أخي الكردي: العفو عند الفدرلة
أحمد عمر
لم أبنِ بيني وبين صاحبي السوري النازح إلى أمريكا سداً، كما وعدت. ولم أعمل بلوك، فاتصل بي شاكرا على إذاعة حوارنا، فقد ينتفع به الناس.
كان يريد مني أن أتحاور معه كلاماً، وليس على مذهب مريم العذراء بعد أن حملت بالروح القدس، ونذرت للرحمن صوماً، فلن تكلم اليوم إنسيا، وقد ذكرت أن هاتفي صغير، وأزراره صغيرة، وفي رموز الفيسبوك مندوحة، وتحت ظلالها أفياء ودوحة.
قال: أريد أن أفهم سبب هذا الاستعلاء من متعلميكم الكرد، ونخبتكم الموقرة، الذين يصفون العرب بأنهم لابسو الجلابيات، وواضعو الرنديلات، و"شاربو بول البعير"، و"عربوشك"؟
أرسلت له وجهاً واجماً.←
قال: فكرت كثيراً، ونجّمتُ حتى أعرف سبب هذا الاستعلاء، فوجدته في أن العرب كانوا فاتحين، محتلين بلغتكم الكردية المحدثة، وفي خطاب الحداثة العربي. والحق أن المسلمين كانوا كذلك، عرباً، وكرداً، ومماليك، وتتار، وترك، أي فاتحين، ثم أدركت بعد شدّة، أن السبب هو أنّ الكرد ليس في ملّتهم جماعات إرهابية دينية كما لدى العرب، جماعاتكم الإرهابية هي جماعات غير دينية، لينينية ستالينية، وهذا موثق في وثائق الأمم المتحدة التي يركن إليها أكثر الناس، واللينينية دين أيضاً، وإن كان ربهم قد صار تحت الأرض، هذا هو الفرق.
أرسلت له وجهاً ضاحكاً.
قال: فليكن في علمك أن "الضواعش" من كل الأمم: عرب وكرد وفرنسيس وطليان.
أرسلت له موافقة.
قال: أَم تريد أن تقول لي أن البكبكة هي جماعة تنهج نهج المهاتما غاندي في اللاعنف وتربية الماعز وحياكة الصوف؟
أرسلت له إشارات موسيقية.
قال: جميلة صورة المهاتما غاندي وسط خراب الرقة، تحفة.
أرسلت له بوقاً.
قال: أخي الكردي، بداية، لمَ لا تكتبون الكردية بالأحرف العربية المعتمدة في كردستان العراق، أو بالكردية اللاتينية في روج آفا، وهي حروف محدثة اخترعها لكم جلادت بدرخان في سنة 1932، يعني بالأمس القريب، القريب جداً، والحق أن القس الإيطالي كارزوني سبق بدرخان بسبعين سنة. اكتبوا بها، نحن لغتنا مقدسة، و"ستوك" كما تزعمون. فالفضائيات لا جدوى كبيرة منها، فهي تصدر الثرثرة، وهي أكثر من بسطات سوق الحرامية، كل كردي حامل مكرفون ومعه كاميرا ويطلق على نفسه صفة إعلامي!
أرسلت له عبسة عباس.
كرر: لا تكتبوا بلغة شاربي بول البعير، قرأت عشرات الاعترافات والاعتذارات على صفحاتكم، تقّر بالكتابة بالعربية اضطراراً، سليم بركات في وصف كتابته بالعربية، كان ينوس بين الفخر بإثراء كرديته بالعربية، وبين الضيق بمنفى اللغة، لكنه أقر مرة بأن لغته -حقاً أو باطلاً- لا تكفي لعدِّ دجاجات أمه ولفافات أبيه.
أرسلت له صفارة.
فهمنا أننا نتآمر عليكم، وأننا استعمار منعناكم من إقامة دولة، وأن صلاح الدين الذي تولّى زمام العرب والعجم قرناً كاملاً، رفيق “بعثي"، وخدمَ العرب، فأين الثقافة الكردية؟ اخدموها، فهي تحتاج إلى تطوير وتحديث، بل إلى تأسيس، فثقافتكم ما تزال شفاهية.
لمَ تستعيرون الكلمات من الإنكليزية في نشرات الأخبار والفضائيات الكردية، وتتكلمون مثل اللبناني، كلمة كردية وأخرى مستعارة.
اقتدوا باليهود، الذين بعثوا العبرية من الموت. لمَ تنشرون مقالاتكم بلغة شاربي بول البعير؟ لمَ ليس لديكم صحف ومجلات؟
لديكم نفط، وعندكم أغنياء ومليونيرات، وعندكم إقليم فيدرالي، وهو شبه دولة، وفيدرالية ناشئة ونفطية أيضاً، فلمَ لا تؤسسون صحيفة تلم شعثكم؟ لمَ ليس لديكم جوائز، مثل جوائز أنجال آل نهيان، وجوائز يحيى قضماني، وساويرس؟ أما "البوكر" و"كتارا"، فهي جوائز حديثة، حتى تبرز مواهبكم، وليكن في علمك أن جوائز عواصم البدو أكثر من جوائز عواصم الحضر. لا تقل لي أن شاربي بول البعير هم الذين جعلوكم متخلفين، واحتلوا أرضكم، وقرأتُ أنكم تتمنون لو كان الاحتلال فرنسياً، انظروا إلى جزائر المليون شهيد.
المهم يا كاكا: بإمكان أحدكم تعلم الكتابة بالكردية بسهولة، فأنتم تعرفونها شفاهاً، يمكنكم تعلم الأحرف الكردية في يوم، في شهر، في سنة، تهدى الجراح وتنام وعمر جرحي أنا..
أرسلت له: مجموعة أدوات ميكانيكية.
قال: دلّني على مليونير كردي اشترى لوحة لفنان كردي، تشجيعاً له وتصديراً لفنه.
أرسلت وجهاً مقلوباً.
قال: أخي، الزائدة ليست في الرأس.
أرسلت له وجها غاضباً.
قال: أمس قرأت لأرخميدس كردي مناصر للاستفتاء، وجد حلاً للحصار التركي الفارسي العربي، فدعا اللاجئين إلى التبرع لكردستان، وحسبة "عنتر شايل سيفه" هكذا: ثلاثة مليون كردي لاجئ في أوربا، وكلهم على قلب رجل واحد، هو قلب صاحبنا، قلب الأسد، الذي جمع 700 لايك على فكرته الرشيدة، ونصفهم وربما أكثر يعيشون على المعونات، سيتبرع كل واحد بعشرة يورو، والحصيلة ثلاثون مليون يورو، والحسابة بتحسب، يرسلونها إلى البرزاني بالوسترن يونيون، والوسترن يونيون تشكُ في كل حوالة أكثر من ثلاثمائة يورو، ومكتبها مغلق في كردستان، التي أخلتْ جميع المنظمات الدولية والحقوقية والأممية مكاتبها فيها، "وهربجي" كردستان.
أرسلت له سكيناً.
قال: ألا تصدق؟
ثم أرسل لي البوست ابن البوست!
قال: خطابكم يشبه خطاب أبو رقبة، الذي يهجو البداة العرب لابسي الجلابيات. كنتم تتذمرون من حكم البعث، فإذا بنا نراكم متعاونين، ومتآخين معهم، ومؤخرتين في شروال واحد، الأغلب أن النظام يستخدم الكرد، والعبرة بالمآلات، وعدوكم واحد هو: شارب بول البعير، مثل عداوة النمل لآكل النمل.
فلتعلم أن شارب بول البعير صقر قريش، بنى الأندلس، وحتى الأمس القريب، قبل سنوات، اجتمع علماء ريال مدريد وريال برشلونة على معالجة نافورة تنبثق من تحت بلاط الأندلس، صممها شارب بول بعير، منذ ثمانية قرون، فأعيتْ عقولهم، فكسروها، فأصبحوا نادمين، لأنهم عجزوا عن إعادة الجني إلى سيرته الأولى، فالجن من دخان، وقد طار الدخان بكسر القارورة. نشأت في إسبانيا حركة، تبغي الاعتراف بتأسيس شاربي بول البعير لمدريد، وفضلهم على الإسبان.
أرسلت له طبلاً.
قال ساخراً: كان مشروب صقر قريش، عبد الرحمن الداخل هو بول البعير سكر زيادة.
أرسلت له ضحكة ملونة.
ملاحظة:
حذفتُ من الحوار إشارة إلى ثلاث روايات كردية حديثة، مكتوبة بالعربية، عرّض صديقي بعناوينها، ويشير إلى عوار في عناوين الروايات الثلاث، ويعزو صديقي ضلال الكردي، إلى غريزة كردية أساسية هي غريزة الطاووس الاستعراضية، التي يحنُّ بعض الكرد إلى عبادته، وهم في سبيل بحثهم عن دولة.
حاولت الاحتيال على ملاحظاته حول عناوين الروايات الكردية ونشرها، فلم تواتيني الشجاعة، فعداوة الكردي قاسية، ومريرة. الكردي لا يقبل النقد، ولا النصيحة، فآثرت السلامة، لأنّ ناقل الكفر عند الكردي كافر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق