حقائـق تـتجاهلها أبـواق بـشــار
ياسر الزعاترة
ويتوزع القوم كما يعرف الجميع على ألوان شتى من اليساريين والقوميين والطائفيين بكل ألوانهم (بمن فيهم أصدقاء حميمون للغرب، لكنهم يعتبرون الربيع العربي موجة إسلامية سنية لا بد من كسرها عبر تحالف الأقليات فيما بينها)، ولا ننسى أن من بين القوم مذهبيون جاؤوا، كما في العراق، على ظهر الدبابة الأمريكية، كما لا ننسى أن من ورائهم جميعا إيران التي ساعدت في غزو العراق وأفغانستان، ذلك الذي تم في الحالتين باليد الأمريكية والغربية ذاتها.
ثمة حقائق كثيرة ينساها أولئك القوم في معرض احتفالهم بالضربة بوصفها الدليل الأبرز على وطنية وقومية وثورية صاحبهم (بشار الأسد)، لعل أولها أن القوى الإسلامية أيضا ترفض الضربة ولكن من ناحية مبدأية رغم وقوفها إلى جانب الشعب السوري في ثورته ضد نظام أمعن فيه قتلا، وفي بلاده تدميرا، وهم لا يحبون تذكر ذلك لأنهم يريدون شيطنة الإسلاميين، بل لا يرون بأسا في قتلهم.
ينسى الشبيحة إياهم أن التدخل الأجنبي واقع في سوريا لأن روسيا موجودة على الأرض، وليس في الفضاء، ولكن ضد الشعب السوري.
روسيا التي تحتفظ بعلاقات حميمة مع الصهاينة، وهي التي رفضت تزويد النظام بصواريخ أس300 حين طلب منها نتنياهو ذلك، وهي التي أوقفت صفقات سلاح أخرى لأن النظام عاجز عن الدفع (أوقفت صفقة صواريخ أس300 عن إيران أيضا لأن الصهاينة يريدون ذلك).
من الحقائق التي يتجاهلها الشبيحة إياهم في معرض الاحتفال تلك التي تتعلق بتفاصيل الضربة، فهي بالنسبة إليهم ضربة لنظام مقاوم وممانع ونقطة آخر السطر.
أما حقيقة أنها لا تستهدف إسقاط النظام، فهي لا تعنيهم، ومعها أن ما سيُستهدف عمليا يتمثل في تلك الأسلحة التي كانت في أيدٍ أمينة بين يدي بشار، لكنها ستكون في وضع مختلف إذا سيطر عليها الثوار، وبخاصة القوى الجهادية التي كانت في عرفهم مقاومة أيام العراق، فيما هي تتبع البترودولار في سوريا!!
ينسى شبيحة بشار في الداخل والخارج أيضا هوية المسؤول عن حشر الشعب السوري (غالبيته في أقل تقدير) في الزاوية ودفعه إلى استجداء التدخل الخارجي (نظام الأسد الأب ساند التدخل ضد العراق بعد احتلاله للكويت).
هو (أي الشعب السوري) يفعل ذلك ليس بسبب خيانته ولا نقص هرمونات العروبة والقومية والوطنية لديه (فاجر من يهين شعبا ليزكي نظام مجرما فاسدا)، بل لأن هناك مجرما أمعن في قتله بعدما خرج يطلب الحرية والتعددية، وينطبق ذلك على الشعب الليبي أيضا من قبل.
ينسى الشبيحة إياهم أيضا أن موقف أمريكا والصهاينة لم يكن مع الثوار بحال من الأحوال، اللهم إلا ببيع الكلام، فيما الحقيقة أن واشنطن هي من كان يضغط لمنع السلاح النوعي عنهم. صحيح أن ذلك كان يتم لأجل استمرار الاستنزاف للجميع، بما في ذلك استنزاف إيران وحزب الله وتركيا وربيع العرب وتدمير سوريا، لكن المسؤول عن ذلك هو النظام وليس الشعب الثائر.
سيقول القوم إياهم إن ما يجري في سوريا ليس ثورة، وهو كلام ينطوي على كثير من الفجور، لكأن الذين خرجوا طوال ستة شهور بالملايين في الشوارع يتلقون الرصاص بصدور عارية قبل أن تطلق رصاصة واحدة (بشهادة فاروق الشرع) كانوا مجرد مندسين وظفهم البترودولار أيضا، ذلك الذي أصبح عظيما حين موّل ثورة مزورة اسمها ثورة (30 يونيو) في مصر.
إنهم يبحثون عن أي منطق أعوج ليمنحوا أنفسهم نياشين التصدي للإمبريالية والصهيونية، بل يزايدون علينا، ويتمنون لو أننا أيدنا الضربة لكي يدينونا (يفعلون ذلك لأننا لا نشارك في الزفة ضد شعب سوريا وثوارها، ونقدر تأييدهم للضربة على أمل أن تكون قارب نجاة لهم)، لكن الواقع أنهم متلبسون بالتناقض، وما يدفعهم نحو تلك المواقف لا صلة له بالتصدي للإمبريالية ولا الصهيونية، بقدر ما هي الأسباب الحزبية والأيديولوجية والطائفية، من دون أن ننفي وجود فئة محدودة تنطوي مواقفها على قدر من المبدئية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق