انتفاضة عالمية في مواجهة نتنياهو وداعميه
يحكم إسرائيل اليوم تحالفٌ غير مسبوق، هو من أكثر التيارات تطرفًا ودموية في تاريخ هذا الكيان، يقوده بنيامين نتنياهو، الذي لم يكتفِ بجرائم الحرب اليومية ضد الشعب الفلسطيني، بل انطلق يهدد بإشعال حرب إقليمية شاملة من خلال اعتداء صريح على دولة ذات سيادة، هي إيران، وذلك برفقة سموتريتش وبن غفير، شريكيه في التطرف.
أعلن هذا التحالف الفاشي حربًا مفتوحة على كل ما تبقى من استقرار في المنطقة، تحت ذريعة "الدفاع عن النفس" وتدمير البرنامج النووي الإيراني.
هذا الهجوم -غير المشروع قانونًا ولا أخلاقًا- يكشف بوضوح وجه إسرائيل الحقيقي: كيان عدواني، لا يحترم القوانين الدولية، يضرب حيثما يشاء، ويجد في صمت العالم الغربي أمام القانون الدولي غطاءً دائمًا لإرهابه الرسمي. أما الرواية الإسرائيلية عن "الخطر الإيراني" فهي ليست سوى استمرار للأسطوانة المشروخة، التي تبرر بها تل أبيب كل اعتداء جديد.
الولايات المتحدة، ومعها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تدّعي أنها تدافع عن "النظام الدولي القائم على القوانين"، بينما تساند كيانًا يحتقر كل قانون دولي، من اتفاقيات جنيف إلى ميثاق الأمم المتحدة
إسرائيل: الدولة النووية التي ترفض الاعتراف
العالم كله يعلم أن إسرائيل تمتلك واحدة من كبرى الترسانات النووية في العالم، وأن مفاعل ديمونة في صحراء النقب هو مصنع سرّي لإنتاج السلاح النووي منذ خمسينيات القرن الماضي.
ومع ذلك، لم توقع إسرائيل يومًا على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT)، وترفض بشكل مطلق أي رقابة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية! فما هذه المهزلة إذن؟
كيف تجرؤ إسرائيل، التي تمتلك ما يقارب 80 إلى 90 رأسًا نوويًا (بحسب تقديرات فدرالية العلماء الأميركيين)، على اتهام إيران بالسعي لامتلاك سلاح نووي، في حين أن طهران ما زالت تحت رقابة الوكالة الدولية، وتوقّع على اتفاقيات التفتيش؟ الجواب واضح: لأن إسرائيل لا تخضع للقانون الدولي، بل تحتمي خلف جدار من الحصانة التي يوفرها لها الغرب، خصوصًا الولايات المتحدة الأميركية.
نفاق غربي سافر.. وازدواجية لا تُحتمل
ما يجري ليس مجرد تواطؤ سياسي، بل فضيحة أخلاقية بكل المقاييس؛ فالغرب الذي أقام الدنيا ولم يُقعدها حين أعلنت روسيا ضمّ القرم، أو حين قامت دول أخرى بتجارب نووية، يقف صامتًا أمام الاعتداءات الإسرائيلية، بل يباركها ويدعمها بالسلاح، وبالمال، وبالغطاء السياسي.
الولايات المتحدة، ومعها بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تدّعي أنها تدافع عن "النظام الدولي القائم على القوانين"، بينما تساند كيانًا يحتقر كل قانون دولي، من اتفاقيات جنيف إلى ميثاق الأمم المتحدة. فما معنى القانون إذن، إذا كان لا يُطبَّق إلا على الضعفاء؟
هذه الازدواجية في المعايير لم تعد خافية على أحد.. لم يعد ممكنًا أن يقنعونا بأنهم "حماة الديمقراطية" و"أنصار حقوق الإنسان"، وهم يرسلون يوميًا شحنات الذخيرة لقصف أطفال غزة، ويتحدثون عن "الدفاع المشروع" حين تمطر إسرائيل طهران بالصواريخ، ثم ينددون بأي رد فعل يصدر من محور المقاومة.
شعوب العالم بدأت تستفيق
لكن هذه المسرحية الغربية لم تعد تُقنع الشعوب.. في كل مدينة كبرى في أوروبا وأميركا، يخرج الآلاف -وأحيانًا الملايين- إلى الشوارع للتنديد بالسياسات الاستعمارية لإسرائيل، ولفضح نفاق حكوماتهم. من لندن إلى نيويورك، من مدريد إلى كيب تاون، من كوالالمبور إلى ساو باولو.. تنتشر موجة غضب شعبي لا سابق لها.
لقد أصبح المواطن العادي في الغرب يعرف أن ما يُعرض عليه في نشرات الأخبار هو نسخة مزيفة من الحقيقة؛ يعرف أن فلسطين محتلة، وأن إسرائيل دولة فصل عنصري، وأن إيران -رغم تحفظات البعض على نظامها- ليست هي من يحتل أو يقصف، بل هي من يُستهدف دائمًا بالعدوان.
هذا الوعي العالمي المتصاعد هو الأمل الحقيقي؛ لأن الحكومات -مهما كانت دموية- لا تستطيع أن تصمد أمام شعوب غاضبة يقظة، ومصمّمة على التغيير.
المطلوب الآن ليس فقط دعم المقاومة الفلسطينية أو التضامن مع إيران، بل إعلان واضح من كل أحرار العالم أن زمن الاستعمار الجديد قد انتهى.. أن من يمتلك السلاح النووي ويعتدي على الآخرين لا يمكن أن يُعتبر "ضحية"
نتنياهو.. والإبادة
في خطاباته المتكررة، يظهر نتنياهو كمن يعيش في وهمٍ مرضيّ! يتحدث عن "إبادة نظام طهران"، ويهدد بقصف منشآت نووية، ويتفاخر بتحالفاته مع اليمين المسيحي المتطرف في الغرب، ظنًا منه أنه فوق المساءلة، فوق المحاسبة، فوق الأخلاق.
هذا الشخص، الذي لا يخجل من استخدام لغة الإبادة، يذكّرنا بشكل مرعب بخطاب النازية في ثلاثينيات القرن الماضي.. لكنه ينسى أن هتلر أيضًا كان يعتقد أنه لا يُقهر، إلى أن انهار مشروعه أمام الحقيقة والتاريخ! نعم، نتنياهو هو هتلر هذا العصر، لكنه مهووس، يستقوي بجيوش الآخرين.. ومشروعه لن ينجح، لأن العالم بدأ يقول "كفى".
نحو انتفاضة عالمية من أجل العدالة
لسنا أمام صراع تقليدي بين دولتين؛ نحن أمام معركة تاريخية بين منطق القوة ومنطق الحق، بين مشروع صهيوني استيطاني مدعوم من الغرب، وبين شعوب تسعى إلى الحرية، والكرامة، والسيادة.
المطلوب الآن ليس فقط دعم المقاومة الفلسطينية أو التضامن مع إيران، بل إعلان واضح من كل أحرار العالم أن زمن الاستعمار الجديد قد انتهى.. أن من يمتلك السلاح النووي ويعتدي على الآخرين لا يمكن أن يُعتبر "ضحية"، أن من يقصف المدنيين لا يمكن أن يطالب بالأمن، أن من يهدم البيوت على رؤوس ساكنيها لا يحق له الحديث عن "الديمقراطية".
هذا المقال هو صرخة، لكنه أيضًا وعد.. وعد بأننا نحن -شعوب الجنوب والشمال- سنكسر حاجز الصمت، وسنُسقط أقنعة النفاق، وسنثبت أن الإنسانية أقوى من كل إمبراطورية ظالمة، مهما امتلكت من سلاح ونفوذ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق