الأربعاء، 18 يونيو 2025

«الشرق الأوسط» أمام اختبار الوجود

«الشرق الأوسط» أمام اختبار الوجود

إبراهيم المدهون




بعد السابع من أكتوبر، دخل الشرق الأوسط مرحلة جديدة لا تقبل العودة إلى الوراء، لم تعد «إسرائيل» كما كانت في السابق، ولم يعد الإقليم محكوماً بنفس المعادلات القديمة، من لم يتغير مع هذا الزلزال السياسي والعسكري سيدفع الثمن باهظًا، وربما يخرج نهائياً من معادلة التأثير.

«إسرائيل» اليوم أكثر تطرفًا ووحشية؛ لأنها تدرك أن لحظة الحقيقة قد وصلت، كل توازناتها القديمة اهتزت، وكل الضمانات التي اعتادت أن تحتمي بها أصبحت موضع شك، ولهذا لجأت إلى التصعيد المفتوح، محاولةً فرض معادلات جديدة على المنطقة تقوم على الإخضاع الكامل والهيمنة المطلقة.

إيران حينما ترددت في الدخول المباشر منذ بداية الحرب، كانت أمام فرصة أن تكون جزءًا من التحول الكبير منذ لحظاته الأولى، لكنها اختارت حساباتها الخاصة، اليوم تدخل إيران إلى المشهد العسكري بعد أن تمكن الاحتلال من التقاط أنفاسه وإعادة ترتيب خطوطه، تدخل في توقيت اختاره العدو، لا توقيت الفعل المفاجئ الذي كان يمكن أن يغير قواعد اللعبة بشكل جذري.

يُحسب لـ«كتائب القسام» ولقوى المقاومة في غزة أنهم اتخذوا قرار المبادرة، وكانوا يريدون للضربة أن تكون شاملة، جامعة لكل القوى المتضررة من المشروع الصهيوني؛ الضفة الغربية، لبنان، سورية، العراق، إيران، وربما الأردن، ضربة واحدة تنقل المنطقة إلى مرحلة جديدة بالكامل، لكن من اختار التردد أو التباطؤ وجد نفسه اليوم أمام استحقاقات أكبر وأكثر تعقيدًا.

العالم يتغير بشكل متسارع، من كان يملك خيار المبادرة بالأمس، قد يجد نفسه مجبرًا على الدخول في المواجهة غدًا بشروط أكثر صعوبة وكلفة أعلى.
  
الواقع يقول: إن المواجهة لن تتوقف عند إيران وحدها، «إسرائيل» الآن تعلن صراحة أنها تريد إخضاع الشرق الأوسط بأكمله، تريد من الجميع أن يقبلوا بقيادتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، هذه ليست معركة حدود أو ردع؛ بل مشروع هيمنة شاملة.





أمام القوى الكبرى في المنطقة؛ الخليج، مصر، العراق، الجزائر، تركيا.. وسواهم، خياران لا ثالث لهما: إما الانخراط في صياغة معادلة جديدة توازن هذا التوحش «الإسرائيلي» وتمنع فرض مشروع الاحتلال على المنطقة، أو القبول عملياً بالتبعية والخضوع التدريجي حتى يصبح الاحتلال شريكاً ورأس القرار الإقليمي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق