أهي معركة حلب وحدها؟!!
لم ينجح الضغط السعودي القوي في زحزحة فرنسا عن رهابها الطارئ بعد ديجول من البيت الأبيض، فهي تدرك أن الخط الأحمر الحقيقي لدى واشنطن هو تقديم أي سلاح فاعل أو حتى ذخائر كافية إلى الجيش السوري الحر بجميع فصائله، حتى من الذين استأنسهم الغرب من خلال أجهزة مخابرات "عربية" لطالما عملت ضد الثورة السورية من وراء ستار ظنته يحجب تآمرها على الشعب السوري، لكن السوريين كانوا أكثر ذكاء من أوهام الغرب وأدواته الإقليمية!!
فأقصى ما اجترأت باريس على بلوغه، كان إبلاغ البيت الأبيض تحذيراً من عدم استجابة المعارضة السورية لضغوط الغرب عليها كي تذهب إلى مسرحية جنيف2 ، حيث يجري تثبيت العصابة الأسدية في وراثة المزرعة السورية!! وهي بذلك تتخفى وراء المعارضة السورية لكي تبوح بموقفها بصورة غير مباشرة!!
لندن المنسجمة في رؤيتها لما يجري مع الموقف الفرنسي تصرفت بأسلوب أكثر مباشرة بحكم العلاقات التاريخية ووشائج القرابة العرقية والثقافية،فأوفدت وزير خارجيتها هيج ليخرج من لقاءاته الأمريكية،خالي الوفاض،إذ يتشبث الأمريكيون برفضهم الشديد لتمتع السوريين بحقهم الطبيعي في الدفاع عن أنفسهم.
فأوباما يرفض بجلافة رجاءات حلفائه الأوربيين الموافقة على تسليح الثوار السوريين بالرغم من تفشي الغزو الأجنبي الرافضي وسقوط القصير واستعدادات الحلف المجوسي لاسترجاع حلب من أيدي المجاهدين.
بالطبع لا يقف أولئك الحلفاء عند مخاريق العم سام عن إيران وكونها زاوية رئيسية في محور الشر ولا رعايتها للإرهاب ولا أداتها في لبنان حزب الشيطان المُدْرَج على قوائم الإرهاب الأمريكية الرسمية.
فالأوربيون أدرى بحقيقة العلاقات الخفية بين واشنطن وتل أبيب من جهة وملالي قم من جهة أخرى.
وهم يعلمون علم اليقين أن الضفة التي يقف عليها اليهود هي الضفة التي تفرض رؤيتها في أمريكا وروسيا وسائر القوى الكبرى.
وإذا غضوا بصرهم عن تأريخ تلك الوقائع المستمر بلا انقطاع، فيكفيهم ملاحظة قبول الكيان الصهيوني بأن تحل قوات روسية محل الكتيبة النمسوية التي انسحبت من قوة أندوف الدولية لمراقبة الهدوء المديد على جبهة عصابات الأسد وسادته محتلي الجولان!!
لكل ما سلف،فإن الجميع يتلاعبون بعقول البشر من خلال اختزالهم محنة الشعب السوري كلها في معركة حلب المتوقعة،حيث تحتشد قطعان النصيرية والرافضية لانتزاع العاصمة الاقتصادية لسوريا من أيدي الثوار.وهو تخوف باطل ويراد به باطل!
فالمهولون من أمر حلب –باستثناء السعودية وقطر وتركيا- لم ولن يقدموا شيئاً لمنع الكارثة الإنسانية الأكيدة إذا نجحت مؤامرة الملالي وصبيانهم هناك.فما فائدة التحذير إذاً غير التثبيط من عزيمة المقاتلين الأحرار؟
نحن لا نستهين بحلب موقعاً وحجماً وأثراً معنوياً وإستراتيجياً، معاذ الله. لكننا نسعى إلى فضح التجارة بمصير حلب وتصويره على أنه مصير الثورة السورية،بحسب رهان البيت الأبيض الذي تآمر منذ البداية على دماء الشعب السوري و"تفنن" في نفاقه لتمرير الفُرَص القاتلة التي تم منحها لنيرون الشام منذ مهازل المبادرات العربية فالأممية من كوفي أنان البائس إلى الإبراهيمي الشد بؤساً وقبحاً، في موازاة انتقال المجرم الدموي من رصاص القنص إلى الدبابات فالمدافع فالطائرات فالصواريخ فالسلاح الكيميائي فاستجلاب خنازير الرافضة من أنحاء الأرض!!
إلا أن رهانات الصهاينة والصليبيين والصفويين خابت على صخرة الثبات السوري المدهش بكل المقاييس.وظنونهم سوف تخيب في رهانهم على هزيمة السوريين إذا استعادت عصابات الكفرة الفجرة مدينة حلب-لا قدر الله-. فالسوريون دفعوا ثمناً أكبر مما دفعه أي شعب في التاريخ، بالرغم من شح العون وندرة النصير فلن يخنعوا بعد تضحياتهم الهائلة.
وبما أن الغرب بماديته لا يقيم وزناً لعالَم الغيب وأن النصر من عند الله وحده،فليتنبهوا إلى مسألة واقعية محسوسة، هي أن صلف العدو وجهره بأحقاده الطائفية،بدأ يثير حمية المسلمين في كل مكان، وهؤلاء لن يَدَعوا إخوانهم يواجهون وحدهم محرقة يحميها الكفار جميعاً.
صحيح أن استخبارات الغرب مرتاحة إلى أن الحكومات في ديار المسلمين ستعرقل بكل طاقتها نخوة شعوبها لنجدة أشقائهم السوريين،لكننا نتوقع أن الغضبة سوف تجرف سائر القيود والسدود.
وكثير من الحكومات سترضخ لإرادة شعوبها وبعضها ربما يوظف هذه الفرصة ليدافع عن أمنه الوطني الذي تهدده أطماع طهران المدعومة من اليهود والصليبيين في غرب الأرض وشرقها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق