الجمعة، 18 أكتوبر 2013

الشرعية المختطفة بمصر.. «حامل»!


الشرعية المختطفة بمصر.. «حامل»!

شريف عبدالغني

في فيلم «الزوجة الثانية»، اختطف العمدة الظالم صلاح منصور سعاد حسني «فاطمة»، من زوجها شكري سرحان «أبوالعلا»، وتزوجها عنوة بمساعدة رجل دين فاسد لعب دوره باقتدار حسن البارودي.
مهمة الشيخ –كما في كل الديكتاتوريات- إصباغ تصرفات العمدة ونهبه لأملاك أهالي القرية بصبغة دينية.
كان البارودي يردد على مسامع الناس دائما عبارة: «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم».
يقولها على الدوام خاصة حينما تكون أفعال العمدة لا ترضي الله ولا الرسول، وشارك في جريمة خطف زوجة شابة جميلة، كل ذنبها أنها زاغت في عين رجل طماع يريد أن يملك الأرض ومن عليها من دواب وبشر.
ليلة الزفاف، حضر الباردوي. طبعا يجب أن يكون بجانب ولي نعمته حتى غرفة النوم، وعندها دس يده في جيبه وخرج منها بزجاجة دهان صغيرة وهو يقول للعمدة: «خد ده وادعيلي».
باقي الأحداث معروفة.
الزوجة الأولى للعمدة -سناء جميل- أصرت على أن تستأثر به يوم زفافه على فاطمة.. «الليلة يا عمدة»، يرد عليها: «اعقلي يا حفيظة».. تغلق باب النقاش: «الليلة يعنى الليلة». فرحت فاطمة لغيابه، وصممت على ألا ترضخ أو تستسلم للأمر الواقع في باقي الليالي. استخدمت الحيلة والدهاء حتى حولت أيام العمدة إلى سواد. وصلت الذروة حينما حملت من زوجها الشرعي «أبوالعلا»، لتضع كبير القرية في موقف يكسر الظهر.
 لم يخطر ببال بشر أن يكون المولود المنتظر من غير العمدة، بينما هو لا يجرؤ على أن يخبرهم بالحقيقة خشية الفضيحة والعار التاريخي.
كل ما فعله أن خرج هائما على وجهه في الشوارع، يزداد ألما وحسرة كلما بارك له المباركون وهلل له المهللون، وذهب إلى حد الهذيان حينما هنأه شيخ الندامة حسن البارودي، وطلب حلاوة المولود الجديد بعد الدور الخرافي الذي بذله من أجل هذا الهدف، بداية من تزويجه فاطمة دون أن تحل له، وانتهاء بزجاجة الدهان السحري.
 لم يرد العمدة عليه، فقال له الشيخ الفاسد: انت بتهرب من الحلاوة.. لا وحياتك مش هتنازل عن نص فدان وجاموسة!
هل خطر ببالك أيها القارئ شيء من هذا الفيلم البديع؟ ألم يذكرك بما يدور حولك؟ ألا تظن أن هناك تشابها بين الشرعية المخطوفة و «فاطمة»؟ ألم تر أي توافق بين حسن البارودي وبين مشايخ السلطان حاليا؟
إذا كنت ترى هذا التشابه، فأكمل معي قراءة المقال. ولو ظننت أنه أصابني مسّ من الجنون فأنصحك أن «تاخدها من قصيرها»، وتذهب لتسلي نفسك باختراق نفق الجيزة المفتوح على مصراعيه، أو تثري روحك بمشاهدة شبيه هذا النفق، وهو فم لميس الحديدي الواسع المنشكح الضاحك على الدوام بعد زوال «غمة الديمقراطية» ومحمد مرسي، الذي أظن -من شدة كرهها للرجل- أنه وعدها زمان بتمشية على الكورنيش مع شوية ترمس ثم تخلى عنها، فوقعت في صلعة عمرو أديب.
جلس أحمد الطيب، منيرا ومضيئا العرس التاريخي الذي «اجتذب» فيه القوم «فاطمة».. عفوا اختطفوا «الشرعية» من السلطات التي اختارها الشعب وأخفوا «الزوج الشرعي» عن العالم.
الطيب من أيام عضويته بأمانة السياسات بحزب مبارك وهو دائما ينصحنا مثل البارودي: «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم». فعلها في عهد المخلوع ومن بعده المجلس العسكري و «طنطاوي» ويفعلها حاليا، لكنه لم يفعلها أيام مرسي. طيب يا صبر طيب.
دور الطيب بارز في الزيجة الباطلة. كان نجما لامعا وسط الحضور. لا يضاهيه بريقا سوى رفيق الدرب والطريق «تواضروس». الوحدة الوطنية تتجلى في الغطاء الديني. السياسيون الذين حضروا لا وزن لهم ولا قيمة ولا يساوون جناح بعوضة عند العريس. العشرة منهم بقرش وغيرهم كتير في الخدمة وتحت الطلب يأتون زاحفين بمجرد إشارة. المهم رجال الدين. لكن خد بالك نحن لا نستغل الدين في السياسة. أبدا.. بتاتا. وجود شيخنا و «أبونا» لمجرد البركة والمباركة للعروسين لا أكثر ولا أقل.
إذا كان الطيب حضر الفرح، وأطلق نيران الكلام تحية للعريس والعروس والليلة والناس الحلوة وانا وانت، بينما غاب عنه علي جمعة، فإن جمعة دوره قادم.
استدعوه لما استعصت «فاطمة» على العمدة. في عرضك وطولك يا مولانا.. شوف لنا حل. والله ما قصّر «مفتي الدماء». لم يفعل مثل البارودي ويطلب من العمدة أن يدلع فاطمة لأنها لسة «صغار» ويجهز لها «بيت خصوصي» بعيدا عن زوجته الأولى النكدية المفترية، ولم يدس يده في جيبه ليخرج زجاجة الدهان السحري، بل جاب من الآخر: «اضرب ف المليان»!!
سمع العريس الكلام و.. ضرب في المليان.
مبروك. فاطمة حامل. زوجة شقيق العمدة تغيظ الزوجة الأولى العاقر: «وسّعي لأم الواد».
فاطمة تمكنت وتسيدت. أنا أم الواد. حشود المهنئين تنهال على دوار العمدة. لكن الأخير يخبط كفا بكف. يا نهار اسود.. حامل.. من مين.. وازاي.. وإمتى.. وفين.. انت اللي اتهفيت في نافوخك يا عمدة وخطفت البت من جوزها.
• سألها: مين اللي عمل العملة المهببة دي يا فاطمة؟
- أجابت: جوزي.
• بس ده محصلش.
- وهو انت جوزي؟!
خرج العمدة يهذي. يكلمه الناس فلا يرد. يتهامسون: «الفرحة جننت العمدة يا رجالة». يمشى حتى يقابله علي جمعة مهللا: «مبروك يا عمدتنا.. رفعت راسنا». لا يرد عليه، فيقول جمعة: انت بتهرب من الحلاوة.. لا وحياتك مش هتنازل عن نص مليار ودبابة!

شريف عبدالغني
shrief.abdelghany@gmail.com
http://twitter.com/shrief_ghany

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق