– المستوطنون الذين يُزَاحمون المسلمين في أراضيهم ومدنهم وقُرَاهم ، ويُؤَلِّفُون عصابات إرهابية مسلحة ومدربة ومدعومة من السلطات الفلبينية ، يقومون بخطف الأفراد وقتلهم ثم إلقاء جثثهم في الطرقات لإثارة الرعب بين المسلمين، كما يقومون بالسطو المسلح على بيوت المسلمين ومساجدهم ومدارسهم وإحراقها ، على سبيل المثال : أحرقت هذا العصابات المعهد الإسلاميّ في مدينة « مراوي » . ثلاث مرات، يعيد المسلمون بناءه فتحرقه عصابات المستوطنين مرة بعد الأخرى . وهي ضغوط مستمرة تضطر المسلمين للهجرة من بيوتهم ومدنهم ليشتريها المستوطنون بأبخس الأثمان .
وهكذا أصبحت مدينة زامبوانجا خالية من المسلمين وكانت في الماضي مدينة إسلامية عريقة في التاريخ ، ويعيش الآن سكانها السابقون في مخيمات خارج المدينة تشبه مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ؛ لذلك تسمى « كامبوزامبوانجا » .

٣ – الموظفون الحكوميون الذين يَتَّبِعُون سياسة ثابتة مُعَادية للمسلمين ، فهم يتعمَّدُون تضييع حقوق المسلمين ويخصصون كل الخدمات للمستوطنين ، فهم يعتقدون أن واجبهم الحقيقي هو مساعدة المستوطنين المسيحيين فحسب ، وهي نفس السياسة القديمة التي تبناها رجال الإدارة في عهود الاستعمار الأجنبي كلها .

٤– المستشرقون وجماعات الباحثين الذين يقومون بجمع المعلومات عن المسلمين في جنوب الفلبين ، وهم مَزِيج من الخبراء الأجانب والدارسين المحليين يتعاونون جميعًا على هدف واحد وهو التجسس على المسلمين وزعزعة الاستقرار في مجتمعاتهم ، فمن خلال البيانات والأرقام الإحصائية والملاحظات السلوكية وتحليل الاستبيانات يؤلفون قدرًا هائلًا من المطبوعات المنشورة على نطاق واسع ، تتخذ مظهر الدراسات العلمية المحايدة وهي في الحقيقة محاولات لدعم جهود المبشرين والسلطات الحكومية في تحويل المسلمين عن دينهم ، حيث تسود في هذه المطبوعات معلومات وأفكار تزعم أن تديّن المسلمين الفلبينيين ليس أكثر من قشرة هشة في نسيجهم الثقافيّ ، وأنه مليء بالخرافات والأساطير التي لا تليق بالإنسان المتحضر ومن ثَمَّ يسهّلون على المسلمين طرح دينهم جانبًا والتطلع إلى الدين الآخر الذي يساير التقدم والحضارة .

وفي هذا المجال يُرْصَد "قيصر أديب ماهول"  محاولات على مستوى آخر تستهدف المثقفين المسلمين بصفة خاصة ، حيث تقوم جهات معينة بدعوتهم إلى ندوات ومؤتمرات تحت شعارات إسلامية ، وفي الحقيقة أن هذه المؤتمرات لا تعنى بأمور المسلمين ومصالحهم وإنما تثير الشبهات حول الإسلام وتلطخه بالتهم وتلقي التراب على أعين المسلمين فلا يستطيعون أن يروا حقيقة دينهم .

ثم ينتقل إلى أعداء المجتمعات المسلمة الذين يخرجون من أرحامها ، ولكنهم لا يقلّون خطرًا عليها من الأعداء الخارجين بل ربما أخطر منهم ، ورغم أن « ماهول» يتحدث عن منطقة بعينها هي الفلبين ، إلا أن القارئ سوف يجد في حديثه عن هذه الشخصيات ملامح مشتركة مع شخصيات في مناطق أخرى من العالم المسلم يعرفها ويَأْلَف وجوه أصحابها ، من هذه الشخصيات :

القادة السياسيون الذين يعتقدون أن من واجب شعب الفلبين المسلم أن يدعِّمَهم لمجرد أنهم ولدوا من آباء مسلمين ، وهم في واقع الأمر يستخدمون الإسلام مجرد وسيلة لتحقيق مصالحهم السياسية ومصالح ذويهم ، وهم لا يتمتعون بأخلاق الإسلام بل لا يعلمون عنه شيئًا ولا يقيمون وزنًا لمصالح مجتمعاتهم المسلمة .
 إنهم يعيشون بَوَجْهين ، وجه يتظاهرون به أمام المسلمين ووجه آخر تنكشف به حقيقتهم عندما يكونون في صحبة غير المسلمين ، فهنا يحرصون على أن يظهروا أمامهم في القول والعمل بأنهم لا يؤمنون بالإسلام ولا ينتمون إلى مجتمعه ، فهم متحضرون يشربون الخمر ولا يقيمون الشعائر الدينية . 
ويظنون أنهم بذلك يكسبون رضا كبار القوم ، وقد يسمح هؤلاء لهم ببعض المصالح الشخصية ، ولكنهم لا يكنّون لهم سوى الاحتقار .
أما عندما يُواجهون المسلمين في أحاديثهم العامة فإنهم يتشدقون بأهمية الإسلام ويَتَباكون على حقوق المسلمين المُهْدَرة . والغريب في الأمر أن كثيرًا من الذين يستمعون إليهم يصدقونهم ، فالناس عادة غير مُؤهلَين للتمييز بين المخلص والمنافق.

وهنا نشعر بأن « قيصر أديب ماهول » وكأنه يصرخ فيقول:«  لا بد أن يعي المسلمون في الفلبين أن مجتمعاتهم تواجه خطر الاندثار ، فهم يُقتلون كل يوم على يد القوات المسلحة ورجال الأمن والمليشيات الإرهابية من المستوطنين المسيحيين الذين تدعمهم السلطات الحكومية بالسلاح والتدريب والمال ، وتشهد المجتمعات المسلمة يوميًّا اختفاء عشرات الأفراد بلا عودة ، ويُدْفَعُ خارج القرى والمدن الآف المسلمين إلى العراء فيصبحوا لاجئين إلى الأبد ، وتأتي فرق التبشير لتستغل كل هذه الأوضاع التعيسة في تنصيرهم ...
ومع مظاهر التدمير المنظم الواضح لمجتمعات المسلمين تدَّعي الحكومة الفلبينية – كاذبة – أنه لاحول لها ولا قوة ، وأنه لا سلطان لها على العصابات المسلحة ... »  .
ويتساءل «  ماهول »  في النهاية : " هل يريد المسلمون البقاء كمسلمين أم أنهم مستسلمون للانقراض ..؟! "  .
وأقول -بنفس الاندهاش : هل الانقراض مصير حتميٌّ للمسلمين في مصر؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق