الأربعاء، 18 مارس 2015

ثلاث خدع في المؤتمر الاقتصادي


ثلاث خدع في المؤتمر الاقتصادي


أحمد فهمي
الأرقام خادعة إن وُضِعت في سياق منفرد مضلل، وكاشفة إن وُضِعت في سياقها الصحيح المقارن..
الاستثمارات الأجنبية من الوسائل الأساسية لتنمية الدخل وتقوية الاقتصاد الوطني، لكن..
يجب أن نتعرف على أهم 3 خدع تضمنها المؤتمر الاقتصادي.



الخدعة الأولى:
لا يوجد مستثمر يأتي في زيارة لمدة يومين يتخذ خلالهما قرارا بإنفاق مليارات الدولارات على مشروعات عرضت عليه من خلال الماكيتات أو الكتالوجات الملونة الفاخرة أو المعلومات الجزافية التي تقدمها الجهة طالبة التمويل، لابد أولا من دراسة جدوى لكل مشروع، وإعداد ميزانية شاملة تكشف في النهاية نسبة الأرباح المتوقعة بناء على تفصيلات ومعلومات كثيرة، من أهمها فرص الاستثمار البديلة، ونسبة المخاطرة، وتغير تكلفة التأسيس مع طول المدة ..إلخ .


وحتى لو افترضنا أن هذه المشروعات قد أرسلت تفصيلاتها مسبقا للمستثمرين الكبار، فالأمر يستغرق وقتا طويلا للموافقة النهائية وتوقيع عقود فعلية، كما أن عدم وجود برلمان يعني أنه قد يحدث تغيير في الأطر القانونية يستدعي أن يتمهل المستثمرون إلى أن تكتمل الانتخابات، ما لم تكن هناك شروط جزائية تضمن لهم حقوقهم.


الخدعة الثانية:
هناك فرق كبير بين أن تحصل على مليار دولار: منحة لا ترد – أو وديعة مستردة – أو قرض بفوائد مرتفعة – أو استثمار ..


تدفق الاستثمار لا يعني أن خزينة الدولة ستمتلئ بقيمة الاستثمار، فالفائدة هنا تتعلق بزيادة العملة الأجنبية وفرص العمل، بخلاف القروض والمنح التي تمثل زيادة حقيقية للخزينة، لذلك يبدو الخلط واضحا والتضليل متعمدا، كأن تساوي مثلا بين "صافي الأرباح" وبين "رقم المبيعات".
أيضا لو نجح المؤتمر في جذب رقم كبير للاستثمار فهذا أمر لن يتكرر كل عام، فضلا عن أنه يوجد فرق بين عقد الاتفاقيات أو التفاهمات وبين تنفيذها فعليا، فلابد من مفاوضات ومساومات، وفي الطريق تحدث تراجعات وتعثرات، فما يتم تنفيذه بالفعل – قطعا- لن يكون الرقم الإجمالي المعلن نهاية المؤتمر، بل أقل بكثير.
ثم إن تدفق المال لا يحدث مرة واحدة، بل على فترات بحسب تطور أعمال تأسيس المشروعات.


وحتى المشروعات التي يبدأ تنفيذها فعلا، يتعثر بعضها، كما حدث مع عشرات الآلاف من الأفدنة التي اشتراها الوليد بن طلال في توشكي، ولم تُستزرع، ولم تستفد مصر منها شيئا، وانتهى أمرها بنزاع، وكل ذلك بسبب سوء التخطيط.


ثم إن المشروعات الضخمة رغم أهميتها، إلا أنها لا تمنع تفاقم السخط الشعبي، كما لا تحول دون تدهور المستوى المعيشي، فقد أسس السادات ومبارك مشروعات ضخمة بالفعل، وبنوا مدنا جديدة حقيقية، لكن كل هذا لم يمنع من سخط الشعب عليهما وصولا إلى الثورة .


المشكلة الأساسية تكمن في الفساد الذي ينخر في بنية الدولة، فالاقتصاد يستند على ركنين أساسين: مؤسسات الدولة – ورجال الأعمال .. والفساد متبادل بين الطرفين "للركب" وهذا ما يمنع من شعور المواطن بأي تحسن.


الخدعة الثالثة:
إنهم يصورون الأمر وكأن مصر تعرض فرصا استثمارية لا يمكن رفضها، بينما كل دول العالم تتنافس على جذب رؤوس الأموال الأجنبية..
ويمكن أن نستعرض قيمة تدفق الاستثمار الأجنبي- سنويا- في بعض الدول، لاستخدامها كمؤشر يبين مستوى القدرة التنافسية المصرية في مجال جذب الاستثمارات، والتي لن تتغير –بالتأكيد- ما بين يوم وليلة.
- بلغ تدفق الاستثمار الأجنبي في الصين في شهر يناير الماضي فقط 13.9 مليار دولار، بينما يقدر المتوسط السنوي للتدفق بحوالي 150 مليار دولار.
- تدفق الاستثمار الأجنبي للسعودية يبلغ من 9-12 مليار دولار سنويا.
- في تركيا بلغ تدفق الاستثمار الأجنبي 13 مليار دولار تقريبا في العام الأخير.
- في دولة أوروبية متواضعة مثل جمهورية التشيك –عدد سكانها 10.5 مليون نسمة- بلغ تدفق الاستثمار الأجنبي 5 مليار دولار، في العام الماضي.
- في دول أوروبا الكبرى، يتراوح حجم الاستثمار الأجنبي السنوي ما بين 40- 51 مليار دولار لكل دولة.
- في ماليزيا يبلغ الاستثمار الأجنبي حوالي 11 مليار دولار سنويا، وهو الرقم نفسه تقريبا في الكيان الصهيوني.
بقي أن نعرف أن حجم تدفق الاستثمار الأجنبي إلى مصر في العام المالي الماضي، بلغ من 4-6 مليار دولار، وقد اختلفت التقديرات بسبب الرغبة في التضليل..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق