مواقف ترامب تؤكد حالة الارتباك والتهور، وليس القوة والإمساك بزمام المبادرة، فقرار إشعال فتيل الحرب بالمشاركة مع نتنياهو كان سهلا، ولكن قرار إنهائها ليس بيده، فالهدف المستحيل الذي وضعه الأمريكيون والإسرائيليون وهو "إزالة التهديد" هدف خيالي غير واقعي، وقد فشل في غزة منذ ما يقارب العامين، وسيصطدم بمقاومة فوق توقعات من قرروا الحرب.
لن يستطيع ترامب الدخول العلني في الحرب ضد إيران، ولن يغامر بتوجيه ضربة للإجهاز على ما تبقى من المشروع النووي الإيراني إلا إذا تأكد من استحالة الرد الإيراني وأخذ الضمانات أن لا تتعرض القواعد الأمريكية بالمنطقة للتدمير، وهذا غير ممكن إلا في حالتين:
1) تصدع النظام الإيراني من داخله، وحدوث انهيار أو انقلاب يطيح بقيادة المرشد الإيراني، وهذا ما تهدف إليه الخطة الإسرائيلية والتي يشارك فيها ترامب منذ البداية بالتصريحات والتهديدات، والتي بلغت ذروتها بالمطالبة الساذجة لسكان طهران بالهروب وإخلاء العاصمة والاستسلام الكامل بدون شروط، وهذا غير ممكن في ظل بنية النظام المتماسكة.
2) تنفيذ الضربة الشاملة والتخلص من القوة الصاروخية الإيرانية أو شل حركتها بالسيطرة الجوية الإسرائيلية والأمريكية وتدمير كل الدفاعات الإيرانية، وهذا يحتاج إلى استعدادات عسكرية ضخمة، وانتشار على الأرض، ووقت طويل، وتهيئة في الداخل الأمريكي وعلى المستوى العالمي؛ غير ممكنة في الوقت الحالي.
ليس أمام الإيرانيين غير القتال دفاعا عن وجودهم، فالمعركة أصبحت " أكون أو لا أكون" ولديهم الكثير من الأوراق القادرة على قلب اتجاه الحرب، وتؤكد مواقف القيادة الإيرانية أنها قوية ومتماسكة ولديها مفاجآت، وأنها لن تستسلم، وإذا كانت الردود في آخر ليلتين أقل مما قبلها فربما كانت هناك ترتيبات متعلقة بطبيعة المعركة.
ليس لدى ترامب الكثير ليقدمه، فهو أضعف من أن يدخل حربا ضد شعب في أرضه؛ بالتأكيد سيخسرها كما خسر أمام الحوثييين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق