الجمعة، 8 نوفمبر 2024

كتاب “الحرب” ما له وما عليه


كتاب “الحرب” ما له وما عليه


د/عزالدين الكومي



تفاجأ الكثيرون بكتاب “الحرب” الذي صدر مؤخراً للصحفي الاستقصائي الأمريكي “بوب وودوورد” الذي شارك في التحقيق بقضية “ووترجيت” خلال سبعينيات القرن الماضي والتي أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي آنذاك “ريتشارد نيكسون” وتولي نائبه “جيرالد فورد” رئاسة أمريكا .
وقد أثار الكتاب ضجة كبيرة لدى الشباب العربي الذي صُدم من تصريحات ومواقف بعض القادة العرب تجاه الحرب على غزة .
لكن عن نفسي فإن الكتاب لم يفاجئني !! لأنني على يقين من أن معظم قادة الدول العربية أشد عداءًا لحماس من الصهاينة اليهود .

وليس هناك داعٍ لإعادة سرد فضائح الخونة العرب ، فلقد امتلأت صفحات السوشيال ميديا بها منذ نشر الكتاب ، وعلمها القاصي والداني !! .
وعليك أن تعلم أيها القارئ أن كل هذا الزخم والحوارات والتحليلات التي صاحبت نشر فضائح الخونة العرب .. لم يتجاوز الحديث عنها الأربع صفحات !!.

أما باقي الكتاب فقد حاول الكاتب فيه دس السم في العسل !!! .
فقد أطال الكاتب الحديث عن أحداث السابع من أكتوبر !! ، وتكلم كثيرا متهما حماس والمقاومة الفلسطينية بارتكاب أبشع الجرائم !! ، من قتل واغتصاب وقطع رءووس أطفال وتدمير ممتلكات … إلخ .

وكأن الكاتب أراد أن يرسخ في أذهان القراء العرب والعجم الظلم الذي تعرضت له إسرائيل- كذبا وزورا – وأن يعمي الأبصار عن الرواية الصهيونية المدعومة من الغرب وأمريكا بنشر هذه      الصفحات الأربع عن فضائح الخونة العرب !!! .                  
كما حاول الكاتب في كتابه هذا أن يجمل وجه “بايدن” وأنه لا يطيق نتنياهو !! قائلًا : “نتنياهو ابن عاهرة ، وكذاب لعين ، وشخص دنيء للغاية ، وأن 18 من أصل 19 شخصًا ممن يعملون مع نتنياهو كاذبون” !! .
فهل نسي المؤلف ما قام به بايدن عندما قام بشتم مراسل شبكة “فوكس نيوز” بالبيت الأبيض “بيتر دوسي” عند ما حاول طرح سؤال بشأن التضخم في أمريكا؟
ونسي بايدن الخرف أن الكاميرات والميكروفونات لم تكن مغلقة عندما شتم، “بيتر دوسي” قائلاً :
“إنها ميزة عظيمة ..المزيد من التضخم !! يا له من ابن ساقطة غبي” !!! .
فما الجديد في الأمر إذن ؟ والكلّ يعلم أنّ نتنياهو وقادة الكيان الصهيوني ومن ورائهم بايدن وبلينكن وجون كيري كلهم يكذبون ويتحرون الكذب !! ، وإن بايدن هو كبيرهم الذي علمهم الكذب والبذاءة !! .
وأمّا ما ذكره المؤلف عن تصريحات ومواقف القادة العرب .. فهو ليس بمستغرَب ؛ فإن غزة قد أسقطت كلّ أوراق التوت عنهم من خلال تصريحاتهم الجوفاء فضلا عمّا يقولون في الغرف المغلقة !! .
فالموقف الرسمي العربي كان واضحاً منذ البداية إزاء الحرب على غزة ، ولو علم نتنياهو وجيش الاحتلال بأنّ هناك مجرد احتمال لموقف عربيّ موحد .. لما أقدم على إبادة أهل غزة وتدميرها بهذاالشكل ، بل إنّ مواقف بعض الدول العربية يتسق تماما مع مراد جيش الاحتلال في غزة !!!!
وبالعودة لموقف القادة العرب نجد أن كتاب “الحرب” ليس هو أول من كشف خياناتهم !!
فقد ذكر الدبلوماسي الأمريكي السابق “دينيس روس” في مقال له بصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية ” أنّ إسرائيل ليست الوحيدة التي تعتقد أنّ عليها هزيمة حماس”.
وقد جدد كلامه هذا خلال الأسبوعين الماضيين قائلا : “عندما تحدثت مع مسؤولين عرب في أنحاء مختلفة من المنطقة أعرفهم منذ فترة طويلة .. قال لي كل واحد منهم : إنّه لا بدّ من تدمير حماس في غزة” !! ، ونقل عنهم قولهم : “إذا اعتبرت حماس منتصرة فإنّ ذلك سيضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبناها الجماعة” – الإسلام السياسي – ويعطي نفوذا وزخما لإيران والمتعاونين معها ، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي” !! ، مضيفا “أن أولئك الزعماء العرب الذين تحدثوا إليه صرّحوا له بمواقفهم هذه على انفراد بينما مواقفهم العلنية على خلاف ذلك ، لأنّهم يدركون أنّه مع استمرار انتقام إسرائيل ، وتزايد الخسائر والمعاناة الفلسطينية ، فإنّ مواطنيهم سوف يغضبون” .
وتابع : “لذا فأولئك الزعماء يحتاجون إلى أن يُنظر إليهم على أنّهم يدافعون عن الفلسطينيين ، على الأقل خطابيا” !!! .
وكان القيادي في حركة حماس “موسى أبو مرزوق” قد ذكر في تصريح له أنّ الكثير من الأجانب أخبروه أنّ أعضاء في السلطة الفلسطينية وبعض الدول العربية يطالبون الغرب سرا بالقضاء على حماس !! .
أما وزيرة الدولة للتعاون الدولي الإماراتية “ريم الهاشمي” فقد صرحت في مجلس الأمن بتاريخ 24/11/2023 بأن هجمات حماس في السابع من أكتوبر هي هجمات “بربرية وشنيعة” !! وطالبت بالإطلاق الفوري لسراح “الرهائن” !! ووصفت ما فعلته حماس بأنّه “جرائم !! ، في الوقت الذي اكتفت فيه بمطالبة جيش الاحتلال بعدم تطبيق سياسة العقاب الجماعي !! ، لكنّها لم تُدِنْ جرائم ومجازر جيش الاحتلال والإبادة الجماعية بحق أهل غزة !! .
فلِمَ الصدمة إذن؟ ولماذا الاحتفاء بالكتاب كما لو كان قد قدّم لنا اكتشافاً جدياً كان غائبا عنا ؟؟!!
فاغتيال الإمام البنا رحمه الله بناء على طلب سفراء بريطانيا وفرنسا وأمريكا بعد اجتماع فايد لهو خير دليل على أنّ كلّ من يفكر في تحرير فلسطين لابدّ أن يتمّ الخلاص منه !! .
فبعد قضية تزويد الجيش المصري بأسلحة فاسدة .. تيقن الإمام البنا من عدم جدية الجيوش العربية في القتال ، وأنّها تخضع لرغبات الدول الاستعمارية ، وقال حينها : “إن الطريق طويل ، وإن المعركة الكبرى – معركة الإسلام – التي ربيّنا لها هذا الشباب لا تزال أمامه ، أمّا إسرائيل فستقوم ، وستظل قائمة إلى أن يبطلها الإسلام”.
والسؤال هنا لمن تفاجأ بالمعلومات التي أوردها الكتاب : ألم يكفك خنق غزة منذ سبعة عشر عاماً في ظلّ صمت عربي مهين حتى تعرف الحقيقة؟؟!! .
أم كنتم تنتظرون من كاتب أمريكي أن يكشف لكم أبعاد المؤامرة على غزة وأهلها؟!
وها هي غزة تباد وتذبح – حتى هذه الساعة -من الوريد إلى الوريد ، ولم نسمع بقائد عربي واحد أدان خطة الجنرالات التي تقضي بتفريغ غزة من أهلها !! .
فما يحدث في غزة ما كان ليحدث لولا الدعم العربي السخيّ للكيان الصهيوني اللقيط !! .
ولك الله يا غزة !! .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق