الجمعة، 8 سبتمبر 2023

من “شماعة الإخوان” لشماعة “زيادة السكان”.. يا قلب لا تحزن

من “شماعة الإخوان” لشماعة “زيادة السكان”.. يا قلب لا تحزن

د. عز الدين الكومي

أصبح من المعلوم للقاصي والداني أن الأنظمة الدكتاتورية الاستبدادية التي تسطو على السلطة دون رغبة أو إرادة شعوبها.. 
غالبا ما يكون الفشل حليفها!!… لماذا؟
أولاً: لأن الله لا يصلح عمل المفسدين، وهذا ما أكده الله سبحانه وتعالى في كتابه العزير.
ثانيا: لأن الطغاة لا يفهمون إلا لغة واحدة هي لغة العنف والقمع والقتل ولا دخل لهم بسياسة البلاد والعباد.
ثالثاً: أنه يجتمع حول هؤلاء مجموعة من المرتزقة من رجال المال الفاسد والمنتفعين والمطبلين، وبالتالي لا يسمع الزعيم الملهم إلا وصلات المدح والإطراء، حتى يظن أنه الحاكم بأمر الله، مقتدين في ذلك برائدهم الأول في التطبيل “ابن هانئ الأندلسي في مدح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار .. فاحكم فأنت الواحد القهار
وكأنما أنت النبي محمد .. وكأنما أنصارك الأنصار


وقد حاول النظام البائس المنقلب أن يستخدم شماعة الإخوان ليعلق عليها خيبته وفشله -كما يفعل دائما- وكان في كل مرة يطلق كذابي الزفة وصبيان الإعلام، ومخبري أمن الدولة؛ ولكنه كان يصطدم بأن جماعة الإخوان منذ تاريخ تأسيسها لم يتورط أحد أفرادها فى فساد مالي أو إداري، فضلاً عن أنها فصيل وطني بأجمل ما تعنيه الكلمة من معنى، وتشهد بذلك كتائب المجاهدين في فلسطين، ومعسكرات الإنجليز في قناة السويس، وفي ميدان التحرير إبان ثورة يناير، وآخر الشهادات من غير المسلمين هي شهادة نجيب ساويرس وغيره من مرتزقة النظام. وأنها عندما وصلت إلى السلطة وصلت باختيار وإرادة الشعب الذي منحها ثقته في كل الاستحقاقات التي تلت ثورة يناير.
وحتى اليوم ما زالت شعبية جماعة الإخوان في ارتفاع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية العسكر إلى القاع.

ويستمر النظام الانقلابي البائس في إلصاق تهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين حتى لمن هم من غير المسلمين، أو من عتاة اليسارجية، والليبرالجية، والقومجية، والناصرجية، وغيرهم من الذين لايخفون عداءهم للإخوان، وأنهم كانوا من ضمن صفوف الانقلابيين!! ، وكل ذلك بلا فائدة.

فبدأ النظام يفكر جديا في البحث عن شماعة أخرى علها تكون مقنعة ولاتجلب له السخرية والتندر على وسائل الاتصال والفضاء الفاضح له؛ فبحث عن شماعة “الزيادة السكانية” والقنبلة السكانية، والانفجار السكاني؛ فأطلق صبيان ماسبيرو، ومدينة الإنتاج “الحيواني”، لاستضافة خبراء الغبرة من هنا وهناك؛ ليقنعونا بأن الزيادة السكانية هي التي تُفشل كل محاولات التنمية!! .
والسؤال هنا: أين هي التنمية ياسادة؟ هل هي في الإنجازات الوهمية؟ أم فى الكباري”العملاقة” والمشروعات الفنكوشية؟، أو فى بيع أصول الدولة بالجملة والقطاعى فى أسواق النخاسة؟ أم في الفضائح التي تتوالى كل يوم عن تهريب وسرقة مقدرات البلاد وآثارها وتاريخها، مع العجز عن سداد فوائد الديون؟!

وبالرغم من هذا الكم من الكذب والخداع عن الإنجازات الوهمية. نجد قائد الانقلاب يقول: “لم أر إعلاميا يناقش مشكلة الزيادة السكانية خلال الفترة الماضية، رغم أنها مشكلة على درجة كبيرة من الخطورة”.
وكان قد وجه سؤالا لشيخ -العسكر – الأزهر سابقاً – عن مدى جواز مطالبة الشعب بتأجيل الإنجاب لفترة والاكتفاء بثلاثة أطفال فرد الشيخ قائلا: “حلال.. حلال.. حلال”.
بل هناك إرهاصات لطرح مشروع قانون، يجري طبخه في الكواليس لتحديد النسل، وفرض عقوبات بعد المولود الثالث.
فها هي النائبة البرلمانية الانقلابية “آمال عبدالحميد” تعلن اعتزامها تقديم مقترح برلماني لدراسة تجربة الصين لخفض المواليد، مشيرة إلى أن «سياسة الطفل الواحد» حوّلتها من أفقر دول العالم إلى ثاني أقوى اقتصاد في العالم.
وقد شجعتها إحدى أعضاء برلمان الغبرة فرفعت شعار: “عايز تخلف.. خلف بعيد عننا” مفصحة عن ارتياحها لتمرير هذا القانون.
وهنا نقول وبكل وضوح إن شماعة الزيادة السكانية هي شماعة فاشلة أيضاً، ولن يستطيع النظام البائس أن يعلق عليها فشله؛ لأن الرد جاء حاسماً من عالم مصري حاصل على جائزة نوبل وأحد الذين أيدوا الانقلاب على الرئيس محمد مرسي -رحمه الله – الذى قال فى مقطع فيديو مصور تحدث فيه عن الزيادة السكانية، وأنها لا يمكن أن تشكل عبئا على الاقتصاد ، لكنها تمثل ثروة قومية، شريطة أن يحصل المواطنون على تعليم جيد، وأن يحصلوا على فرصة مناسبة، وسيكون لذلك نتاج كبير لصالح الدولة.
وضرب مثالا على ذلك بدولة الهند التي أعدت رؤية كاملة تقوم على البحث العلمي رغم حالة الفقر التي كانت تعاني منها البلاد، لكنها تقدّمت كثيرا على الصعيد التكنولوجي.
فاختزال المشكلة السكانية في مصر باعتبارها زيادة سكانية فقط يعد تسطيحاً للمشكلة، ولكن يجب النظر للمشكلة من كافة جوانبها، من حيث التعليم والصحة والمشاركة فى العمل ومتوسط دخل الفرد، وسوء توزيع السكان وتركزهم فى مساحة ضيقة لا تتجاوز 5.3% من إجمالي مساحة البلاد، مع التركيز على مواجهة ثلاثية: الفقر، والجهل، والمرض، وبناء مواطن سليم معافى، عنده القدرة على دخول سوق العمل والإنتاج باعتباره ثروة بشرية قادرة على دفع عجلة النمو الاقتصادي!

والطريف أن عدد الشعب التركي قريب من عدد الشعب المصري، وأن مساحة تركيا، حوالى نصف مساحة مصر، ومع ذلك فالرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” أعلن رفضه التام لتحديد النسل في الأسر التركية المسلمة، داعيا الأمهات إلى زيادة عدد الأتراك.
قائلا: “سنزيد من النسل، لا وجود لأفكار مثل: تحديد النسل أو منع الحمل بين الأسر المسلمة. نحن نتبع سنة الله ورسوله.

وكان الرئيس أردوغان قد سبق وصرح بوجوب إنجاب كل إمرأة تركية لثلاثة أطفال على الأقل، معتبرا منع الحمل نوعا من “الخيانة!! .
أما عندنا فتتوسع الدولة -في ظل سلطة الانقلاب- في بناء السجون والمعتقلات، ولم تقم ببناء مصنعٍ واحدٍ، وتعتمد على المعونات والهبات والقروض.
فأنىّ لها أن تحقق تنمية ومازال شعبها يسكن العشوائيات والمقابر؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق