الأحد، 9 مارس 2014

ياله من رعب


ياله من رعب

د.محمد عباس

دعوني أعظكم قليلا قبل صدور قانون يعتبر رفع السبابة إقرارا بالوحدانية علامة من علامات الإرهاب يقبض عليك بسببها شرطي غليظ بعد أن يدمر أثاث بيتك، ثم يأخذك إلى من لن يُرحم لأنه لم يَرحم.. وتتجمع الأيام كالعناقيد فتصبح الخمسة وأربعون الأولى عشرين عاما.
دعوني اقول لكم أن الإخوان ليسوا شاغلي ولا السلفيين (تذكروا أن برهامي ليس سلفيا) ولا الجماعة الإسلامية..
ما يهمني لا إله إلا الله محمد رسول الله..
وأرى أن الحرب معلنة الأن عليها لا على سواها..
عليها لا على سواها..
عليها لا على سواها ..
وأرى مصر تتنصر..
***
أنظر بعين لا تعترف بالزمن فأراهم
أراهم بعين الشهيد-أحسبه كذلك ولا أزكيه على الله سيد قطب..
أراهم في الدنيا ينكل الله بهم ويعاقبهم بعكس ما قصدوا إليه وأراهم في ذلك اليوم الذي يؤخرهم الله إليه . يقفون كالطائر الصغير في مخالب الباشق الرعيب.
***
اقرؤوا معي بعضا من تفسيره في الظلال قبل أن تسيطر الكنيسة تماما فتفتي بحرق من يقرأ كتبه..
بحرقهم..
كما حرقوا أهل النهضة ورابعة والأخدود..
اقرؤوا .. وابكوا.. وانتحبوا:
***
الدرس الرابع:42 - 45 مشهد ذل وخزي الظالمين يوم القيامة
ثم يكمل السياق الشوط مع (الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار). . وهم ما يزالون بعد في ظلمهم لم يأخذهم العذاب . والذين أمر الرسول [ ص ] أن يقول لهم: (تمتعوا فإن مصيركم إلى النار). . وأن ينصرف إلى عباد الله المؤمنين يأمرهم بالصلاة والإنفاق سرا وعلانية (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال). .
يكمل السياق الشوط ليكشف عما أعد للكافرين بنعمة الله ; ومتى يلقون مصيرهم المحتوم ; وذلك في مشاهد متعاقبة من مشاهد القيامة , تزلزل الأقدام والقلوب:
(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون , إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار , مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم , وأفئدتهم هواء). .
والرسول [ ص ] لا يحسب الله غافلا عما يعمل الظالمون . ولكن ظاهر الأمر يبدو هكذا لبعض من يرون الظالمين يتمتعون , ويسمع بوعيد الله , ثم لا يراه واقعا بهم في هذه الحياة الدنيا . فهذه الصيغة تكشف عن الأجل المضروب لأخذهم الأخذة الأخيرة , التي لا إمهال بعدها . ولا فكاك منها . أخذهم في اليوم العصيب الذي تشخص فيه الأبصار من الفزع والهلع , فتظل مفتوحة مبهوتة مذهولة , مأخوذة بالهول لا تطرف ولا تتحرك .
ثم يرسم مشهدا للقوم في زحمة الهول . . مشهدهم مسرعين لا يلوون على شيء , ولا يلتفتون إلى شيء . رافعين رؤوسهم لا عن إرادة ولكنها مشدودة لا يملكون لها حراكا . يمتد بصرهم إلى ما يشاهدون من الرعب فلا يطرف ولا يرتد إليهم . وقلوبهم من الفزع خاوية خالية لا تضم شيئا يعونه أو يحفظونه أو يتذكرونه , فهي هواء خواء . .
هذا هو اليوم الذي يؤخرهم الله إليه . حيث يقفون هذا الموقف , ويعانون هذا الرعب . الذي يرتسم من خلال المقاطع الأربعة مذهلا آخذا بهم كالطائر الصغير في مخالب الباشق الرعيب:
(إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رؤوسهم , لا يرتد إليهم طرفهم , وأفئدتهم هواء). .

{وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)}
فالسرعة المهرولة المدفوعة , في الهيئة الشاخصة المكرهة المشدودة , مع القلب المفزع الطائر الخاوي من كل وعي ومن كل إدراك . . 
كلها تشي بالهول الذي تشخص فيه الأبصار . .
هذا هو اليوم الذي يؤخرهم الله إليه , والذي ينتظرهم بعد الإمهال هناك . فأنذر الناس أنه إذا جاء فلا اعتذار يومئذ ولا فكاك . . وهنا يرسم مشهدا آخر لليوم الرعيب المنظور:
{ وَأَنذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُواْ أَقْسَمْتُم مِّن قَبْلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَـاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَالَ (45) }
أنذرهم يوم يأتيهم ذلك العذاب المرسوم آنفا , فيتوجه الذين ظلموا يومئذ إلى الله بالرجاء , يقولون:
(ربنا). .
الآن وقد كانوا يكفرون به من قبل ويجعلون له أندادا !
(أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل). .
وهنا ينقلب السياق من الحكاية إلى الخطاب . كأنهم ماثلون شاخصون يطلبون . وكأننا في الآخرة وقد انطوت الدنيا وما كان فيها . فها هو ذا الخطاب يوجه إليهم من الملأ الأعلى بالتبكيت والتأنيب , والتذكير بما فرط منهم في تلك الحياة:
أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ?! . .
فكيف ترون الآن ?! زلتم يا ترى أم لم تزولوا ?! 
ولقد قلتم قولتكم هذه وآثار الغابرين شاخصة أمامكم مثلا بارزا للظالمين ومصيرهم المحتوم:
(وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال). .
فكان عجيبا أن تروا مساكن الظالمين أمامكم , خالية منهم , وأنتم فيها خلفاء , ثم تقسمون مع ذلك:
(ما لكم من زوال)!
وعند هذا التبكيت ينتهي المشهد , وندرك أين صاروا , وماذا كان بعد الدعاء وخيبة الرجاء .
وإن هذا المثل ليتجدد في الحياة ويقع كل حين . فكم من طغاة يسكنون مساكن الطغاة الذين هلكوا من قبلهم . وربما يكونون قد هلكوا على أيديهم . ثم هم يطغون بعد ذلك ويتجبرون ; ويسيرون حذوك النعل بالنعل سيرة الهالكين ; فلا تهز وجدانهم تلك الآثار الباقية التي يسكنونها , والتي تتحدث عن تاريخ الهالكين , وتصور مصائرهم للناظرين . ثم يؤخذون إخذة الغابرين , ويلحقون بهم وتخلو منهم الديار بعد حين !
الدرس الخامس:46 - 51 الظالمون بين الكيد والمكر في الدنيا والعذاب والهوان في الآخرة
ثم يلتفت السياق بعد أن يسدل عليهم الستار هناك , إلى واقعهم الحاضر , وشدة مكرهم بالرسول والمؤمنين , وتدبيرهم الشر في كل نواحي الحياة . فيلقي في الروع أنهم مأخوذون إلى ذلك المصير , مهما يكن مكرهم من العنف والتدبير:
(وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46)). .
إن الله محيط بهم وبمكرهم , وإن كان مكرهم من القوة والتأثير حتى ليؤدي إلى زوال الجبال , أثقل شيء وأصلب شيء , وأبعد شيء عن تصور التحرك والزوال . فإن مكرهم هذا ليس مجهولا وليس خافيا

{فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50) لِيَجْزِي اللّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51)}
وليس بعيدا عن متناول القدرة . بل إنه لحاضر (عند الله)يفعل به كيفما يشاء .
(فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله . إن الله عزيز ذو انتقام). .
فما لهذا المكر من أثر , وما يعوق تحقيق وعد الله لرسله بالنصر وأخذ الماكرين أخذ عزيز مقتدر:
(إن الله عزيز ذو انتقام). .
لا يدع الظالم يفلت , ولا يدع الماكر ينجو . . وكلمة الانتقام هنا تلقي الظل المناسب للظلم والمكر , فالظالم الماكر يستحق الانتقام , وهو بالقياس إلى الله تعالى يعني تعذيبهم جزاء ظلمهم وجزاء مكرهم , تحقيقا لعدل الله في الجزاء .

***

ترى كم قارئا واصل القراءة حتى هنا..
أعرف أناسا قرأت لهم مقتطفات من الظلال دون أن أعلمهم بمصدرها..
كانت فكرتهم عن سيد قطب أنه إرهابي رجعي متخلف..
ثم فاجأتهم بعد ذلك بمصدرها..
منذ عشرة أعوام ما زال هذا البعض يبكي وينتحب..
ابكوا..
انتحبوا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق