الأحد، 27 ديسمبر 2015

لماذا كل هذا العداء لتركيا؟

لماذا كل هذا العداء لتركيا؟
 
إسماعيل ياشا











وزراء الخارجية العرب اجتمعوا قبل أيام في العاصمة المصرية القاهرة تلبية لدعوة الحكومة العراقية لمناقشة وجود القوات التركية في معسكر بعشيقة للتدريب بالقرب من الموصل. 
وعقد الاجتماع برئاسة أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية وحضور نبيل العربي الأمين العام للجامعة العربية.
وفي ختام هذا الاجتماع الطارئ أعرب الوزراء عن «إدانتهم للحكومة التركية لتوغل قواتها العسكرية في الأراضي العراقية باعتباره اعتداء على السيادة العراقية وتهديدا للأمن القومي العربي»، وطالبوا تركيا بسحب قواتها فورا من الأراضي العراقية دون قيد أو شرط.
هذه الإدانة التي خص بها وزراء الخارجية العرب «التدخل التركي» وحده للأراضي العراقية وتجاهلت الغزو الروسي والاحتلال الإيراني للدول العربية، أثارت موجة استياء كبيرة في الشارع العربي، ودفع الكتاب والمثقفين وحتى المواطنين العرب للتغريد في موقع التواصل الاجتماعي الشهير «تويتر» تحت وسم «جامعة الدول العربية لا تمثلني»، تعبيرا عن رفضهم لسياستها السلبية تجاه ما يحدث في سوريا وقضايا أخرى تتعلق بالشعوب العربية.
القوات التركية تمركزت في معسكر بعشيقة قبل فترة بطلب من الحكومة العراقية والتنسيق معها للمشاركة في تدريب عناصر الحشد الوطني السني، ولكن الحكومة العراقية نفسها تطالب اليوم تركيا بسحب تلك القوات. 
ويعرف الجميع أن هذا الطلب يقف وراءه النظام الإيراني المسيطر على قرار بغداد، وبالتالي يتساءل الأتراك في حيرة واستغراب: «لماذا تصطف جامعة الدول العربية مع طهران ضد أنقرة، ولماذا كل هذا العداء لتركيا؟».
هناك أصوات يرفعها عقلاء العرب بين الفينة والأخرى للمطالبة بالتحالف مع تركيا لمواجهة مخططات إيران التي تهدف إلى تفكيك المنطقة والسيطرة عليها بمباركة الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن موقف جامعة الدول العربية السلبي من وجود قوات تركية في شمال العراق لتدريب المتطوعين من أبناء المكوِّن السني تلبية لطلب القادة العراقيين يضع علامات استفهام كثيرة حول إمكانية تشكيل تحالف سني لمواجهة المد الإيراني، ويطرح هذا السؤال: «هل الأفضل لتركيا أن تنأى بنفسها عن الصراع العربي الإيراني وألا تستجيب لأي بلد عربي يدعو إلى التعاون والتحالف لمواجهة المخططات الإيرانية حتى لا تتهم فيما بعد بالتدخل في الشؤون العربية؟».
المحرِّك للمسؤولين العراقيين ضد تركيا في الأزمة الأخيرة واضح يعرفه القاصي والداني، كما أن من يقف وراء موقف جامعة الدول العربية السلبي من القوات التركية المتمركزة في معسكر بعشيقة بالقرب من الموصل لا يخفى على المتابعين للعلاقات التركية العربية، ولكن مثل هذه المواقف والقرارات تجعل الجامعة العربية مجرد أداة بيد انقلابي يرفضه شعبه ومعظم الشعوب العربية، وتتطلب من الدول العربية الصديقة أن تتدخل وتعترض على استغلال الجامعة العربية في تصفية بعض الأنظمة حساباتها مع تركيا، وحتى لا يبدو المشهد أن الدول العربية برمتها تقف ضد بلادنا. والمضحك في إدانة الجامعة العربية لتركيا أنها جاءت بعد أيام فقط من إطلاق مسؤولين عرب من مهندسي هذا القرار تصريحات يزعمون فيها أن العلاقات الطيبة والإيجابية مع أنقرة هي ما ينشدونه وأنهم يأملون في عودة علاقات مصر وتركيا إلى سابق عهدها.
وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري في مقابلة مع رويترز هدد تركيا بـ «المقاومة» إن لم تسحب قواتها من الأراضي العراقية، وقال إن «العراق يرفض الحرب لكن إذا أصر الطرف المقابل فالخيار مفتوح»، كما اتهم تركيا بـ «الالتفاف» على مطلب سحب القوات بإعادة نشرها في مناطق عراقية أخرى.
وفي المقابل، أكد وزير الدفاع التركي عصمت يلماز أن القوات التركية المتمركزة في معسكر بعشيقة ستواصل مهمة التدريب، ما يعني أن الأزمة بين أنقرة وبغداد ستستمر إن لم تشتد في الأيام المقبلة، وستكون اختبارا حقيقيا لإمكانية إقامة التحالف العربي التركي المنشود لمواجهة إيران التي تحتل عدة عواصم عربية وتخطط لاحتلال أخرى.
❍ @ismail_yasa

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق