الأربعاء، 22 فبراير 2017

الإخوان وترمب: وسم «الإرهاب» على الباب!


الإخوان وترمب: وسم «الإرهاب» على الباب!



د.أحمد بن راشد بن سعيد

كانت افتتاحية صحيفة النيويورك تايمز في التاسع من فبراير(شباط) عن موقف الرئيس الأميركي ترمب من جماعة الإخوان المسلمين، وعن احتمال أن تقوم إدارته بتصنيفها إرهابيّة. تنبع أهميّة رأي التايمز بوصفه يمثّل أعرق صحيفة في الولايات المتّحدة، وهي من ضمن مجموعة من الصحف البارزة في ولايات عدّة، تُسمّى «صحافة النخبة»، لا تخلو منها أروقة السلطة، ويتابعها عادةً أعضاء الكونغرس وصُنّاع القرار والأكاديميّون والمحلّلون السياسيّون.
اختارت التايمز لافتتاحيّتها العنوان: «كلّ الإسلام ليس عدوّاً»، واستهلّتها بالقول: « هل الرئيس ترمب يحاول أن يجعل العالم الإسلامي كلّه عدوّاً؟ هذا يمكن أن يحدث حقّاً لو أتْبع حظره البدائي للاجئين وحاملي التأشيرات من سبعة بلدان مسلمة بأمرٍ يُصنّف الإخوان المسلمين -ربّما أكبر جماعة إسلامية مؤثّرة في الشرق الأوسط- منظّمة إرهابيّة». 
جماعة الإخوان، بالملايين من الأعضاء، لا تستحقّ وصم الإرهاب، بحسب التايمز، وثمّة أسباب منطقيّة لذلك، فهي ليست منظّمة واحدة، بل تشكيلة من المجموعات والحركات التي تختلف من بلد إلى آخر. «بينما تدعو الجماعة»، تضيف الصحيفة، «إلى مجتمع يحكمه القانون الإسلامي، فقد رفضت منذ عقود خلَت العنف، ودعمت الانتخابات، وأصبحت منظّمة سياسيّة واجتماعيّة». 
تستثني التايمز بالطبع حركة حماس التي ترى أنّها «إرهابيّة» (لمقاومتها المحتل الإسرائيلي حليف الولايات المتحدة)، لكنّها تستنكر سعي السيسي، رئيس النظام المصري، إلى «سحق الإخوان في بلاده» مؤكّدةً أنّه «لا دليل على أنّ القادة الكبار للإخوان أمروا بأيّ عنف، أو نفّذوا أيّاً من الهجمات الإرهابية الكبيرة التي حدثت مؤخّراً في مصر. ومع هذا فإنّ مستشاري ترمب يبدون غير راغبين في تمييز الفروق.

 ستيفن بانن، كبير إستراتيجيي البيت الأبيض، وصف «الإخوان» ذات مرّة بأنهم «أساس الإرهاب الحديث»، وفرانك غافني جنيور، وهو محلّل معادٍ للمسلمين، ويرأس مركز بحث صغير، أبلغ التايمز أنّ أهداف «الإخوان» هي نفسها أهداف «داعش» و «القاعدة». 
لكنّ «طلْيَ كل أعضاء الإخوان بفرشاة واحدة»، بحسب تعبير التايمز، «تقدير سيء وخطير»، فالجماعة مرتبطة بأحزاب سياسيّة، كثير منها شركاء لأميركا، في إندونيسيا وباكستان والمغرب والأردن والكويت واليمن، وحتى «إسرائيل»، وتدير مدارس ومستشفيات. حتى الحزب الحاكم في تركيا، العضو في حلف النيتو، له علاقات بالإخوان. إذا سُمّيَتْ الجماعة إرهابيّة، تجادل الصحيفة، فكيف ستستمر واشنطن في هذه العلاقات من دون أن تخالف القانون؟
تعتقد النيويورك تايمز أنّ الأمر بوضع «الإخوان» في سلّة «الإرهاب» لن يخدم المصالح الأميركية، وسينظر إليه كثير من المسلمين بوصفه «محاولة أخرى لتشويه صورة الملتزمين بالإسلام»، كما سيبدو جزءاً من حملة يقودها ترمب ومستشاروه «لتعميق الخوف من خلال تعزيز رؤية مبالغ فيها بشكل خطير عن أميركا التي تتعرّض لحصارٍ ممّا يسمّونه الإسلام المتشدّد». وثمّة خطرآخر، وهوأنّ معاقبة شعوب وبلدان على تعاملها مع «الإخوان» قد «يجعل من المستحيل على أعضائها الاستمرار في الانخراط في السياسة، بل قد يدفع بعضاً منهم إلى العنف». 

«مرسوم» ترمب المتعلق بالهجرة، تختتم التايمز افتتاحيّتها، قد «جعل أميركا تبدو قاسية وغير مؤهّلة في نظر العالم»، ويأتي الحديث عن وسم «الإخوان» جماعة إرهابيّة ليشعل «مخاوف أكثر قتامةً من عزم إدارة، ليس على ملاحقة إرهابيّين، بل على ملاحقة الإسلام نفسه».
يستمر الجدل في واشنطن عن تصنيف «الإخوان» جماعة إرهابيّة» لاسيّما أنّ قوى أجنبيّة تدفع إدارة ترمب إلى ذلك. وبالرغم من صعوبة اتخاذ قرار كهذا، وربما دحضه قانونيّاً في حال إعلانه، إلا أنّه ممكن في ظل وجود رئيس يتّخذ قرارات خطيرة بأوامر تنفيذيّة. النيويورك تايمز محقّة في النظر إلى التصنيف بوصفه ملاحقةً للإسلام نفسه لأنّه يفتح الباب أمام إدارة ترمب لاستهداف منظّمات إسلامية ضاربة الجذور في الولايات المتحدة كالجمعية الإسلاميّة في أميركا الشماليّة (إسنا)، ومجلس العلاقات الإسلاميّة الأميركيّة (كير)، وأعداد كبيرة من المراكز الإسلامية والمساجد. 

في غضون ذلك، تستمر وسائط خليجيّة، كقناة «العربية» وجريدتَيْ «الشرق الأوسط» و»الاتحاد»، في تحريض ترمب على الإسراع في إعلان «الإخوان» إرهابيّين أملاً في القضاء على ما تسمّيه «الإسلام السياسي».;

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق