"المستشرقون" الإسرائيليّون يستنفرون لصالح السيسي
لم يعرف رؤفين بيركو العرب إلا في "سلخانات" التحقيق مع الأسرى، التي كان ممّن يديرونها، أو من خلال احتكاكه بالعملاء، الذين عمل على مدى عقدين من الزمن على تجنيدهم. بيركو، كان أحد أبرز القادة في "وحدة 504"، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، "أمان"، وهي الوحدة المكلفة بالتحقيق مع العرب الذين يتم أسرهم في حروب وعمليات عسكرية تتم خارج حدود فلسطين، علاوة على مسؤوليتها عن تجنيد مصادر استخبارية من المناطق الحدودية، التي تتاخم فلسطين.
للوقوف على حجم الفظائع التي ارتكبتها هذه الوحدة في حق الأسرى العرب، يكفي التذكير بالتجربة الشهيرة والمفجعة للبناني مصطفى الديراني، الذي اختطفه الجيش الإسرائيلي عام 1994 في محاولة للحصول منه على معلومات حول الطيار الإسرائيلي المفقود رون آراد.
تعرض الديراني لأبشع صنوف التعذيب والتنكيل من قبل زملاء بيركو في "وحدة 504"، التي وصلت إلى حد الاغتصاب، كما ورد في الشكوى التي قدمها الديراني نفسه.
لكن بعد تسريحه من الجيش قبل خمس سنوات، أخذت المحافل الأكاديمية ووسائل الإعلامية الإسرائيلية تقدم "دكتور" بيركو بصفته "مستشرقاً"، يستعان به في محاولة سبر أغوار التحولات التي تعصف بالعالم العربي.
من خلال رصد المقالات التي يكتبها في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يتضح بسرعة مدى حماس بيركو للانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي، إذ وصفه أكثر من مرة بأنه "حدث تأسيسي" سيقي إسرائيل والغرب من "الثمار السيئة" للربيع العربي.
وإن كانت الكثير من النُخَب الإسرائيلية قد عبّرت عن حماسها للانقلاب، إلا أن المسوّغات التي يقدمها بيركو لتبرير دعوته الصريحة للغرب وإسرائيل للاستنفار للحفاظ على سلطة الانقلاب تبدو لافتة بشكل خاص.
ففي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" في عددها الصادر يوم الأحد، يتفحّص بيركو التاريخ الإسلامي القديم لكي يعثر فيه على أمثلة تسوّغ للغرب دعم الديكتاتوريات العربية، وتجاهل دعوات الدمقرطة.
ولكي يحقّق مبتغاه، يقارن بيركو بين السيسي والحجاج بن يوسف الثقفي، على اعتبار أن كلاً منهما قد جاء لوضع حد لـ"الفوضى" واستعادة "الاستقرار"، وإن كان بيركو يشير في المقال إلى أن القضاء على "الفوضى" واستعادة "الاستقرار" في عهد الحجاج كان يمثل مصلحة قومية للدولة الأموية، التي كانت تقود العالم الإسلامي، في حين أن تحقيق هذا الهدف في حالة السيسي يخدم بشكل أساس مصالح الغرب.
ويرى بيركو أن أمر الساعة بالنسبة للغرب حالياً يتمثل في الاستنفار لمساعدة السيسي بعد انتخابه رئيساً، على اعتبار أن تشجيع قائد الانقلاب، هو الكفيل بتأسيس نظام سلطوي يقضي على الفوضى ويفرض الاستقرار.
ويشدد بيركو على أن استراتيجية "الشعرة الممدودة" التي كانت تمثل فلسفة معاوية بن أبي سفيان في الحكم، لا يمكن أن تكون مصدراً للإلهام للسيسي، لأنها ببساطة لن تفضي إلى الاستقرار الذي ينشده الغرب.
كذلك يضيق صدر محرر موقع "أ مد أيست جورنال" "A Mid-East Journal"، المستشرق نيفيل تيلير، بالانتقادات التي وجهتها وسائل الإعلام الغربية للظروف التي جرت فيها انتخابات الرئاسة المصرية. ويرى أن حرص السيسي على شن حرب لا هوادة فيها على الحركات الإسلامية، يستدعي حصوله على دعم غير متحفّظ من الغرب.
وعلى الرغم من أنه يقر، في مقال نشره موقع صحيفة "جيروزلم بوست" الخميس الماضي، بأنه من الصعب الدفاع عن سلامة الإجراءات في الانتخابات الأخيرة، إلا أن تيلير يرى أنه من العبث الاهتمام بهذه القضايا، في الوقت الذي يبدي فيه السيسي، بالأقوال والأفعال، التصميم على محاربة "الإرهاب الإسلامي". وبسبب "الإرث"، الذي راكمه السيسي في هذا المجال، فإن تيلير لا يتردد في القول إنه ""يستحق دعم كل أولئك الذين يتشبّثون بقيم الديموقراطية".
ومما لا شك فيه أن أكثر نخب الاستشراق الصهيوني احتفاءً بالسيسي والأكثر حرصاً على دعمه هي تلك المرتبطة بـ"مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، وهو مركز التفكير الذي يديره شخصياً كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دوري غولد.
أصدر المركز، منذ الانقلاب، عشرة أوراق بحثية تؤكد على رسالتين أساسيتين، وهما: ضرورة غض الغرب الطرف عن القمع الذي يمارسه السيسي ضد الإسلاميين، على اعتبار أنه مهم لاستعادة "استقرار" المنطقة، علاوة على الدعوة لتقديم دعم عالمي سخي لإقناع الرأي العام المصري بـ"العوائد الإيجابية" للانقلاب.
في المقابل، فإن هناك قلّة من المستشرقين الصهاينة يحذرون صنّاع القرار في تل أبيب والغرب من بؤس الرهان على السيسي وتجاهل دلالات ضعف الاقبال على الانتخابات المصرية.
ويقول رئيس "مركز هيرتزوغ لدرسات الشرق الأوسط والدبلوماسية" في جامعة "بن غوريون"، يورام ميتال، إن الإقبال الضعيف على الانتخابات المصرية يؤشر على أن وعياً سياسياً جديداً قد تكرّس في مصر، وأن المصريين باتوا عازمين على محاربة أية عودة للحكم الديكتاتوري.
ونقلت "جيروزلم بوست"، في عددها الصادر الخميس، عن ميتال قوله إن "النظام الجديد في مصر لن يفلح في إرساء دعائم الاستقرار". وأشار إلى أن هذه الانتخابات قد دلّلت بشكل واضح على أن المجتمع المصري يشهد استقطاباً غير مسبوق، وأنه لا يمكن ضمان الاستقرار في ظل محاولة استبعاد قطاع كبير ومؤثر من الشعب المصري.
لكن بعد تسريحه من الجيش قبل خمس سنوات، أخذت المحافل الأكاديمية ووسائل الإعلامية الإسرائيلية تقدم "دكتور" بيركو بصفته "مستشرقاً"، يستعان به في محاولة سبر أغوار التحولات التي تعصف بالعالم العربي.
من خلال رصد المقالات التي يكتبها في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يتضح بسرعة مدى حماس بيركو للانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع السابق، عبد الفتاح السيسي، إذ وصفه أكثر من مرة بأنه "حدث تأسيسي" سيقي إسرائيل والغرب من "الثمار السيئة" للربيع العربي.
وإن كانت الكثير من النُخَب الإسرائيلية قد عبّرت عن حماسها للانقلاب، إلا أن المسوّغات التي يقدمها بيركو لتبرير دعوته الصريحة للغرب وإسرائيل للاستنفار للحفاظ على سلطة الانقلاب تبدو لافتة بشكل خاص.
ففي مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم" في عددها الصادر يوم الأحد، يتفحّص بيركو التاريخ الإسلامي القديم لكي يعثر فيه على أمثلة تسوّغ للغرب دعم الديكتاتوريات العربية، وتجاهل دعوات الدمقرطة.
ولكي يحقّق مبتغاه، يقارن بيركو بين السيسي والحجاج بن يوسف الثقفي، على اعتبار أن كلاً منهما قد جاء لوضع حد لـ"الفوضى" واستعادة "الاستقرار"، وإن كان بيركو يشير في المقال إلى أن القضاء على "الفوضى" واستعادة "الاستقرار" في عهد الحجاج كان يمثل مصلحة قومية للدولة الأموية، التي كانت تقود العالم الإسلامي، في حين أن تحقيق هذا الهدف في حالة السيسي يخدم بشكل أساس مصالح الغرب.
ويرى بيركو أن أمر الساعة بالنسبة للغرب حالياً يتمثل في الاستنفار لمساعدة السيسي بعد انتخابه رئيساً، على اعتبار أن تشجيع قائد الانقلاب، هو الكفيل بتأسيس نظام سلطوي يقضي على الفوضى ويفرض الاستقرار.
ويشدد بيركو على أن استراتيجية "الشعرة الممدودة" التي كانت تمثل فلسفة معاوية بن أبي سفيان في الحكم، لا يمكن أن تكون مصدراً للإلهام للسيسي، لأنها ببساطة لن تفضي إلى الاستقرار الذي ينشده الغرب.
كذلك يضيق صدر محرر موقع "أ مد أيست جورنال" "A Mid-East Journal"، المستشرق نيفيل تيلير، بالانتقادات التي وجهتها وسائل الإعلام الغربية للظروف التي جرت فيها انتخابات الرئاسة المصرية. ويرى أن حرص السيسي على شن حرب لا هوادة فيها على الحركات الإسلامية، يستدعي حصوله على دعم غير متحفّظ من الغرب.
وعلى الرغم من أنه يقر، في مقال نشره موقع صحيفة "جيروزلم بوست" الخميس الماضي، بأنه من الصعب الدفاع عن سلامة الإجراءات في الانتخابات الأخيرة، إلا أن تيلير يرى أنه من العبث الاهتمام بهذه القضايا، في الوقت الذي يبدي فيه السيسي، بالأقوال والأفعال، التصميم على محاربة "الإرهاب الإسلامي". وبسبب "الإرث"، الذي راكمه السيسي في هذا المجال، فإن تيلير لا يتردد في القول إنه ""يستحق دعم كل أولئك الذين يتشبّثون بقيم الديموقراطية".
ومما لا شك فيه أن أكثر نخب الاستشراق الصهيوني احتفاءً بالسيسي والأكثر حرصاً على دعمه هي تلك المرتبطة بـ"مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة"، وهو مركز التفكير الذي يديره شخصياً كبير المستشارين السياسيين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، دوري غولد.
أصدر المركز، منذ الانقلاب، عشرة أوراق بحثية تؤكد على رسالتين أساسيتين، وهما: ضرورة غض الغرب الطرف عن القمع الذي يمارسه السيسي ضد الإسلاميين، على اعتبار أنه مهم لاستعادة "استقرار" المنطقة، علاوة على الدعوة لتقديم دعم عالمي سخي لإقناع الرأي العام المصري بـ"العوائد الإيجابية" للانقلاب.
في المقابل، فإن هناك قلّة من المستشرقين الصهاينة يحذرون صنّاع القرار في تل أبيب والغرب من بؤس الرهان على السيسي وتجاهل دلالات ضعف الاقبال على الانتخابات المصرية.
ويقول رئيس "مركز هيرتزوغ لدرسات الشرق الأوسط والدبلوماسية" في جامعة "بن غوريون"، يورام ميتال، إن الإقبال الضعيف على الانتخابات المصرية يؤشر على أن وعياً سياسياً جديداً قد تكرّس في مصر، وأن المصريين باتوا عازمين على محاربة أية عودة للحكم الديكتاتوري.
ونقلت "جيروزلم بوست"، في عددها الصادر الخميس، عن ميتال قوله إن "النظام الجديد في مصر لن يفلح في إرساء دعائم الاستقرار". وأشار إلى أن هذه الانتخابات قد دلّلت بشكل واضح على أن المجتمع المصري يشهد استقطاباً غير مسبوق، وأنه لا يمكن ضمان الاستقرار في ظل محاولة استبعاد قطاع كبير ومؤثر من الشعب المصري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق