الجمعة، 13 يونيو 2025

باريس في مواجهة أسطول الحرية

باريس في مواجهة أسطول الحرية 

محمد هنيد

لم يكن التصريح الصوتي الذي وجهته النائبة الأوروبية «ريما حسن» إلى الرئيس «ماكرون» من على متن مركب «مادلين» إلا تأكيداً على الدور المحوري الذي تلعبه فرنسا داخل الساحة الأوروبية فيما يتعلق بالملف الفلسطيني. وهو الدور الذي لا يزال يتفاعل مع التصريحات والتسريبات المتعاقبة حول إمكانية الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين.

من جهة ثانية عمّقت مبادرة «أسطول الحرية» التي شارك فيها الفرنسيون بشكل فاعل من خلال عدد المشاركين إلى جانب الناشطة البيئية «غيتا تولبيرغ» الأزمة السياسية بين أحزاب اليسار وعلى رأسهم «حزب فرنسا الأبية» ومختلف الطيف اليميني الذي يتضمن حزب ماكرون وحزب الجمهوريين وحزب التجمع الوطني المتطرف. فقد تحولت مبادرة أسطول الحرية إلى نقطة صراع بين حلفاء المشروع الصهيوني داخل معسكر اليمين وبين أنصار القضية الفلسطينية داخل معسكر اليسار. 

وهو الأمر الذي ساهم بشكل كبير في رفع شعبية المعسكر اليساري مع تصاعد نسق المذبحة في غزة وافتضاح الجرائم الصهيونية وبشاعة ما ارتكبته ميليشياتها هناك.

لقد تحولت القضية الفلسطينية وجريمة غزة إلى قطب الصراع السياسي داخل فرنسا بين اليمين واليسار وصارت تستقطب كل الخطاب السياسي والإعلامي بشكل جعل السلطة السياسية في موقف حرج أمام تغول اللوبي الصهيوني من جهة وعدالة القضية الفلسطينية من جهة ثانية. 

لكن الغائب الأكبر تقريبا عن هذا الصراع هو المكوّن العربي الإسلامي في فرنسا، فرغم عدد المسلمين والعرب الذي يتجاوز عدة ملايين فإنهم ظلوا كما كانوا دائما عاجزين عن تشكيل قوة ضغط سياسي واجتماعي مناصرة لقضاياهم.

في المقابل نجح اللوبي الصهيوني، رغم قلة عدد أعضائه وشعبيته، مقارنة بعدد المسلمين، في التأثير القوي على صاحب القرار الفرنسي والأوروبي بل ساهم بشكل كبير في الدفع نحو شيطنة العرب والمسلمين وفرض أجندة المهاجرين على القرار السياسي والإعلامي. 

لا يخفى على أحد اليوم دور هذا اللوبي في تأليب الرأي العام الفرنسي والأوروبي ضد العرب والمسلمين والدفع نحو شيطنتهم وتهميشهم وتصويرهم باعتبارهم تهديدا للجمهورية وللقيم الفرنسية.


إن الموقف من القضية الفلسطينية لا يقتصر على الموقف من الشعب الفلسطيني ومن آخر ملفات الاحتلال في العالم بل يتجاوزه في فرنسا إلى ملفات متعلقة به وعلى رأسها الموقف من العرب والمسلمين وقضاياهم بشكل عام. 

لذا فإنه يُطرح على العرب والمسلمين مراجعة موقعهم على الساحة السياسية الفرنسية وعلاقتهم بصناعة القرار والتأثير فيه بما يخدم قضاياهم دون أن يتعارض ذلك مع قيم الدولة التي يعيشون فيها ومع قوانينها وبنيتها الاجتماعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق