مدرسة الأمريكتين لتدريب السفاحين [1]
محمد يوسف عدس
في مدينة سراييفو عاصمة البوسنة في يوم 6إبريل2010 بمناسبة عيد استقلالها قُدّم عمدة المدينة إلى رويْ جوتمان Roy Gutman جائزة مجلس المدينة مع مفتاح مدينة سراييفو التاريخي .. ذلك لأن هذا الكاتب والصحفي الأمريكي الحر كان أول رجل في العالم يكتشف معسكرات الصرب لتعذيب وإبادة المسلمين البوسنويين؛ فنبه بذلك الرأي العام الأمريكي والعالمي إلى هذه المجزرة الدائرة بعيدا عن أعين البشر، وطارت صور هذه المعسكرات لتملأ الصفحات الأولى في صحف العالم .. ورأى الناس لذهولهم المعتقلين المسلمين خلف الأسلاك الشائكة، هياكل عظمية، لا تسترها إلا أسمال بالية، وقد خط الجوع والأمراض على وجوههم وأبدانهم آ ثارا جعلته أقرب إلى الموتى أو الأشباح...
(1)
ليس هذا هو موضوع المقالة على كل حال، ولا هو جوتمان الذي أردت أن أستشهد بكتاباته في موضوع هذه المقالة؛ فقد تبين لي أن المسألة لا تعدو أن تكون مجرد تشابه في الأسماء؛ فالرجل الذي عرض لحقيقة مدرسة السّفاحين، وكشف اللثام عن مهمتها الإجرامية في العالم، وعلى الأخص في بلاد أمريكا اللاتينية هو دبليو. إى. جوتمان W.E. gutman، قرأت له مرة مقالة عن نتنياهو، وحديثا آخر ألقاه في جامعة إسرائيلية، تميز بجرأته، يتنبأ فيه بأنه لا أمل في حل للقضية الفلسطينية ، على يد هذا الرجل الصهيوني المتعصب ضد العرب، الذي سيخذل كل آمال أوباما، وينسف كل وعوده المتواضعة لا في السلام فحسب، ولكن حتى في مجرد التهدئة المؤقتة ..!
والعجيب في الأمر هو أن هذا الكاتب الأمريكي يتحدث من واقع صداقته لإسرائيل، وهو نفسه كان يعمل لفترة من الوقت متحدّثًا صحفيا للقنصلية الإسرائيلية في نيويورك، والأدهى من ذلك أنه كان عضوا سابقا في عدد من المحافل الماسونية بالولايات المتحدة .. حيث يعتبرون هذه العضوية شرفا لا يرقى إليه إلا كبار المفكرين ، ولعل هذا يفسّر لنا في العالم الثالث عموما والعرب منهم أن من أبرز المؤهلات للوصول إلى المراكز العليا كمركز الوزارة مثلا أن يحتوى ملف المرشح على تقرير أمني يؤكد انتسابه إلى محفل ماسوني معتبر...!
ولكن ما هو سرّ اهتمامي بمدرسة السفاحين الأمريكية...؟!
أولا: قرأت مؤخرا مقالا مطولا لصديق عزيز هو الدكتور محمد عباس عن عمليات التعذيب والترويع والتدمير المادّي والمعنوي لمواطنين أبرياء على يد الشرطة.. يبدو فيها أن الكاتب يعبر عن اندهاش شديد وواضح لهذه القسوة المروّعة.
ثانيا: أنني عانيت من هذه الدهشة من قبل ، وحاولت البحث عن إجابة مقنعة لما أثاره الموضوع عندي من تساؤلات، وكانت نتيجة دراستي أنني كتبت عددا من المقالات نُشرت في مواقع مختلفة منذ بضعة أعوام منها: تفكيك الشخصية، والفاشية الناعمة، وظاهرة جنجريتش في السياسة الأمريكية وغيرها ...
ولكن هذه المقالات كانت مبنية على دراسات لعلماء النفس الاجتماعي يغلب عليها الجانب النظري، مع إنها لم تخلُ من أمثلة عملية قويّة الدلالة...
(2)
أما هذه المقالة فتتناول تحقيقا ميدانيا لخبير معنيّ بشئون هذه المدرسة ، وقد استطاع جمع حقائق لا حصر لها في مجال التطبيق العملي، بينما كان يعيش ويكتب تقارير في جولات طويلة بأنحاء دول أمريكا الجنوبية كمراسل دبلوماسي، يقول جوتمان: "التخلص من شخص ما أمر سهل، أما تحطيم آمال الشعوب فيحتاج إلى جهود أكبر... لكنك تستطيع أن تقول واثقا بأن بعضا من الناس سيتطوّع للقيام بالعمل القذر مقابل مغريات ثلاثة: المال والجاه والسلطة... وعندما تفشل الأساليب الاعتيادية فيمكن الاعتماد على مدرسة الأمريكتين"؛ هكذا يبدأ جوتمانمقالته فيتساءل: "مَنْ مِنْ دول العالم أكثر من أمريكا تملك قوات عسكرية ومالية وتنظيمية وإعلامية هائلة..؟! وتملك خبرات تآمرية طويلة قائمة على العلم والتكنولوجيا الحديثة..؟!
من مثل أمريكا له مصالح هائلة متغلغلة في كل أنحاء العالم، وعينها على ثروات الدنيا تسعى لنهبها من كل بلد..؟! [أمريكا ليس لها أصدقاء، فهذه مجرّد خرافة شاعت وذاعت في وسائل الإعلام] ... أمريكا تبحث دائما عن رعاع ومجرمين عُتاة من أبناء هذه البلاد لتصنع منهم السلاح القاتل الذي تقتل به آمال شعوبهم ...! وتقطع بهم ألْسنة مواطنيهم فتخرسهم حتى لا يجرؤ أحد على المطالبة بحقه في ثروة بلاده ...؟!... ثم تبدأ أمريكا بالرموت كنترول عملياتها للامتصاص من بعيد، ودون أن تلطخ يدها مباشرة بالدم إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك..
هذا البحث الأمريكي عن الأراذل من أبناء كل شعب وصقلهم وتجهيزهم للقيام بأدوارهم المستقبلية اتخذ أكثر أشكاله تنظيماً وصراحة في مؤسسة بشعة السمعة هي"مدرسة الأمريكتين".. صمّمتها وزارة الدفاع الأمريكية لتحقيق هدف أساسي هو صناعة كوادر عسكرية وإرهابية عالية الكفاءة لتضيفها إلى الحثالات الأخلاقية من أصدقائها المزعومين في دول أميركا الجنوبية والوسطى، ومن ثم استعمالها لإحكام السيطرة الأمريكية على القارة بأسرها..
(3)
يقول جوتمان: "الطلاب في هذه المدرسة لا يتعلمون كيفية الدفاع عن أوطانهم، بل إشعال الحرب ضد مواطنيهم.. يتعلمون فنون تشويه الحقائق، وإخراس الشعراء والكتاب والصحفيين، وترويض المفكرين، وإسكات الناشطين، وعرقلة النقابات، وتكميم أصوات الاعتراض والاحتجاج، وتحييد الفقراء والجائعين والمنبوذين.. وإطفاء أحلام العامة حتى في مجرد مسكن آمن يأويهم مع أسرهم وأبنائهم تحت سقف واحد .. وإغراق حقول الوفرة بدموع المجتمع المقيد الجائع المقهور الذي يئن تحت وطأة الفقر والغلاء والأمراض.. وتحويل المحتجّين إلى عملاء مطيعين للنظام الدكتاتوري المستبد..."
أُسِّسَتْ مدرسة الأمريكتين في بنما عام 1946 بعد الحرب العالمية الثانية بعام واحد، ثم تم نقلها إلى "حصن بينينج" في الولايات المتحدة بعد عامين، عندما طردها الرئيس البنمي ووصفها بأنها "أكبر قاعدة لإثارة القلاقل في أميركا اللاتينية ..ومنذ تأسيسها حتى سنة 1955كان قد تخرج منها ما يزيد عن 60 ألف عسكري من دول أميركا اللاتينية..
(4)
اشتهر العديد من خريجي مدرسة الأمريكتين بأعمال الإرهاب والاغتيالات السياسية، مثل ما حدث عام 1989 عندما دخلت مجموعة من الجيش السلفادوري
إلى "الجامعة الأمريكية المركزية"Universidad Centroamericana) واغتالت ستة من القساوسة ومديرة منزلهم وابنتها، وقد تبين أن 19 من العسكر الـ 27 المشتركين في المذبحة كانوا من خريجي مدرسة الأمريكتين، حسب تقرير لجنة كشف الحقائق التابعة للأمم المتحدة .. ومنذ ذلك الحين يقوم الناشطون الأمريكيون الأحرار المطالبون بإغلاق المدرسة بالتظاهر سنوياً من أجل لفت الأنظار إلى معهد تفريخ الإرهاب هذا، ولكن بلا جدوى...
لم تكن تلك هي المذبحة الوحيدة لهم ولا حتى أكبرها، فقد كان خريجو المدرسة يشكلون حوالي ثلاثة أرباع الضباط السلفادوريين المتورطين في سبع مذابح أخرى خلال الحرب الأهلية في السلفادور، ومنها اغتيال القس الأكبر اوسكار روميرو... وفي كولومبيا وُجد أنه من الـ 246 ضابطاً الذين ارتكبوا جرائم مختلفة وفق محكمة دولية لحقوق الإنسان عام 1992، كانت حصة المدرسة 105 ضابطا .. وكان أكبر ثلاثة ضباط من المساهمين في انقلاب رئيس جواتيمالا السابق سيرانو عام 1993 من خريجي تلك المدرسة أيضاً، منهم وزير الدفاع السابق هوسيه دومينكو جارسيا ورئيس موظفي الرئاسة سيئ الصيت لويس فرانسيسكو اوريتجا ، و كان قد تدرب على نشاطات الأمن العسكري عام 1976 فيها.
ومن الأسماء الشهيرة من خريجي المدرسة أيضاً كان وزير الدفاع الجنرال ماريو إينريك ورئيس البرلمان الجنرال هوسيه إفرين ريوس مونت، والذي حكم جواتيمالا عامي 1982 إلى 1983، واشتهر بسياسة "الفاصوليا أو الرصاص": [الفاصوليا للمطيعين والرصاص للمتمرّدين]
(5)
ويواصل جوتمان سرد أسماء مجرمي هندوراس من خريجي المدرسة .. ويبين لنا كيف سميت بـاسم "مدرسة الدكتاتوريين" أو السفاحين.. وذلك لتخريجها ضباطا تمكنوا من الاستيلاء على السلطة بمساعدة المخابرات الأمريكية .. استولى كل منهم على السلطة بعد الإطاحة بحكومة مدنية منتخبة بصورة ديمقراطية في بلاده..
ويمضى جوتمان في سرد أسمائهم واحدا واحدا، فيذكر منهم مثلا: الرئيس هوجو بانزر سواريز الذي حكم بوليفيا بالحديد والنار، وسحق المعارضة وعمال المناجم بقسوة وحشية.. ويذكر روبرتو دوبوسيون، قائد إحدى فرق الموت السلفادورية والمخطط لاغتيال القس الأكبر روميرو.. والذي اتهم بالمشاركة في مذبحة "الموزوت" التي راح ضحيتها تسعمائة من الرجال والنساء والأطفال.
كان نورييجا من أول أمره شخصاً مؤهلا للتلمذة في مدرسة الأمريكتين .. فقد بدأ حياته السياسية جاسوسا لحساب الـ سى آي إي على الطلبة اليساريين من رفاقه في أحد التنظيمات.. ويذكر دبليو إي توجمان أسماء رؤساء آخرين ارتبطت أسماؤهم بالفساد والاستبداد وتجارة المخدرات، كان اسم واحد منهم لا يزال مسجلا في قائمة الشرف بمدرسة السفاحين حتى عام 1988! ... ويُذكر أنه في جواتيمالا التي يبلغ تعداد سكانها10 ملايين نسمة كان لشعب المايا من سكان البلاد الأصليين حصة الأسد من المعاناة، حيث قُتل منهم خلال 30 عاماً في الحرب الأهلية ما يزيد عن 200 ألف مواطن.. وكان معظم الجنرالات الذين شاركوا في الانقلابات الدموية وأعمال الإرهاب خلال تلك الفترة، من أولئك الذين تدربوا في مدرسة الأمريكتين...!
استجابة للضغوط المتزايدة لإغلاق المدرسة سيئة السمعة، قام الكونجرس بحركة التفافية لإنقاذ المدرسة فقد صوّت عام 2000 على إغلاقها ثم إعادة فتحها في عام 2001 باسم أخر هو "معهد نصف الكرة الغربي للتعاون الأمني" .. واشترط أن يضاف إلى منهج الدراسة فيها دروساً عن حقوق الإنسان لا يقل مجموعها عن 8 ساعات...! وذلك للتمويه أو ذرّ الرماد في العيون .. وقد وصف الناشط بورجوا، أحد مؤسسي منظمة (رقابة أميركا) هذه المحاولة بأنها: أشبه بإلصاق ورقة كتب عليها (بنسلين) على قنينة للسم".
(6)
ومنها مانويل نورييجا دكتاتور بنما السابق المشهور.. الذي كان يحكم ويدير تجارة المخدرات بالتعاون مع إدارة ريجان عندما كان بوش الأب مديرا للمخابرات المركزية، حتى اضطرت الإدارة الأمريكية للتخلي عنه والانقلاب عليه بعد افتضاح أمره أكثر مما يجب.. وأصدر الكونجرس قانوناً ضده رغم اعتراض الإدارة، وحين لم تجد الإدارة الأمريكية طريقاً لإنقاذه (وكان يفاوضها على ذلك مقابل اغتيال مسئولي الساندينست في نيكاراجوا) هاجمت القوات الأمريكية بنما ... وفي النهاية سلم نورييجا نفسه حيث حُكم عليه بالسجن لمدة أربعين عاماً بتهم تتعلق بتجارة المخدرات!..مدة سجن مبالغ في طولها حتى يموت في السجن قبل أن يُتاح له فرصة من الزمن للحديث عن شركائه في تهريب المخدرات من كبار رجال الإدارة الأمريكية ..
(7)
يحاول اليوم بعض المعتدلين استبدال القواعد العسكرية الأمريكية في العراق مع الاكتفاء بتدريب القوات العراقية من جيش وشرطة في هذه المدرسة تحت اسمها الجديد، .. وهكذا مازال "معمل تفريخ الدكتاتوريات والسفاحين" يستقبل أسوأ إفرازات مجتمعاتنا العربية، ليعيدهم إلى بلادهم مرة أخرى وقد تسلحوا بالمعرفة اللازمة والتدريب المناسب لخنق أي تطلع في بلادنا التعيسة نحو الحرية أو الديمقراطية، مما لا يتناسب مع أنشطة ومصالح الشركات الكبرى، والتكتلات الاحتكارية الأمريكية وطموحاتها، التي تتركز في: السيطرة على العالم، ونهب ثرواته وموارده .. وتجريد الشعوب من كرامتها وإنسانيتها وأخلاقها الدينيِة .. وكل ما تعتز به في تقويم هويّتها... ولك أن تفهم لماذا لا يستطيع أوباما ولا أي رئيس أمريكي آخر أن يقدم على إغلاق مدرسة السفاحين..؟! لو كان قادرا لاستطاع إغلاق معسكر التعذيب في جوانتنامو، بعد أن وعد وأكد أنه سيغلقه... لماذا لم يفعل..؟ لأن مثل هذا الأمر ليس بيده .. ليس من اختصاصه ولا من اختصاص أجهزة دولته كلها .. الأمر بيد من يسيطر على التكتلات الاحتكارية.. ومدرسة السفاحين جزء من آليات هذه المؤسسة الكونية ..
(8)
ثم اعلم أنه [فيما يخصّنا هنا على الأقل]ستجد إن خبراء التدريب في هذه المدرسة يركزون هناك على تدريب ما يسمّونهم ب[المدرِّبين]، أي الذين سيقومون بعد ذلك بتدريب غيرهم .. وهكذا يمتدّ تأثير أفكار هذه المدرسة الجهنمية إلى أوسع نطاق .. ولتشمل أعدادا من البشر أكبر مما تتصوّر .. إنهم يغسلون عقولهم وينفثون في أرواحهم كراهية عميقة لتراث شعوبهم الثقافيّ، وعلى الأخص احتقار رجال الدين وكراهيتهم.. ويعلّمونهم أن الإرهاب نابع من القرآن نفسه.. ويستشهدون على ذلك بالآية القرآنية: { وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل، ترهبون به عدوّ الله وعدوّكمْ} ثم يضيفون:
عليكم أن تفهموا وتتنبّهوا.. فأنتم أعداء هؤلاء المتشددين الإرهابيين .. فإذا سمحتم لهم باستلام السلطة أو الاقتراب منها فستكونون أول ضحاياهم ... [ لا حظ أن لديهم من أبناء جلدتنا عدد من خبراء اللغة والثقافة الدينية يعملون كمستشارين يتقاضون رواتب هائلة .. ويقدّمون لهم النصائح القاتلة .. ولست أستبعد أن الأستاذ الأزهري الذي أعلن عن تنصّره.. ثم هرب إلى أمريكا قد وصل الآن واستقر في مدرسة السفاحين]....!
(9)
لعل فيما ذكرت آنفا ما يلقى الضوء على بعض الجوانب الغامضة في سلوك رجال الأمن مع الشيوخ الأفاضل .. لعله يفسر بعض الظواهر الغريبة التي بدأت تتمدّد على صدر مجتمعاتنا .. من هذا: الأسرة المسلمة في العريش التي لجأت إلى الكنيسة بعد أن يئست في محاولاتها إنقاذ ابنها البريء المحتجز لدى رجال الأمن.. بعد أن يئست كل محاولاتها في استنفار المشايخ والسياسيين والمحافظ... ثم كيف استقبلها رجل الأمن وهى في حماية القسيس بالترحاب والابتسام .. والتحية بالمشروبات الساخنة والباردة.. ثم أطلق سراح ابنها تكريما لمقدم القسيس المبارك... أليست هذه دعوة صريحة لتيئيس المسلمين من دينهم وتوجيه نظرهم إلى دين آخر تتحقق به المصالح وتنحل به المشاكل والمآسي ...؟؟ إذا كان الأمر غير ذلك فدلوني عليه مشكورين..!
قل لي يا صديقي الكاتب الألمعيّ الأستاذ جمال سلطان، فأنت الذي أثرت موضوع لجوء الأسرة المسلمة للكنيسة في العريش .. هل لديك تفسير آخر ..؟! إذا لم يكن لديك فانظر إلى هذا الجانب للقضية نفسها .. يرصده مركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا العنف.. إنه فيما يذكر صديق آخر وكاتب شجاع هو الدكتور محمد عباس في مقالة له يقول فيها: يرصد المركز كيف يعامل ضابط الأمن المهذب الرقيق مع الكهان والقساوسة وكيف ينقلب على رأسه في التعامل مع الشيوخ... يسرد المركز وقائع تعذيب أحد شيوخ المساجد... ويروي حكاية علقة ساخنة لإمام مسجد داخل أمن الدولة بالعريش بعد خطبة له عن رعاية اليتيم . وقد نشرت صحيفة "المصريون بعض التفاصيل: حيث تم استدعاء الشيخ محمد عبد الحميد بعد إلقائه خطبة الجمعة المذكورة بالعريش وانهال ضابط مباحث أمن الدولة عليه بالسب والشتم وسب الأم والأب ثم قام الضابط محمد رضا بضرب الشيخ على وجهه وعلى صدره ضربا مبرحا وهدده بالاعتقال إذا رآه مرة ثانية في مكتبه ..[الحقيقة أنني لم أفهم من تفاصيل الجريدة ولا من كلام الدكتور محمد عباس لماذا يعاقب شيخ على حديثه عن الأيتام..!]
ونتابع الخبر: حيث يشير إلى أن الضابط نفسه قد قام باستدعاء الشيخ المثالي بالمحافظة وإمام وخطيب مسجد أبو هريرة بالعريش الشيخ عبد الله القطب وقام بسبه وشتمه بأفظع الألفاظ الجارحة وشتم الأب والأم ، وقام بتهديده بتلفيق قضية أموال عامة واعتقاله وصعقه بالكهرباء وتعذيبه ، وتتطاول على أئمة المساجد كلهم بالجملة بأفظع الألفاظ.
وقام الشيخ محمد عبد الحميد والشيخ عبد الله القطب بتقديم بلاغ إلى المحامي العام بنيابة شمال سيناء وتم تحويل البلاغ إلى النيابة ...[أيضا هنا لم أفهم ما هي المشكلة.. أم أن المسألة مجرد استعراض عضلات حتى يفهم الجميع من هو صاحب السلطان.. وأنه لا سبيل للحياة إلا بالخضوع التام والالتزام بالأوامر بلا فهم ولا مناقشة..!! أيّ جهنم هذه التي يعيشها الناس..؟! وهل نشهد اليوم آخر ثمار المنظومة السياسة وقد نضجت وتعفنت، وأصبحت في طريقها إلى التحلّل والانهيار...!هل هذه خلاصة ما تبقى في قاع هذه المنظومة من قاذورات... قبل إن تذبل وتموت...! ]
(10)
تعجّب الشيخ قطب من موقف مدير عام أوقاف شمال سيناء الذي يقف موقفاً متخاذلاً أمام ما يتعرض له الأئمة من انتهاكات وإهانات من الأمن، وقال إننا أرسلنا فاكسات عاجلة لكل من وزير الداخلية ووزير الأوقاف وشيخ الأزهر ومحافظ شمال سيناء لإطلاعهم على ما نتعرض له على يد رجال الأمن... يا شيخ قطب الله وحده هو الوليّ وهو الملاذ وهو مالك الملك، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير.. أعرف أنك لست بحاجة إلى موعظتي..إنها مجرد تذكرة .. ولكن إذا أردت أن تعرف في أي عالم نعيش اليوم فاقرأ هذا المقال... ولله الأمر من قبل ومن بعد