أمريكا تكشف بعضًا من أسرار هجمات 11 سبتمبر
هذا المقال ترجمة لمقالة بعنوان: U.S. Government Quietly Declassifies Post-9/11 Interview With Bush and Cheney لكاتبه: Jeremy Scahill في موقع: theintercept.
الكاتب: جيرمي سكاهيل
ترجمة: ربى الخليل
تحرير: عبد المنعم أديب
في الوقت[1] الذي كان فيه الأمريكيون يترقبون نتائج الانتخابات النِّصفيَّة، بادرت لجنة حكومية أمريكية يوم الأربعاء -بعيدًا عن أيّ صخب وضجيج إعلاميّ- بنشر معلومات مقتضبة، رُفعت السِّريَّة عنها حديثًا، حول مقابلة مشتركة مُؤرَّخة في 29 أبريل/ نيسان؛ كانت قد أجرتها لجنة 11 سبتمبر/ أيلول مع كلٍّ من الرئيس الأمريكي “جورج دبليو بوش” ونائبه “ديك تشيني” في المكتب البيضاوي، والتي تمحورت حول الهجمات. وبالنظر إلى أنه لم يتم تسجيل المقابلة كاملة، كانت الوثيقة التي تتضمن مجريات الاجتماع باقتضاب هي المحضر الرسمي الوحيد لهذا الاجتماع.
خطّ الوثيقة “فيليب زيليكو” (المدير التنفيذي للجنة). وفيها: “كان الرئيس ونائبه يجلسانِ على مقعدين أمام المدفأة. بدا الرئيس مُرتاحًا أثناء ردِّه على الأسئلة، دون الاعتماد على أيّة ملاحظات مسبقة”. واسترسل زيليكو بالقول: “اعتلت المدفأة صورة لواشنطن مَحُوطةً بتمثالين رأسيين للينكولن وتشرشل، وازدان الجدار بلوحات لمناظر طبيعية للمنطقة الجنوبية الغربية. كان يومًا ربيعيًا جميلًا”.
تجدر الإشارة إلى أن صحيفة “وول ستريت جورنال” كانت السباقة في نشر خبر رفع السريّة عن الوثيقة، بيد أن هذه الوثيقة ليست النص الرسمي؛ إنما هي “مذكرة حول سجل المقابلة”، كانت لجنة طعون التصنيف الأمني المشتركة بين الوكالات الأمريكية قد أذنت بالإفراج عنها.
أكثر ما كان صادمًا في الوثيقة افتقار بوش لأيَّة ذرة إحساس تجاه أهوال الموت والدمار وتداعيات حربه العالمية التي أطلق عنانها. مع التنويه إلى أن توقيت المقابلة تزامن مع اندلاع ثورة كبرى في العراق ضد الاحتلال الأمريكي التي أزهقت أرواح آلاف الجنود الأمريكيين وعشرات الآلاف من المدنيين العراقيين.
بغض النظر عن عدم رسمية نص الوثيقة واقتضاب محتواها، لكنها عرَّتْ مدى بساطة وحماقة رؤى وتحليلات بوش للأحداث. إلا أن ثَمَّةَ سؤالًا يخطر في الذهن حيال سبب وسم هذه الوثيقة بالسرية لأكثر من 18 عامًا؛ وهي بالأساس تخلو من أيَّة معلومات حساسة أو غير مسبوق
لكن الوثيقة تطرح بنية جديدة للأحداث الداخلية التي تلت الهجمات مباشرةً. ففي ذلك الصباح، بُعيد استهداف برج التجارة العالمي، كان بوش يشارك طلاب الصف الثاني قراءة رواية “الماعز الأليف” في مدرسة “إيما إي بوكر” الابتدائية في مقاطعة ساراسوتا بولاية فلوريدا؛ حيث استرسل بإخبار أعضاء اللجنة عن رؤيته للطائرة الأولى لحظة اصطدامها معتقدًا أنه مجرد حادث. وذكرت الوثيقة أنه “استذكر ما خطر في ذهنه وذهن الموجودين؛ أن طائرة ذات محركين ارتطمت بالمبنى. وقال بينه وبين نفسه عندئذ ‘يا له من طيَّار فاشل’ “. ولم يمضِ وقت طويل حتى اصطدمت الطائرة الثانية بالبرج الجنوبي لمركز التجارة العالمي، تحديدًا عند الساعة 9:03 صباحًا. عندها دنا رئيس الأركان “آندي كارد” من بوش بينما كان جالسًا ينصت لتلاوة الطلاب لمقتطفات من رواية “الماعز الأليف” وأبلغه عن احتمال تعرض الولايات المتحدة لهجوم.
وجَّهَ أعضاء اللجنة سؤالًا للرئيس عن سبب بقائه في الفصل الدراسي بعد الذي حدث، فأجاب أنه “كان يحاول استيعاب الأنباء، واستذكر طفلًا، أو شخصًا ما، كان يقرأ حينها بينما كان يتابع المراسلين وهم يتحدثون على هواتفهم. عندها أدرك أنه بات تحت مرمى أنظار الجميع في البلاد؛ مما يفرض عليه مراقبة سلوكه وإرسال الإشارات الصحيحة. كان يسعى إلى لملمة شتات أفكاره”. وذكرت الوثيقة أنه “شعر أن عليه أنْ يَظهر بمظهر الهادئ والقوي؛ ليتسنى له استيعاب ما يحدث على نحو أفضل”. كان بوش “يدرك أهمية انعكاسات لغة جسده التي وجب أن تشي بالهدوء والسكينة في مواجهة الخطر. بوصفه رئيسًا، كان يعي مدى تأثر ردود أفعال الناس به”.
ثَمَّةَ أجزاء في الوثيقة تنمُّ عن أهمية مضاعفة؛ بالأخص تلك التي تبيِّن تقلُّد تشيني زمام الأمور على نحو فاعل ذلك الصباح. أطلع بوش أعضاء اللجنة أنه اضطر تحت وطأة الضغوط إلى التوجه للطائرة الرئاسية؛ مما ترتب عليه «الإدلاء ببعض التصريحات السريعة والمغادرة على الفور». من جهته، قال تشيني إنه قد “شدد على الرئيس ألَّا يعود إلى المنزل وأخبره أن واشنطن تتعرض للهجوم، وأهاب به إرجاء عودته إلى واشنطن في ظل الغموض الذي يشوب حجم التهديدات التي قد تتعرض لها البلاد. وافق الرئيس على مضض”.
لدى استلام تشيني دفَّة القيادة داخل مركز عمليات الطوارئ الرئاسي (وهو مخبأ يقع أسفل الجناح الشرقي للبيت الأبيض)؛ بحث مع الرئيس بوش «قواعد الاشتباك» للوضع المتطور، ومنها سبل مواجهة طائرة أخرى قد تكون تعرضت للاختطاف، وفي هذا السياق قال بوش لتشيني: “نعم، اشتبكْ مع العدو. لديك سلطة إسقاط الطائرة”. أوردت الوثيقة أن الرئيس استفاد في الموقف الحالي من تجربته المستقاة من خدمته في سلاح الطيران الوطني في ولاية تكساس، حيث تدرب على إسقاط الطائرات، وكان يعي الطريقة عمومًا والعواقب المترتبة على الطيار وطبيعة شعوره عندما يتلقى أمرًا بإسقاط طائرة ركاب أمريكية ومدى قسوة الأمر بالنسبة إليه”.
تطرقت الوثيقة إلى مشهد فوضوي، إبان تعطل معدات الاتصال؛ عندها عام بوش في بحر من الشائعات والتقارير حول احتمال إصابة أهداف أخرى ومنها الطائرة الرئاسية ومزرعته الخاصة في كروفورد بولاية تكساس. كان بوش قد سمع عن ضباب الحرب، لكنه في ذلك اليوم رآه بأمّ العين. كان ينوي العودة إلى العاصمة لكنه انتقل جوًّا إلى قاعدة باركسديل الجوية في لويزيانا، وبالتوازي كان تشيني يدير الأمور من المخبأ أسفل البيت الأبيض.
وأوردت الوثيقة أن خط الاتصال الآمن بين بوش وتشيني قد تعطل خلال هذه الفترة. بينما كان بوش يحاول الاتصال بوزير الدفاع “دونالد رامسفيلد”؛ إلا أن أحدًا لم يتمكن من العثور عليه. وهو ما أغرق بوش في حالة من الإحباط الشديد لفقدانه الاتصال بعدد من الأشخاص، كما أنه اشتكى من عدم حيازة الطائرة الرئاسية على جهاز تلفاز ذي جودة عالية. في نهاية المطاف، وصل بوش إلى قاعدة أوفوت الجوية في أوماها بولاية نبراسكا وبات في متناوله معدات اتصال آمنة ذات جودة أفضل. قضى بوش زهاء تسع ساعات على متن الطائرة الرئاسية في ذلك اليوم، ولم يعد أدراجه إلى البيت الأبيض حتى الساعة السابعة مساءً.
بدوره منح تشيني، بحسب الوثيقة، الجيش تفويضًا مباشرًا لإسقاط الطائرات المدنية بعد حصوله على معلومات استخبارية حيال اختطاف الطائرات. وأبلغوا لاحقًا عن سقوط طائرة في ولاية بنسلفانيا، وتصور نائب الرئيس أننا من أسقطناها ولم يتبين له حقيقة الأمر إلا بعد فترة، وتكررت هذه الحالة لمرتين أو ثلاث على مدار نصف ساعة تلت، بحيث يرد تقرير يتطلب منح الإذن، هل فعل؟ نعم، إنما تمت تسوية الأمر في كل الحالات دون الحاجة إلى إطلاق النار. فقد تطرقت الوثيقة إلى خمسة تقارير وردت عن عمليات اختطاف إضافية تبين أنها خاطئة.
وفي سياق المقابلة وجَّهَ أحد أعضاء اللجنة سؤالًا لتشيني، مشددًا عليه ضرورة توضيح المفارقات الصارخة في الخط الزمني وتحديد الوقت بدقة الذي منح فيه بوش التفويض لنائبه بإسقاط الطائرات المدنية الأمريكية. وهنا انبرى الرئيس للإجابة قائلًا: “لم يُصدر الأوامر دون إذني”.
وانبرى عضو آخر من اللجنة بسؤال حول ضلوع الرئيس أو نائبه بالسماح لطائرات تقلُّ مواطنين سعوديين بالمغادرة بعد هجمات التاسع من سبتمبر/ أيلول. وهو ما نفاه الرئيس موضحًا أنه لا يملك أدنى فكرة عن الموضوع قبل أن يطالعه في الصحف. وأشارت الوثيقة إلى نفي تشيني أيضًا لهذا الأمر، لكنه استطرد بالقول: إن نفيه هذا كان يصعب سماعه.
كما تطرق العديد من أعضاء اللجنة للإحاطة الصحفية اليومية للرئاسة في السادس من أغسطس/ آب 2001. وكان لها صدى بالغ السوء بعنوان “بن لادن عازم على ضرب الولايات المتحدة”. واستشهدت الوثيقة بمعلومات استخبارية أجنبية تشي بعزم أسامة بن لادن على “اختطاف طائرات أمريكية”؛ بهدف الإفراج عن سجناء مسلمين متطرفين زجَّتْ بهم الولايات المتحدة في السجن بتهم الإرهاب. كما نوَّهت إلى حصول مكتب التحقيقات الفيدرالي على معلومات “تشي بظهور أنماط من الأنشطة المشبوهة في البلاد تتسق مع تحضيرات خاصة بعمليات الاختطاف أو هجمات أخرى. واشتمل بعضها على مراقبة المباني الفيدرالية في نيويورك جرت حديثًا”.
من جهته، جدد بوش رفضه المتكرر لفكرة إخطاره سابقًا بأيَّة “معلومات استخبارية تستدعي العمل”؛ منوهًا إلى أنها كانت مجرد “تقييم عام”. وكان هو بنفسه من طلب استقدام المعلومات التي شكلت فحوى إحاطته الصحفية موضع النقاش، وأوضح لأعضاء اللجنة أنه “خلص إلى نية بن لادن بمهاجمتنا. نعم، إنه يسعى لذلك. وكذلك تنظيم القاعدة”. بَيْدَ أنه ادعى خلو كافة المعلومات المقدمة إليه من تعليق حيال أي تهديد يحدق بالولايات المتحدة. لم تكن هناك معلومات استخبارية على الإطلاق تستلزم اتخاذ إجراءات لمواجهة مثل هذا التهديد”. وأطلع بوش المحققين على ما أخبره به مدير وكالة المخابرات المركزية “جورج تينيت” بأن “التهديد كان خارج البلاد- هذا ما قاله جورج”. وأكد بوش بالقول “إن كان ثمة خطر جدي كان يلوح في أغسطس/ آب 2001 لكان علم به”.
ومما تضمنته الوثيقة مجموعة من الأفكار التي بلورها كل من بوش وتشيني للمراحل الأولية لما سمي بالحرب على الإرهاب، ومدى امتعاض بوش من إحجام حلفاء الولايات المتحدة عن الانخراط في برنامج الاغتيالات على الصعيد العالمي الذي دخل حيز التنفيذ عقب هجمات الحادي عشر من أيلول. وهو ما عبَّرَ عنه بوش بالقول: “في إطار تسليم الإرهابيين إلى العدالة، لم يتسم نهج الحلفاء بالصرامة التي تتسق مع صلابة نهجنا ناهيك عن عدم استعداد حكوماتهم لإزهاق أرواحهم ومطاردتهم في الأماكن النائية من العالم. إن وكالاتنا تتمتع بقوة هائلة”.
بدوره أعرب تشيني عن استنكاره لإخضاع العمليات السرية لمراقبة الكونغرس، لا سيما العمليات التي تديرها وكالة المخابرات المركزية. وهو ما قوَّضَ من قوة الوكالة على حد تعبيره مضيفًا بأن “المعايير التي أُخضِعتْ لها وكالات الاستخبارات قد حدَّتْ من إقدامهم على المجازفة، بالنظر إلى قسوة العقوبة لقاء التورط بأفعال قد يُحكم عليها لاحقًا بأنها غير مقبولة”. وأشارت الوثيقة إلى نموذج تطرق إليه تشيني عن تولي أشخاص سيئين في الدوائر المالية الخاصة بوكالة المخابرات المركزية؛ مِمَّا دفع المسؤولين لتوخي الحذر وعدم الانخراط”.
كان تشيني لا يخفي طيلة مسيرته السياسية امتعاضه من إخضاع العمليات السرية الأمريكية للمراقبة من قبل الكونغرس. وفي مقابلة أجراها لصالح برنامج “”Meet the Press على قناة “إن بي سي”، عقب مرور خمسة أيام من أحداث الحادي عشر من أيلول؛ قال: “مع ذلك، كان علينا العمل في الجانب المظلم إن جاز التعبير في ظلال العالم الاستخباراتي، وتنفيذ الكثير من العمليات المطلوبة ضمن أجواء مفعمة بالتكتم مع النأي عن المناقشات بالاعتماد على المصادر والسبل المتوفرة لدى وكالاتنا الاستخباراتية”.
ردًّا على سؤال حول سُبُل تحسين مناعة الولايات المتحدة ضد الهجمات، أشار بوش إلى بذلهم مساعي حثيثة لقتل عدد كبير من الأعداء باعتبارهم قتلة، “كان علينا قتلهم قبل أن يقتلونا”.
كما عرَّجَتْ الوثيقة على جهود البيت الأبيض في إقناع الدول الإسلامية كالسعودية وباكستان بدعم حرب أمريكية أكثر اتساعًا. وقد أكد بوش أن السعوديين كانوا “غير راضين” عن موقف الولايات المتحدة من إسرائيل، ناهيك عن الأواصر الوثيقة بين باكستان وحركة طالبان؛ مما استدعى الحاجة إلى تغيير سلوك باكستان، إلا أن جعبتهم خالية من الإغراءات بالنظر إلى إغراقها بسيل من عقوبات الكونغرس. فجاءتْ أحداث الحادي عشر من أيلول لتحدث تغييرًا في النهج؛ حيث مالت رغبة البلدين -في أعقاب هجمات القاعدة المزعومة ضدهما- نحو رؤى البيت الأبيض. وجاء في الوثيقة أن:
العدو ساعد في منحنا الفرصة.
شهدت باكستان محاولتي اغتيال للرئيس برويز مشرف في ديسمبر/ كانون الأول 2003. مما مهد له الطريق لإحداث تغييرات إضافية في النهج على حد ما جاء في الوثيقة. كما أن تبني تنظيم القاعدة المسؤولية عن تفجير سلسلة من المجمعات السكنية في الرياض في مايو/ أيار 2003 في السعودية، من بينها مجمع تديره شركة فينيل العسكرية الأمريكية الخاصة، كان كفيلًا بتحوُّل السعوديين إلى محاربين أشدَّاء لاحقًا إلى جانبنا.
إلى ذلك شملت الوثيقة اعترافًا غير عاديٍّ، عندما أقرَّ بوش أن تداعيات العقوبات الاقتصادية الأمريكية بحق العراق أدت إلى “استقطاب الإرهابيين الذين ساهمتْ حملاتهم الدعائية عن تجويع الأطفال العراقيين في إلحاق الأذى بنا”.
في الشأن الروسي، أخبر بوش أعضاء اللجنة أن التعاون مع فلاديمير بوتين بعد توليه سدَّة الرئاسة في عام 2000 كان مهمًا؛ لا سيما في إطار تسيير استخدام القواعد في منطقة آسيا الوسطى مثل أوزبكستان من قبل الجيش الأمريكي والمخابرات الأمريكية لتنظيم عملياتهم في أفغانستان. وذكرت الوثيقة عن حديث جرى بينه وبين بوتين في صيف 2001 حول هذا الموضوع، كما استذكر شكوى بوتين من تحول باكستان والمملكة العربية السعودية إلى ملاذات آمنة للإرهابيين مشددًا على وجوب تعرية مصدر هذه المشاكل. ومضى بوش بالقول إن الارتقاء بالعلاقة مع بوتين وروسيا، من شأنه أن يسهل نشاط الولايات المتحدة في جمهوريات الاتحاد السوفييتي “الستانات”، وهو ما كان عصيّا على روسيا قبوله تاريخيًا.
احتوت الوثيقة على سجال مطوَّل حيال نأي الولايات المتحدة عن السعي الفاعل لقتل بن لادن، قبل وقوع هجمات الحادي عشر من أيلول. فيما وقع “بيل كلينتون” قرارًا رئاسيًا يُخوِّل قتل بن لادن وشنَّ ضربة صاروخية عام 1998 على معسكر يشتبه كونه تابعًا لتنظيم القاعدة في أفغانستان، على إثر استهداف السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا. إلا أن بوش رفض إطلاق صواريخ الكروز لاغتيال بن لادن دون أن يسعى لانتقاد كلينتون بشكل مباشر. وذكرت الوثيقة أن شعورًا بالقلق اعترى بوش حيال رد فعل بن لادن وآخرين بتوظيف هذا الأمر لصالح الدعاية”. واستطرد القول “إن فشل العملية كفيل باستغلالها من قبل العدو لكشف قدرته على إحباط التكنولوجيا والقوة العسكرية الأمريكية”. لهذا كان يميل بوش نحو استخدام القوات البرية في عملية كهذه.
ردًّا على سؤال اللجنة، عن سبب عدم تخويله لعمل عسكري لقتل بن لادن في الأشهر التي سبقت هجمات الحادي عشر من أيلول؛ تطرَّقَ بوش إلى مكالمة أجراها مؤخرًا مع رئيس الوزراء البريطاني “توني بلير”، الذي بدوره تطرق إلى الانتقادات التي تُكال لهم جراء عدم المبادرة إلى شن هجوم استباقي ضد أفغانستان، إلى جانب انتقادات للهجوم الاستباقي على العراق. وأخبر بليرُ بوشَ أنه كان ليُصدم في حال أعرب الرئيس عن عزمه نشر قوات في أفغانستان قبل وقوع هجمات أيلول. قائلاً: “كنت سأعتبره مجنونًا”؛ بالنظر إلى الشعور العارم “لقطع العنق” أيْ قتل بن لادن بعيدًا عن الولوج في جوّ الحرب. ومما يشي بعدم إحساسه بالمفارقة الشديدة، قال بوش لأعضاء اللجنة: “الرئيس عاجز عن الضغط لشنِّ حرب استباقيَّة دون مبرر. فالبلاد لا تحبذ الحرب، كما لا أحبذها أنا أيضًا”.
كما ناقش أعضاء اللجنة مع بوش، بحسب الوثيقة، «نظريات المؤامرة» المرتبطة بهجمات الحادي عشر من أيلول؛ حيث أوضح بوش أنه لمس بعضها، حتى أنه رأى أسوأها تنبثق عن جمعية “جون بيرش” في ميدلاند بولاية تكساس. وأخبر عضو اللجنة “ريتشارد بن فينيست” الرئيس بوش عن عزم اللجنة التعاطي مع أكبر عدد ممكن من قصص المؤامرة هذه بغية إضفاء المزيد من الأمن في البلاد.
[1] في هذا التقرير الذي حرصنا على ترجمته للقارئ، نجد خبايا هؤلاء القوم في حربهم على الإسلام والمسلمين. هذا التقرير عن تقرير سرِّيّ رُفِعَت عنه السريَّة. يوضح بعض النقاشات حول الهجوم في الحادي عشر من سبتمبر. ويجد القارئ فيه أن بوش أوقف اغتبال بن لادن قبل ثلاثة أعوام من الأحداث (ولنسأل أنفسنا عن السبب)، وأنه أراد قتل كل من يستطيع قتله ممَّا سماهم “الأعداء”، وأنه لم يبدِ أيَّة بادرة احترام لأي إنسان، ولا لقيمة الإنسانية فيما سمَّاه الغرب “الحرب على الإرهاب”. وفي الغرب قوانين تحمي التصرفات التي تحدث في المستوى الأعلى من سياسات البلاد، وتحظر حظرًا تامًّا إفشاء أيَّة معلومة يقرأها أو يسمعها أيُّ موظف أو مدير أو رئيس حول السياسة العُليا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق