الخميس، 5 يونيو 2025

ما بين الراية البيضاء والمقاومة تاريخ يُكتب

 ما بين الراية البيضاء والمقاومة تاريخ يُكتب 

د. محمد المقاطع

إن الكيان الصهيوني المحتل لأرض فلسطين هو كيان هَشّ ولقيط وجسم غريب في المنطقة من جميع الجوانب، وهو مثل غيره من كيانات الاحتلال مصيرها إلى الزوال والاندحار من أرض فلسطين ومن العربدة والجرائم الوقحة واللاإنسانية التي ترتكب في غزة بممارسات، بعد أن تجاوزت وصف الجرائم والإبادات والتطهير العرقي والتجويع والتعطيش، دخلت في نطاق «الوحشية الآدمية»، بل الحيوانية المتوحشة المتعطشة للدماء والتلذذ بالمجازر والإبادات الفردية والجماعية، وخصوصاً في حياة المدنيين الآمنين. 

إن صفحات التاريخ مليئة بالبطولات والروايات التي سطرتها العديد من الشعوب في مقاومتها للاستعمار والمستعمر، وهي مقاومة كانت سبباً لانتهاء الاستعمار واندحار المستعمر، ومن ثم تحرر تلك الدول واستقلالها وامتلاكها قرارها الوطني وسيادتها. 

وقد رأينا ذلك في مصر والجزائر وليبيا وسورية وفيتنام، بل وجنوب إفريقيا، وغيرها من الدول والشعوب الكثيرة! وهو ما سنراه حتماً وعاجلاً غير آجل في فلسطين. 

ولعله من الأهمية بمكان أن نورد هنا أموراً في غاية الأهمية، من ذلك أن الدولة المستعمرة وبسطوة سيطرتها على الدولة المحتلة وإخضاعها بالقوة لها من خلال الوجود القوي والمكثف لجيشها في أراضي الدولة المحتلة، خصوصاً في ظل ما تعبّر عنه الدولة المستعمرة من مقولات، مثل أنها دولة منتصرة، وأنها تملك القدرة على التحكم بمصير الدولة المحتلة، وأنها صاحبة اليد العليا التي تملك بها السلطة والهيمنة على الدولة المحتلة، ومن ثم التصرّف بمصيرها وشعبها وأرضها وثرواتها. 

لكن لحُسن الحظ أن التاريخ لا يكذب ولا يدلّس الوقائع، والحالة تتكرر وتتكرر مرات ومرات، وها نحن نرى الملحمة البطولية لأهل غزة في صمودهم الأسطوري ومقاومتهم الوطنية الشجاعة والمبهرة، التي لخبطت حسابات الصهاينة وجيوشهم وقيادتهم التي كانت تتوهم أنها منتصرة، وأن صنوف التعذيب اللاإنساني الذي تمارسه إبادة وتقتيلاً وتشريداً وتجويعاً وتدميراً للبشر والحجر والشجر وكل شيء، سيكون سبباً لرفع الفلسطيني ومقاومته راية الاستسلام البيضاء! وسرعان ما تبدد وهمهم ذاك وذهبت كل ترتيباتهم المبنية على ذلك أدراج الرياح، لتصير أضغاث أحلام ليس لها من الواقع نصيب.

 فالفلسطينيون بشكل عام، وفي غزة بشكل خاص، رغم كل ما يتعرّضون له من مآسٍ لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، لا يزالون صامدين بشكل أسطوري، بل ويقاومون الصهاينة ومن يقف وراءهم بكل أنفة ووطنية وشراسة، وبصورة أسطورية مذهلة! 

وهو ما أفشل للكيان الصهيوني خططه وترتيباته بشأن صفقة القرن! وبشأن سيناريو التهجير الاختياري والقسري معاً! 

وفي شأن جعل فلسطين أرضاً بلا شعب كما يدّعون! ولن يروا في أي يوم من الأيام راية الاستسلام مرفوعة، وسوف تستمر المقاومة ليس في غزة فقط، وإنما في كل فلسطين، حتى يتم تحريرها بالكامل، وتلك هي الحقيقة والوقائع التي كتبها التاريخ، وسيعيد كتابتها بإذن الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق