الإسلام والغرب
د.عبدالوهاب المسيري -رحمه الله-
وفي محاولة الإجابة عن هذا السؤال يقولون إن المسلمين يحقدون على الغرب بسبب الاستقرار السياسي والتقدم التكنولوجي والاقتصادي اللذين يتمتع بهما، وإنهم وقعوا أسرى الماضي بدلاً من بذل الجهد اللازم ليلحقوا بركب الحداثة والتقدم، ولذا أخفقوا في تحديث مجتمعاتهم، الأمر الذي يزيد من عدائهم للغرب.
وفي المقابل يحاول بعض المسلمين تفسير العداء الغربي بالقول إن اللوبي الصهيوني -وأحيانا اليهودية العالمية- هي التي تحرض الغرب ضدنا. وهناك من يرى أن الغرب لا يزال صليبياً يحاول تحطيم الإسلام وإذلال المسلمين وربما تنصيرهم.
وقد يكون هناك شيء من الصحة في كل هذه العناصر، ولكنها قاصرة عن تفسير ظاهرة في شمول وعمق التوتر المتصاعد في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي.
ويمكن القول إن ثمة عناصر يمكن أن تؤدي إلى توتر العلاقة بين الإسلام والغرب، لكنها في الوقت ذاته يمكن أن تشكل أساساً للتفاهم والتعاون.
فالتشكيل الحضاري الإسلامي مجاور للتشكيل الحضاري الغربي (المسيحي)، وعبر التاريخ كان اتساع رقعة العالم الإسلامي يتم على حساب التشكيل الحضاري الغربي المسيحي، والعكس صحيح. فقد اتسعت رقعت العالم الغربي (ابتداءً من القرن السادس عشر) على حساب العالم الإسلامي.
ويُلاحظ تشابه العقيدتين الإسلامية والمسيحية في كثير من الوجوه. فالعقيدتان تشتركان في الإيمان بإله متجاوز للطبيعة والتاريخ، وليس مقصوراً على شعب بعينه أو أرض بعينها.
وقد أرسل لنا كتباً سماوية تهدينا سواء السبيل وتحوي منظومات أخلاقية متشابهة في كثير من الوجوه.
ولكن من المفارقات أن نقاط التشابه هذه قد تشكل مصدر توتر، لأن البعض في العالم الغربي يجد صعوبة في تصنيف الإسلام كعقيدة مستقلة لها رؤيتها المستقلة للكون، ويصنفه على أنه مجرد هرطقة مسيحية وانحراف عن الجوهر الديني الصحيح، أي المسيحية! ويفعل بعض المسلمين الشيء نفسه، إذ يصنفون الإنجيل على أنه كتاب مقدس محرف، وأن الإسلام هو الدين الصحيح. "التشابه في الرؤية والمنظومات الأخلاقية يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف رقعة المشترك وتوسيعها، كما يمكن أن يشكل أساساً لإبرام عقد اجتماعي دولي يتم بمقتضاه تنظيم العلاقة بين العالمين الغربي والإسلامي "
وقد يكون هناك شيء من الصحة في كل هذه العناصر، ولكنها قاصرة عن تفسير ظاهرة في شمول وعمق التوتر المتصاعد في العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي.
ويمكن القول إن ثمة عناصر يمكن أن تؤدي إلى توتر العلاقة بين الإسلام والغرب، لكنها في الوقت ذاته يمكن أن تشكل أساساً للتفاهم والتعاون.
فالتشكيل الحضاري الإسلامي مجاور للتشكيل الحضاري الغربي (المسيحي)، وعبر التاريخ كان اتساع رقعة العالم الإسلامي يتم على حساب التشكيل الحضاري الغربي المسيحي، والعكس صحيح. فقد اتسعت رقعت العالم الغربي (ابتداءً من القرن السادس عشر) على حساب العالم الإسلامي.
ويُلاحظ تشابه العقيدتين الإسلامية والمسيحية في كثير من الوجوه. فالعقيدتان تشتركان في الإيمان بإله متجاوز للطبيعة والتاريخ، وليس مقصوراً على شعب بعينه أو أرض بعينها.
وقد أرسل لنا كتباً سماوية تهدينا سواء السبيل وتحوي منظومات أخلاقية متشابهة في كثير من الوجوه.
ولكن من المفارقات أن نقاط التشابه هذه قد تشكل مصدر توتر، لأن البعض في العالم الغربي يجد صعوبة في تصنيف الإسلام كعقيدة مستقلة لها رؤيتها المستقلة للكون، ويصنفه على أنه مجرد هرطقة مسيحية وانحراف عن الجوهر الديني الصحيح، أي المسيحية! ويفعل بعض المسلمين الشيء نفسه، إذ يصنفون الإنجيل على أنه كتاب مقدس محرف، وأن الإسلام هو الدين الصحيح. "التشابه في الرؤية والمنظومات الأخلاقية يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف رقعة المشترك وتوسيعها، كما يمكن أن يشكل أساساً لإبرام عقد اجتماعي دولي يتم بمقتضاه تنظيم العلاقة بين العالمين الغربي والإسلامي "
ومن مصادر التوتر
الجديدة وجود أقليات إسلامية كبيرة في العالم الغربي لأول مرة في التاريخ، وهي أقليات يتزايد عدد أفرادها (في الوقت الذي تتراجع فيه أعداد الشعوب الغربية بسبب الإحجام عن الإنجاب)، كما أنها أقليات تتسم بقدر معقول من التماسك الإثني والديني، ويصر كثير من أعضائها على ممارسة شعائر دينهم والتعبير عن هويتهم الإثنية بشكل واضح، مما يزيد من حدة التوتر.
ومن العوامل الأخرى التي تولد قدراً من التوتر أن الإنسان عادةً ما يحدد هويته في مقابل الآخر، وهذا أمر عادي في معظم الأحوال، ما دامت الهوية تتحرك داخل حدودها ولا تحاول إلغاء الآخر رغم اختلافه.
ولكن يمكن لمسألة تعريف الهوية أن تأخذ شكلاً عدوانياً، وهذا ما حدث في الغرب، ففي منتصف القرن التاسع عشر كان هناك حديث عن الخطر الأصفر (الصين)، وبعد ذلك بدأ الحديث عن الخطر الأحمر (الدول الشيوعية). ومع اختفاء الخطرين بدأ الحديث الآن عن الخطر الأخضر (الإسلام).
ومن العوامل الأخرى التي تولد قدراً من التوتر أن الإنسان عادةً ما يحدد هويته في مقابل الآخر، وهذا أمر عادي في معظم الأحوال، ما دامت الهوية تتحرك داخل حدودها ولا تحاول إلغاء الآخر رغم اختلافه.
ولكن يمكن لمسألة تعريف الهوية أن تأخذ شكلاً عدوانياً، وهذا ما حدث في الغرب، ففي منتصف القرن التاسع عشر كان هناك حديث عن الخطر الأصفر (الصين)، وبعد ذلك بدأ الحديث عن الخطر الأحمر (الدول الشيوعية). ومع اختفاء الخطرين بدأ الحديث الآن عن الخطر الأخضر (الإسلام).
ويزيد وجود الأقليات الإسلامية في الغرب من هذه المخاوف ومن الإحساس بعدم الأمان.
غير أن كل العناصر السابقة التي تسبب التوتر قد تشكل أيضاً أساساً للتعاون والتفاهم، فتجاور الحضارتين الإسلامية والغربية يمكن أن يشكل إطاراً للتفاعل وتبادل الأفكار والخبرات والسلع.
والتشابه في الرؤية والمنظومات الأخلاقية يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف رقعة المشترك وتوسيعها، كما يمكن أن يشكل أساساً لإبرام عقد اجتماعي دولي يتم بمقتضاه تنظيم العلاقة بين العالمين الغربي والإسلامي على أساس من الاحترام المتبادل والمساواة والعدل.
وجود الأقليات الإسلامية في العالم الغربي كان يمكن أن يشكل فرصة للتفاعل بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية كما حدث في الأندلس، على سبيل المثال. ولكن رغم كل هذا لم تتحقق إمكانية التفاهم، بل ازدادت حدة التوتر، ومن هنا تأتي أهمية دراسة هذه الظاهرة وفهمها حق الفهم، حنى يتسنى التعامل معها، وربما التقليل من حدة التوتر.
ولإنجاز هذا الهدف ينبغي التعرف على رؤية الإنسان الغربي للعالم، فهي التي تحدد اختياراته وأولوياته، وفي نهاية الأمر سلوكه.
ويمكن القول إن الحداثة الغربية تشكل الإطار الذي يدور داخله الإنسان الغربي، وهي تقدم رؤية مادية ترى العالم باعتباره مادة. وقد عرَّفت هذه الرؤية الهدف من وجود الإنسان في الكون بأنه تعظيم المنفعة واللذة، وعرَّفت التقدم بأنه تصاعد معدلات الإنتاج والاستهلاك، مما ولد شراهة استهلاكية عند الإنسان الغربي ليس لها نظير في التاريخ.
وهذه الحداثة المادية لا تعني مجرد استخدام العقل والعلم والتكنولوجيا، بل هي استخدام العقل والعلم والتكنولوجيا المنفصلة عن القيمة (أو كما يقولون بالإنجليزية value-free).
وفي عالم متجرد من القيمة تصبح كل الأمور متساوية، ومن ثم نسبية، وعندئذ يصعب الحكم على أي شيء، ويصبح من المستحيل التمييز بين الخير والشر وبين العدل والظلم، بل بين الجوهري والعرضي، وأخيراً بين الإنسان والطبيعة أو بين الإنسان والمادة.
وفي غياب قيم مطلقة يمكن الاحتكام إليها، تظهر آلية مادية واحدة ووحيدة لحل النزاعات والخلافات -التي هي من صميم الوجود الإنساني- ألا وهي القوة والإرادة.
وفي هذا الإطار تمركز الغرب حول ذاته، وجعل من نفسه مرجعية نهائية ومعياراً يحكم به على كل الظواهر والحضارات، ونظر إلى العالم لا باعتباره كيانات مستقلة لكل منها طموحاته المشروعة وأهدافه المختلفة، وإنما باعتباره مادة استعمالية من حقه أن يوظفها لحسابه باعتباره الأقوى. وهذا هو جوهر الرؤية الاستهلاكية الإمبريالية.
وفي هذا الإطار تحركت جيوش أوروبا وقسمت العالم فيما بينها، ونهبت ثرواته وحولته إلى مصادر للمواد الخام والعمالة الرخيصة وأسواق لسلعها.
غير أن كل العناصر السابقة التي تسبب التوتر قد تشكل أيضاً أساساً للتعاون والتفاهم، فتجاور الحضارتين الإسلامية والغربية يمكن أن يشكل إطاراً للتفاعل وتبادل الأفكار والخبرات والسلع.
والتشابه في الرؤية والمنظومات الأخلاقية يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف رقعة المشترك وتوسيعها، كما يمكن أن يشكل أساساً لإبرام عقد اجتماعي دولي يتم بمقتضاه تنظيم العلاقة بين العالمين الغربي والإسلامي على أساس من الاحترام المتبادل والمساواة والعدل.
وجود الأقليات الإسلامية في العالم الغربي كان يمكن أن يشكل فرصة للتفاعل بين الحضارة الإسلامية والحضارة الغربية كما حدث في الأندلس، على سبيل المثال. ولكن رغم كل هذا لم تتحقق إمكانية التفاهم، بل ازدادت حدة التوتر، ومن هنا تأتي أهمية دراسة هذه الظاهرة وفهمها حق الفهم، حنى يتسنى التعامل معها، وربما التقليل من حدة التوتر.
ولإنجاز هذا الهدف ينبغي التعرف على رؤية الإنسان الغربي للعالم، فهي التي تحدد اختياراته وأولوياته، وفي نهاية الأمر سلوكه.
ويمكن القول إن الحداثة الغربية تشكل الإطار الذي يدور داخله الإنسان الغربي، وهي تقدم رؤية مادية ترى العالم باعتباره مادة. وقد عرَّفت هذه الرؤية الهدف من وجود الإنسان في الكون بأنه تعظيم المنفعة واللذة، وعرَّفت التقدم بأنه تصاعد معدلات الإنتاج والاستهلاك، مما ولد شراهة استهلاكية عند الإنسان الغربي ليس لها نظير في التاريخ.
وهذه الحداثة المادية لا تعني مجرد استخدام العقل والعلم والتكنولوجيا، بل هي استخدام العقل والعلم والتكنولوجيا المنفصلة عن القيمة (أو كما يقولون بالإنجليزية value-free).
وفي عالم متجرد من القيمة تصبح كل الأمور متساوية، ومن ثم نسبية، وعندئذ يصعب الحكم على أي شيء، ويصبح من المستحيل التمييز بين الخير والشر وبين العدل والظلم، بل بين الجوهري والعرضي، وأخيراً بين الإنسان والطبيعة أو بين الإنسان والمادة.
وفي غياب قيم مطلقة يمكن الاحتكام إليها، تظهر آلية مادية واحدة ووحيدة لحل النزاعات والخلافات -التي هي من صميم الوجود الإنساني- ألا وهي القوة والإرادة.
"لا يقبل الاستعمار الغربي قيام تكتلات عربية أو إسلامية تتصدى لمحاولته نهب ثروات الشعوب، ولهذا فهو يصر على تفتيتها وتجزئتها وسحق أي قوى مقاومة, وفي هذا السياق يمكن فهم العداء الغربي للإسلام"
وفي هذا الإطار تحركت جيوش أوروبا وقسمت العالم فيما بينها، ونهبت ثرواته وحولته إلى مصادر للمواد الخام والعمالة الرخيصة وأسواق لسلعها.
وبالفعل جاءت الجيوش الغربية إلى العالم العربي والإسلامي وأخضعت شعوبه لكل أنماط الاستعمار: استعمار عسكري في مصر وسوريا ولبنان والمغرب والسودان والعراق وليبيا، واستعمار استيطاني في الجزائر، واستعمار استيطاني إحلالي في فلسطين.
ولا يقبل الاستعمار الغربي بطبيعة الحال قيام تكتلات عربية أو إسلامية تتصدى لمحاولته نهب ثروات الشعوب، ولهذا فهو يصر على تفتيتها وتجزئتها، وعلى سحق أي قوى مقاومة. وفي هذا السياق يمكن فهم العداء الغربي للإسلام.
فقد بدأت حركة مقاومة الاستعمار تحت ألوية القومية العربية، فتصدى لها الاستعمار بكل ضراوة، بل تعاون في بعض الأحيان مع الحركات الإسلامية خاصة ذات التوجه الصوفي، لأنه وجد أنها يمكن أن تصرف الجماهير عن العمل السياسي وعن المقاومة، بتركيزها على العبادات والخلاص الفردي.
كما تعاون الغرب أثناء الحرب الباردة مع الحركات (والحكومات) الإسلامية لتقف ضد المعسكر الشيوعي، ووصل هذا التيار إلى قمته في أفغانستان أثناء الاحتلال السوفياتي له.
ولكن مع انتهاء الحرب الباردة ومع تراجع القومية العربية ومع تزايد النضج السياسي للحركات الإسلامية ودخولها معترك الحياة السياسية، بدأت هذه الحركات في قيادة المقاومة للاستعمار الغربي.
وهنا بدأ يظهر العداء الغربي للإسلام، وبدأ الحديث عن الإرهاب الإسلامي وضرورة إصلاح الخطاب الديني الإسلامي. ومما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية. ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي وأشعار جلال الدين الرومي.
وقد أوصت لجنة الكونغرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية. فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف ولا شك صلابة مقاومة الاستعمار الغربي. ومن ثم فعداء الغرب للإسلام ليس عداء في المطلق، وإنما هو عداء للإسلام المقاوم، ولأي شكل من أشكال المقاومة تتصدى لمحاولة الغرب تحويل العالم إلى مادة استعمالية.
ومع هذا تظل إمكانية الحوار والتفاهم قائمة، وإن كان ثمة عائق أساسي وهو أن الرؤية الغربية الإمبريالية الداروينية غير عقلانية. فمن يجعل القوة معياراً واحداً ووحيداً ولا يقبل الاحتكام إلى منظومة قيمية خارجة، إنسان غير عقلاني، لأن العقلانية تفترض وجود معايير إنسانية وأخلاقية مطلقة خارج الإنسان يمكن الاحتكام إليها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف نتحاور في غياب معايير أخلاقية وإنسانية يمكن الاحتكام إليها والإهابة بها؟
"يمكن أن يأخذ الحوار مع الغرب أشكالاً كثيرة، إذ لابد من توجيه رسائل نقدية إلى الغرب تبين له أن دعمه لإسرائيل وهجومه على العالم العربي لا يمكن أن يظل أمراً مجانياً"
ولا يقبل الاستعمار الغربي بطبيعة الحال قيام تكتلات عربية أو إسلامية تتصدى لمحاولته نهب ثروات الشعوب، ولهذا فهو يصر على تفتيتها وتجزئتها، وعلى سحق أي قوى مقاومة. وفي هذا السياق يمكن فهم العداء الغربي للإسلام.
فقد بدأت حركة مقاومة الاستعمار تحت ألوية القومية العربية، فتصدى لها الاستعمار بكل ضراوة، بل تعاون في بعض الأحيان مع الحركات الإسلامية خاصة ذات التوجه الصوفي، لأنه وجد أنها يمكن أن تصرف الجماهير عن العمل السياسي وعن المقاومة، بتركيزها على العبادات والخلاص الفردي.
كما تعاون الغرب أثناء الحرب الباردة مع الحركات (والحكومات) الإسلامية لتقف ضد المعسكر الشيوعي، ووصل هذا التيار إلى قمته في أفغانستان أثناء الاحتلال السوفياتي له.
ولكن مع انتهاء الحرب الباردة ومع تراجع القومية العربية ومع تزايد النضج السياسي للحركات الإسلامية ودخولها معترك الحياة السياسية، بدأت هذه الحركات في قيادة المقاومة للاستعمار الغربي.
وهنا بدأ يظهر العداء الغربي للإسلام، وبدأ الحديث عن الإرهاب الإسلامي وضرورة إصلاح الخطاب الديني الإسلامي. ومما له دلالته أن العالم الغربي الذي يحارب الإسلام، يشجع الحركات الصوفية. ومن أكثر الكتب انتشاراً الآن في الغرب مؤلفات محيي الدين بن عربي وأشعار جلال الدين الرومي.
وقد أوصت لجنة الكونغرس الخاصة بالحريات الدينية بأن تقوم الدول العربية بتشجيع الحركات الصوفية. فالزهد في الدنيا والانصراف عنها وعن عالم السياسة يضعف ولا شك صلابة مقاومة الاستعمار الغربي. ومن ثم فعداء الغرب للإسلام ليس عداء في المطلق، وإنما هو عداء للإسلام المقاوم، ولأي شكل من أشكال المقاومة تتصدى لمحاولة الغرب تحويل العالم إلى مادة استعمالية.
ومع هذا تظل إمكانية الحوار والتفاهم قائمة، وإن كان ثمة عائق أساسي وهو أن الرؤية الغربية الإمبريالية الداروينية غير عقلانية. فمن يجعل القوة معياراً واحداً ووحيداً ولا يقبل الاحتكام إلى منظومة قيمية خارجة، إنسان غير عقلاني، لأن العقلانية تفترض وجود معايير إنسانية وأخلاقية مطلقة خارج الإنسان يمكن الاحتكام إليها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف نتحاور في غياب معايير أخلاقية وإنسانية يمكن الاحتكام إليها والإهابة بها؟
وأرى أن هناك ثلاثة مستويات للحوار:
ا- الحوار بين الأنداد: وهو حوار بين طرفين يعترف كل منهما بإنسانية الآخر وبحقوقه وسيادته. والهدف من الحوار هنا هو تسوية بعض الخلافات التفصيلية الجزئية التي لا تنصرف إلى الكليات أو المنطلقات.
2- الحوار النقدي: إذا كان أحد الأطراف لا يعترف بإنسانية الآخر وحقوقه وسيادته، فمن واجب الطرف الثاني أن يوجه النقد للطرف الأول ويبين له خلل موقفه، ويدعم نقده بالحجج والبراهين، كما يحدث مثلاً حينما نحاور الدول الأوروبية التي نختلف معها في بعض الأمور المبدئية، والتي تقبل الحوار ولا تلجأ إلى العنف.
3- الحوار المسلح: إن استمر الطرف الأول في إنكار إنسانية الطرف الثاني وحقوقه وسيادته، وحوَّل إنكاره هذا إلى فعل ظالم باطش كأن يستولي على أرض الطرف الثاني أو يعتدي عليه، فإن من واجب الطرف المعتدى عليه أن يصده ويقاوم ظلمه وبطشه بأن يرسل للظالم رسائل نقدية مسلحة ليؤكد إنسانيته وسيادته ويحصل على حقوقه المغتصبة.
وهذا ما يحدث في فلسطين المحتلة، فالإسرائيليون ينكرون وجود الفلسطينيين، فيقوم الفلسطينيون بإرسال رسائل مسلحة لهم تأخذ شكل انتفاضات شبه سلمية (مثل انتفاضة 1987) وانتفاضات مسلحة (مثل انتفاضة الأقصى)، وهي رسائل تؤكد للإسرائيليين أن الشعب الفلسطيني -صاحب الأرض- موجود وحي ويقاوم لاستعادة أرضه.
ولابد أن يتم الحوار على جميع المستويات، فالحوار الودي بمفرده مع من يؤمن بالقوة معياراً يتيماً لا يجدي فتيلاً، والحوار المسلح بمفرده يدخلنا في طريق مسدود. وهذا ما فعله الفيتناميون، فكانوا يجلسون على مائدة المفاوضات ويقومون بحملات إعلامية يتوجهون بها إلى أنصار السلام في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة، ويوجهون النقد إلى المؤسسة العسكرية الأميركية التي بطشت بالشعب الفيتنامي دون وجه حق، ويقاتلون -في الوقت ذاته- في ميدان الحرب بعزم وإصرار، وبذلك تم تحويل المكاسب الميدانية إلى مكاسب سياسية.
وبالمثل، يمكن أن يأخذ الحوار مع الغرب أشكالاً كثيرة، فلا يكفي السعي لتجميل صورتنا وتوضيح مشروعية موقفنا، إذ لابد من توجيه رسائل نقدية إلى الغرب (من خلال حملات إعلامية وحوارات مكثفة) تبين له أن دعمه لإسرائيل وهجومه على العالم العربي لا يمكن أن يظل أمراً مجانياً.
ويجب تحويل الحوار النقدي إلى حوار مسلح إذا استلزم الأمر من خلال عمليات المقاطعة والتهديد بسحب الاستثمارات وكل أشكال المقاومة المتاحة.
ا- الحوار بين الأنداد: وهو حوار بين طرفين يعترف كل منهما بإنسانية الآخر وبحقوقه وسيادته. والهدف من الحوار هنا هو تسوية بعض الخلافات التفصيلية الجزئية التي لا تنصرف إلى الكليات أو المنطلقات.
2- الحوار النقدي: إذا كان أحد الأطراف لا يعترف بإنسانية الآخر وحقوقه وسيادته، فمن واجب الطرف الثاني أن يوجه النقد للطرف الأول ويبين له خلل موقفه، ويدعم نقده بالحجج والبراهين، كما يحدث مثلاً حينما نحاور الدول الأوروبية التي نختلف معها في بعض الأمور المبدئية، والتي تقبل الحوار ولا تلجأ إلى العنف.
3- الحوار المسلح: إن استمر الطرف الأول في إنكار إنسانية الطرف الثاني وحقوقه وسيادته، وحوَّل إنكاره هذا إلى فعل ظالم باطش كأن يستولي على أرض الطرف الثاني أو يعتدي عليه، فإن من واجب الطرف المعتدى عليه أن يصده ويقاوم ظلمه وبطشه بأن يرسل للظالم رسائل نقدية مسلحة ليؤكد إنسانيته وسيادته ويحصل على حقوقه المغتصبة.
وهذا ما يحدث في فلسطين المحتلة، فالإسرائيليون ينكرون وجود الفلسطينيين، فيقوم الفلسطينيون بإرسال رسائل مسلحة لهم تأخذ شكل انتفاضات شبه سلمية (مثل انتفاضة 1987) وانتفاضات مسلحة (مثل انتفاضة الأقصى)، وهي رسائل تؤكد للإسرائيليين أن الشعب الفلسطيني -صاحب الأرض- موجود وحي ويقاوم لاستعادة أرضه.
ولابد أن يتم الحوار على جميع المستويات، فالحوار الودي بمفرده مع من يؤمن بالقوة معياراً يتيماً لا يجدي فتيلاً، والحوار المسلح بمفرده يدخلنا في طريق مسدود. وهذا ما فعله الفيتناميون، فكانوا يجلسون على مائدة المفاوضات ويقومون بحملات إعلامية يتوجهون بها إلى أنصار السلام في العالم بما في ذلك الولايات المتحدة، ويوجهون النقد إلى المؤسسة العسكرية الأميركية التي بطشت بالشعب الفيتنامي دون وجه حق، ويقاتلون -في الوقت ذاته- في ميدان الحرب بعزم وإصرار، وبذلك تم تحويل المكاسب الميدانية إلى مكاسب سياسية.
وبالمثل، يمكن أن يأخذ الحوار مع الغرب أشكالاً كثيرة، فلا يكفي السعي لتجميل صورتنا وتوضيح مشروعية موقفنا، إذ لابد من توجيه رسائل نقدية إلى الغرب (من خلال حملات إعلامية وحوارات مكثفة) تبين له أن دعمه لإسرائيل وهجومه على العالم العربي لا يمكن أن يظل أمراً مجانياً.
ويجب تحويل الحوار النقدي إلى حوار مسلح إذا استلزم الأمر من خلال عمليات المقاطعة والتهديد بسحب الاستثمارات وكل أشكال المقاومة المتاحة.
أي يجب أن يدرك الآخر المعتدي أن هناك ثمناً لابد أن يدفع، وهم يفهمون تماماً مسألة الثمن هذه، فكما قال رئيس الوزراء البريطاني غلادستون "لا يوجد لدينا أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون بل لنا مصالح دائمة".
والله أعلم.
مقالات الدكتور عبدالوهاب المسيري
والله أعلم.
مقالات الدكتور عبدالوهاب المسيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق