المخبرون
يُعتبر مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي (أف بي آي) أكبر جامع للمعلومات عن الناس في الولايات المتحدة، ويحتفظ على الدوام بشبكة قوامها أكثر من 1500 مخبر يعكفون على جمع المعلومات، وينشط أغلبهم في أوساط الجاليات المسلمة في الولايات المتحدة.
ويعمل هؤلاء المخبــرون بموجب تفويض مُنح لهم بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 للحؤول دون وقوع هجمات محتملة حتى قبل أن تبدأ، وذلك في إطار سياسة استباقية لمكافحة الإرهاب.
ولاكتشاف عناصر مولعة بارتكاب أعمال عنف في الولايات المتحدة، يعمد مكتب التحقيقات الفدرالي إلى تكليف مخبريه بالتظاهر على أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة أو إحدى الجماعات المنتسبة إليه، ثم يتيح لهم المجال حتى يتورطوا في مؤامرة.
عالم التجسس
فريق الجزيرة التقى ببعض من تجسسوا على الجاليات الإسلامية الأميركية، وتعقب ثلاثة مخبرين من هؤلاء ليصفوا طبيعة أن يعمل المرء مخبراً لمكتب التحقيقات الفدرالي.
ودرج مكتب "أف بي آي" على استخدام نفوذه لإرغام الناس للعمل كمخبرين. قلة هم من يعملون لصالحه طواعية. ربما تكون لعبة قذرة، وعملاء مكتب أف بي آي غالباً ما يعرضون على الشخص التساهل معه فيما يتعلق بالتهم الموجهة له إذا ما وافق على التعاون مع الحكومة.
وفي بعض الحالات يعرض عملاء أف بي آي على المخبر المحتمل مساعدته في قضايا الهجرة إذا أبدى رغبة في تزويدهم بمعلومات.
وهناك مخبرون كثر في مجال مكافحة الإرهاب يعملون لصالح أف بي آي طمعاً في خفض التهم الموجهة لهم التي تتراوح بين الاتجار بالمخدرات والعنف البدني المنزلي.
ومنذ الزيادة التي طرأت في صفوف استخبارات أف بي آي في السنوات العشر التي أعقبت هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وجد عتاة المجرمين لأنفسهم مكاناً في كشوفات رواتب الحكومة المخصصة لمكافحة الإرهاب، حيث إنه لمعظم هؤلاء المخبرين صحائف إجرامية تضم في ثناياها تهماً بارتكاب جرائم كبيرة كالاغتصاب والقتل.
اصنع إرهابيين
يقول ياسر فزاغا، وهو إمام مسجد مؤسسة مقاطعة أورانج الإسلامية، "إن القضية يمكن إيجازها فعلياً في حقيقة أنك إن كنت عاجزاً عن العثور على إرهابيين وسط الجالية المسلمة فلا مانع من أن تصنعهم. اصنع إرهابيين".
إن المخبرين غالباً ما يحتالون على ضحاياهم في عمليات سرية لمكافحة الإرهاب تعتمد اعتماداً كبيراً على قدرة المخبر أو العميل السري على إقامة علاقة ألفة مع الضحية المحتملة.
وفي بعض الأحيان يوظف مكتب التحقيقات الفدرالي محتالين متمرسين في أعمال النصب والاحتيال كمخبرين.
ولكن، هل أخطأ "أف بي آي" في تحديد مكامن الخطر الفعلي؟ ماذا لو أولى أحد الأجهزة الأمنية اهتمامه بمخبرين وانصرف عن إرهابيين حقيقيين مدربين وأدوا قسم البيعة انطلاقاً من إيمانهم العميق بفكرة الجهاد؟
يعتقد مكتب التحقيقات الفدرالي أن عملية الاحتيال التي يقودها مخبرون من أدوات مكافحة الإرهاب الهامة. لكن في العديد من تلك العمليات يلح سؤال مفاده: هل كان الشخص المستهدف بالعملية سيرتكب مخالفة ما على الإطلاق لولا أن مخبر أف بي آي أعانه على ذلك؟
الإرهاب الحقيقي
يقول مدير مركز الأمن القومي بمدرسة فوردهام للقانون كارين غرينبيرغ "في معظم تلك الحالات كان المستهدفون شباناً ويافعين عانوا في السابق من بعض المشكلات العقلية. القضية الفعلية هي ماذا بخصوص الإرهابيين الحقيقيين؟".
يغرر المخبرون بضحاياهم المحتملين بطرق متنوعة ومريبة. ونادراً ما يكون لأولئك الضحايا صلات بالخارج أو موارد اقتصادية ذات بال. وفي بعض الحالات لا يعاني هؤلاء من الإفلاس فحسب بل من أمراض عقلية كذلك.
غير أن القضية الفعلية -والحديث لغرينبيرغ- تكمن في سؤال مفاده "ماذا بشأن الإرهابيين الحقيقيين؟ ماذا لو ركزنا على مخبرين وكان هناك إرهابيون مدربون يؤمنون إيماناً عميقاً بالجهاد لكن مصادرنا لا تعيرهم اهتماماً؟ هذه هي المشكلة الفعلية في تقديري، فثمة قدر محدود من مصادر المعلومات وأناس تحدوهم رغبة حقيقية في إلحاق الضرر بنا. لا يتوجب علينا أن ننتظر لنعرف ما إذا كانوا ينشدون الإضرار بنا إذا سنحت لهم الفرصة. ليست هذه مجرد رؤية فلسفية بل نقد عملي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق