أسبوع الفزع والحرب النفسية
وائل قنديل
من الآن وحتى ٣٠ يونيو هيئ نفسك لاستقبال أحط منتجات آلة الحروب القذرة، من الحرب النفسية إلى الدعاية السوداء، مرورا بحرائق طائفية وتفجير لأزمات معيشية (لعبة الوقود تم استئنافها مرة أخرى بمنتهى النذالة) وإطلاق دوامات من العنف المجتمعى.
وبالتزامن مع الجريمة التى تنتمى إلى الجزء المعتم من أبشع عصور الجاهلية فى زاوية أبومسلم بالهرم عادت مرة أخرى أزمة البنزين بعد طول غياب، وبدأت مافيا الوقود فى استخدام سلاح (٩٥) جنبا إلى جنب مع فلول تهريب السولار وإلقائه فى المصارف والصحراء.
وفى هذه الأثناء تنشط ماكينة الدعاية السوداء فى ضخ كميات إضافية من الفزاعات والأخبار الملفقة التى تفضى فى نهاية المطاف إلى تقديم صورة مخيفة للمصريين عن غياب الدولة وذوبانها فى محيط هائل من حروب القبائل.
وفى السياق ذاته تعود مرة أخرى عمليات الإيهام والإيحاء الكذوب بصراع بين الجيش ورئيس الدولة وتدهشك هذه الجرأة فى التحدث باسم القوات المسلحة وترويج حكايات وحواديت على لسان تلك «المصادر العسكرية المسئولة» عن وجود خلافات وصدامات بين القوات المسلحة والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وكأن الجميع ذاهبون إلى الانتحار معا فى حرب قبلية بلا أى سقف أخلاقى أو إنسانى.
إن الساعات الماضية شهدت تكثيفا غير مسبوق لضربات تنتمى قلبا وقالبا إلى عصابات النظام القديم، بتداخل ملحوظ من جانب القوى الخارجية التى تبدو بصماتها واضحة تماما فى جريمة نحر أربعة أشخاص على مذبح الطائفية، ولا يمكن الفصل بين هذه البشاعة غير الإنسانية وبين ما يجرى فى مدينة صيدا اللبنانية، وقبلهما ما دار ويدور فى مناطق متفرقة من خارطة مصر سالت فيها دماء بسكين الهمجية فى الفيوم والمحلة الكبرى ودسوق، وكلها عمليات قتل على الهوية.
إذن فالرسالة واضحة للغاية ومضمونها أن جحافل الانتقام من مصر ما بعد ٢٥ يناير قررت الآن أن تلقى بورقة «اللبننة» و«العرقنة» فى الملعب المصرى لهدم المعبدو إحراقه على رءوس الجميع كوسيلة لإعادة ما أسقطه المصريون فى فبراير ٢٠١١ العظيم.
وعلى ضوء ذلك يمكن قراءة الرسالة التى وجهها القائد العام للقوات المسلحة أمس والتى اشتملت على ثلاث نقاط جوهرية هى عدم السماح بانهيار مؤسسات الدولة، ثم حماية الإرادة الشعبية، والحفاظ على الدم المصرى ضد مجموعات لا تخفى توجهها فى استخدام السلاح لإراقة الدماء المصرية.
وأزعم أن هذه الرسالة وصلت لمن يهمه الأمر وقد قرأها جيدا وفهمها، فيما بقى بعض المخدوعين والمخادعين من أهل الدعاية السوداء يقدمون شروحات وتفسيرات ظاهر فسادها لسطورها، لتوظيفها فى إطار تلك اللعبة الدنيئة لصناعة مشهد جزائرى قاتم فى مصر.
إن ما يلعب عليه بارونات الحرب النفسية هذه الساعات هو إغراق المواطن فى دوامات من الفزع والإحساس باللاجدوى، من خلال محاولة حشو رأسه بأنه لا يوجد نظام سياسى متماسك ولا توجد ملامح دولة مستقرة فى مصر، وفى ذلك يتم استخدام ضخ كثير من الشائعات والتخرصات على لسان مصادر مجهلة، بعضها يقال إنه «عسكرى مسئول» للأسف.
وأحسب أن على الدولة المصرية أن ترأف بأعصاب المصريين فى هذه الأيام الكئيبة وتوقف فوضى التصريحات المبهمة على ألسنة مصادر مختبئة، بأن يكون هناك متحدث واحد معلوم يخاطب المصريين، لحظة بلحظة بدلا من تركهم نهبا لمافيا الكذب والفزع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق