الخميس، 31 أكتوبر 2013

روائع الرسائل ..روائع رسائل الخلافة العباسية

روائع الرسائل ..



روائع رسائل الخلافة العباسية


رسالة أبي العباس السفاح لعامر بن إسماعيل
رسالة أبي العباس السفاح الخليفة العباسي الأوَّل لعامر بن إسماعيل -قائده الذي قَتَلَ مروان بن محمد في مصر، والذي روَّع أهل بيت مروان، وأَكَلَ في داره، ثم جعل رأسَ مروان في حجر ابنته!-:
"ويلك، أَمَا كان لك في أدب الله  ما يزجُرُك عن أن تأكل من طعام مروان وتقعد على مهاده، وتتمكَّن من وساده، أما واللّه لولا أنَّ أمير المؤمنين تأوَّل ما فعلت على غير اعتقاد منك لذلك ولا شهوة لمَسَّك من غضبه وأليم أدبه ما يكون لك زجرًا، ولغيرك واعظًا، فإذا أتاك كِتَابُ أمير المؤمنين فتقرَّب إلى اللَّه تعالى بصدقة تُطفئ بها غَضَبه، وصلاةٍ تُظْهِر بها الاستكانة، وصُمْ ثلاثة أيام، ومُرْ جميع أصحابك أن يصوموا مثل صيامك"[1].
رسالة محمد الملقب بالنفس الزكية إلى المنصور
رسالة محمد بن عبد الله بن الحسن، الملقَّب بالنفس الزكيَّة، التي يُؤَكِّد فيها أحقِّيَّته بالخلافة من أبي جعفر المنصور (عبد الله بن محمد):
"من محمد بن عبد الله أمير المؤمنين إلى عبد الله بن محمد، {طسم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} إلى قوله: {مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ[القصص: 1-6]، وأنا أعرض عليك من الأمان ما عرضته، فإنَّ الحقَّ معنا، وإنَّما ادَّعيتم هذا الأمر بنا، وخَرجتم إليه بشِيعتنا، وحَظيتم بفضلنا، وإن أبانا عليًّا رحمه الله كان الإمام، فكيف ورثتم ولايةَ ولده؟!! وقد علِمتُم أنه لم يطلب هذا الأمر أحدٌ بمثل نَسَبنا ولا شرفنا، وأنَّا لسنا من أبناء الظِّئار[2]، ولا من أبناء الطُّلقاء، وأنه ليس يَمُتُّ أحدٌ بمثل ما نَمُتُّ به من القرابة، والسابقة، والفضل.
وأنَّا بنو أُمِّ أَبِي رسول اللهّ  فاطمة بنت عمرو في الجاهلية، وبنو فاطمة ابنته في الإسلام دونكم، وأنَّ الله اختارنا واخْتار لنا، فَوَلَدَنَا من النبيِّين أفضلُهم، ومن الألف أوَّلهم إسلامًا علي بن أبي طالب، ومن النِّساء أفضلُهن خديجة بنت خُويلد، وأوَّل مَن صلَّى إلى القبلة منهن، ومن البنات فاطمة سيِّدة نساء أهل الجنَّة، وَلَدَتِ الحَسن والحُسين سيدَي شباب أهل الجنَّة صلواتُ الله عليهما، وأنَّ هاشمًا وَلد عليًّا مرَّتين، وأنَّ عبد المطلب وَلد حَسَنًا مرَّتين، وأنَّ النبي  وَلَدَنِي مرَّتين، وأَنِّي من أوسط بني هاشم نَسبًا، وأشرفهم أبًا وأمًّا، لم تُعْرِق[3] فيَّ العجم، ولم تُنازع فيَّ أمهاتُ الأولاد، فما زال الله بمنِّه وفضله يختار لي الأمَّهات في الجاهليَّة والإسلام، حتى اختار لي في النار، فأَنا ابنُ أرفع الناس درجةً في الجنَّة، وأهونهم عذابًا في النار، وأبي خيرُ أهل الجنة، وأبي خيرُ أهل النار، فأنا ابن خير الأخيار، وابن خير الأشرار، فلك اللَّهُ، إن دَخلتَ في طاعتي وأَجَبْتَ دَعْوتي، أن أؤمِّنك على نَفسك، ومالك، ودَمك، وكلِّ أمرٍ أحدثتَه، إلاَّ حدًّا من حُدود الله، أو حقَّ امرئ مُسلم أو مُعاهَد، فقد علمتَ ما يلزمك من ذلك، وأنا أَوْلَى بالأمر منك، وأَوْفَى بالعَهد؛ لأنك لا تُعطي من العهد أكثرَ مما أعطيتَ رجالاً قبلي، فأيَّ الأمانات تُعطيني: أمانَ ابن هُبَيْرَةَ، أو أمانَ عمِّك عبد الله بن عليٍّ، أو أمانَ أَبِي مُسلم، والسلام"[4].
رسالة أبي جعفر المنصور إلى محمد النفس الزكية
رسالة أبي جعفر المنصور (عبد الله بن محمد) يَرُدُّ بها على الحجج التي أرسلها محمد بن عبد الله بن الحسن (الملقَّب بالنفس الزكيَّة):
"من عبد الله أمير المُؤمنين إلى محمد بن عبد الله بن حَسن، أمَّا بَعْدُ؛ فقد بلغني كتابُك، وفهمتُ كلامَك، فإذا جُلُّ فَخْرِكَ بقَرابة النِّساء؛ لتُضِلَّ به الغوغاء، ولم يَجعل اللهُ النساءَ كالعُمومة والآباء، ولا كالعَصَبَة الأولياء؛ لأنَّ الله جعل العمَّ أبًا، وبدأ به في القرآن على الوالد الأدنى، ولو كان اختيارُ الله لهنَّ على قدر قَرابتهن لكانت آمنة أقربَهن رَحِمًا، وأعظمَهن حقًّا، وأوَّلَ مَن يدخل الجنَّة غدًا، ولكنَّ اختيارَ الله لخَلقه على قَدْرِ عِلْمِه الماضي لهم. فأمَّا ما ذكرتَ من فاطمة جدَّة النبيِّ  وولادتها لك، فإنَّ الله لم يَرزق أحدًا من وَلدها دينَ الإسلام، ولو أنَّ أحدًا من ولدها رُزق الإسلام بالقرابة لكان عبد الله بن عبد المطلب أَوْلاهم بكُلِّ خَيْر في الدُّنيا والآخرة، ولكنَّ الأمرَ لله يَختار لدِينه مَن يشاء، وقد قال جَلَّ ثناؤه: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[القصص: 56].
وقد بعثَ الله محمدًا  وله عُمومة أربعة، فأنزل الله عليه: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ[الشعراء: 214]، فَدعاهم فأنذرهم، فأجابه اثنان أحدُهما أبِي، وأَبَى عليه اثنان أحدُهما أبوك، فقطع الله ولايتَهما منه، ولم يَجعل بينهما إِلاًّ ولا ذمَّة ولا مِيراثًا. وقد زعمتَ أنَّك ابنُ أخفِّ أهل النار عذابًا وابنُ خير الأشرار، وليس في الشرِّ خِيارٌ، ولا فَخْرَ في النار، وسَترد فتَعلم؛ {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ[الشعراء: 227].
وأمَّا ما فَخرتَ به من فاطمةَ أمِّ عليٍّ، وأنَّ هاشمًا ولد عليَّا مرَّتين، وأنَّ عبد المُطَّلِب وَلَدَ الحَسَنَ مرَّتين، وأنَّ النبي وَلَدَكَ مرَّتين، فَخَيْرُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ رسولُ الله  لم يَلده هاشمٌ إلاَّ مرَّة واحدة، ولا عبدُ المُطَّلِب إلاَّ مرَّة واحدة. وزعمت أنَّك أوسطُ بني هاشم نَسَبًا وأكرمُهم أبًا وأمًّا، وأنَّك لم تَلِدْك العَجم، ولمِ تُعْرِق فيك أمَّهاتُ الأولاد، فقد رأيتُك فَخرتَ على بني هاشم طُرًّا[5]، فانظُر أين أنت -ويحك- من الله غدًا!! فإنَّكَ قد تعدَّيت طَوْرك، وفَخرت على مَن هو خيرٌ منك نفسًا وأَبًا وأوَّلاً وآخِرًا؛ فَخرتَ على إبراهيم ولد النبيِّ ، وهل خيار ولدِ أبيك خاصَّة وأهلُ الفَضل منهم إلا بنو أُمَّهَات أولاد؟!! وما وُلد منكم بعد وفاة رسول الله  أفضلُ من عليِّ بن الحُسين، وهو لأمِّ ولد، وهو خَيرٌ من جَدِّك حَسن بن حسن. وما كان فيكم بعدَه مثلُ ابنه محمد بن عليٍّ، وجدَّتُه أُمُّ ولد، وهو خيرٌ من أبيك، ولا مثلُ ابنه جَعفر، وهو خيرٌ منك، وجدَّته أُمُّ ولد.
وأمَّا قولُك: إنَّا بنو رسول الله  فإن الله يقول: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}[الأحزاب: 40]، ولكنكم بنو ابنتِه، وهي امرأة لا تُحرز ميراثًا، ولا تَرث الوَلاء، ولا يَحلُّ لها أن تَؤُمَّ، فكيف تُوَرَّث بها إمامة، ولقد ظَلمها أبوك بكُلِّ وجه، فأَخرجها نهارًا ومرَّضها سِرًّا، ودَفنها ليلاً، فأبى الناس إلاَّ تقديم الشيخين وتفضيلَهما.
ولقد كانت السُّنَّة التي لا اختلاف فيها أنَّ الجدَّ أَبَا الأُمِّ والخال والخالةَ لا يرثون، وأمَّا ما فَخَرْتَ به من عليٍّ وسابقته، فقد حضرتِ النبيَّ  الوفاةُ، فأمر غيرَه بالصلاة، ثم أخذ الناسُ رجلاً بعد رجل فما أخذه، وكان في الستَّة من أصحاب الشُّورى، فتركوه كُلُّهم: رفضه عبدُ الرحمن بن عوف، وقاتله طَلحة والزبير، وأَبَى سعدٌ بيعتَه وأغلق بابَه دونه، وبايع معاويةَ بعده. ثم طلبها بكلِّ وجهٍ فقاتل عليها، ثم حَكَّم الحَكَمَيْنِ ورَضِيَ بهما وأعطاهما عهدَ الله وميثاقَه، فاجْتمعا على خَلْعه واخْتلفا في مُعاوية. ثم قال[6] جدُّكَ الحسن فباعها بِخرَق ودراهم، ولَحِقَ بالحجاز، وأسلم شيعتَه بيد مُعاوية، ودَفع الأموالَ إلى غير أهلها، وأخذَ مالاً من غير ولائه، فإن كان لكم فيها حقٌّ فقد بِعْتموه وأَخذتُم ثمنَه.
ثم خرج عمُّك الحُسيَن على ابن مَرْجانة[7]، فكان الناس معه عليه حتى قَتلوه وأَتَوْا برأْسِه إليه، ثم خرجتُم على بني أُميَّة فقتَّلوكم وصَلَّبوكم على جُذوع النخل، وأحرقوكم بالنِّيرانِ، ونَفَوْكم من البُلدان، حتى قُتل يحيى بن زيد بأرض خُراسان، وقَتلوا رجالَكم، وأسروا الصِّبية والنِّساء، وحَملوهم كالسَّبي المجلوب إلى الشام، حتى خرجنا عليهم، فَطلبنا بثأرِكم، وأدْركنا بدمائكم، وأورثناكم أرضَهم وديارَهم وأَموالَهم، وأردنا إشراككم في مُلكنا، فأبيتم إلاَّ الخروجَ علينا، وظننتَ ما رأيتَ من ذكرنا أباكَ وتَفضيلنا إيَّاه أنَّا نُقَدِّمه على العبَّاس وحمزةَ وجَعْفَرٍ، وليس كما ظننْتَ ولكنَّ هؤلاء سالمون مُسَلَّم منهم، مُجتمع بالفضل عليهم.
وابتُلى بالحرب أبوكَ، فكانت بنو أمية تَلعنه على المنابر كما تَلعن أهلَ الكفر في الصلاة المكتوبة، فاحتججنا له، وذكرنا فَضله، وعنَّفناهم، وظَلَّمناهم فيما نالوا منه.
وقد علمت أنَّ المكْرمة في الجاهلية سِقَايَةُ الحاجِّ الأعظم وولاية بئر زمزم، وكانت للعبَّاس من بين إخوته، وقد نازعَنا فيها أبوك، فقضى لنا بها رسولُ الله ، فلم نَزل نَليها في الجاهليَّة والإسلام. فقد علمتَ أنه لم يَبْق أحدٌ مِن بعد النبيِّ  من بني عبد المطلب غير العبَّاس وحدَه، فكان وارثَه من بين إخوته، ثم طَلَبَ هذا الأمرَ غيرُ واحد من بني هاشم، فلم يَنله إلاَّ ولدُه، فالسقاية سقايتُنا، وميراث النبيِّ  ميراثُنا، والخلافة بأيدينا، فلم يبقَ فَضل ولا شَرف في الجاهليَّة والإسلام إلاَّ والعبَّاس وارثه ومُورِّثه، والسلام"[8].
رسالة نقفور إلى الرشيد ورده عليها
من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرُّخِّ[9]، وأقامت نفسها مكان البيدق[10]، فحملت إليك من أموالها ما كنتَ حقيقًا بحمل أضعافها إليها، لكنَّ ذلك ضعفُ النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي هذا فاردد ما حصل لك من أموالها، وَافْتَدِ نفسك بما تقع به المصادرة لك، وإلاَّ فالسيف بيننا وبينك.
فلما قرأ الرشيد الكتاب استفزَّه الغضب، حتى لم يقدر أحدٌ أن ينظر إليه دون أن يخاطبه، وتفرَّق جلساؤه، فدعا بدواة، وكتب على ظهر الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم؛ قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام[11].
رسالة هارون بن محمد الرشيد إلى العمال
"بسم الله الرحمن الرحيم. أمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ الله ولي أمير المؤمنين، وولي ما ولاه، والحافظ لما استرعاه وأكرمه به من خلافته وسلطانه، والصانع له فيما قدَّم وأخَّر من أموره، والمنعم عليه بالنصر والتأييد في مشارق الأرض ومغاربها، والكالئ[12]، والحافظ، والكافي من جميع خلقه، وهو المحمود على جميع آلائه، المسئول تمام حُسْنِ ما أمضى من قضائه لأمير المؤمنين، وعادته الجميلة عنده، وإلهام ما يرضى به ويوجب له عليه أحسن المزيد من فضله، وقد كان من نعمة الله  عند أمير المؤمنين وعندك وعند عوامِّ المسلمين ما تولَّى الله من محمد وعبد الله ابني أمير المؤمنين من تبليغه بهما أحسن ما أمَّلت الأُمَّة، ومدَّت إليه أعناقها وقذف الله لهما في قلوب العامَّة من المحبَّة والمودَّة والسكون إليهما والثقة بهما؛ لعماد دينهم، وقِوَام أمورهم، وجَمْعِ أُلْفَتِهِمْ، وصلاح دهمائهم[13]، ودفع المحذور والمكروه من الشتات والفُرْقَةِ عنهم، حتى ألقوا إليهما أزمتهم، وأعطوهما بيعتهم وصفقات إيمانهم بالعهود والمواثيق، ووكيد الأيمان المغلظة عليهم، أراد الله فلم يكن له مردٌّ، وأمضاه فلم يقدر أحدٌ من العباد على نقضه، ولا إزالته، ولا صرفٍ له عن محبَّته ومشيئته وما سبق في علمه منه، وأمير المؤمنين يرجو تمام النعمة عليه، وعليهما في ذلك، وعلى الأمة كافَّة، لا عاقب لأمر الله، ولا رادَّ لقضائه، ولا مُعَقِّبَ لحُكْمِهِ.
ولم يزل أمير المؤمنين -منذ اجتمعت الأُمَّة على عقد العهد لمحمد ابن أمير المؤمنين من بعد أمير المؤمنين، ولعبد الله ابن أمير المؤمنين من بعد محمد ابن أمير المؤمنين- يُعْمِلُ فكره ورأيه ونظره ورَوِيَّته فيما فيه الصلاح لهما ولجميع الرعية، والجَمْعُ للكلمة، واللَّمُّ للشَّعَثِ[14]، والدفعُ للشتات والفرقة، والحسم لكيد أعداء النعم من أهل الكفر، والنفاق، والغلِّ، والشقاق، والقطع لآمالهم من كل فرصة يرجون إدراكها وانتهازها منهما بانتقاص حقِّهما، ويستخيرُ اللهَ أميرُ المؤمنين في ذلك ويسأله العزيمة له على ما فيه الخيرة لهما ولجميع الأُمَّة، والقوَّة في أمر الله وحقِّه، وائتلاف أهوائهما وصلاح ذات بينهما، وتحصينهما من كيد أعداء النعم، وردِّ حسدهم، ومكرهم، وبَغْيِهِمْ، وسعيهم بالفساد بينهما.
فعَزَمَ الله لأمير المؤمنين على الشخوص بهما إلى بيت الله، وأَخْذِ البيعة منهما لأمير المؤمنين بالسمع والطاعة والإنفاذ لأمره، واكتتابِ الشرط على كل واحدٍ منهما لأمير المؤمنين ولهما بأشدِّ المواثيق والعهود، وأغلظ الأيمان والتوكيد، والأخذ لكل واحد منهما على صاحبه بما الْتَمَسَ به أمير المؤمنين اجتماع أُلْفَتِهِمَا ومودَّتهما، وتواصلهما وموازرتهما، ومكانفتهما على حُسْنِ النظر لأنفسهما ولرعيَّة أمير المؤمنين التي استرعاهما والجماعة لدين الله  وكتابه وسنَّة نبيه الجهاد لعدو المسلمين مَن كانوا، وحيث كانوا، وقطع طمع كلَّ عدوٍّ مُظْهِر للعداوة ومُسِرّ لها، وكلِّ منافق ومارق، وأهل الأهواء الضالَّة المضلَّة مَن تكيد بكيد تُوقعه بينهما، وبدَحْسٍ[15] يدحس به لهما، وما يلتمس أعداء الله وأعداء النعم وأعداء دينه من الضرب بين الأُمَّة، والسعي بالفساد في الأرض، والدعاء إلى البدع والضلالة، نظرًا من أمير المؤمنين لدينه ورعيته وأُمَّة نبيِّه محمد ، ومناصحةً لله ولجميع المسلمين وذبًّا[16] عن السلطان الذي قدَّره وتوحَّد فيه للذي حمَّله إيَّاه، والاجتهاد في كل ما فيه قُرْبة إلى لله، وما يُنَالُ به رِضوانه والوسيلة عنده، فلمَّا قَدِمَ مكَّة أظهر لمحمد وعبد الله رأيه في ذلك وما نظر فيه لهما، فَقَبِلاَ كلَّ ما دعاهما إليه من التوكيد على أنفسهما بقبوله، وكَتَبَا لأمير المؤمنين في بطن بيت الله الحرام بخطوط أيديهما بمحضر ممن شهد الموسم من أهل بيت أمير المؤمنين، وقوَّاده، وصحابته، وقُضَاتِه، وحجبة الكعبة، وشهاداتهم عليهما كتابين استودعهما أمير المؤمنين الحجبة، وأمر بتعليقهما في داخل الكعبة.
فلمَّا فرغ أمير المؤمنين من ذلك كلِّه في داخل بيت الله الحرام وبطن الكعبة، أمر قُضَاتَه الذين شهدوا عليهما، وحضروا كتابهما، أن يُعْلِمُوا جميع من حضر الموسم من الحاجِّ، والعُمَّار، ووفود الأمصار، ما شهدوا عليه من شرطهما وكتابهما، وقراءة ذلك عليهم؛ ليفهموه، ويَعُوهُ، ويعرفوه، ويحفظوه، ويُؤَدُّوه إلى إخوانهم وأهل بُلدانهم وأمصارهم، ففعلوا ذلك، وقُرِئَ عليهم الشرطان جميعًا في المسجد الحرام، فانصرفوا وقد اشتهر ذلك عندهم، وأَثْبَتُوا الشهادة عليه، وعَرَفُوا نظر أمير المؤمنين وعنايته بصلاحهم، وحقن دمائهم، ولَمِّ شَعَثِهم، وإطفاءِ جمرة أعداء الله أعداء دينه وكتابه، وجماعة المسلمين، وأظهروا الدعاء لأمير المؤمنين والشكر؛ لما كان منه في ذلك.
وقد نسخ لك أمير المؤمنين ذَيْنِكَ الشَّرْطَيْنِ اللَّذَيْنِ كتبهما لأمير المؤمنين ابناه محمد وعبد الله في بطن الكعبة في أسفل كتابه هذا، فاحمد الله  على ما صنع لمحمد وعبد الله ولبَّى عهد المسلمين حمدًا كثيرًا، واشكره ببلائه عند أمير المؤمنين وعند وَلِيَّيْ عهد المسلمين، وعندك، وعند جماعة أُمَّة محمد  كثيرًا.
واقرأ كتاب أمير المؤمنين على من قبلك من المسلمين وأفهمهم إياه وقم به بينهم وأثبته في الديوان قبلك وقبل قواد أمير المؤمنين ورعيته قبلك واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون في ذلك إن شاء الله وحسبنا الله ونعم الوكيل وبه الحول والقوة والطول"[17].
رسالة ابن السماك إلى الرشيد
رسالة ابن السمَّاك[18] إلى الرشيد يعزيه بابن له:
"أمَّا بَعْدُ؛ فإن استطعت أن يكون شكرك لله حين قبضه أكثر من شكرك له حين وهبه فإنَّه حين قبضه أحرز لك هبته، ولو سَلِمَ لم تَسْلَمْ من فتنته؛ أرأيت حزنك على ذهابه وتلهُّفك لفراقه! أرضيت الدار لنفسك فترضاها لابنك! أمَّا هو فقد خلص من الكدر، وبقيت أنت معلَّقًا بالخطر، واعلم أن المصيبة مصيبتان إنْ جزعت، وإنما هي واحدة إن صبرت، فلا تجمع الأمرين على نفسك"[19].
رسالة الأمين إلى أخيه المأمون
رسالة محمد بن هارون الرشيد (الأمين) إلى أخيه عبد الله بن هارون (المأمون) يطلب فيها عونه، ورأيه، ويأمنه على نفسه، ويسأله أن يكون بمنزلة ولي للعهد في بغداد:
"من عند الأمين محمد أمير المؤمنين إلى عبد الله بن هارون أمير المؤمنين، أمَّا بَعْدُ: فإن أمير المؤمنين روَّى[20] في أمرك، والموضع الذي أنت فيه من ثغره، وما يؤمَّل في قربك من المعاونة والمكانفة على ما حمَّله اللهُ، وقلَّده من أمور عباده وبلاده؛ وفكَّر فيما كان أمير المؤمنين الرشيد أوجب لك من الولاية، وأمر به من إفرادك على ما يصير إليك منها، فَرَجَا أمير المؤمنين ألاَّ يدخل عليه وَكَفٌ[21] في دينه، ولا نُكْث في يمينه، إذ كان إشخاصه إيَّاك فيما يعود على المسلمين نفعه، ويصل إلى عامَّتهم صلاحه وفضله، وعَلِمَ أمير المؤمنين أن مكانك بالقرب منه أسدُّ للثغور، وأصلح للجنود، وآكد للفيء[22]، وأردُّ على العامَّة من مقامك ببلاد خُرَاسان منقطعًا عن أهل بيتك، متغيِّبًا عن أمير المؤمنين أن يولِّيَ موسى ابن أمير المؤمنين فيما يُقَلِّده من خلافَتِكَ ما يحدث إليه من أمرك ونهيك، فاقْدَمْ على أمير المؤمنين على بركة الله وعونه، بأبسط أمل، وأفسح رجاء، وأحمد عاقبة، وأنفذ بصيرة؛ فإنك أولى مَن استعان به أمير المؤمنين على أموره، واحتمل عنه النَّصَبَ فيما فيه من صلاح أهل ملَّته وذمَّته، والسلام"[23].
رسالة المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم
رسالة المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم[24] في امتحان القضاة، وأمر بإشخاص[25] جماعة منهم إليه بالرَّقَّة[26]، وكان هذا أوَّل كتاب كتب في ذلك، ونسخة كتابه إليه:
"أَمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ حقَّ الله على أئمة المسلمين وخلفائهم الاجتهاد في إقامة دين الله الذي استحفظهم عليه، ومواريث النبوَّة التي ورَّثهم، وأَثَر العلم الذي استودعهم، والعمل بالحقِّ في رعيَّتهم، والتشمير[27] لطاعة الله فيهم، واللهَ يسألُ أميرُ المؤمنين أن يوفِّقه لعزيمة الرشد وصَرِيمته[28]، والإقساط فيما ولاَّه الله من رعيته برحمته ومِنَّته، وقد عَرَفَ أميرُ المؤمنين أنَّ السواد الأعظم من حشو الرعيَّة وسَفِلة[29] العامَّة ممن لا نظر له ولا رويَّة، ولا استدلال له بدلالة الله وهدايته، ولا استضاء بنور العلم وبرهانه في جميع الأقطار والآفاق، أهلُ جهالة بالله، وعمى عنه، وضلالة عن حقيقة دينه وتوحيده والإيمان به، ونُكُوب[30] عن واضحات أعلامه وواجب سبيله، وقُصُور أن يقدروا الله حقَّ قدره، ويعرفونه كُنْهَ[31] معرفته، ويفرِّقوا بينه وبين خلقه؛ لضعف آرائهم، ونقص عقولهم، وجفائهم عن التفكير والتذكير، وذلك أنهم ساوَوْا بين الله  وبين ما أنزل من القرآن، فأطبقوا مجتمعين، واتفقوا غير متعاجمِينَ، على أنه قديم أوَّل لم يخلقه الله ويُحدثه ويخترعه، وقد قال تعالى في محكم كتابه، الذي جعله لما في الصدور شفاء، وللمؤمنين رحمة وهدى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا[الزخرف: 3] فكلُّ ما جعله الله فقد خلقه.
وقال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ[الأنعام: 1].
وقال : {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ[طه: 99]، فأخبر أنه قصص لأمور تلا به متقدمها.
وقال: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ[هود: 1]، وكلُّ مُحْكَم مفصَّل، فله مُحْكَم ومفصَّل، واللهُ مُحْكِمٌ كتابَه ومفصِّله؛ فهو خالقه ومبتدعه.
ثُمَّ هم الذين جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحقَّ، فدعوا إلى قولهم، ونسبوا أنفسهم إلى السُّنَّة في كل فصل من كتاب الله قَصَصٌ من تلاوته، ومُبْطِلٌ قولَهم، ومكذِّب دعواهم، ثم أظهروا مع ذلك أنهم أهل الحقِّ والدين والجماعة، وأنَّ مَن سواهم أهلُ الباطل والكُفْرِ والفُرْقَةِ، فاستطالوا بذلك وغَرُّوا الجُهَّال حتى مال قوم من أهل السمت[32] الكاذب، والتخُّشع لغير الله، والتعسُّف لغير الدين إلى موافقتهم عليه، ومواطأتهم على آرائهم تزيُّنًا بذلك عندهم، وتصنُّعًا للرياسة والعدالة فيهم، فتركوا الحقَّ إلى الباطل، واتَّخذوا دين الله وَلِيجَةً[33] إلى ضلالتهم، وقد أخذ الله عليهم في الكتاب ألاَّ يقولوا على الله إلاَّ الحقَّ أولئك الذين أصمَّهم الله، وأعمى أبصارهم: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا[محمد: 24].
فرأى أمير المؤمنين أنَّ أولئك شرُّ الأُمَّة، ورءوس الضلالة، المنقوصون من التوحيد حظًّا، والمبخوسون من الإيمان نصيبًا، وأوعيةُ الجهالة، وأعلامُ الكذب، ولسانُ إبليس الناطق في أوليائه.
فاجمع مَن بحضرتك من القضاة، واقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين هذا إليك، وابدأ بامتحانهم فيما يقولون، واكشفهم عمَّا يعتقدون في خلق الله وإحداثه، وأَعْلِمْهُمْ أنَّ أميرَ المؤمنين غير مستعين في عمله، ولا واثق فيما قلَّده الله، واستحفظه من أمور رعيَّته بمن لا يُوثَقُ بِدِينِهِ، وخُلُوصِ توحيده ويَقِينِهِ، فإذا أقرُّوا بذلك ووافقوا أمير المؤمنين فيه، وكانوا على سبيل الهدى، فَمُرْهُمْ بِمُسَاءَلَةِ من يحضرهم من الشهود عن عِلْمِهِمْ في القرآن، وترك إثبات شهادة مَن لم يُقِرَّ أنه مخلوق محدث والامتناع من توقيعها عنده، واكتب لأمير المؤمنين بما يأتيك من قضاة عملك في مسألتهم؛ والأمر لهم بمثل ذلك؛ ثم تفقَّد أحوالَهم حتى لا تُنَفَّذ أحكام الله إلاَّ بشهادة أهل البصائر في الدين، والإخلاص في التوحيد، واكتب إلى أمير المؤمنين بما يكون منك في ذلك إن شاء الله"[34].
رسالة ملك الروم إلى المعتصم
رسالة ملك الروم إلى المعتصم يتهدَّده فيها، فأمر بجوابه، فلمَّا قُرِئَ عليه الجواب لم يُرْضِهِ، وقال للكاتب: اكتب:
"بسم الله الرحمن الرحيم. أمَّا بَعْدُ؛ فقد قرأتُ كتابكَ، وسمعتُ خطابكَ، والجواب ما ترى لا ما تسمع، {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ[الرعد: 42]"[35].
رسالة أمير المؤمنين المتوكل إلى أهل حمص
رسالة أمير المؤمنين المتوكل إلى أهل حمص، عندما ثاروا على عامله، فلمَّا عَيَّن آخَرَ غيرَه ثاروا عليه وأخرجوه، فأرسل إليهم أميرُ المؤمنين المتوكِّل:
أَمَّا بَعْدُ؛ فإنَّ أمير المؤمنين يرى من حقِّ الله تعالى عليه فيما قَوَّم بِهِ من أَوَدٍ، أو عَدَّلَ به من زَيْغٍ[36]، أو لَمَّ به من شَعَثٍ[37]، ثلاثًا يُقَدِّم بعضهن أمام بعضٍ، فأُولاَهُنَّ ما يستظهر به من عظةٍ وحُجَّة، ثم ما يشفعه من تحذير وتنبيه، ثم التي لا ينفع حسم الداء غيرها:
أَنَـاةٌ فإنْ لم تُغْنِ عُقِّـبَ بَعْدَهَا *** وَعِيدٌ فَإِنْ لم يُجْدِ أَجْدَتْ عزائمُهْ[38].
رسالة الخليفة المسترشد بالله لبعض وزرائه
"أَمَّا بعد؛ فالحمد لله المنفرد بكبريائه، المتفضِّل على أوليائه، مجزل النَّعْمَاء، وكاشف الغَمَاء، ومُسْبِغ العطاء، ومُسْبِل الغطاء، ومُسْنِي[39] الحباء[40]، ومُسْدِي الآلاء، الذي لا تئوده[41] الأعباء، ولا تكيده الأعداء، ولا تبلغه الأوهام، ولا تُحيط به الأفهام، ولا تُدْرِكه الأبصار، ولا تتخيَّله الأفكار، ولا تُهرمه الأعوام بتواليها، ولا تُعجزه الخطوب إذا ادلهمَّت[42]لياليها، عَالِمُ هواجس الفكر، وخالق كلِّ شيء بقدر، مصرِّف الأقدار على مشيئته ومُجْرِيهَا، ومانح مواهبه مَن أضحى بِيَدِ الشكر يمتريها، حمدًا يصوب حياه، ويَعْذُبُ جناه، وتتهلَّل أَسِرَّة الإخلاص من مَطَاوِيه[43]، ويستدعي المزيد من آلائه ويقتضيه.
والحمد لله الذي استخلص محمدًا  مِن زَكِيِّ الأصلاب، وانتخبه من أشرف الأنساب، وبعثه إلى الخَلِيقَةِ رسولاً، وجعله إلى منهج النَّجَاة دليلاً، وقد بوَّأ الشرك بَوَار الذل وقضاه، وشَهَرَ عَضْبَ[44] العزِّ وانتضاه[45]؛ والأُمَمُ عن طاعة الرحمن عازفة، وعلى عبادة الأوثان عاكفة، فلم يزل بأمر ربِّه صادعًا، وعن التمسك بِعُرَى الضلال الواهية وازعًا، وإلى ركوب مَحَجَّة الهدى داعيًا، وعلى قدم الاجتهاد في إبادة الغواية ساعيًا، حتى أصبح وجه الحقِّ مُنيرًا مشرقًا، وعُودُهُ بعد الذبول أَخْضَرَ مورقًا، ومضى الباطل مولِّيًا أدباره، ومستصحبًا تتبيره وبواره، وقضى  بعد أن مهَّد من الإيمان قواعده، وأحكم أساسه ووطائده، وأوضح سُبُلَ الفوز لمن اقتفاها، ولَحَبَ[46] طريقها بعدما دُثِرَتْ صُوَاها[47]، فصلَّى الله عليه وعلى آله الطاهرين وصحبه الأكرمين، صلاةً متَّصلاً سحُّ[48] غمامها، مُسْفِرًا صُبْحُ دوامها، والحمد لله على أن حاز لأمير المؤمنين من إرث النبوَّة ما هو أجدر بحيازة مجده، وأولى بفيض عَدِّه، ووطَّأ له من الخلافة المعظَّمة مهادًا أحفزتْهُ نحوه حوافزُ ارتياحه، وجذبته إليه أَزِمَّة راعه والتياحه[49]، إلى أن أدرك من ذلك مُنَاه، وألقى الاستقرار الذي لا يريم[50]عصاه، وعضَّد دولته بالتأييد من سائر أنحائه ومراميه، وأعراضه ومغازيه، حتى فاقت الدُّوَلَ المتقادمة إشراقا، وأعطتها الحوادثُ من التغيُّر عهدًا وفيًا وميثاقا، وأضحت أيَّامه - أدامها الله - حاليةً بالعدل أجيادها، جاليةً في ميادين النضارة جيادها، وراح الظلم دارسةً أطلاله، مقلِّصًا سرباله، قد أنجم[51] سَحَابه، وزُمَّتْ للرحلة ركابه، فما يستمرُّ منها أمرٌ إلاَّ كان صُنْعُ الله سبحانه مؤيِّده، والتوفيقُ مصاحبه أنَّى يَمَّمَ ومُسَدِّدَهُ، وهو يستوزعه[52] -جلَّت عظمته- شُكْرَ هذه النعمة، ويستزيده بالتحدُّث بها من آلائه الجمَّة، ويستمدُّ منه المعونة في كلِّ أَرَبٍ[53] قصده وأَمَّهُ، وشَحَذَ لانتحائه عزمه، وما توفيقه إلاَّ بالله عليه يتوكَّل وإليه يُنِيب.
ولما كانت الوزارة قطب الأمور الذي عليه مدارها، وإليه إيرادها وعنه إصدارها، وخلا منصبها مِن كافٍ يكون له أهلاً، وينظم من شماله شملاً، أجال أمير المؤمنين فيمن يختار لذلك فكره، وأَنْعَم[54] لأهل الاصطفاء لهذه المنزلة نظره، حتَّى صرح[55] محض رأيه عن زبدة اختيارك، وهداه صائب تدبيره إلى اقتراحك وإيثارك، وألقى إليك بالمقاليد، وعوَّل في دولته القاهرة على تدبُّرك السديد، وناط بك من أمر الوزارة ما لم يُلْفِ له سواك مستحِقًّا، ولا لنسيم استيجابه مستَرِقًّا[56]، علمًا بما تُبْدِيهِ كفايتُك المشهورة، وإيالتك[57] المخبورة، من تقويم ما أَعْجَزَ ميادُه[58]، وإصلاحِ ما استشرى فساده، واستقامة كلِّ حالٍ وهي عمادها، وأضلَّت على كثرة الافتداح[59] زنادها، وتثبُّتًا لما تبسم عنه الأيام من آثار نظرك المُعْرِبَة عن احتوائك على دلائل الجزالة، واستيلائك على مخايل الأصالة، اللَّذَيْنِ تُنَالُ بهما غايات المعالي، وتُفْرَعُ[60] الذُّرَى والأعالي.
ثُمَّ إنَّ أمير المؤمنين بمقتضى هذه الدعاوى اللازمة، وحُرُمات جدِّك وأبيك السالفة المتقادمة، التي استحصدت في الدار العزيزة قوى أمراسها، وأَدْنَتْ منك الآن ثمرة غراسها، رأى أن يشيد هذه العارفة التي تأرَّج لديك نسيمُها، وبَدَتْ على أعناق فَخْرِكَ رسومُها، وجَادَت رباعَك شآبيبُها[61]، وضفَتْ عليك جلابيبها، بما يَزِيدُ أَزْرَكَ اشتدادًا، وباع أَمَلِكَ طَوْلاً وامتدادًا، فأدناك من شرف حضرته مناجيًا، ومنحك من مزايا الأيَّام ما يُكسبك ذِكْرًا في الأعقاب ساريًا، وعلى الأحقاب باقيًا، وأفاض عليك من الملابس الفاخرة ما حُزْتَ به أوصاف الجمال، وجَمَعَ لك أباديد[62] الآمال، وقلَّدك من الفخر ما يدوم على مرِّ الزمان ويبقي، وأمطاك صَهوة سابحٍ يُساوي الرياح سبقًا، ووسمك بكذا وكذا في ضمن التأهيل للتكنية[63]، إبانةً عن جميل مُعْتَقَدِه فيك، ورعايةً لوسائلك المحْكَمَةِ المرائر وأواخيك.
وأَمَرَكَ بتقوى الله التي هي أحصن المعاقل، وأعذب المناهل، وأنفع الذخائر، يوم تُبْلَى السرائر؛ وأنْ تستشعِرَها فيما تُبْدِيه وتُخْفِيهِ، وتَذَرُهُ وَتَأْتِيهِ؛ فإنها أفضل الأعمال وأوجبها، وأوضح المسالك إلى الفوز برضا الله وأحبُّها، وأجلب الأشياء للسعادة الباقية، وأجناها لقطوف الجنان الدانية؛ عالمًا بما في ذلك من نفعٍ تَتَكَامل أقسامه، وتتفتَّح عن نور الصلاح الجامع أكمامه، قال الله جلَّت آلاؤه، وتقدَّست أسماؤه: {وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ[آل عمران: 133]، وقال تعالى حاضًّا على تقواه، ومخبرًا عمَّا خَصَّ به مُتَّقِيهِ وحَبَاهُ، وكفى بذلك داعيًا إليها، وباعثًا عليها: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ[التوبة: 4].
وأمرك أن تَتَوَخَّى المقاصد السليمة وتأتيها، وتتوخَّم[64] الموارد الوخيمة وتجتويها[65]، وأنْ تُتْبِعَ بالحزم أفعالك، وتجعلَ كتاب الله تعالى إمامك، الذي تهتدي به ومثالك، وأن تَكُفَّ من نفسك عند جماحها وإبائها، وتصُدَّها عن متابعة أهوائها، وتُثْنِي عند احتدام سورة الغضب عِنَانها، وتُشعرها من حميد الخلائق ما يوافق إسرارها فيه إعلانها؛ فإنها لم تَزَلْ إلى منزلة السوء المُرْدِيَةِ داعية، وعن سلوك مناهج الخير المُنْجِيَةِ ناهية، قال الله تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ[يوسف: 53]".
وأمرك أن تتخيَّر للخدمة بين يديك من بَلَوْتَ أخباره، واستشففت أسراره، فعَلِمْتَهُ جامعًا أدواتِ الكفاية، موسومًا بالأمانة والدراية، قد عَرَكَتْهُ رَحَا التجارِب عرك الثقال، وحلب الدهر أشطره على تصاريف الأحوال؛ ليكون أمر ما ولاه على منهج الاستقامة جاريًا، وعن ملابس الخلل والارتياب عاريًا، فلا يَضَعُ في مَزْلَقَةٍ[66] قدمًا، ولا يأتي ما يَقْرَعُ سنَّه[67] لأجله ندمًا، وأن تمنح رعايا أمير المؤمنين من بِشْرِكَ ما يَعْقِل شوارد الأهواء، ويلوي إليك بأعناق نوافرها اللائي اعتصمن بالجماح والإباء؛ مازجًا ذلك بشدَّةٍ تستولي حميًّا رهبتها على القلوب، وتفلُّ مرهفاتُ بأسها صرفَ الخطوبِ، من غير إفراطٍ في استدامة ذلك يضيق نظامها به، ويُغريها اتصاله باستشعار وَعْرِ[68] الخطأ واستيطاء مركبه.
وأمرك أن تُعْذِبَ مورد الإحسان لمن أحمدتَ بلاءه، وتحقَّقْتَ غناءه، واستحسنتَ أَثَرَهُ، وارتضيتَ عِيَانَه وخَبَرَهُ، وتُسْدِلَ أسمال[69] الهوان على مَن بَلَوْتَ فعله ذميمًا، وألفيتَه بِعِرَاص[70] الإساءة مقيمًا، وإلى رباعها[71] الموحشة مستأنسًا مستديمًا، كيلاً لكلِّ امرئٍ بصاعِهِ، واتِّباعًا لما أمر الله باتِّباعِهِ، وتجنُّبًا للإهمال الجاعل المحسنَ والمسيءَ سواء، والمعيدهما في موقف الجزاء أَكْفَاء، فإنَّ في ذلك تزهيدًا لذوي الحُسْنَى في الإحسانِ، وتتابعًا لأهل الإساءة في العدوانِ، ولولا ما فرضه الله على أمير المؤمنين من إيجاب الحُجَّةِ، والفكاك من ربقة[72] الاجتهاد ببلاغ المعذرة، لثني عِنَان الإطالة مقتصرًا، واكتفى ببعض القول مختصرًا، ثقةً بامتناع سدادك ونُهَاكَ، أن يراك صواب الفعل حيث نَهَاكَ، واستنامةً إلى ما خوَّلك الله من الرأي الثاقب، المطَّلِع من خصائص البديهة على محتجب العواقب.
فارتبط يا فلان هذه النُّعْمَى التي جادت ديمها[73] مغانيك، وحقَّقت الأيَّام بمكانتِها أمانيَكَ، بشُكْرٍ ينطق به لسان الاعتراف، فيُؤْمَنُ وَحْشِيُّ النَّعَمِ من النفار والانحراف، واسْلُكْ في جمال السيرة، والاقتداء بهذه الأوامر المبيَّنَةِ المذكورة، جَدَدًا[74]يُغْرِي بحمدكَ الألسنة، ويُعْرِب عن كونكَ مِن الذين يستمعون القول فيتَّبعون أحسنه، والله يصدق مخيلة أمير المؤمنين فيكَ، ويُوزِعك شكر ما أَوْلاَكَ ويُوليكَ، ويجعل الصواب غرضًا لنبال عزائمه، ويَذُود عن دولته القاهرة كتائب الخطوب بصوارم السعد ولهاذمه[75]؛ ويَصِل أيامه الزاهرة بالخلودِ، ويَبْسُط على أقاصي الأرض ظلَّه الممدودِ، ما استهلَّ جفن الغيث المدرارِ، وابتسمتْ ثغور النوار، إن شاء الله تعالى"[76].

[1] المسعودي: مروج الذهب 1/460، محمد بن عبد المنعم الحِميري: الروض المعطار ص118.
[2] الظِّئْرُ: المُرْضِعة غير وَلدها، والظِّئارُ أَن تُعْطَفَ الناقةُ على ولدها أو ولد غيرها، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة ظأر 4/514.
[3] عرق: أي نُسِبَ، عِرْق كل شيء أَصله، ومُعْرِق: أَي عريق النسب أَصيل. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة عرق 10/240.
[4] الطبري: تاريخ الأمم والملوك 6/195، 196، وابن عبد ربه: العقد الفريد 2/234.
[5] الطُّرُّ: الجماعة، وطرًّا: أي جميعًا. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة طرر 4/498.
[6] قال البيع والعهد: إذا فُسِخَا، وعاد الشيء إِلى مالكه والثمنُ إِلى المشتري، إِذا كان قد نَدِم أَحدهما أَو كِلاهما، وتكون الإِقالة في البَيعة والعهد. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادَّة قيل 11/572.
[7] هو: أبو حفص، عبيد الله بن زياد ابن أبيه، ولي خراسان، فكان أول عربي قطع جيحون، وافتتح بيكند، وغيرها، أمير الكوفة لمعاوية ولابنه يزيد، وهو قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب، قتله إبراهيم بن الأشتر في وقعة الجازر سنة ست وستين. انظر: الذهبي: سير أعلام النبلاء 3/546.
[8] الطبري: تاريخ الأمم والملوك 6/197-199، وابن عبد ربه الأندلسي: العقد الفريد 2/236.
[9] الرُّخُّ: من أَداة الشطرنج. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة رخخ 3/18.
[10] البيدق: الدليل في السفر، و الجندي الراجل، جمعه: بيادق وبيادقة، ومنه بيدق الشطرنج. المعجم الوسيط ص78.
[11] الطبري: تاريخ الأمم والملوك 6/501، ابن كثير: البداية والنهاية 10/209. وابن الأثير: الكامل في التاريخ 3/107.
[12] الكالِئُ والكُلأَة: النَّسيِئة والسُّلْفةُ، والمقصود المعطي. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة كلأ 1/145.
[13] الدَّهْماء: الجماعة من الناس، والخَلْقُ الكثير. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة دهم 12/209.
[14] الشَّعَث: التَفَرُّق، والتَّنَكُّثُ، وانتشارُ الأَمرِ وخَلَلُه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة شعث 2/160.
[15] الدَحْس: الفساد، والتَدْسِيسُ للأُمور تَسْتَبْطِنُها وتطلب أَخفى ما تقدر عليه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة دحس 6/76.
[16] الذَّبُّ: الدَّفْعُ، والمَنْعُ، والطَّرْدُ، وذَبَّ عنه يَذُبُّ ذَبًّا: دَفَعَ ومنع. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة ذبب 1/380.
[17] الطبري: تاريخ الطبري 6/481.
[18] محمد بن صبيح أبو العباس ابن السماك العجلي مولاهم الكوفي الواعظ الزاهد، أحد الأعيان، سمع هشام بن عروة وسليمان الأعمش ويزيد بن أبي زياد ونحوهم، كان صدوقًا له مقام وعظ بين يدي هارون الرشيد، توفي سنة ثلاث وثمانين ومائة. انظر الصفدي: الوافي بالوفيات 1/361.
[19] ابن قتيبة الدينوري: عيون الأخبار 1/298.
[20] رَوَّى في الأَمر: لغة في رَوَّأ نظر فيه وتَعقّبه وتَفَكَّر. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة روأ 14/345.
[21] الوَكَف: المَيْل والجَوْرُ، والإِثم، والعيب والنقص، وقد وَكِفَ الرجل يَوْكَفُ وكَفًا إذا أَثِمَ. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة وكف 9/362.
[22] الفَيْءُ: الغنيمة والخَراجُ. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة فيأ 1/124.
[23] الطبري: تاريخ الرسل والملوك 5/47.
[24] إسحاق بن إبراهيم الخزاعي، ابن عم عبد الله بن طاهر بن الحسين، استعمله المأمون على بغداد عام 207هـ. انظر سيرته في الذهبي: العبر في خبر من غبر 1/79.
[25] أشخصته أنا وشخص من بلد إلى بلد شخوصًا أي ذهب وحضر. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة شخص 7/45.
[26] هي مدينة مشهورة على الفرات بينها وبين حران ثلاثة أيام معدودة في بلاد الجزيرة؛ لأنها من جانب الفرات الشرقي. انظر: ياقوت الحموي: معجم البلدان، 3/59.
[27] التَّشْمِير في الأمر: الجدُّ فيه والاجتهاد. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة شمر 4/424.
[28] الصريمة: العزيمة على الشيء، وقطع الأمر، والصريمة إحكامك أمرًا وعزمك عليه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة صرم 12/334.
[29] السَّفِلة: السُّقَّاط من الناس، وأَسافِلهم، وغوغاؤهم، وأراذلهم. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة سفل 11/337.
[30] نكوب جمع ناكب، ونكب يَنْكُبُ نُكُوبًا إِذا عَدَل وتنحَّى عنه، ونَكَّبَ عن الصواب تنكيبًا ونَكَّبَ غيَّرَه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة نكب 1/770.
[31] كُنْه كل شيء قدره ونهايته وغايته وجوهره. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة كنه 13/536.
[32] السَّمْتُ: هيئة أهل الخير، وحَسَن السَّمْتِ: أي حسن القصد والمذهب في دينه ودنياه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة سمت 2/46.
[33] الوليجة: مأخوذة من ولج يلج ولوجًا إذا دخل، أي دخيلة مودة، ووليجة الرجل: بطانته وخاصَّته ودِخْلَته. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة ولج 2/399.
[34] الطبري: تاريخ الأمم والملوك 5/186.
[35] ابن كثير: البداية والنهاية 10/296، السيوطي: تاريخ الخلفاء ص291.
[36] الزَّيْغ: المَيْلُ. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة زيغ 8/432.
[37] الشَّعْثُ والشَّعَثُ انتشار الأمر، ولَمَّ اللهُ شعثه: أي جمع ما تَفَرَّقَ منه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة شعث 2/160.
[38] البيت لإبراهيم بن العباس الصولي من بحر الطويل، القلقشندي: صبح الأعشى 6/296.
[39] سَنَّاه: فتَحه وسَهَّله ويسَّره. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة سنا 14/403.
[40] الحِباءُ: العطاء بلا مَنٍّ ولا جزاء. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة حبأ 14/160.
[41] لا يكرثه ولا يُثقله ولا يشقُّ عليه من آده يؤُوده أَوْدًا. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة وأد 3/74.
[42] ليلة مُدْلَهِمَّة: أي مظلمة. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة دلهم 12/206.
[43] مَطاوي الشيء: أَطواؤُها وطرائقه، ومَطاوِي الدِّرْعِ غُضُونُها إِذا ضُمَّتْ، أي ما طُوِيَ عليه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة طوي 15/18.
[44] العَضْبُ: السيفُ القاطع. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة عضب 1/609.
[45] نَضا السيفَ نَضْوًا وانْتَضاه سَلَّه من غِمْده. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة نضا 15/329.
[46] لَحَبَه يَلْحَبهُ لَحْبًا: بيَّنه، الطريقُ المُوَطَّأ لاحِبًا؛ لأَنه كأَنه لُحِبَ أي قُشِرَ عن وجهه التُّراب، واللاحِبُ: الطريق الواضح الواسع المُنْقادُ الذي لا يَنْقَطِع، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة لحب 1/735.
[47] الصُّوَى: أعلام من حجارة منصوبة في الفيافي والمفازة المجهولة يُسْتدَلُّ بها على الطريق وعلى طَرَفيها، مفردها صُوَّة، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة صوا 14/471.
[48] سحابة سَحُوحٌ وسحَّ المطرُ والماءُ أَي: سال من فوق واشتدَّ انصبابُه، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة صحح 2/476.
[49] لاَحَ يَلُوحُ والْتَاحَ: بَدَا وأَضاءَ وتَلأْلأَ، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة لوح 2/584.
[50] ما يَرِيمُ يفعل ذلك: أَي ما يَبْرَحُ، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة ريم 12/259.
[51] أَنْجَمَ المطرُ: أَقْلَع، أَنْجَمت السماءُ أَقْشَعت أي ذهب سَحَابها، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة نجم 12/568.
[52] اسْتَوْزَعْتُ الله شُكره فأَوْزَعَني: أَي اسْتَلْهَمْتُه فأَلْهَمَني، ويقال: قد أَوْزَعْتُه بالشيء إِيزاعًا إِذا أَغْرَيته، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة وزع 8/390.
[53] الأَرَبُ: الحاجة، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة أرب 1/212.
[54] أَنْعَمَ النظرَ في الشيءِ إذا أَطالَ الفِكْرةَ فيه، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة نعم 12/579.
[55] صَرُحَ الشيءُ: خَلُصَ، انظر: ابن منظور: اللسان، مادة صرح 2/509.
[56] اسْترقَّ الشيءُ: نقيض استغلظَ. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة رقق 10/121.
[57] الإِيَالة السِّياسة، وآل عليهم أَوْلاً وإِيَالاً وإِيَالة وَليَ وساس. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة أيل 11/32.
[58] المِيَاد الاضطراب، من مادَ الشيءُ يَمِيدُ ميدًا إذا تحرَّك ومال واضطرب. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة ميد 3/411.
[59] الافتداح: الاستثقال، فَدَحَه الأَمرُ والحِمْلُ والدَّينُ يَفْدَحُه فَدْحًا: أَثقله. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة فدح 2/540.
[60] فَرَعَ الشيءَ يَفْرَعُه عَلاه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة فرع 8/246.
[61] الشَّآبيبُ، جمع شُؤْبُوبٍ: وهو الدُّفْعةُ من المطر وغيره. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة شأب 1/479.
[62] الأَباديد: الفِرَقُ المتبدِّدَة، وطير أَبادِيد ويَبَادِيد أَي مفترق. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة أبد 3/78.
[63] التكنية المقصود بها التوقير والتعظيم. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة نكي 15/233.
[64] وَخُم وَخامةٌ وتوَخَّمَه واستَوْخَمه لم يَستَمْرِئْه، ولا حَمِدَ مغَبَّتَه، استثقله ولم يوافقه، والوخيمة التي لا يوافقها. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة وخم 12/631.
[65] جَوِيَ الشيءَ جَوًى واجْتواه: كرهه. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة جوي 14/157.
[66] الزَّلَقُ الزَّللُ والزَّلَقُ المكان، وأَرض مَزْلقة ومُزْلقة: ملساء لا يثبت عليها قدم. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة زلق 10/144.
[67] قَرَعَ فلان سنَّه: ندم. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة قرع 8/262.
[68] الوَعْرُ: الغلظة، والمكان الحَزْنُ ذو الوعورة ضد السهل. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة وعر 5/285.
[69] الأسمال جمع السَّمَلُ، وهو الخَلَق من الثياب، والأسمال الشوك والحديدة المحماة تُفقأ بها العين. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة سمل 11/345.
[70] العراص جمع عرصة، والعَرْصةُ كل بُقْعةٍ بين الدور واسعةٍ ليس فيها بناء. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة عرص 7/52.
[71] رباع جمع ربعة، والرَّبْعُ المَنْزِلُ ودارُ الإِقامة، ورَبْعُ القوم مَحَلَّتُهم. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة ربع 8/99.
[72] الرِّبقة: عُروة في حَبْل تُجعل في عُنق البهيمة أَو يدها تُمسكها، ويعني ما يَشدُّ الإنسان به نفسَه من عُرى الاجتهاد. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة ربق 10/112.
[73] دِيَمٌ جمعها ديمة: وهي المطر ليس فيه رَعْد ولا برق، أقلُّه ثلث النهار أو ليل. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة ديم 12/219.
[74] الجَدَدُ: الطريق، وطريق جَدَدٌ: لا وعث فيه ولا جبل، والجدد: الإجماع. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة جدد 3/107.
[75] لهاذم جمع لَهْذَم، واللَّهْذَمُ كلُّ شيء من سِنانٍ أو سَيْفٍ قاطِع. انظر: ابن منظور: اللسان، مادة لهذم 12/556.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق