انتهاكات وتعتيم واعتقالات
| ||
|
مصطفى رزق
ينتظر أن تكشف الأيام المقبلة عن كارثة إنسانية تشهدها شبه جزيرة سيناء المصرية نتيجة الحملة الأمنية التي بدأتها قوات الجيش والشرطة قبل أيام تحت شعار "مكافحة الإرهاب".
هذه الكارثة بدأت مؤشراتها تظهر بالصور ومقاطع الفيديو التي ينشرها ناشطون مصريون على شبكة الإنترنت، وتظهر حجم الدمار الذي لحق بمنازل مدنيين ومساجد بمدينة رفح شمالي سيناء، في وقت تتحدث فيه تقارير رسمية عن إصابة عدد من المدنيين برصاص الجيش بينهم نساء خلال الأيام القليلة الماضية.
للوهلة الأولى يظن من يرى هذه الصور ومقاطع الفيديو أنها نتيجة قصف جيش النظام السوري على مدن وبلدات يسيطر عليها الجيش الحر، أو ربما صور الحرب الإسرائيلية على غزة، لكن الصادم أنها تحدث على أراض مصرية، وأن المنازل لمواطنين مصريين، وأنها تقع من الجيش المصري.
هذه التسريبات تأتي في وقت يتواصل فيه قطع كافة شبكات الإنترنت والهواتف المحمولة، مما أدى إلى عزل سيناء عن العالم الخارجي بشكل شبه تام، فضلا عن إغلاق كافة المعابر المؤدية إليها وسط إجراءات أمنية مشددة وتحليق مكثف للطيران فوق مدن وقرى سيناء.
ورغم أن السلطات تعلن بشكل متكرر عن مقتل العديد من العناصر "الإرهابية" بسيناء، فإنه يصعب التحقق من صحة هذه المعلومات، نظرا لأن المناطق المستهدفة محظورة على العامة، ولا يُسمح للصحفيين بدخولها، وترد الأنباء منها فقط عبر مصادر عسكرية أو ناشطين وشهود عيان، وكثير من هذين الأخيرين يؤكدان أن أغلب القتل يقع في أوساط المدنيين لا المسلحين.
واعتقلت السلطات قبل أيام الصحفي أحمد أبو دراع -الذي يعمل مراسلا لعدد من الصحف ووسائل الإعلام المصرية- وأحالته للمحاكمة العسكرية بتهمة "نشر أخبار كاذبة عن القوات المسلحة ونتائج أعمالها في محافظة شمال سيناء أثناء مداهمة الجيش لقرى الشيخ زويد، مما أضعف الثقة في الدولة وهيبتها واعتبارها".
صورة بثها نشطاء على الإنترنت تظهر نفوق ماشية في رفح جراء القصف |
شهادات
ووفق ما نقلته شبكة رصد الإخبارية عن مصادر قبلية فإن أعدادا كبيرة من سكان جنوب رفح تركت قراها وذهبت إلى أماكن أكثر أمنا بسبب القصف الشديد لطائرات الجيش بتلك المناطق، وهو ما اعتبره أحد السكان "حربا حقيقية".
وقالت الشبكة على موقعها الإلكتروني إن سكان قرية المهدية جنوبي رفح أكدوا أن قوات الأمن "قامت بإحراق قريبا من ستين منزلا للأهالي بالقرية وسط حالة من الهلع تسود أوساط السكان بالمنطقة فضلا عن تشريد آلاف الأسر".
ويتناقل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن استمرار أعمال تجريف أشجار الزيتون والحقول الزراعية قرب مناطق الارتكاز الأمنية بالشيخ زويد ورفح من قبل جرافات الجيش.
شهادة أخرى نشرها صحفي وناشط حقوقي يدعى إسماعيل السكندري على صفحته على موقع فيسبوك بعد عودته من قرية الشيخ زويد التي قال إنها "تعرضت لهجمة شرسة من الجيش".
وأورد السكندري مشاهدات مروعة لمسجد تعرض للقصف بطائرات أباتشي أكثر من مرة، وامرأة مسنة قُتلت برصاص خارق للجدران وهي جالسة في بيتها، وشيخ تلقى رصاصة في صدره أثناء خروجه من المسجد عقب صلاة الفجر. كما تحدث عن إحراق عشرات المنازل وأشجار الزيتون.
وإزاء ما ينشر من شهادات ومشاهدات، تبنى مركز هشام مبارك لحقوق الإنسان الدعوة التي تقدم بها نشطاء من شمال سيناء لحصر ما ترتكبه قوات الجيش والشرطة من انتهاكات.
كما أطلقت حركة "أنا المصري" حملة إلكترونية تحت عنوان "سيناء أرض الفيروز خارج السيطرة" لتوثيق هذه الانتهاكات ولفت أنظار المسؤولين والشعب المصري إليها.
يقول الجيش المصري في بياناته عن عمليته بسيناء إنه يحارب "إرهابيين وتكفيريين" ويؤكد أن جنوده يتعرضون لكمائن تسفر عن قتل وإصابة العشرات، آخرها تفجيران وقعا أمس الأربعاء وأسفرا عن مقتل 11 جنديا وإصابة 17 برفح.
لكن حتى وإن صدق ذلك فإنه لا يبرر وقوع انتهاكات بحق مدنيين في حرب هم ليسوا طرفا فيها، وهو ما يحول العملية العسكرية للجيش إلى "عقاب جماعي" لأهالي سيناء الذين عانوا طويلا من الظلم والتهميش والتجاهل من خطط التنمية خاصة أيام الرئيس المخلوع حسني مبارك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق