المجازر الطائفية ضد أهل السنة
في الوقت الذي عقد فيه وزير الخارجية الإيراني محمد ظريف اجتماعا بخصوص النووي الإيراني مع وزير خارجية أمريكا العظمى جون كيري في سويسرا، يستمر قائد فيلق القدس قاسم سليماني بقيادة عمليات الجيش العراقي الجديد ومليشيات الحشد الشيعي الذي يقدر عديده بعشرين ألف عنصر من الرجال والشباب ذوي العقلية الطائفية العمياء، والجميع، سليماني وقادته الميدانيون من الجيش الإيراني وقادة العسكر العراقيون ووحوش المليشيا، يتبادلون الصور والابتسامات لتكشف قساوة وجوههم، بعد عمليات تطهير طائفي ضد آلاف العائلات السنية لتفتك العصابات بالرجال والنساء والأطفال بلا ذنب، ولكن لأنهم من السنة وكانت قراهم وبلداتهم ومدنهم تحت سيطرة تنظيم داعش، وكل ذلك يجري ولا تزال دولنا العربية السنية تخشى قول كلمة الحق لأولئك المجرمين في طهران وبغداد ودمشق وصنعاء!
إذا فلينظر المستشرف لمستقبل بلادنا العربية التي تظن نفسها بعيدة عن أي خطر، لأن طبيعتها مسالمة ومحافظة على وحدة شعوبها، من الأردن غربا وحتى قطر والكويت والإمارات والسعودية الأخت الكبرى شرقا، هل ستبقى بعيدا عن خطر تلك الوحشية الطائفية البربرية القادمة من الشرق الفارسي أو الشمال الطائفي؟.
وللإجابة عن هكذا تساؤل على المجيب أن يتخلى عن اللياقة والدبلوماسية في الحديث عن تلك العصابات الإجرامية التي فهمت طريقة السيطرة على البلاد والعباد، إنه الإرهاب الدموي والتطهير العرقي والديني، فباتت بلادنا ترزح تحت سيوف الجزارين، أولئك الساديون الذين يرتكبون فظائع بشعة بحق الأبرياء الضعفاء لتخويف وتهجير وإخضاع بقية السكان في المناطق المسيطر عليها من قبلهم.
لن تكون بلادنا الآمنة اليوم آمنة بعد قليل من السنوات على أبعد حد، إذا تعاملنا بكل هذا الحذر والأدب السياسي والخطاب المتسامح مع أولئك المجرمين، إنهم يبتلعون المدن والمحافظات في العراق ويعتمدون سياسة الأرض المحروقة، فكم من الأحياء السكنية تم إحراقها على أيديهم، وكم من الضحايا الأبرياء تم قتلهم والتمثيل بجثثهم دون توثيق من أحد، لأنهم يسيطرون على وسائل الإعلام، ويمنعون أحدا من تصوير المشاهد البشعة، ما عدا قليل من التسجيلات الهاتفية التي تم تسريبها، ولعل آخرها قبل يومين يظهر جيش المليشيات يتوسطهم رجل شيعي يعتمر عمامة بيضاء وهم ينهالون جميعا على رجل نصف عارٍ بالعصي الغليظة والمطارق الحديدية بمن فيهم إمامهم الشيعي الذي أجهز عليه بطرق عنقه، والجميع يهتف للزهراء والحسين وكأنهم في حفل شيطاني بلا عقول ولا أحاسيس بشرية.
في مجتمعنا السني لا يزال هناك من يستغرب أو يستبعد مثل هكذا عقليات وتصرفات تتجاوز خيال الإنسان السوي، ولكن مهلا، فلنضرب مثلا حيا على ثقافات وسلوكيات الشعوب الأخرى، ففي كثير من دول شرق آسيا، يستمتع الناس هناك بأكل لحوم الكلاب، فيما تقدم مطاعم تعتبر راقية جدا وجبة "دماغ القرد"، حيث يطبخ رأس القرد حيا، ويقدم الرأس مفتوحا ويتناوله الزبون مباشرة، فيما رأيت شخصيا أحد أطباق مائدة الغداء في فندق "شيراتون بانكوك" وهو عبارة عن وجبة صراصير، أعتذر عن هذه الأمثلة التي تدعو للتقيؤ، ولكن ضربت مثلا، كيف أن هذا الأكل المحبب لدى بعض الناس يعتبر حسب طبيعتنا العربية السليمة مقرفا ومقززا وحيوانيا، لذلك فإن تربية أولئك المتطرفين الطائفيين استمرأت واعتادت قتل من لا يسجد لضريح الحسين وزينب ويلطم ويطبر.
الأردن مثلا والذي طالما كان يعتبر نفسه بعيدا عن الطائفية وخطرها، بات خطر المليشيات والجيش الطائفي يوشك على التحرش به، فهم على تخوم حدوده الشمالية الغربية في ريف درعا الغربي، بعدما سمح نظام الأسد بفتح مطاراته لطائرات العمائم السوداء لتستورد المقاتلين من بغداد وطهران لمقاتلة الثوار السنة، واعتمد على المليشيات الطائفية الشيعية الحاقدة على التاريخ بارتكاب المجازر في القتال دفاعا عن كرسي عرش الشيطان، فيما البحرين لا تزال تعتمد على قوات الأشقاء لكبح جماح أحلاف إيران فيها، واليمن استسلم أهله جميعا لطائفة الحوثي وجيشه الذي سيطر رغم أنف العرب جميعا، والبصرة غير بعيدة عن الكويت والشاطئ الشرقي للسعودية يشكل خزانا شيعيا قد ينفجر في أي لحظة ليهدد أمن واستقرار الخليج برمته.
هذا الشرق العربي الذي بات ساحة للمجازر تحت بصر وصمت العالم لن يحلم بمستقبل جميل وآمن إذا بقيت حكوماتنا صامتة على السبب الرئيسي في ظهور ما يسمى بالتنظيمات الجهادية والتكفيرية، فإذا كان تنظيم داعش إرهابيا، فإن مليشيات الحشد الشعبي المدعوم سياسيا من واشنطن وعسكريا من طهران أكثر إرهابا من داعش، وإن كانت جبهة النصرة إرهابا، فإن حزب الله إرهابي أكبر من النصرة وإذا بقي تنظيم الحوثي الزيدي الشيعي حاكما بأمر طهران في اليمن، فإنه أكبر خطرا من القاعدة، وسيغرق الشرق العربي بحرب الطوائف والقوميات، وسيبقى العالم يتفرج على هذه الحلبة الدموية، فلا أحد معنيا بشعوبنا ولا بدمائنا، إن الدم العربي ليس أغلى من برميل نفط أو من قارورة نبيذ على طاولة المصالح الغربية والعالمية.
لهذا يجب وقف دعم تحرك الجيش العراقي ومليشياته، وعلى الدول العربية أن تقوم بواجبها الأخلاقي والإنساني لحماية سنة العراق من التطهير الذي يواجهونه برعاية أمريكية مرة أخرى بعد عشر سنوات سوداء من حكم الاحتلال الأجنبي للعراق والذي فتح باب جهنم على بلادنا العربية، لأن العرب جميعهم صمتوا ودعموا الحرب على العراق واحتلاله وتنصيب العمامات المتطرفة حكاما فعليين عليه وتأجيره لإيران مقابل حل المسألة النووية معها.
(نقلا عن صحيفة بوابة الشرق)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق