الخميس، 31 ديسمبر 2015

ثلاثية غرناطة

ثلاثية غرناطة

ثلاثية غرناطة هي ثلاثية روائية تتكون من ثلاث روايات للكاتبة المصرية رضوى عاشور وهم على التوالي :
  • غرناطة
  • مريمة
  • الرحيل
و تدور الأحداث في مملكة غرناطة بعد سقوط جميع الممالك الإسلامية في الأندلس، وتبدأ أحداث الثلاثية في عام 1491 وهو العام الذي سقطت فيه غرناطة بإعلان المعاهدة التي تنازل بمقتضاها أبو عبد الله محمد الصغير آخر ملوك غرناطة عن ملكه لملكي قشتالة وأراجونوتنتهى بمخالفة آخر أبطالها الأحياء عليّ لقرار ترحيل المسلمين حينما يكتشف أن الموت في الرحيل عن الأندلس وليس في البقاء.
و قد صدرت عدة طبعات للثلاثية كانت الطبعة الأولى عن دار الهلال في جزئين عامي 1994 و1995 والطبعة الثانية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر عام 1998 والطبعة الثالثة عن دار الشروق عام 2001 والطبعة الرابعة (طبعة خاصة بمكتبة الأسرة) عن دار الشروق عام 2004 والطبعة الخامسة عن دار الشروق عام 2005.

و في عام 2003 قام ويليام جرانارا أستاذ اللغة العربية بجامعة هارفارد بترجمة رواية غرناطة إلى اللغة الإنجليزية وقامت بنشرها دار نشر جامعة سيراكوز بنيويورك.


قراءة أحمد دياب
على منوال ماركيز في "مائة عام من العزلة" ونجيب محفوظ في "الحرافيش"، تقدم لنا "رضوى عاشور" رحلة مع عائلة أبو جعفر المنصوري في الأندلس المفقود .. رحلة الحزن والأسى .. تبدأ الرواية من حي البيازين في غرناطة القديمة ثم تنتقل لأرض الأندلس المفقود لتنثر على أراضيه حكايات من الحزن والألم الذي لاقته هذه العائلة على مر السنين مقاومة لما تعرض له المسلمون في تلك الأيام من اضطهاد وتعذيب وتنكيل.
الآلام التي لا تنتهي والمعاناة التي ليس لها نهاية وما يتعرض له أهل الأندلس من قبل ديوان التحقيق ومفتشيه وعيونه في كل الأنحاء، بهذه الآلام تعيش مع الرواية، تعيش مع تلك العائلة، مع مريمة وحسن وسليمة التي أحرقوها لمجرد أنها عملت بالطب وداوت الناس، كما أحرقوا كتب أبي جعفر من قبل .. المشهد الذى أبدعت فيه الكاتبة في الوصف والتصوير لتجعلك تنتقل بكل كيانك إلى ذاك الزمان المنصرم لترى بأم عينيك ألسنة النار وهي تمزق الكتب وترى النيران التي تأكل كل هذا الكم من المعرفة لتعود لتلتهم سليمة من جديد.
"تبدو المصائب كبيرة تقبض الروح، ثم يأتي ما هو أعتى وأشد فيصغر ما بدا كبيرًا وينكمش متقلصًا في زاوية من القلب والحشا".
هل كان بوسعهم أن يصمدوا أمام سلطة لم تكن تبحث فقط عن حكم البلاد بل عن اجتثاث كل ما يمت للماضى بصلة! إلغاء العادات والتقاليد والأزياء و اعتبار كل متمسك بها مجرم .. تحدثك بالعربية جريمة .. طهوك للحوم في يوم الجمعة جريمة!! .. يجبرونك على اعتناق دينهم ويخيرونك ما بين التعميد أو النفى .. إما أن تؤمن بحقي في اضطهادك وإذلالك أو أقتلك، والأدلة جاهزة فأنت إرهابي تقاوم سلطتنا وتعترض على حقنا الإلهي في حكم أرضنا!
تعيش في الرواية مع مريمة التي أحبتها كل نساء غرناطة، مريمة ذات الحكايات التي لا تنضب، مريمة ذات ردة الفعل السريعة التي لطالما أنقذت بها المظلومين من براثن الديوان، مريمة التي ستبكي عليها طويلاً وعلى غرناطة التي أضعناها.
"وكأن همًّا واحدًا لا يكفي أو كأنّ الهموم يستأنس بعضها ببعض فلا تنزل على الناس إلا معًا".
أما زلت تبحث عن معنى "كنتم خير أمة أخرجت للناس"؟؟ حسنًا قارن معي بين موقف أمير المؤمنين عمر الفاروق عند فتح القدس وبين ما فعله الإسبان والقشتاليون في الأندلس، هل أغلق عمر دور العبادة؟ هل أحرق كتب أهل القدس؟ هل أحرقهم وشردهم وهجرهم قسريًا ونفاهم؟ قطعًا لا .. هذا هو ديننا وهذه هى أخلاق خير أمة.
أهم فكرة خرجت بها من الرواية أن الكتب ما هى إلا كنوز للفكر والثقافة وهي العامل الأساسي لبناء أي حضارة، وهي المقصد الذي يجب عليك أن تسدد ضرباتك إليه إذا ما فكرت في هدم حضارة، وهذا بالضبط ما قام به الإسبان فأحرقوا الكتب وحظروا امتلاكها وامتلاك أى شيء مكتوب بالعربية، صادروا المئات من تلك الكنوز وأحرقوها هكذا بسهولة، أحرقوا خلاصة العلم والثقافة والحضارة لمئات السنين في لحظة، تخيل أن هناك من سار على تاريخك بالممحاة فلا تذكر منه شيئًا، هذا هو بالضبط ما حدث؛ كل تاريخنا هناك أُحرق ومُحي، وبتقصيرنا أضعنا المتبقي منه، فلم نعد نعلم عن الأندلس سوى أنها كانت يومًا ما من بلاد المسلمين ولكنها سقطت فقط، هذا هو كل ما نعلمه عن بلاد غرناطة وإشبيلية وقرطبة وغيرهم من بلاد الأندلس.
عظمة هذه الراواية هي دفعها لك للبحث في تاريخك عن تلك الحقبة المجهولة، وتقدم لك ملخصًا لحياتهم الممتدة، عن عاداتهم ومعاناتهم، عن تعاملاتهم وحرفهم، عن كل شيء جميل في تلك البلاد التي آمل أن نعود لها مجددًا.
ختامًا إذا لم تكن قرأت هذه الرواية حتى الآن فاعلم أن الكثير من المتعة ستفقدها إذا ما لم تقرأها، فمن يبحث عن هموم التاريخ وأهواله فليقرأ تلك اللوحة الحزينة في تاريخنا المنسي.

قراءة منقولة

                           لوحة تسليم غرناطة                             



في اواخر صفحات الرواية يدور هذا الحوار :

- ننتظر النجدة..
- انتظرناها مئة عام!

هذه هي رواية ثلاثية غرناطة 
, مئة عام سردتها علي رضوى عاشور لحال المسلمين والاسلام والاندلس كاملة وتاريخها من خلال اسرة واحدة اسرة ابي جعفر وسليمة ومريمة ونعيم وحسن وعلي و و و ...مئة عام من الخذلان من الصدمات
من القسوة من الظلمات 

إن قرأت كثيرا عن المسلمين في الاندلس نفسها وتاريخها و البوسنا والهرسك او بورما او فلسطين او او مما يحصل لهم من مذابح واهانات وطمس للهوية وقمع فانك ستتعاطف ستتألم...
ولكن في هذه الرواية فأنك تذهب للاندلس حقا تعيش ألمها حقا تهجير أهلها بالفعل تبكي مع بكاءهم تعرف مامعنى ان لا تكون قادرا على تعليم ابنك الاسلام بل وحتى اللغة العربية تعرف مامعنى ان تمنع من الصلاة والصيام وتغسيل الموتى وكل ما يخص دينك وهويتك , تعرف ما معنى ان ترى بعينك مصحفك وهو يحرق وكتب العلم وهي تحرق امامك , ما معنى ان تتجه النساء للبغاء ما معنى ان تأتيك رسالة باللغة العربية وانت عربي ومسلم وتعجز عن قراءتها فتبحث عن من يقرأها لك شهورا فلا تجد

             تعميد نساء المسلمين جبراً بعد سقوط غرناطة              


كل صفحة من صفحات تلك الرواية كانت صفعة...صفعة ليفيق القارئ...ليعرف ان سماع الخبر السئ شئ وعيشه شئ آخر 
حين عشت بنفسي في كل صفحة كيف كان يعيش المسلمين هناك حمدت الله على ما انا فيه 
حين قرأت فتوى الشيخ المغربي التي ارسلها لشعب الاندلس المسلم بالتسهيل عليهم من أجل تحمل مايحدث لهم حين اخبرهم ان يتيمموا بدل الوضوء وان يصلوا الصلاوات جميعها في الليل قضاء حتى لا يراهم احد وان يكتفو بالنزول في البحر كطهارة لهم تحسرت...الفتوى في حد ذاتها مؤلمة جدا لا اتخيل ان يصل الحال بالمسلمين الى هذا الحد
             لوحة للرسام مانويل مورينو غونثالث تمثل طرد الموريسكيين من غرناطة        

شخصيات الرواية...ماهذه الشخصيات؟؟؟....كيف صاغتها رضوى عاشور بهذا الشكل؟...كيف جعلتني اشعر ان ابا جعفر جدي وان سليمة اختي وان مريمة والدتي وان علي ابني

الكثير من الحب والكثير الكثير من الدموع والقليل من الفرح عشته مع شخوص الرواية بكل ما فيهم من واقعية بكل ما عاشوه من مآسي وتحملوا وصمدوا وبقيوا على دينهم واخلاقهم...هذا هو حقا الثبات

الجزء الاول الذي يصف كيف ادى الحال بسليمة ان تموت حرقا لانها كانت مهتمة بعلم الاعشاب وكان هذا قطعا حال كل العلماء في هذا الزمن هو اتهامهم بالهرطقة واتباع الشيطان وحرقهم احياء...لا اصدق ولا يمكن ان اتخيل شعور زوجها وهو يرقبها امامه تحترق حية

الجزء الثاني يتحدث عن مريمة وحال المسلمين الذي تبدل من المقاومة والامل الى الترحيل والخسارة الكاملة

مشهد حمل حفيدها علي لها عجوزا وهي تبكي فتنزل الدموع على ظهره ابكاني

مشهد موتها ابكاني اكثر

الجزء الثالث يحكي حياة علي الذي برأيي ما كان الا رمزا لحال المسلمين في هذا االوقت هو الضياع التام والتيه والحيرة

اكثر شخصيات الرواية قربا الى قلبي هو علي

احببته احببته احببته بكل ما في

شعرت بالنار تضرم في قلبي حين قرأت مافعله معه خوسيه

والبيت والارض


احترق قلبي على حبه لكوثر ونهايتها بتلك الطريقة

واخيرا النهاية المؤلمة والجملة الاخيرة التي بقيت في اذهاننا جميعا

والحوار الاخير بين العرب هل يرحلون هل يحاربون فيه رمزيةفي غاية الروعة والاتقان

ما اعيبه فقط على الرواية الالم الذي سبب لبعض الشخصيات نوع من الهذيان فيه لوم لله جل جلاله على مشيئته خطته رضوى وعاشور ولست ادري حقا اهمية مثل هذا اللوم او الغرض منه

ابكتني كثيرا بكاءا مرا ليس على شخوصها فحسب وانما على ما ترمز اليه مما نحس به ونعيشه في واقعنا

هذه الرواية يجب ان تقرأ بالفعل من الجميع

ان كانت الكتب توثق تاريخ الاندلس

فهذه الرواية توثق قلوب اهل الاندلس ومعاناتهم

والله اعطتها أعطها ألفا من الخمس نجوم!!
!

اقتباسات من رواية ثلاثية غرناطة

“ما لخطأ فى أن يتعلق الغريق بلوح خشب أو عود أو قشة؟”.

“ما لجرم فى أن يصنع لنفسه قنديلا مزججا وملونا لكى يتحمل عتمة أيامه؟”.

“ما لخطيئة فى أن يتطلع إلى يوم جديد آملا ومستبشرا؟”.

“تتلبد السماء بالغيوم أحيانا.. ولكنها تشرق فى أحيان أخرى”.

“هل الماضى يمضى حقا، أم يعرش على أيامنا، أم أننا نعيش كالبيت فيه؟”.

” استغربت مثلكم عندما وجدت أن أهل مصر يكرهون حكامهم كما نكره نحن حكامنا الأسبان، واستغربت أكثر عندما رأيت بعينى وسمعت كيف يشير التركى أو المملوكى إلى الرجال من أهل البلاد فيقول: “مصرى فلاح!” يقولها بتعال وازدراء وكأنه واحد من الأسبان يشير لواحد منا “.


يقررون عليه الرحيل يسحبون الارض من تحت قدميه ولم تكن الارض بساطاً اشتراه من السوق، ...لم تكن بساطاً بل أرضاً تراباً زرع فيه عمره وعروق الزيتون.


 ﺍﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻳﺎ ﻭﻟﺪ أن ﻗﺎﺩﺗﻨﺎ ﻛﺎﻧﻮ أﺻﻐﺮ ﻣﻨﺎ .. ﻛﻨﺎ أﻛﺒﺮ ﻭﺃﻋﻔﻰ ﻭﺃﻗﺪﺭ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺍﻟﻘﺎﺩﺓ. ﺍﻧﻜﺴﺮﻭﺍ ﻓﺎﻧﻜﺴﺮﻧﺎ.

 ولكن التأمل لا يدوم في حومة التعذيب وروع يحيل الصور والافكار إلى مزق وشرذات، بينما البدن مجرّح والروح كالطائر الذبيح تنتفض. 

 في وحشة سجنك ترى أحبابك أكثر، لأن في الوقت متسعًا، ولأنهم يأتونك حدبًا عليك في محنتك، ويتركون لك أن تتملى وجوههم ماشئت وإن طال تأملك. 

 
ليس الجحيم أن تصطلي بنار جهنم، بل بنار قلبك وهو مروّع، مضطرب وواهن، ولأن الكلام كل الكلام يجرحك. 

 
لا يأتي الكدر منفردًا، وكذلك الفرح يجيء وفيه أعقابه فرح سواه. 

 هل في الزمن النسيان حقًا كما يقولون؟ ليس صحيحًا. الزمن يجلو الذاكرة كأنه الماء تغمر الذهب فيه، يومًا أو ألف عام فتجده في قاع النهر يلتمع. لا يفسد الماء سوى المعدن الرخيص، يصيب سطحه ساعة فيعلوه الصدأ. لا يسقط الزمن الأصيل في حياة الانسان. يعلو موجه، صحيح. يدفع إلى القاع. يغمر ولكنك إذ تغوص تجد شجيرات المرجان حمراء، وحبات الؤلؤ تتلأ في المحار. لا يلفظ البحر سوى الطحالب والحقير من القواقع، وغرناطة هناك كاملة التفاصيل مستقرة في القاع، غارقة.

 
أحيانًا أقول إن الحياة تقسو بلا معنى ولا ضرورة، وأحيانًا أقول حظنا منها -وإن ساء- أقل قسوة من الآخرين، أقل بكثير.

 
أن تهيم على وجهك نهارًا وتستقبل المساء جالسًا في زاوية المسجد تؤلمك قرصة الجوع ولا يتقذك منها سوى النوم كتدثرًا بملفك الخشن.. ما الجديد في ذلك؟

 
يا الله: حجابك رغم هذه السماء الصافية- كثيف، توّجتني يتاج العقل وأبقيتي طالبًا فقيدًا يعجزه المسطور في الكتاب، هل أودعت يا رب القلب جواب السؤال؟ وكيف لي أن أشق صدري وأغسل قلبي من كل شائبة؛ فيصفو كما المزآة وينجلي؛ فأشاهد فيه معنى الحكاية والهدف!

 
يتلمس الغريب المكان، يتعرف ببطء عليه، وتبقى المسافة لتؤكد غربة المكان وغربته فيه. 

 يطوقنا الأعدائ ويحملوننا ما يكفي من العم ويزيد، وبالكاد نستطيع الوقوف في وحههم، لا نملك أن نُحيي العداوات القديمة.

 
لم يشقه في تلك الليلة الحنين، انبثق كالنبع فيه، مال عليه وشرب حتى ارتوى ثم غفا في أمان الله.

 نحن منحوسون، تلاحقنا الخيبة كظلنا، لا أمل في شيء، لا أمل!

 ابتعدت الأبواب والأقفال تغيرت فما نفع المفاتيح؟

 جور يومي ونهب في عين الشمس وضرائب لا تنتهي لسيد الأرض، ولبلاط الملك، وكنيسة الملك، وزفاف ابن الملك، وحرول سيدنا الملك، هل ما نحن فيه يُطاق؟

 كأن الأيام دهاليز شحيحة الضوء كابية يقودك الواحد منها إلى الآخر فتنقاد، لا تنتظر شيئًا! تمضي وحيدًا وببطء يلازمك ذلك الفأر الذي يقرض خيوط عمرك، تواصل، لا فرح، لا حزن، لا سخط، لا سكينة، لا دهشة أو انتباه، ثم فجأة وعلى غير توقع تُبصر ضوءًا تكذّبه ولا تكذّب، وقد خرجت إلى المدى المفتوح ترى وجه ربك والشمس والهواء، من حولك الناس والأصوات متداخلة أليفة تتواصل بالكلام أو الضحك، ثم تتساءل: هل كلن حلمًآ أو وهمًا؟ أين ذهب رنين الأصوات، والمدى المفتوح على أمل يتقد كقرض الشمس في وضح النهار؟ تتساءل وأنت تمشي في دهليزك الجديد.


 كيف يبدأ المرء حياته وهو في السادسة والخمسين؟ لا زوجة لا أولاد يبددون وحشة الأرض الغربية، ولا قبر جدة ينمو فوق صندوقها بستان؟ لماذا يرحل إذًا؟ قد يكون الموت في الرحيل وليس في البقاء؟

تحليل وقراءة أمل


الإطار الزماني و المكاني

الزمان : الفترة الزمنية للقصة تتميز بطولها، فهي تبدأ قبيل سقوط غرناطة في يد القشتاليين و تنتهي عند ترحيل المسلمين من الأندلس، أي أكثر من مائة عام.
المكان : تدور معظم أحداث القصة في غرناطة، بالذات حارة البيازين، و لكن بعض الأحداث تدور في عين الدمع و الجعفرية و بالنسية، خصوصا في الجزء الثالث من الرواية.

الراوي : الكاتبة.

الشخصيات

شخصيات الرواية عددها كبير جدا و لذلك سأحصي فقط الشخصيات الرئيسية، و هي التي تنتمي إلى عائلة أبي جعفر أو تمت له بصلة مباشرة.
أبو جعفر : شيخ كبير يعمل في تغليف الكتب.
سليمة : حفيدة أبي جعفر، و هي فتاة مولعة بالقراءة و العلم خاصة الصيدلة.
حسن : حفيد أبي جعفر، و همه الوحيد طوال القصة العيش في سلام و إبعاد الأذى عن أهل بيته.
أم جعفر : زوجة أبي جعفر، شخصيتها تتميز بالليونة و التفهم.
أم حسن : امرأة عادية تهتم بالأخص بعائلتها و مشاكلهم اليومية.
سعد : فتى من مالقة، اشتغل عند أبي جعفر و تزوج ابنته، و بعد سقوط غرناطة عمل مع المجاهدين.
نعيم : رباه أبو جعفر منذ كان صغيرا، اشتغل معه في تغليف الكتب، و بعد سقوط غرناطة، صار يعمل مع قس كبير في السن أخذه معه إلى أمريكا.
مريمة : زوجة حسن، امرأة ذكية و فطنة و هي الشخصية الرئيسية للجزء الثاني من الرواية.
عائشة : ابنة سليمة و سعد.
هشام : الابن الأصغر لحسن و مريمة، تزوج من عائشة، و اختار أن ينضم للمجاهدين.
علي : ابن هشام و عائشة، بعد رحيل أبيه و وفاة أمه عاش مع جدته مريمة حتى ماتت، ثم تنقل في مدن كثيرة إلى أن استقر في قرية الجعفرية قرب بالنسية، و هو الشخصية الرئيسية للجزء الثالث من الرواية.
عمر الشاطبي : شيخ قرية الجعفرية و كبيرهم.
أبو منصور : صاحب الحمام و الذي اشتغل عنده سعد بعد وفاة أبي جعفر.

ملخص الرواية

تنقسم الرواية إلى ثلاثة أجزاء : "غرناطة"، "مريمة" و "الرحيل" و هي تحكي قصة عائلة غرناطية ابتداء من الجد أبو جعفر إلى الحفيد الأصغر علي مرورا بمريمة. تتناول الرواية التفاصيل اليومية و الحياتية لهذه العائلة والأشخاص المحيطين بها و الأحداث المتوالية التي تمر بها، من وفاة، زواج، ولادة، سجن، اغتراب.. دون أن تغفل الكاتبة عن وصف أحاسيس الشخصيات و نفسيتها و إكراهاتها و ربطها بالظروف الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية للأندلس إبان سقوطه.


و قد استعملت الكاتبة هذه العائلة كرمز للأندلس بأسرها، و لذلك نوعت في أنماط الشخصيات التي تنتمي إليها. و ربما كانت حالات الوفاة المتتالية في الأسرة محاولة لتشبيهها بسقوط المدن الأندلسية واحدة تلو الأخرى. في نهاية القصة لم يبق من هذه العائلة إلا علي الذي كان على وشك الرحيل من الأندلس، و لكنه اختار أن يبقى في النهاية.

الأفكار الرئيسية

1- وصف مفصل للظروف الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية و الدينية لغرناطة قبيل و بعد الاحتلال القشتالي.

2- وصف للظلم الذي كانت تعانيه الأندلس من طرف القشتاليين، الذين استباحوا القتل وهتك الأعراض، و حاولوا مستميتين تنصير المسلمين و طمس هويتهم و تخريب كل ما له علاقة بالحضارة الإسلامية كالكتب و المساجد. 
3- الأسباب الرئيسية لسقوط الأندلس لم تكن بالأساس سياسية، و إنما اجتماعية و نفسية أيضا. فبالرغم من أن بعض سكان الأندلس حاولوا الحفاظ على بعض المظاهر الدينية و على اللغة العربية و على الكتب التي كان القشتاليون يصادرونها و يحرقونها، إلا أنه في العمق، كان يوجد خلل في عدة جوانب، على الأقل هذا ما أوحته لي الرواية:
اختلال العقيدة، و هذا يظهر مع مجموعة من شخصيات الرواية (أبو جعفر الذي أنكر وجود الله قبيل موته، سليمة التي ما زالت تبحث عن الحكمة من الموت و من كل المصائب التي تمر على غرناطة، علي الذي ما فتئ يتساءل عن رحمة الله و قدرته).
هناك جانب آخر ركزت عليه الكاتبة كثيرا ألا و هو الجانب الأخلاقي، فمعظم الشخصيات ارتكبت أخطاء دون أن تحس بفداحة الأمر، مثل الزنى، تضييع الأمانة، شرب الخمر، السباب، الكذب و الاحتيال..
يظهر من الرواية أيضا أن الطقوس و الشعائر الدينية أصبحت مجرد تقاليد، فمعظم الشخصيات لم تتردد في قبول التنصير الشكلي و لم تحزن إلا على مظاهر الاحتفال في العيد و رمضان و طقوس دفن الموتى، و لكنها لم تهتم كثيرا لعمق الدين.
الاهتمام بالأمور المادية و المظاهر العمرانية أكثر من الجانب الروحي أو الإنساني )اهتمام أبي منصور بعمارة حمامه بينما هو يشرب الخمر، تزويج حسن لبناته من أسرة غنية معتمدا في اختياره على أساس مادي).
انتشار الخوف و ضعف الهمة و الاستسلام و الخنوع للمحتل و محاولة التعايش معه، اللهم إلا بعض المحاولات للثورة و التي غالبا ما كان ينقصها الإيمان و الخبرة.

أسلوب القصة

أسلوب القصة أسلوب أدبي راقي يتميز بمعجم لغوي غني و يجتمع فيه الوصف و الحوار بشكل متناغم و متقن، مما يجعل الرواية كقصيدة شعرية مكتوبة على شكل نثر أو سمفونية مؤلفة من كلمات ذات إيقاع موسيقي، إنها بحق رواية تطرب لها الأذن وينشرح القلب عند قراءتها.


ما أتفق فيه مع الكاتبة

1-قدرة الكاتبة على وصف الظروف السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية للأندلس إبان سقوطها من خلال عائلة غرناطية واحدة ينم عن ذكاء و تمكن و احترافية كبيرة.
2-بالرغم من الكم الهائل من الشخصيات في الرواية، إلا أن الكاتبة أعطت لكل شخصية حقها حتى يخيل للقارئ أن الشخصية تجسدت أمامه بكل تفاصيلها الجسمية و النفسية. 
3- تطرق الكاتبة لسقوط الأندلس بشكل غير تقليدي، فهي لم تتحدث عن الأمراء و الملوك و الخلافات بينهم و عن الأسباب السياسية، بقدر ما تطرقت إلى عامة الشعب، همومهم و أحلامهم و اهتماماتهم و علاقتهم مع بعضهم البعض و مع الله. 
4-المقارنة بين غرناطة و القدس كانت ناجحة، و خاصة تساؤل علي (الشخصية الرئيسية للجزء الثالث) عن الأسباب التي جعلت الأولى تسقط دون رجعة، والثانية ترجع لأيدي المسلمين بعد الحروب الصليبية.

ما لا أتفق فيه مع الكاتبة

1-الجرأة الزائدة في بعض المشاهد بين الجنسين، والتي أعتقد أنه لم يكن لها دور في إغناء الرواية و كان من الممكن تفاديها دون الإضرار بالسياق العام. 
2-الجرأة في مخاطبة الذات الإلهية من قبل بعض الشخصيات، و لا أدري إن كانت الكاتبة قصدت ذلك لبيان اختلال في العقيدة، و لكني كقارئة صدمت عند قراءة هذا الحوار الداخلي و أعتقد أنه من الأفضل الاحتراس أكثر في مخاطبة الله.

تقييم القصة
الرواية رائعة و ناجحة بجميع المقاييس، أدبيا و لغويا و تاريخيا و اجتماعيا، وتدل على تمكن الكاتبة و خبرتها، و هي تستحق بجدارة كل الجوائز التي حصدتها، و لكن لم يرق لي الجرأة التي تعاملت بها الكاتبة مع بعض المشاهد، لذلك تقييمي للرواية هو4.5  من 5.

خاطرة
بعض الناس ربما يعتقدون أن ظروف الاحتلال في غرناطة تشبه مثيلتها في فلسطين، و لكني أرى أنه لا وجه للمقارنة، فكما أسلفت الذكر، الكاتبة تصف بالأساس الخلل النفسي والديني والأخلاقي الذي كانت تعاني منه الأندلس، بينما فلسطين الآن هي رمز القوة و الكرامة والشجاعة والإيمان، شبابها و شيوخها و نساؤها و حتى أطفالها، فمنذ بداية الاحتلال لم يخضعوا يوما ولم يستسلموا لمحاولات التهويد و طمس الهوية و لم يتوانوا عن الدفاع عن أرضهم و عرضهم.
و إذا ألقينا نظرة على التاريخ، نجد أن فلسطين احتلت مرات عديدة و في كل مرة كانت تحارب و تقاوم حتى تنتصر، أما الأندلس عندما سقطت لم تعد إلى أيدي المسلمين مرة أخرى، و هذا يدل على وجود اختلاف ما يجب أن نفكر فيه مليا حتى نتعظ منه، ربما هذا هو الفرق الذي كان يتساءل عنه علي بطل الرواية.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق