التجديد في الخطاب الديني حول المرأة (1)
تمهيد:
إن تأمل هذا المحور يدفع بالعديد من التساؤلات حول مكوناته، ويكشف في نفس الوقت عن خلفيات لا بد من تناولها تباعا وتوضيح أبعادها حتى تتضح الرؤية..
فلو تأملنا هذه المفردات: تجديد الخطاب الديني، والوطني، والمرأة، لرأينا أننا نسير في ركاب مطالب الغرب الصليبي المتعصب ونتبع، سواء جهلا أو عن عمد، ما يفرضه علينا من تخريب وما يخططه لنا بكل دهاء حتى تتم مآربه العدوانية بأيدينا.
فهذه الكلمات أو هذه الموضوعات لم تظهر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية حديثا، كقضايا محددة تثير الجدل بهذه الحدة والوضوح، إلا في الثلث الأخير من القرن العشرين. لذلك وجب تتبع أصولها ومجرياتها..
وما نعنيه بتحديد هذه الفترة الزمانية، الثلث الأخير من القرن العشرين، هي تلك الحقبة التي تضافرت فيها خيوط برنامج متعدد الأطراف والقضايا، حتى وإن كانت جذوره تمتد لأزمنة أبعد من ذلك.. لكنها الفترة التي احتدم فيها سعير طرح أو فرض هذه الموضوعات، وجلجلت فيها معاركها وحسمت أغراضها، حتى بات من الصعب تغافلها أو عدم رؤيتها لأخذها في الاعتبار. وضرورة تناولها يتطلب التعرض لمجالات مكملة لها إذ أنها تعاون على إدراك حقيقة الواقع الذي نعنيه.
فالحديث عن هذه المفردات يرتبط حتما بموضوعات أخرى، أكثر تأثيرا لأنها هي المتحكمة في مسارها، وأهمها العولمة و النظام العالمي الجديد والفاتيكان وتنصير العالم والمؤتمرات الخاصة بالمرأة وبالتالي بالمرأة إجمالا. وجميعها قد تزايد وجوده أو حُسم في تلك الفترة خاصة في سنة 1965، التي انتهى فيها المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني بكل ما تمخض عنه من قرارات عدوانية مجحفة بالنسبة لاقتلاع الإسلام ولا رجعة فيها، وهى السنة التي تم فيها اشتقاق كلمة العولمة بالفرنسية (mondialisation)، حتى وإن كان الحديث عنها قد بدأ قبل ذلك، لتستقر كجزء من النظام العالمي الجديد..
تجديد الخطاب الديني:
لو تناولنا موضوع تجديد الخطاب الديني لرأينا أنه يكاد يكون من الصعب حصر كل ما كُتب عنه في العالم العربي والإسلامي خاصة في الآونة الأخيرة، سواء بالتأييد أو بالرفض. لذلك نكتفي بتلخيص مختلف الكتابات في مجموعتين، إحداهما ترى أن التجديد يعنى: التجديد في وسيلة توصيل الدين والتعريف به وبسنّة الرسول (صلوات الله عليه) لمختلف المستويات الاجتماعية، أي التمسك بالدين والحفاظ عليه والدفاع عنه، وهو ما يندرج هنا تحت عبارة التأصيل. والتجديد بهذا المعنى مطلوب وله ضوابطه الشرعية المعروفة. والمجموعة الأخرى ترى التجديد بمعنى الانفلات، أي تغيير النص القرآني ليتمشى مع العصر الحديث أو بمعنى أدق: ليتمشى مع مطالب الغرب المسيحي ومع المنساقون في ركابه، وذلك يعنى: التحريف والتخريب في ثوابت الدين، وهو أمر مرفوض بكل المقاييس. فالقرآن الكريم هو النص الديني المنزّل الوحيد الذي لم يتعرض لكل ما عانت منه النصوص الدينية اليهودية والمسيحية من تغيير وتحريف، وهذا التغيير والتبديل والتزوير الذى ثبت لديهم، بأدلة قاطعة، هو الذي دفع بالغرب إلى الإلحاد والكفر بدينه. ومسايرة هذا المطلب لا يجب ولا يجوز التفكير فيه لأنه يعنى إخضاع النص الإلهي إلى العقل البشرى وإلى المطالب الغربية غير الأمينة، وهذا أمر مرفوض تماماً.
وفى واقع الأمر إن مطلب تغيير النص القرآني كان من أهم مطالب المستشرقين. وإن كان ذلك يقال قديما على استحياء، ففي هذه الفترة أو في يومنا هذا يتم بصراحة تصل إلى حد الوقاحة والإجبار.. ولا نذكر على سبيل المثال، من كمّ لا حصر له، سوى چان كلود بارو (J-C. Barreau) وچاك بيرك (J. Berque). فقد قال الأول في كتابه “عن الإسلام بعامة، والعالم الحديث بخاصة” الصادر عام 1991 في باريس: «على الإسلام أن يتأقلم مع العصرية والحداثة، لصالح الإنسانية جمعاء، أو على الإسلام أن يختفي من الوجود»، وقد كررها عدة مرات في النص قبل أن ينهى بها الخاتمة، لأنه كان قد أوضح قبل ذلك قائلا عن سبب اعتراضه على الإسلام: «إن الإسلام ينظم كل شيء في المجال الاجتماعي»، لذلك أوضَحَ أنه لا بد من استبعاده حتى يمكن للغرب التلاعب بالمجتمعات الإسلامية !
أما چاك بيرك فقد كتب في المقدمة التي ذيّل بها ترجمته لمعاني القرآن الكريم الصادرة سنة 1990، قائلا أن القرآن غير صالح لكل زمان ومكان، وانه قد تم التلاعب في النص عند تدوينه وتحريفه، وأن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هو مؤلفه، وأنه نقل بضعة آيات التشريع الواردة فيه من القانون الروماني القديم، ونقل سورة الإخلاص من الشاعر پارمنيدس، وطالب بضرورة فصل الدين عن الدولة في الإسلام، كما يؤكد على أن الإسلام دين غامض، وأنه يعنى الخضوع، وأنه مليء بالمتناقضات، ثم دعي المسلمين إلى تصويب النص القرآني، والى البحث عن مصادر أخرى للتراث، تكون قائمة على الطبيعة وليس على «الغموض» مكرراً عشرات المرات ضرورة إخضاع القرآن للنقد التاريخي وإلى علوم اللغويات الحديثة، لا لتخليصه من التحريف والتناقض الذي يزخر به في نظره فحسب، وإنما بغية نقله إلى الحاضر بحيث يمكن إدماجه في العصر الحديث! ولا داعي لإضافة أن هذه المآخذ التي راح يكررها طوال الاثنين وثمانين صفحة لهذه المقدمة ليست عفوية، وإنما تمثل الخطوط الأساسية التي نسج عليها ترجمته..
وهذه الدعوة التحريفية أو التخريبية لا بد من التصدي لها بوعي وصرامة لأنها تُفقد الأمة الإسلامية أهم مصدر من مصادرها، بل تفقدها دعامتها الأساس، وتؤدى إلى تسهيل عملية الاختراق في كافة الميادين، وبالتالي تقود إلى اقتلاع الأمة من جذورها ومن تراثها. لأن عبارة التجديد من أجل التحضر أو بمعنى مواكبة العصر الحديث تعتمد على إجهاض الدين وإجازة تعطيل الأحكام الأساسية والاكتفاء بمجرد الحفاظ على العبادات الشكلية فقط.
والمقترحون للتجديد بالمعنى التخريبي للدين يندفعون بناء على اعتقاد بأن هناك قطيعة أو فجوة عميقة بين الفكر الإسلامي والحداثة، أو بين الحداثة والدين الإسلامي، تأثرا بمعركة الأصولية والحداثة التىي دارت رحاها في الغرب المسيحي في مطلع القرن العشرين وكادت تأتى على المسيحية وتمحوها تماما من الوجود لولا تصدت المؤسسة الكنسية بضراوةٍ عرفت مختلف أشكال العنف والإجرام.. ومن الواضح أن هناك نقص أو تقصير في بصر و بصيرة هذا الفريق، الذي يرى فرض الحداثة والأصولية على الإسلام، ولم يدرك أن معنى الكلمتين يختلف تماما في مجال المسيحية عنه إذا ما استخدم في الإسلام كما سنرى.
الحداثة والأصولية:
لقد ظهر مذهب الحداثة في الغرب مع تقدم العلوم بعامة بفضل عصر التنوير، الذى قام أساسا ضد ما أُطلق عليه «عصور الظلمات» التي فرضتها الكنيسة، وخاصة تقدم العلوم التاريخية واللغوية والاجتماعية وغيرها التي أدت إلى كل ما تم كشفه وإثباته من تلاعب وتحريف وتزوير، في الكتاب المقدس بعهديه وفى نصوص الآباء والتراث، بصورة قاطعة لا يمكن الالتفاف حولها أو التحايل عليها. وقام أنصار مذهب الحداثة بمطالبة الكنيسة بتحديث النصوص الدينية للمسيحية وتنقيتها من كل ما لحق بها من تحريف وخرافات لا يقبلها عقل ولا منطق، لتتمشى مع اكتشافات العلوم الحديثة التي تناقض أو تكذّب كل ما في هذه النصوص من معطيات تاريخية أو علمية.. فقامت المؤسسة الكنسية بكل ما تملك من جبروت لتعلن تمسكها بالأصول وأنه لا يمكن المساس بها لأنها منزّلة من عند الله!. ولا يسع المجال هنا لتناول تفاصيل ما قامت به للحفاظ على هذه الأصول التي نسجتها عبر المجامع على مر العصور. وإنما أوضِّح أن الحداثة في المجال الكنسي تعنى المطالبة بتنقية النصوص الدينية من كل ما لحق بها من تحريف وتلاعب؛ والأصولية في نفس هذا المجال الكنسي تعنى التمسك بالأصول المحرفة الثابت تزييفها بالقرائن والأدلة العلمية القاطعة.
أما في مجال الإسلام، فلا يجوز ولا يجب استخدام هاتان العبارتان في حق الإسلام لأن أصول الإسلام، التي هي هنا القرآن الكريم، سليمة، منزّلة من عند الله، ولم تتعرض لكل ما أصاب النصوص المسيحية من تخريب. وبالتالي فإن استخدام عبارة التحديث في مجال الإسلام تعنى المطالبة بتغييره وتحريفه، وذلك مرفوض تماماً.
العولمة:
لا نتناول هذا المجال وغيره إلا لارتباطها الشديد بموضوع هذه المداخلة حتى يمكن رؤية محاورها في إطارها الواقعي، أملا في الوصول إلى حل لا يقتلعنا من ديننا.. وقد ظهرت كلمة «العولمة» (Mondialisation) في الخطاب الفرنسي في أواخر الخمسينات واستقر استخدامها منذ سنة 1965، وتزايد في الثمانينيات، حتى باتوا يتحدثون عنها في صيغة الجمع، أي «العَوْلميات» نظراً للمجالات المتعددة التي يسعون إلى تغييرها و عولمتها.
والعولمة هي وسيلة انفتاح كافة النظم الاقتصادية على سوق عالمي، يخضع لعبارة اقتصاديات السوق، ويتسم بالتبعية المتبادلة، وتحرير التبادلات، ولا مركزية النشاطات، وسيولة الحركات المالية وتطوير وسائل النقل والمواصلات، تحت مظلة المؤسسات المتعددة الجنسيات التي تحدد اختيار استراتيجياتها على الصعيد العالمي، بمقارنة المميزات والعقبات الناجمة عن مختلف الحلول القومية. ويُستخدم مصطلح العولمة أساساً في مجال الاقتصاد، إلا أن هذا الاقتصاد يرتبط ويمس كافة النشاطات الإنسانية كالصناعة والخدمات والتجارة والسياسة والمجتمع، كما تمس الاتصالات والتبادلات بين الأفراد ومختلف الثقافات.
ويصف أنصار العولمة بأنها مرحلة ضرورية لتسمح لبلدان العالم الثالث أن تصبح بلدانا صناعية متطورة ولا تكون مجرد بلدان مورّدة للمواد الأولية، ويقدمونها على أنها لا مفر منها ولا عودة عنها، فبلدان العالم الثالث عبارة عن تجمعات بنيات قديمة وغير متوائمة و لا بد من استبدالها وإقامة حكومات عالمية. ومن الواضح أن المقصود بجعل بلدان العالم الثالث بلدانا صناعية هو لربطها بما يحتاجونه من صناعات وأيدي عاملة.
ومن عيوب العولمة أنها تدمر الاقتصاد القومي، وتفتح مجال التبادلات بصورة مبالغ فيها ودون مراعاة الاحتياجات الفعلية للدولة، بل هي قائمة على سيطرة المؤسسات المتعددة القوميات، وعلى تنميط العلاقات البشرية واختفاء الخصوصيات المميزة لكل منها، وإقامة اتجاه ثقافي انفلاتي نمطي في كل مكان. ومن هذا المنطلق فإن العولمة جزء لا يتجزأ من النظام العالمي الجديد الرامي إلى اقتلاع كل ما هو مخالف لمشروعه.
النظام العالمي الجديد:
تعنى هذه التركيبة من العبارات: الإشارة إلى مفهوم جغرافي سياسي بدأ في فترة ما بعد الحرب الباردة، ويعنى التنسيق المذهبي والسياسي للحكومات والمنظمات الدولية تحت رئاسة واحدة ممثلة في الولايات المتحدة. ونظرا لتعدد المشكلات والصعاب الناجمة عن هذه الفكرة فهي تطرح مسألة الديمقراطية كنظام إداري مدني، حتى يمكن السيطرة على المسافات الجغرافية التي تفصل بين القادة والبلدان.
ولقد تم استخدام عبارة «النظام العالمي الجديد» رسميا ولأول مرة في هذه الفترة حينما قال جورج دبليو بوش أمام الكونجرس يوم 11 سبتمبر 1990: «نحن نجد أنفسنا اليوم في مرحلة استثنائية عظيمة، فأزمة الخليج، رغم خطورتها، تسمح بتحقيق فرصة نادرة لنتوجه نحو مرحلة تاريخية من التعاون. ففي هذه المرحلة الصعبة إن هدفنا الخامس هو إقامة نظام عالمي جديد، أقل عُرضة لتهديدات الإرهاب، وأقوى في البحث عن العدالة، وأكثر ضمانا للبحث عن السلام».
واستخدام مثل هذه العبارة رسميا يكشف عن رغبة توسعية لكل ما يمثل النموذج الأمريكي أيام الحرب الباردة وأهمها الديمقراطية واقتصاد السوق. وهى نظرية فرانسيس فوكوياما التي توسع فى تطويرها السياسي زبيجنييف بجيزينسكى.. وعلى الرغم من تعرض الولايات المتحدة لأكثر من فشل، في العراق وفى أفغانستان وفى الأزمة الاقتصادية التي تفجرت ابتداء من عام 2008 وطالت منطقة واسعة من الاقتصاد العالمي، فذلك لم يمنعها من مواصلة تنفيذ مخططها لفرض النظام العالمي الجديد والتصدي لأية منافسة أو ظهور أقطاب سياسية اقتصادية جديدة كالصين و روسيا واليابان.
ومنذ أن استخدم بوش عبارة «النظام العالمي الجديد» تزايد استخدامها بكثرة للإشارة إلى أي إصلاح في الإدارة العالمية القائمة على مصالح 5% من البشر، الذين يمتلكون 95% من الموارد الطبيعية ولهم مصالح سياسية تختلف تماما عن مصالح تلك الشريحة الاجتماعية العريضة المطحونة التي تمثل 95 % من البشر والذين لا يمتلكون سوى 5% من الموارد الطبيعية المنزوعة من أراضيهم ومن حقوقهم! وتلك الفئة المكوّنة من 5% من البشر هي المحرّكة للنظام العالمي الجديد، وهى المتحكمة، والتي تخطط لإقامة بنية تسمح لها بتأكيد الاستحواذ على السلطة والنفوذ لها ولأبنائها، بفضل الحروب والتضخم والإرهاب الذي تختلقه لترويج تجارة السلاح..
ويعد ميشيل شوسودفسكى، أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة أوتوَا ومدير مركز الأبحاث حول العولمة، من أهم الذين تناولوا فضح خبايا ذلك النظام والقائمين عليه، في كتابين من أهم ما كُتب حول هذا الموضوع: «الحرب والعولمة، خبايا 11 سبتمبر 2001»، و«عولمة الفقر والنظام العالمي الجديد». ويدين المؤلف بضراوة الأكاذيب الإعلامية التي نشرتها الولايات المتحدة حول أحداث 11 سبتمبر ويفضح تواطؤ كبار المسئولين في إدارة بوش، موضحا كيف أن الحرب على الإرهاب ليست إلا أكذوبة كبرى بإدعاء أن بن لادن استطاع خداع المخابرات الأمريكية التي تزيد ميزانيتها السنوية عن 30 مليار دولار! فقد سمح هذا الحدث، الذي تم تصنيعه وتنفيذه محليا، بالتلفع بشرعية دولية لاقتلاع الإسلام و القيام بحرب ممتدة بلا حدود، وإبطال الحريات الأساسية والحقوق الدستورية. وكلها حروب غازية تهدف إلى فرض نظام عالمي جديد تتزعمه السياسة الأمريكية والقيادة المنتجة للأسلحة الحربية التابعة لها.
ومهما كُتب حول هذا النظام أو حول تجريم جهاز الدولة الأمريكية، فذلك لا يمنع من أن النظام العالمي الجديد قائم على فكرة أساسية هي: نظام اقتصادي واحد، ونظام سياسي واحد، ونظام فكرى واحد، ونظام ديني واحد، حتى تسهل عملية إدارة العالم أو إدارة ما يُطلقون عليها “القرية الواحدة”، ونقبل المسمى ونتعامل معه بلا أي اعتراض أو تعليق !.. ولعل هذا الإيجاز يوضح حقيقة المطلوب من الإسلام، أو بمعنى أدق: ما يحاك من أجل اقتلاع الإسلام..
ويبقى المجال المتواطئ الآخر في هذه المنظومة، ألا وهو: الفاتيكان، الذي يتولى تنفيذ الجانب الديني للنظام العالمي الجديد.
الفاتيكان:
لقد اعتمدت المؤسسة الكنسية على المجامع المسكونية (العالمية) والمحلية لتنسج وتفرض خيوط المسيحية الحالية وفقا للأغراض السياسية والاجتماعية التي تعتريها. ويمكن تعريفها اختصارا بأنها كانت عبارة عن مجامع تلفيقية من أجل قلفطة ما ينبثق من اعتراضات ومآزق متعلقة بالنصوص والعقيدة. واستمر الوضع حتى المجمع الفاتيكاني المسكوني الثاني المنتهى سنة 1965، الذى يُعد أول مجمع هجومي في التاريخ لما تمخض عنه من وثائق وقرارات. وقد أصدر ستة عشر وثيقة ما بين قرار ودستور وبيان، لا تخلو منها وثيقة من الإشارة بنسب متفاوتة عن ضرورة تنصير العالم. ويمكن اختصار أهم ما ورد بهذه الوثائق فيما يعنينا هنا فى النقاط التالية:
تبرئة اليهود من دم المسيح وتحميل وزر مقتله على جميع المسيحيين؛ ثم تم تعديلها بأنه يقع على من أدانوه من يهود ذلك العصر، ثم عدّله البابا الحالي بأن المقصود بهم علماء المعبد آنذاك فقط. الأمر الذي يوضح سهولة التلاعب بالدين ونصوصه.. و ما يهمنا هنا هو انعكاس هذا القرار علينا كمسلمين، فلولا تبرئة اليهود من دم المسيح لما استطاع الفاتيكان أن يعترف بالكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين. وقد احتجت بعض الدول الإسلامية آنذاك إلا أن الفاتيكان نجح في إقناعها بأنه قرار ديني بحت..
اقتلاع اليسار في عقد الثمانينات حتى لا تبقى أنظمة أخرى سوى الرأسمالية الاستعمارية. وقد إنهار النظام الاشتراكي أو السوفييتي عام 1991 بتضافر جهود المخابرات المركزية الأمريكية أيام ريجان، والفاتيكان بإحياء النزعة الدينية بحزب تضامن والعام المريمى، وجورباتشوف كعميل من الداخل؛
اقتلاع الإسلام في عقد التسعينات حتى تبدأ الألفية الثالثة والعالم كله مسيحي؛
توحيد كافة الكنائس تحت لواء كاثوليكية روما، بالتلويح لها إلى خطورة المد الإسلامي؛
إنشاء لجنة بابوية للحوار بين الأديان؛ وأصدرت اللجنة وثيقة تشرح أن الحوار يعنى كسب الوقت حتى تتم عملية التنصير، وذلك إضافة إلى الخطب الرسولية التي أصدرها بابوات تلك الفترة تباعا وكلها تؤكد على قرار تنصير العالم؛
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق