السبت، 16 ديسمبر 2017

"القدس" وقمة الضعف

"القدس" وقمة الضعف

لو لم تكن رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي في دورتها الحالية في تركيا ما انعقدت القمة بهذه السرعة ولا نتج عنها هذه القرارات التي أراها أضعف الإيمان.
د. محمد الصغير
سيبقى الأمل لأن اليأس قرين الكفر، قال الله تعالى: (وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).

أما قمة القدس التي عقدت مؤخرا في إسطنبول، والتي هي حيلة العاجز وجهد المقل، فلو لم تكن رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي في دورتها الحالية في تركيا ما انعقدت القمة بهذه السرعة ولا نتج عنها هذه القرارات التي أراها أضعف الإيمان. ويبدو أن المكايدة السياسية أهم عند البعض من القدس التي كانت قبلة المسلمين الأولى ومازالت قضيتهم الأولى؛ ظهر هذا في مستوى الحضور والتمثيل، في الوقت الذي قطع فيه رئيس فنزويلا البحار والقفار إيمانا فقط بعدالة القضية؛ رأينا مصر الشقيقة الكبرى ترسل وزير خارجيتها الذي خسر قضية مياه النيل، ولم يفلح إلا في الانتصار على ميكروفون قناة الجزيرة، ثم تلتها الشقيقة الأخرى، التي استطاعت أن تجمع في الرياض رؤساء أكثر من خمسين دولة إسلامية لمشاهدة رقصة ترمب، والتي عاد بعدها بما تعجز عن حمله بعران العرب من المال والذهب! أرسلت السعودية وزير الأوقاف، في تعبير لا يخلو من رمزية وهي أن القدس لا تعدو كونها أثرا من أوقاف المسلمين! ثم ردا على غياب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن قمة آل ترمب! أو ربما عاش من غاب لحظة صدق نادرة مع النفس: كيف أعترض اليوم وقد وافقت بالأمس؟

من الممكن
جاءت مخرجات القمة من دون قرارات حقيقية تلامس الواقع، ولا تغيير من صورة المشهد، كان من الممكن أن يعلن رئيس السلطة الفلسطينية وقف كافة أشكال التعاون والتنسيق مع سلطة الاحتلال، وإعلان توقف كل مهاترات الماضي المسماة بعملية السلام،التي استهلكت الوقت والجهد حتى أعلنت الدولة الراعية، أنها ذئب الغنم 

كان بوسع المجتمعين استدعاء سفرائهم من أمريكا للتشاور على الأقل، واستدعاء سفير ترمب وإخباره، بالرفض كما فعلت تونس والمغرب.

كان بوسع المجتمعين أن يطالبوا النظام المصري بفتح المعبر ورفع الحصار عن أهل غزة إذ كيف يستقيم في الأذهان أن من يمنع الدواء والطعام عن الجيران سيقف معهم في استعادة المقدسات وتحرير الأوطان؟

قمة الضعف
جاءت مخرجات قمة القدس قمة في الضعف متماهية مع العلاقات الدبلوماسية، والاتفاقيات الدولية، لكنها أفضل من الصمت أو الركون والتسليم أو الانضمام إلى معسكر الخونة والمطبعين؛ كان بوسعهم أن يعلنوا دعمهم لنضال الشعب الفلسطيني في مقاومة المحتل ومساندة الفصائل التي رفضت الخنوع والخضوع وسلكت مسلك المقاومة والمواجهة، لكن هذا هو السقف الذي يتحرك تحته الساسة فأين حركة العلماء وكلمتهم ولماذا لا يكون لهم مؤتمر جامع يتناسب مع جلال الحدث وفداحة الخطب، فإن وظيفتهم بيان الحق وإبقاء جذوته في نفوس الخلق؛ لأن ما أخذ بالدبابات لا يسترد بالمفاوضات، وإن عجزت الأمة عن فريضة الجهاد فيلزمها فريضة الإعداد

(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) وصراع الأمة مع عدوها، صراع وجود، وليست قضية حدود؛فقد أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم:لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود.

فلا تكونوا أقل من امرأة من الكرد كانت كلما حركت وليدها بين يديها قالت له يا محرر بيت المقدس أو إذا تأخر في اللعب قالت لا يليق هذا بمن ينتظره المسلمون لتحرير فلسطين، فرضع هذا مع اللبن ونذر نفسه لهذا الأمل حتى حقق المراد ولهج بالثناء عليه الحاضر والباد،إنه الناصر صلاح الدين الذي استعاد القدس بعد فراق دام تسعين عاما

فأحيوا الأمل ولا تستقلوا صغير العمل، فإن هذه الأمة كالغيث لا يدرى أوله خير أم آخره. (هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ۖ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ ۚ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاءُ ۚ وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق