الاثنين، 11 يونيو 2018

منعا لانفلات الأوضاع وانتقال العدوى: ما وراء "الهبَة" السعودية تجاه الأردن


منعا لانفلات الأوضاع وانتقال العدوى: ما وراء "الهبَة" السعودية تجاه الأردن



 منعا لانفلات الأوضاع وانتقال العدوى: ما وراء 
أشارت تقديرات صحفية إلى أن رئيس الوزراء الأردني المكلّف الجديد يواجه ضغوطا أكبر بكثير مما تعرض له أسلافه، وقد يكون هذا مرتبطا بحركة الاحتجاجات الأخيرة الضاغطة، وذيوع سرّ الماضي الذي بات اليوم كثير التداول في عمان، وهو ما يُعبَر عنه بـ"حكومة القصر" أو "حكومة الديوان"، للدلالة على أن تشكيلة رئيس الوزراء الجديدة مفروضة من الديوان الملكي أو على الأقل بضغط وتدخل منه.

واقترن انتشار مثل هذه التسريبات مع استلام الدكتور الرزاز لرئاسة الحكومة، يعكس احتدام صراع خفي داخل مراكز ومؤسسات القرار، استثمارا في الحركة الاحتجاجية من طرف، وفرضا لتوجهات وأسماء من طرف آخر. وما عاد يخفى أن الحكومات السابقة كان يُملى عليها أكثر القرارات وكانت تنفذها وبعض مسؤولي الديوان الملكي كانوا يتصرفون وكأنهم "رئيس وزراء". 
وعلى هذا، يبقى الديوان الملكي أو القصر هو الضاغط الأبرز في التشكيلة الحكومية الجديدة. 
وفي هذا السياق، تتحدث تقارير أن الجناح السعودي فيها هو الطامح لتقييد حرية الرئيس بعد سقوط الحكومة الماضية باحتجاجات شعبية، وربما عزز موقفه بالإعلان عن "قمة مكة" لتعيين رجال ولاءاتهم سعودية.

وهنا، يرى بعض المراقبين أن الفرصة قد تكون مُتاحة لمقايضة مكلفة وبصيغة مستفزة ومهينة للأردنيين تربط مساعدتهم اقتصاديا وماليا بشرط سياسي. إذ تبين، داخليا، أن الهدوء لا يمكن شراؤه لزمن طويل، والواقع الاقتصادي المأزوم نهايته أن يتفجر. وظلت الأردن معتمدة على اقتصاد تقليدي ضعيف عديم مصادر الطاقة والمياه (فهي تعتمد على إسرائيل)، وتجد صعوبة في أن توفر مصدر الرزق لسكانها المتزايدين.

 لكن لا يبدو أن الشارع الأردني الواعي مستعدَ للمزيد من الإملاءات. لهذا، فالشكوك تراوده من أي خطوة تتخذها السلطة، استنادا لسجل من مغامرات الحكم "الإصلاحية"، على مدى سنوات، انتهت إلى الفشل، فما عادت حسن النوايا التي تظهرها السلطة مُقنعة أو يمكن الوثوق بها. ثم إن حركة الجيل الشبابي الأخيرة استثمرها القصر في جلب الدعم وحسنت موقف الحكم التفاوضي إقليميا ودوليا. وإن كانت ثمة شكوك بأن ما حصل من "تعامل أمني ناعم" مع احتجاجات الشارع قد يكون مرتبا له وليس منطلقه قناعة مبدئية بضرورة التغيير. وثمة شكوك أيضا إزاء موجة التضامن الخليجي، وخصوصا السعودي، ذلك أنه في السنة الأخيرة لم يصل ولا حتى الفتات إلى خزينة الأردن من المملكة، فالسياسة لم تعجب السعوديين، فأغلقوا المحفظة، وفقا لتقديرات صحفية، وهنا تُطرح تساؤلات عن "الثمن" و"الخلفية".

وبالرغم من أن السعودية تحاول الإيحاء بأن الدعوة إلى قمة موقف تضامني وهبَة إنسانية لنجدة الأردنيين، إلا أن بعض المراقبين يرى فيها تعبيرا عن خشية سعودية أميركية إسرائيلية من انفلات الأوضاع في المملكة الهاشمية، وربما "إجراء احترازي مطلوب خليجيا وأميركيا وإسرائيليا لتطويق الاضطرابات في الأردن، ومنعها من الانفلات على نحو يصعب التحكّم فيه"، كما كتب أحد المحللين.

وربما أدركت الرياض، ومن على خطَها، أن "الذهاب بعيدا في استخدام سياسة الترهيب الاقتصادي ضد عمان سيؤتي إلى نتائج معاكِسة لما كانت تتطلع إليه من وراء قطعها المساعدات عن الأردن"، فتحركت لمنع انتقال العدوى إليها، وتحسبا لانتهاج خطة مشابهة لقطر بأن تأوي عمان إلى من تراهم السعودية خصومها في المنطقة: تركيا وإيران. 
وقد لا تكون قمة مكة "خالية من إيعاز أمريكي إلى الخليجيين بإرخاء الطوق الاقتصادي المفروض على الأردن، منعا لما هو أسوأ"، وهو ما تخشاه إسرائيل كثيرا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق