الساعات الأخيرة في الميزان
المستشار/ وليد شرابي
لم اكن اود التعليق بشكل مفصل عن رأيي فيما سمي بالساعات الأخيرة حتى رأيت أن الامر بدأ يأخذ أبعادا اكثر مما كنت اتوقع حتى ان عدة تصريحات صدرت عن أسرة الرئيس في هذا الصدد وحول هذا ( الفيلم ) لدي عدد من الملاحظات
أولا الدور الأمريكي :
وهو أهم ما في الساعات الأخيرة فقد تم تصوير الحدث وكأن أمريكا كانت تتابع الحدث من خلال نشرات الاخبار دون ان يوضح الدور الفاعل لها في الاحداث بل ان المقطع الاهم في هذا الصدد لم يتم تناوله بشفافية لانه في تقديري كانت السبب الاهم في تحرك خونة العسكر للانقلاب على رئيسهم تلك المكالمة الهاتفية التي تمت قبل الإنقلاب بساعات بين الرئيسين مرسي وأوباما ومن خلال معلوماتي الموثقة من القريبين الفعليين من الرئيس مرسي في #الساعات_الأخيرة لم يتناول هذا العمل ما طلبه الرئيس أوباما من الرئيس مرسي حول ملف القضية الفلسطينية والحدود مع قطاع غزة والأنفاق بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية ، وكيف كان الرد الحازم من الرئيس مرسي حول الطلبات الأمريكية في هذا الصدد بما أزعج الأمريكان وبعدها مباشرة تحرك العسكر بصورة مباشرة نحو الإنقلاب العسكري .
ثانيا إنتقاء الضيوف المصريين :
عدد كبير من المصريين كان قريبا من الرئيس مرسي في الساعات الأخيرة وعلى رأس هؤلاء أسرة الرئيس مرسي والدكتور هشام قنديل فإذا إفترضنا ان صانعي الفيلم فضلوا الاستعانة بمن هم في الخارج بسبب المشكلات الامنية في مصر فلا أجد تبريرا لإستبعاد الدكتور صلاح عبد المقصود وزير الاعلام آنذاك و اكثر الناس دراية بالساعات الأخيرة بحكم منصبه وعمله وكذلك الأستاذ أحمد عبد العزيز وعدد من قيادات جماعة الاخوان المسلمين فعلى اي اساس تم (إنتقاء) المتحدثين إلا إذا كان المقصد هو أن يصل للمشاهد معلومات محددة من خلال ضيوف يتم آختيارهم حتى لا يسمع المتابع إلا وجهة نظرهم .
ثالثا التلاعب في المحتوى :
أعلن السيد خالد القزاز سكرتير الرئيس مرسي للعلاقات الخارجية ان الجانب الأكبر مما قام بسجيله في هذا العمل لم يتم عرضه وان هناك صورة معينه قد تم فرضها على المشاهد وان ما تم عرضه من شهادات تم لخدمة هذه الصورة بل وصل الامر الى اسقاط واقعة تمت في بداية تعيين السيسي وكأنها حدثت مع الساعات الاخيرة حين قال السيسي عن ( ضرورة الحفاظ على الرئيس مرسي والمشروع الاسلامي ) وهذا بالقطع تزييفا للحقيقة الهدف منه تصوير الرئيس وفريقه وكأنهم سذج قد نجح السيسي في خداعهم حتى أخر لحظة .
رابعا الخداع الإستراتيجي :
كلمة خبيثة أستخدمت في فيلم الساعات الاخيرة عدة مرات وهي ترمي الى الثناء على ما قام به العسكر من إجراءات فعندما يتم وصف الخداع انه إستراتيجيا فنحن الان نبرره ونثني عليه لان الهدف منه تحقيق مصلحه اكبر ،ومثال ذلك عندما أقول ان الرئيس السادات قد قام بعملية خداع إستراتيجي في حرب اكتوبر بان اخذ القرار بالحرب في شهر رمضان والجنود صيام وإسرائيل لم تكن تتوقع ان يحارب الجنود وهم في هذه الحالة فانا هنا امتدح هذا النوع من الخداع وكيف تمكن من تحقيق مصلحة كبيرة للوطن .
أما ان يتم وصف خداع العسكر لرئيسهم بانه خداعا إستراتيجيا فهذا يسيئ لمن قاله ولا اريد ان اتدخل في النوايا ولكن الصحيح ان يوصف ذلك الفعل بأنه خيانة وليس خداعا إستراتيجيا.
خامسا الخداع تم لجبهة ٣٠ يونيو وليس للرئيس :
لم يوضح الفيلم قصر نظر جبهة ٣٠ يونيو وكيف ظنوا انهم قادة المشهد في المستقبل بعد التخلص من خيارات الشعب الديمقراطية ومشاركة العسكر في إنقلابهم فاستغل العسكر وجوههم المدنية لتمرير الانقلاب العسكري وإستعملهم فيما أراد ثم نكل بهم بعد ذلك بين سجين ومشرد وملاحق لكن دعونا نكون اكثر صراحة فان الفيلم لن يتمكن صانعه من نشر هذه الحقيقة لان الهدف هو تلميع هذه الجبهه بزعامة قائدهم البرادعي لذلك فان الحقيقة لا يمكن ان تصل الى المشاهد كاملة الان .
سادسا الخطاب الاخير للرئيس مرسي بحضور السيسي :
من أفضل الخطابات التي ألقاها الرئيس وشرح جانبا كبيرا من المؤامرة وفضح بالاسماء عددا كبيرا من أفرادها أما عن الكلمة التي قالها بشان الرجال الذين مثل الذهب في القوات المسلحة فلم يكذب فيها بل كان صادقا الى ابعد حد فأنا اعلم يقينا كم المعلومات الحقيقية التي كانت تصل الى الرئيس من داخل القوات المسلحة وبأدق تفاصيلها بل ان السيسي في عدة لقاءات كان يفاجئه الرئيس بمعلومات من داخل الجيش فيندهش من كيفية وصول تلك المعلومات للرئيس وكيف كانت خطة الشئون المعنوية لتحريض الضباط والجنود والرأي العام ضد الرئيس وما هي خيارات الرئيس المتاحة أمام هذا الكم من المعلومات.
إعلموا يا سادة ان التاريخ لم يكتب بعد وان الرئيس لديه الكثير والكثير ليقوله ،وان في القوات المسلحة رجال مثل الذهب .
سابعا ماذا عن الساعات الأخيرة للبرادعي ؟
كيف طاف أرجاء العالم لاقناع مؤسسات دولية بالانقلاب على التجربة الديمقراطية الوليدة وكيف ولماذا سوق لهذا الانقلاب وكيف جعل من جبهة الإنقاذ خنجرا لطعن الثورة المصرية وقبل ان يكون نائبا لرئيس جمهورية الانقلاب بقرار تعيين صادرا من العسكر .
بالقطع لن يتعرض الفيلم لاي شيئ يسيئ للبرادعي بل العكس هو الذي تم حين ظن البعض اننا نحتفظ بذاكرة السمكة ومن السهل ان ننخدع في شخص واحد مائة مرة .
ثامنا وماذا عن الدعم الخليجي للانقلاب في الساعات الأخيرة ؟
وكأن أغلب دول الخليج لم تكن حاضرة في المشهد فلم يعرض الفيلم تلميحا او تصريحا لأي شيئ عن المؤامرة الخليجية لتنفيذ الانقلاب ،والحيقية أنني لا أدري ما هو الهدف من طمس هذه الحقيقة!!! ألم يقف السيسي في أول خطاب له بعد الانقلاب ليشكر السعودية والإمارات والكويت والبحرين ؟ لماذا حرص الفيلم علي ايصال الحقيقة مبتورة ولماذا حرصوا الا يصل الدرس للمشاهد ؟
الانقلاب ليس كما يسوقون بان السيسي خدع رئيسه وانقلب عليه ،ومن يتحدث بهذا المنطق هو اما ساذج او مغرض لان الرئيس مرسي والشعب المصري كانوا يواجهون مؤامرة دولية وإقليمية بمعاونة خونة ومرتزقة من المصريين .
تاسعا الخلط بين الشاهد والمسؤول :
أراد عدد من المتحدثين ان يصور نفسه مجرد شاهدا على الاحداث وليس مسؤولا عنها فظل يحلل وينظر ويحدد لنا كيف انخدع الرئيس وكيف نجح السيسي في ان يخدع الرئيس وأراد من الجمهور ان تصل به درجة البلاهة ان ينسى ان هذا الشخص كان مسؤولا مع الرئيس وان كل من كانوا في السلطة حينها يتحملون المسؤولية اما فكرة تحميل فرد واحد وهو الرئيس مرسي للمسؤولية منفردا ويظن باقي من كانوا عونا له في السلطة انهم خارج اطار المسؤلية فهذا لن يتم لا سيما وان عددا من هؤلاء المتحدثين والمسؤولين أثناء حكم الرئيس مرسي قد خرجوا علينا بصحبة إعلامي فلسطيني خلال الشهر الماضي ليرسلوا جميعا للمصريين رسالة واحدة وهي ان الزمن قد تجاوز الرئيس مرسي ،وهذا غير صحيح ولكن حين تنكشف الغمة سيتبين لهم ان الزمن قد تجاوزهم هم.
عاشرا تكذيب أسرة الرئيس :
ما نشرته حرم السيد الرئيس مرسي وسيدة مصر الاولى وعدد من أبنائه عن تكذيبهم لمحتوى فيلم الساعات الأخيرة والمتحدثين فيه يشكل القول الفصل في كل ما قيل فبكلماتهم أصبح هذا العمل هو والعدم سواء والخير الذي في هذا العمل انه كشف لنا عن مواقف البعض كنا نعدهم من الأخيار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق