معني الصلاة بساحة جامع أيا صوفيا
في زمن العزة، لم يغير السلطان محمد الفاتح اسم "أيا صوفيا" أو "الحكمة المقدسة"، التي حولها على عجل من كنيسة إلى مسجد لكي يصلي فيه المسلمون الفاتحون الجمعة، حيث تقول الروأيات أنهم فتحوا القسطنطينية يوم الثلاثاء بجيش كبير وحينما حان وقت الصلاة لم يك ممكناً أن يبنوا جامعاً يستوعب كل هذا الحشد الإسلامي، فاتخذها السلطان محمد الفاتح مسجداً ثم اشتراها (بموجب عقد بيع توجد نسخة منه في متحف الآثار التركية الإسلامية بإسطنبول برقم تصنيفي: 2182)، واكتفى بتغطية رسوماته الكنسية بالجبس حينها، قيل "لمراعاة لمشاعر أهل القسطنطينية"؛ فتاريخ المكان ببنائه الحالي يعود جزء منه إلى نحو ألف عام ونصف الألف، منها نحو خمسمائة عام كجامع، إلى أن حوله العلماني مصطفى كمال أتاتورك إلى متحف!
هذا الأسبوع كرر شباب مسلمون مبادرتهم للصلاة بساحته، مطالبين بعودته كجامع يؤمه المصلون في كل صلاة، لكنهم لم يفرضوا ذلك عنوة، وإنما طالبوا بذلك في حشد مهيب لم يتكرر في محاولات سابقة، وانفضوا بعدها دون حاجة لتدخل الشرطة.
المبادرة أطلقها شباب تابعون لحزب السعادة الذي أسسه البروفيسور نجم الدين أربكان رحمه الله، وهي حظيت باهتمام إعلامي بالغ، وجدل بين مؤيد على طول الخط ومؤيد للمبادرة معارض لتوقيتها وبين معارضين لهذه الخطوة لأسباب أيديولوجية، بما نجم عنه شعور بأن الصلاة وإن جاءت عرضية وغير متكررة ولم تأت الدعوة إليها من حزب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان إلا أنها ستفتح عليه باب انتقادات من الداخل (الأحزاب العلمانية وقواها ومنظماتها وإعلامها)، ومن الخارج، خصوصاً من الجهات الكنسية بدعوى أن ذلك يحيي "ضغائن وأحقاد دينية"!
اللافت أن عدداً من وسائل الإعلام العربية تبنت تسمية "كاتدرائية أيا صوفيا" رغم زوالها منذ نحو خمسة قرون، وتجاهلت أن مسجداً قد حل محلها، وفضلت أن تعتبرها كاتدرائية، وتتجاوز حتى فكرة المتحف التي اختارها مصطفى كمال (أتاتورك) قبل 79 عاماً!
كذا كانت صحافة أوروبية تتحدث عن الشيء ذاته، والأهم أن حفيظة الغرب ثارت على نحو صليبي واضح لم يجد فيه فسحة للتجمل في صياغة بيان الاعتراض الرئيس على تلك الصلاة بالساحة لفترة وجيزة؛ فأبرز الاعتراضات كانت من المفوضية الأميركية للحرية الدينية في العالم، وهي هيئة استشارية شكلها الكونغرس من أعضاء بالحزبين الديمقراطي والجمهوري، والتي أصدرت بيانا قالت فيه إن "مثل هذا التحرك سيعرض وضع تركيا الدولي للخطر، وسيعيد إلى الأذهان إساءة معاملتها للمسيحيين خلال القرن الماضي"، معتبرة أن الإقدام على فتح أيا صوفيا "سيكون خطوة استفزازية من شأنها أن تُحدث انقساما"، داعية أردوغان إلى التأكيد على "استمرار وضع أيا صوفيا الحالي"!!
وكذا؛ فعل قادة الكنائس الأرثوذوكسية حول العالم؛ فالمسألة تتعلق برفض الغرب المسيحي وأذنابه في عالمنا العربي لرمزية استمرار معنى الفتح الإسلامي للقسطنطينية (اسطنبول) عموماً، ويتخذ بعداً "حضارياً" لا يريده الغرب، وهو التأكيد على إسلامية المكان بما يشي بأن الغرب لا يعترف بما حصل قبل خمسة قرون ونيف (561 عاماً تحديداً)؛ فيما يظل يطالب المسلمين بالقبول بحدود سايكس بيكو وغيرها من الإملاءات الغربية (الصليبية) التي لم يمض عليها أكثر من مائة عام.
بل إن الغرب حين يضغط على الأنظمة العربية فيما يخص المسجد الأقصى، يريد للشعوب المسلمة أن تهضم اغتصاب اليهود للمسجد الأقصى الذي لم يحتلوه إلا قبل 47 عاماً بالتمام!
الشباب المسلم لم يصل في المسجد بل بساحته، ولم يؤذن به، بل خارجه، ولم يكرر محاولته كل صلاة، وإنما يتخذ لها طابعاً موسمياً، وهو لا يصلي ـ إن فعل ـ في كنيسة بل في متحف مضى على ترخيصه ثمانين عاماً، ومن قبلها مسجد بلغ تاريخ بتعديلات بنائه على الكنيسة المشتراة ما يقرب من ستمائة عام، ومدينته قد فتحت "عنوة" وليس "صلحاً" واحتفظ الفاتح بكثير من معالمه ولم يطمسها كلية، واحتفظ باسم المكان، كما أن الصلاة فيه لن تمنع تجول السياح فيه مثلما يفعلون في الجامع الأزرق قبالته، وبالعكس؛ فإن إعادته كمسجد سيوفر على السياح تذكرة دخوله (نحو 14 دولاراً)..
وكذا؛ فعل قادة الكنائس الأرثوذوكسية حول العالم؛ فالمسألة تتعلق برفض الغرب المسيحي وأذنابه في عالمنا العربي لرمزية استمرار معنى الفتح الإسلامي للقسطنطينية (اسطنبول) عموماً، ويتخذ بعداً "حضارياً" لا يريده الغرب، وهو التأكيد على إسلامية المكان بما يشي بأن الغرب لا يعترف بما حصل قبل خمسة قرون ونيف (561 عاماً تحديداً)؛ فيما يظل يطالب المسلمين بالقبول بحدود سايكس بيكو وغيرها من الإملاءات الغربية (الصليبية) التي لم يمض عليها أكثر من مائة عام.
بل إن الغرب حين يضغط على الأنظمة العربية فيما يخص المسجد الأقصى، يريد للشعوب المسلمة أن تهضم اغتصاب اليهود للمسجد الأقصى الذي لم يحتلوه إلا قبل 47 عاماً بالتمام!
الشباب المسلم لم يصل في المسجد بل بساحته، ولم يؤذن به، بل خارجه، ولم يكرر محاولته كل صلاة، وإنما يتخذ لها طابعاً موسمياً، وهو لا يصلي ـ إن فعل ـ في كنيسة بل في متحف مضى على ترخيصه ثمانين عاماً، ومن قبلها مسجد بلغ تاريخ بتعديلات بنائه على الكنيسة المشتراة ما يقرب من ستمائة عام، ومدينته قد فتحت "عنوة" وليس "صلحاً" واحتفظ الفاتح بكثير من معالمه ولم يطمسها كلية، واحتفظ باسم المكان، كما أن الصلاة فيه لن تمنع تجول السياح فيه مثلما يفعلون في الجامع الأزرق قبالته، وبالعكس؛ فإن إعادته كمسجد سيوفر على السياح تذكرة دخوله (نحو 14 دولاراً)..
مع كل هذا، تأبى الروح الصليبية إلا أن تكشف عن ذاتها، وحتى عن أدواتها في بلداننا، لترفض أمراً هو من أعمال السيادة في بلد تتضاءل فيه "المسيحية"، وفي اسطنبول على وجه التحديد، ولا حاجة فيها لكاتدرائية بهذا الحجم، ومع هذا يقولون "لماذا مسجد ولديكم ثلاثة آلاف مسجد في المدينة"!!
أي روح صليبية تلك، وأي ازدواجية تحكم العالم حتى في أدق خصوصيات مسلميه وسيادتهم؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق