الأحد، 25 يناير 2015

مصر تنتظر السيناريو الإيراني بقيادة حازم أبو إسماعيل!

مصر تنتظر السيناريو الإيراني بقيادة حازم أبو إسماعيل!

شريف عبدالغني

(1)
إذن.. لا مفر. إن عاجلا أم آجلا فإن السيناريو الإيراني هو الأقرب للتحقق في مصر، ما دامت السلطة تغلق بـ»الضبة والمفتاح» كل الأبواب أمام حل سياسي للأزمة التي تسببت فيها، وإذا لم تصرف بنفسها «العفريت» الذي حضّرته بأيديها، وما دامت مستمرة في طريق الغرور مستندة إلى السلاح الذي بحوزتها (بالمناسبة - وللمفارقة - هو سلاح الشعب)، وطالما السلمية لا تنفع معها، فإن جيل الغضب الجديد لن يجد أمامه سوى استلهام نموذج إيران.
سنة 1953 وقع انقلاب على رئيس وزراء إيران الوطني المنتخب مصدق، انتصرت دولة الشاه العميقة بمساعدة انقلاب خططت له واشنطن. أما السبب فهو نجاح الرجل في تأميم النفط والسير في طريق إنهاء تبعية بلاده للغرب، عاد الشاه للسلطة بعد هروبه إلى إيطاليا، وحُكم على مصدق بالإعدام في محاكمة صورية هزلية بتهمة الخيانة، ثم خُفف الحكم إلى ثلاث سنوات سجنا، وبعد انتهاء المدة فُرضت عليه الإقامة الجبرية مدى الحياة حتى مات عام 1967.
(2)
هل هناك تشابه بين تجربة محمد مصدق في إيران، وتجربة محمد مرسي في مصر؟ أظن أن التشابه واضح جدا بين التجربتين.
أولا: مصدق جاء لرئاسة الوزراء بعد ثورة مدنية حقيقية، ومرسي وصل لسدة الحكم نتاج ثورة على حكم عسكري منذ 60 عاما أعاد مصر 600 سنة إلى الوراء.
ثانيا: كلاهما وطني من الطراز الأول، طاهر اليد، يحمل مشروعا حقيقيا لنهضة الدولة.
ثالثا: مصدق وراء تأميم النفط، الذي أثار القوى الاستعمارية على إيران، ومرسي حدد هدفه في اكتفاء مصر من الغذاء والدواء، وصمم على تنفيذ مشروع القرن «محور تنمية قناة السويس» الذي اعتبره البنك الدولي قاطرة التنمية الحقيقية للاقتصاد المصري في القرن الجديد، مما دفع قوى الشر بالخارج التي يؤثر هذا المشروع العملاق على مصالحها، ولا تريد لمصر خيرا، إلى محاربة مرسي من أول ضخ أموال جبارة لنشر الفوضى، وانتهاء بدعم قتل المتظاهرين السلميين الرافضين لوأد التجربة الديمقراطية.
رابعا: جرى في إيران إخراج «تظاهرات معادية» لمصدق، وإبرازها في وسائل الإعلام الإيرانية والدولية. كما أوعز الرئيس الأميركي روزفلت إلى كبير المسؤولين الأمنيين الإيرانيين بالسيطرة على الشارع، وإطلاق الهتافات الرخيصة التي تحط من هيبة مصدق. الأمر حصل بصورة متطابقة في مصر ضد مرسي، وصارت هناك منافسة بين توافه الإعلاميين والكتاب على كيل الشتائم والبذاءات للرئيس المنتخب، لإظهاره بمظهر الضعيف عديم الهيبة.
خامسا: في إيران اتهموا مصدق بالخيانة، وهي التهمة نفسها التي تواجه مرسي في مصر، بعد أضحوكة التخابر مع «حماس»، والتي جاءت بعد شهر كامل من اختطافه، رغم أن القانون يقضي بأن تخبر النيابة أي محتجز بتهمته خلال 24 ساعة. لكن القوم كانوا مشغولين بتعليب تهمة له.

(3)
هذه مجرد نقاط خمس لأوجه التشابه بين التجربتين، لكن النقطة الأهم، هي ما حدث في إيران بعد عزل مصدق وانتصار الدولة العميقة. لقد رأى الشباب والصبية كيف أن حلمهم في دولة وطنية مستقلة عادلة بين أبنائها، ولا تحتكرها فئة منهم لحسابهم، تم إجهاضه لعدم وجود قوة تحمي حلمهم وحقهم في وطن نظيف بلا فساد.
ظل الغضب كامنا في النفوس، وعندما قامت الثورة عام 1979، وعى هؤلاء الصبية وقد أصبحوا من قادة الثورة، درس مصدق جيدا. أزالوا من تفكيرهم فكرة المصالحة مع الماضي ودولة الشاه، صاروا ثوريين بحق وتخلوا عن أكذوبة الإصلاح.
أدركوا أن الأمر لن يستتب لهم في ظل قوة مناوئة لهم، وأنه من الضروري وجود قوتهم الخاصة. لم يضيعوا وقتا وعقدوا محاكمات ثورية سريعة انتهت بتصفية الصفين الأول والثاني من قيادات الأجهزة العسكرية والأمنية.
 تم حل الجيش وأصبحت ميليشيا الحرس الثوري بديلا له. وهكذا نجحت الثورة الإيرانية في البقاء والحكم حتى الآن، متغلبة على كل العواصف بالداخل والخارج.
(4)
أكرر السؤال: هل يمكن أن يتكرر هذا السيناريو في مصر؟
الإجابة: إن احتمالات تكراره كبيرة جدا. لقد أجهض انقلاب الدولة العميقة على رئيس وطني منتخب، أحلام قطاع عريض من المصريين بدؤوا يشعرون في عهد مرسي فقط أن مصر أصبحت بلدهم، وأنه لأول مرة يحكمهم رئيس منهم باختيارهم. تلك الملايين أصيبت بانتكاسة نفسية كبرى وهم يرون أصواتهم تلقى في صناديق القمامة، وجثث زملائهم المطالبين بالحرية تحملها الجرافات، بينما يتم حرق المعتقلين أحياء (تذكروا سيارة ترحيلات أبوزعبل). ثم تستمر السلطة في طغيانها برفض أي حلول سياسية للأزمة.
(5)
إذن: كيف سيتصرف هؤلاء إذا وصلوا للسلطة بعد ثورة الغضب المستمرة منذ عزل مرسي والتي ظهرت جلية أمس الأحد في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير؟
توقعاتي أنهم سيأتون بشخصية مثل حازم أبو إسماعيل، بعدما ثبت لهم صحة بُعد نظره، بضرورة «تطهير» أجهزة الدولة أولا قبل البناء، فلا بناء على أسس فاسدة وقواعد ينخر فيها السوس، بينما كان مرسي يريد تكرار ما فعله مانديلا في جنوب إفريقيا بالتصالح مع ما هو قائم وعدم إقصاء أحد. وهذه كانت نقطة الخلاف بين الرؤيتين، وللأسف ثبت أن وجهة نظر «حازم» هي الأصح، بعد تحالف الدولة العميقة بكل فسادها وجبروتها وبلطجتها ضد الرئيس الشرعي.
الآن.. نحن أمام خيارين.
إما أن يظل العسكر يحكمون البلد بشكل مباشر بالحديد والنار، وعندها لن يتركوا السلطة طواعية، أو يحكمون من وراء الستار على أن يدفعوا إلى الواجهة بـ»طراطير» يحركونهم كما شاؤوا وكيفما أرادوا، وهؤلاء يملؤون المحروسة ويعرضون حاليا خدماتهم.
أما الخيار الآخر فقد نكون بالفعل في انتظار دولة دينية فاشية على النموذج الإيراني، يقودها حاكم متشدد تعلم جيدا من تجربة مرسي أن الحلم لا يستقيم مع مجتمع يتلذذ بالعبودية ويستمتع بحياة الفساد، وأنه «لا تصالح» بين «الثورة» و»الثورة المضادة»!.
?
?• shrief.abdelghany@gmail.com
? @shrief_ghany

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق