حين تدخلت أمريكا.. كيف سترد إيران؟
إيران معنية بالحفاظ على نفسها كدولة قوية وعلى مشروعها الكبير والممتد في المنطقة، وهي تدرك أن الذهاب إلى معركة صفرية مع الولايات المتحدة سيكون مكلفًا وخطيرًا، لا عليها وحدها، بل على المنطقة بأسرها.
في المقابل، الولايات المتحدة أيضًا ليست معنية بحرب صفرية مع إيران، بل تريد دفعها إلى الإذعان، إلى التراجع، وليس شرطاً إسقاط النظام.
أما «إسرائيل» فغايتها أبعد وأخطر؛ تريد إسقاط النظام الإيراني نفسه، واستبدال نظام عميل يخدم مشروعها في المنطقة به، لكن إيران دولة تعرف ماذا تفعل، ليست مستعجلة ولديها نفس طويل، وليست غافلة عن طبيعة العدو الذي تواجهه، وقدراتها على التحمل والصمود أكبر مما يظنه الاحتلال «الإسرائيلي»، وأكبر مما تقدره واشنطن نفسها، إيران قادرة على الرد بشكل مؤلم، لكنها لا تريد خلق بيئة تدفع الولايات المتحدة لاستخدام أسلحة غير تقليدية أو شن ضربات مدمرة ومفاجئة ضدها.
تدير إيران معركتها بحسابات دقيقة، وبنفس طويل، حتى الآن، اختارت أن تركز ردها على الاحتلال «الإسرائيلي»، وستعمل على تكثيف هذا الرد تدريجياً، مع إبقاء باقي أوراقها الكبرى في يدها دون استخدام.
إيران لم تستخدم بعد كامل ما تملكه من خيارات، ومن أبرزها:
1- استهداف المصالح الأمريكية في المنطقة.
2- تهديد أمن الطاقة العالمي من خلال خيارات مثل مضيق هرمز أو باب المندب.
3- تفعيل جبهات الحلفاء: «حزب الله» في لبنان، والفصائل العراقية، والحوثيين.
4- استهداف المنشآت الحساسة داخل الكيان «الإسرائيلي»، مثل مفاعل ديمونا أو منشآت الأمونيا، وهي خيارات تعرف إيران جيدًا حجم تأثيرها المدمر.
رغم امتلاك هذه الأوراق، تبقى إيران ملتزمة بخيار الحرب الذكية وليس الحرب المفتوحة، إنها تدرك أن معركة بهذا الحجم ليست مجرد مواجهة مع جيش أو حكومة، بل هي صدام مع مشروع دولي ضخم تقوده الولايات المتحدة، مدعومًا بأوروبا، وتنفذه «إسرائيل».
الخطورة اليوم تكمن في عقلية نتنياهو المتطرفة، التي تدفع الجميع نحو حرب شاملة بلا سقف
تقف إيران اليوم بثقة، لم تنكسر، ولم تفقد توازنها، بل تخوض واحدة من أعقد المعارك السياسية والعسكرية في تاريخ المنطقة، وتمتلك القدرة على امتصاص الضربة، وتمتلك قدرة أكبر على الرد المتوازن، فالمعركة لم تنته، والصراع ما زال في بدايته، والزمان قد يكون في صالح من يحسن إدارة المعركة بأعصاب باردة وعقل إستراتيجي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق