الخميس، 13 نوفمبر 2014

المواطن ” العمرو ” !!


المواطن ” العمرو ” !!
آيات عرابي

في احد كافيهات المهندسين, مواطنة تتصنت على محادثة تدور بجوارها باللغة العربية والانجليزية, والحديث كله يدور عن أوضاع مصر, المواطنة المخلصة تصرخ في هيستريا درامية “حتخربوا البلد” ثم تركض مسرعة إلى أحد أفراد الشرطة, لتبلغه بوجود “جواسيس” بالكافيه, فيتم القبض على الثلاثة, ثم يتضح لأفراد الشرطة بعد الاطلاع على جواز سفره أنه فرنسي, ثم يكتشفون أنه رئيس تحرير سابق لصحيفة لو موند, فيسلمونه جواز سفره معتذرين وهم يكادون يقبلون اطراف أظافر أصابع قدمه ليتقبل اعتذارهم.
ما شاهدناه على التليفزيونات الحكومية أثناء الثورة, تحول إلى حقيقة.
وبدلاً من تامر من غمرة الذي يتكلم “انجلش لانجويدج” بمستوى يتيح له فهم حقيقة “الجواسيس” ( الذين يتحدثون عن نواياهم التجسسية في الشارع ! ), اصبح لدينا عشرات من تلك العينة, تامر من غمرة, إيهاب من المهندسين, وسعاد من الجمالية !
تلك العينة من المواطنين تمت صناعتهم عبر ستين عاماً من “الفشر” الإعلامي, وعبر نماذج مشوهة, يتم تصديرها عمداً للشعب مثل ذلك المطرب السابق صاحب نظرية تآمر بيبسي على مصر والذي نجح هو الآخر في تحديد هوية “جواسيس” من سويسرا أثناء الثورة كانوا يسيرون في الشارع, فتبعهم ذلك “العمرو مصطفى” وعرف أنهم سويسريون, ولابد أنهم كانوا يتحدثون فيما بينهم “باللغة السويسرية” التي يجيدها المطرب السابق صاحب الألحان المسروقة والصوت الصديء والذي انتج سلسلة من الأعمال شديدة السماجة.
صناعة ذلك النموذج من المواطن الذي يعتبر الكلام في السياسة ” خراب للبلد ” ولا يلتفت إلى سعر الجنيه الذي هبط إلى الحضيض خلال سنة ونصف لينافس “الدراخمة” لم تكن تتطلب سوى تصدير ذلك النوع من الشخصيات المسطحة مع ترويج المزيد من الأكاذيب مثل أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي, وعلاج الايدز بالكفتة, وحتى انفاق التهريب بين مصر وغزة والتي تستخدم لتهريب الأفيال, والأخبار التي ينشرها “الخواجة بيجو” المتحدث العسكري عن مهاجمة “بلنصات” لزورق من سلاح البحرية واطلاق النار عليه إلى أخر تفاصيل ذلك الخبر المضحك الذي “ابتكرته” عقول لم تعد تنمو لتبرير مقتل بعض الجنود في ليبيا على الأرجح.
وهناك رافدان يغذيان عقلية “المواطن العمرو”, المطرب السابق الذي لم تتعد ثقافته مجلات ميكي وهو رافد ” المؤامرة ” التي تستهدف مصر, مش شركة بيبسي ومن حماس ومن مخابرات فينيزويلا ومن شقيق أوباما الإخواني. والرافد الثاني هو عقلية الردح أو فلسفة ” حتخربوا البلد ” وهذه يتكفل ببناءها ” مقدم نمر الراقصات* ” عمرو أديب.
وعمرو اديب يجيد الردح كما يجيد أي انسان عملية الهضم, فقد نشأ أساساً وترعرعت موهبته بين موائد السكارى وتحت أقدام الراقصات, ودهاليز الكباريهات, والعمل في مثل تلك ” البيئة ” لا يحتاج إلى قدرات إعلامية بل يحتاج إلى شخص يجيد قول ” حاضر يا أبلتي ” , وبالطبع فالكل يعلم سبب ولاء عمرو أديب للانقلاب, وهو من ظهر على الشاشة في عهد المخلوع, وكان له “ملف سمين” على مكتب النائب العام الشرعي.
هذان النموذجان, يمثلان الأذن اليسرى واليمنى “للمواطن العمرو” وتبدأ الأعراض بأن يتبع المواطن العمرو الروائح المنبعثة من مدينة الانتاج الإعلامي, ثم بتصديق أن “القزم أبو صديري” الذي لا يجيد نطق ثلاث كلمات سليمة ولا يظهر من الأرض, زعيم ! 
وأنه أنقذ مصر من المؤامرة الأمريكية, على الرغم من أنه كان يجلس القرفصاء, تحت مكتبه بالساعات منتظراً في شوق, مكالمة وزير الدفاع الامريكي وهو نفس المواطن الذي صدق حديثاً موضوعاً نسبوه للرسول عليه الصلاة والسلام يدعون فيه أن ذلك الجيش الذي يتخابر قادته مع العدو ويغتصبون أمن سيناء ويقتلون أهلها ” خير أجناد الأرض ” وهو نفس المواطن الذي يعتقد أن ذلك الجيش الذي لم يدخل حرباً سوى ” مجزرة رابعة ” هو أقوى جيش في المنطقة, وأن “البلياتشو أبو صديري” له قيمة في العالم, وأن قمة “اتحاد مفلسي البحر الأبيض المتوسط ” كماشة على تركيا التي تمتلك أقوى جيش في الشرق الأوسط, وأن تركيا يمكن أن تهتز من زيارة ” رئيس مركز شباب قبرص ” للقاهرة !
هو نفس المواطن الذي صدق خبر “البلنصات” وهو نفسه من يصدق أن الإخوان المسلمين الذين يحتاجون لتحسين صورتهم بعد الهجمة الإعلامية الشرسة, يستطيعون فعلاً ان يفجروا قنابل وسط الناس في الأماكن المزدحمة, ويصدق في نفس الوقت أن الجيش العاجز عن حماية أفراده الذين يقتلون في ليبيا على الأرجح, هو من انقذ مصر.
المواطن العمرو هو العمود الفقري للانقلاب, ولولاه لما استطاعت حفنة من الجنرالات المتخابرين مع العدو, متصلبي الشرايين, الذين توقف نموهم العقلي عند المرحلة الإعدادية, لاعقي أحذية الأمريكان أن تسطو على مصر.
*عمرو اديب كان يعمل في الكباريهات فعلاً يقدم نمر الراقصات ويجري معهن حوارات صحفية حول المنافسة بين الراقصة فلانة والراقصة علانة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق