الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

ناعوت ناعوت وتحيا مصر

ناعوت ناعوت وتحيا مصر

محمد طلبة رضوان

ما معنى أن تصدع رأسك بقول إحداهن عن أبي الأنبياء بأنه أحد الصالحين، وبأن الخراف التي يأكل من لحومها آلاف المساكين ممن لا يشمون رائحتها إلا من العيد للعيد هم ضحايا "كابوس" مزعج؟!

ما معنى أن تتجرد، وأنت صاحب القضية، لتفهيم "شاعرة" معنى الجوع، وقرصته، أومعنى الدين وفكرته، أو من هو إبراهيم عليه السلام، ومكانته، سعادتك فاضي؟.

في مصر حكم عسكري، كاد أن ينتهي بعد 60 عاما من التخريب الممنهج، سرعان ما عاد لأننا انشغلنا عن القضاء عليه بتصفية حسابتنا مع بعضنا البعض، وأشياء أخرى.

ما الذي سيضيفه لك، ولدينك، ولوطنك، ولثورتك، ولقضيتك، أن تشرح لإحداهن خطأها في بوست، أو تويتة، ما هو حجم تأثير كلمة تقولها فلانة أو علانة من أصحاب اللامنجز في الحياة سوى استثارتك كي تتجرد لمواجهتها؟

إسم تراه على بعض الكتيبات التي تطبعها مؤسسات الدولة، ولا تعرف لماذا الإسم، ولماذا الطباعة على نفقة الدولة، ما إن تقلب في الصفحات حتى تكتشف أنك أمام اللاشيء، وما أكثر ما تطفح به مصارف الدولة من فضلات.

إسم ينسب إلى الشعر وليس له منه بيت واحد يعيش في وجدان قارىء، العلاقات، واللياقة الاجتماعية، والصداقات، والشطارة تصنع أكثر من ذلك، تمثيل، ومهرجانات، ورواح، ومجيء، و"دوشة"، كأنها جنازة حارة، والميت (.....)؟ لا يوجد ميت أصلا!

كل ما يتبقى من فلانة لا يتعلق بها بقدر ما يتعلق بشاعر ساعدها يوما أن يكون لها مكان أمام الميكروفون، هذه حقائق يعرفها كل من ذهب إلى المجلس الأعلى للثقافة، أو جمعية النقد، ورأى حلمي سالم، الشاعر الكبير، وفي يده "عصاه" يتوكأ عليها، ويهش بها على "زمنه"، فلماذا تُذهب نفسك على "أي كلام فارغ" حسرات، الوقت لم يعد من ذهب، الوقت من دم، الناس تموت في الشوارع وأنت غاضب ومحروق دمك من كلمتين؟.

تقول إن ذبح الخراف غير إنساني، وأن إبراهيم عليه السلام أحد الصالحين، وأن الرؤيا الصالحة لم تكن صالحة، كانت كابوس، حصل خير، لم يحصل خير، حصل أي حاجة، ما هو حجم تأثير هذه الأي حاجة لتسترعي انتباهك إلى هذا الحد، متى نتوقف عن إشباع رغبات من لم يحقق لنا أو لنفسه أي شيء فقرر الاسترزاق من شَغلنا بفراغه؟.

البعض استغل هذه التصريحات، إن جازت التسمية، لتصفية حسابات سياسية، تبرر قتل المئات من البشر وحرق جثثهم، وتحزن على الخراف، تصفية الحسابات واردة، إلا أنني لا أجد لها محلا من الإعراب، من قال إن "المدام" تمثل السيسي، أو مشروعه، أو حركة بعض الفاعلين في المجتمع لدعم مذبحته في رابعة، لكي تكون مؤثرا ينبغي أن يكون لرأيك وزن معتبر عند كتلة من المتابعين، بالآلاف، إن لم تكن بالملايين، وهذا غير متوفر على الإطلاق في صاحبتنا التي لولا اشتراطات الزمن الرديء بأن تكون لا شيئا كي يُسمح لك بالمرور، ما مرت ولا كانت!.

ولماذ يهتم كاتب السطور بالكتابة عنها إن كانت لاشيء؟، سؤال حلو، الحق أنني لم أكتب سطرا واحد لها أو عنها، أنا مغتاظ من سعادتك، وأكتب عنك أنت، وعايز أمسك فيك بصراحة، وقتك يساوي الكثير، كلامك، بوستاتك، تويتاتك، تعليقاتك، هتافاتك، كل كوميكس، كل إفيه، كل كاريكاتير، كل مسمار تدقه في نعش جلاديك أهم بكثير، لماذا تسمح لهم بإلهائك؟ "صحصح".
بُص، مؤيدو السيسي نوعان: الأول: استأجره النظام لأن له قيمة ما عند بعض الناس، وهذا مهم، وجزء من معركتك معه، أما مؤيد الدرجة الثانية فهو ذلك الذي يعرض خدماته طائعا، متطوعا، متوسلا، متمحلسا، متمحكا، والنبي خذوني معكم، القتل بطولة، حقوق الإنسان خيانة، السيسي حلو، الثورة حلوة، الثورة مؤامرة، حلوة وقت الحلاوة، مؤامرة وقت الشقاوة، حلوة ومؤامرة، مؤامرة حلوة، كل ما يريده الزبون موجود، والزبون دايما على حق، المهم أن تزاحم لعلك تحظى بصابونة.

النوع الأول يجدي معه صراعا، وربما لا، أما النوع الثاني فأنت من يصنع له قيمة عند خصومك، هم مطرودون، كم مهمل، وأنت من يعيدهم باهتمامك غير المبرر، دعهم للنار التي تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله، دعهم لـ "لاوجودهم"، ولن تجدهم، تَعَلم أن ترى البوست الذي يظن صاحبه أنه سيقلب به الدنيا فتقلبه أنت، كأنك لم تر شيئا، ولن يحدث أي شيء، والله.

لو فهمها يوما من أقام الدنيا ولم يقعدها على سطرين في رواية مغمورة لحيدر حيدر أو كتاب للعشماوي، أو مزيج من الهذيان والسطلان لنوال السعداوي ما أراق دماء أوقاتنا في الأي كلام.

الأنظمة المستبدة يا صديقي هي أكبر المستفيدين من هذه المعارك الوهمية، ولعلها أكبر المُصنعين لها، هي تقول، أنت ترد، ثم ترد هي، فتقول أنت، يدخل ثالث، يشتبك رابع، يشتم عاشر، يتابع مليون، وتأخذنا الجلالة، وندوس أكثر، والناس؟ الناس تموت جوعا، وفقرا، وذلا، وقهرا، وجهلا ومرضا، واستعبادا، واستبدادا، ويتمنى الواحد منهم ما للخروف، محل النزاع، من حزمة برسيم، أو نصل سكين ليخلصه، ولا يجد، كبر دماغك، وادخرها للثقيلة.

تعالى نتفق، قبل الاشتباك اسأل نفسك: لماذا أشتبك؟، مع من أشتبك؟ لصالح من أشتبك؟ ما جدوى الاشتباك؟
يا عزيزي المتحمس: في الثورة متسع لغضبك، في الثورة متسع لرفضك، في الثورة متسع لما هو أكثر فائدة بكثير من واحدة اسمها فاطمة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق