عادت «الفلول» لتدهس أروقة الأزهر!
عادل الحلبي
للأسف هذه هي الحقيقة المُرة التي فُرضت علينا بعد إجهاض ثورة يناير.. مأساة حقيقية نعيشها الآن بأدق تفاصيلها، بعد أن غـُسِلت قضايا الفسدة بماء الندى، ومُنِحوا صك الشرف وشهادة إبراء الذمة، وأصبح كل ذئب منهم بريء من دم ابن يعقوب، وكأن السرقة والنصب والنهب وقتل الشهداء تم بأيادٍ خفية، وكأن شيئاً لم يكن وبراءة الأطفال في أعين الفجرة الفسدة.
فلا أهلاً ولا مرحباً بمن عادوا من بعد عدم.. أحدهم يزكيه رئيس الجامعة ويرحب بإمكانياته التي تفجرت ينابيعها من كل صوب وحدب، وكأن زنزانة السجن زادته بركات ورحمات ونفحات، وأفاضت عليه من أنهار العلم ما ناءت له الجبال بعد براءته؛ ليعود مكللاً بالوشاح الأسود وصولجان النجوم إلى قاعات التدريس بأكبر جامعة ليتخرج من تحت يده جيل الله أعلم به، وآخر يعتلى منصة أحد المهرجانات بعد أن صَبغ ما تبقى له من شعيرات، ويستقبلونه بحفاوة بالغة ويغزلون له قصائد شِعر ويتغزلون فيه مدحاً كأنه الفاتح بأمره لخزائن أرض مصر والناهي بنهيه لنهر نيلها وسبحان مُغير الأحوال.
عادت الفلول بوجهها الأغبر.. فعادت الخيول تدهس أروقة الأزهر، وعلى سنابكها دمُ كذِب.. قبح الله وجوههم.. جنود “الفرعون” ومن احتفى بهم ومن أعانهم ومن أعادهم إلى الحياة..لبئس ما عاثوا في الأرض فساداً، ولئن نجوا من عقاب الدنيا لا يحسبن أنهم بمفازة من العذاب..
لا والله فإن الله تعالى يُملي لهم ويمهلهم ويمدهم في طغيانهم.. عادوا ليُخرِجوا لنا ألسنتهم على مزامير المادحين كالأفاعي، والحُواة يدعونهم رغباً ورهباً علهم يعيدون كرتهم من جديد أو تُعِيدُهم عقارب الزمن إلى ما اُترِفوا فيه وما كانوا عليه من قبل.. عادوا.. فَسَاء مساؤهم وساء صباح المنذرين.
بالأمس القريب كانوا يتوارون خجلاً من خلف قضبان المحاكم لا يستر عورة ملامحهم الدنيئة غير أصابعهم مقنعي رؤوسهم يتمنون لو تقوم قيامتهم أو تنشق الأرض عنهم سِراعاً لتبتلع ما بقي منهم، وهم مدركون يقيناً أنهم في عِداد الأقزام يتمنون كف تراب ليواري سوءاتهم، واليوم عادوا كالخيل يُصهلون ويجمحون، وكأن الأمس القريب كان حُلماً استيقظوا منه، واغتسلوا وجوههم من غبار المنام ثم تاقت أنفسهم تلهث مرة أخرى إلى مِضمار السياسة من جديد والقنوات الفضائية ليعكروا صفو شعب أحبطه الغلاء والبطالة ورفع الدعم.. أفلا يستحون؟
لا سامح الله من أستغل منصباً ليورثه .. لا سامح الله من فرط في حقِ أو نام على باطل .. لا سامح الله من تحامل على قتيل أو جامل قاتل .. لا سامح الله من ضيع أو روع رجل أعزل أو أهان حرمة النساء .. لا سامح الله من اعتلى وتعالى، ومن افترى على خلق الله تعالى، ومن اغتصب حريرة أو كسرها عنوة أو قُدرة.. الله أقدر عليه.. عسى يجعل في جوفه لظىً وفي بطنه ناراً وسعيراً، وأرنا يا رب في كل متجبر متكبر نفحة من عذابك الجد، ولا تُمِتنا يا رب قبل أن نشهد عليه وتشفي قلوبنا وتُثلج صدورنا، وأن تقر أعيننا فيمن بغى علينا قبل الممات.. آية النازعات!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق