الخميس، 31 أكتوبر 2013

يتجسسون على الدنيا ما خلا إسـرائيل التي تتجسس أيضا!!

يتجسسون على الدنيا ما خلا إسـرائيل التي تتجسس أيضا!!

ياسر الزعاترة

يبدو أن وثائق عميل المخابرات الأمريكية السابق إدوارد سنودن، ورغم الملاحقة المستمرة له من قبل أجهزة بلاده، ستكون مادة خصبة، ربما تتفوق على وثائق ويكيليكس الشهيرة، وآخر وثائق سنودن هي تلك المتعلق بأنشطة التجسس التي تقوم بها وكالة المخابرات الأمريكية على سائر دول العالم، زعماءً وأفرادا، حتى يمكن القول إنه لا أحد في الكون؛ كان أو سيكون بمنأىً عن عمليات التجسس تلك.

المعلومات، مذهلة، وكذلك الأرقام، لاسيما تلك التي تخص العالمين العربي والإسلامي، لكنها بدت أكثر إثارة فيما يتصل بتجسس الولايات المتحدة على أهم أصدقائها في أوروبا، مع أن سنودن لم يكشف إلى الآن كل ما لديه، وهو يقوم بتقسيطه لاستمرار الإثارة، حيث يوزع معلوماته على الصحف والمواقع بحسب خطة ما.
من المؤكد أن المعلومات التي نشرها فيما خصّ التجسس على فرنسا وألمانيا كانت الأكثر إثارة، لاسيما تلك المتعلقة بالتجسس على هواتف كبار الزعماء، وفي مقدمتهم المستشارة الألمانية ميركيل، والتي قيل إن أوباما نفسه لم يكن يعرف عن قضيتها شيئا، وهنا يظهر البعد الأبرز، إذ ذهب أحد قادة وكالة المخابرات الأمريكية إن التجسس على مكالمات الزعماء هو جزء طبيعي من أنشطتها، ويبدو أن الأمر لا صلة له البتة بالرئيس الموجود في البيت الأبيض، مع أن مسؤولي الوكالة قد ذهبوا إلى أن الكونغرس يعلم بذلك، وأن الأمر قد تم وفق الأسس الدستورية، في حين لا يبدو أن الأمر كذلك، إذ أن أنشطة المخابرات لا تتعلق أبدا بتغير الحكومات، وإنما هي جزء لا يتجزأ من مهماتها التي لا تحتاج معها إلى إذن من أحد، ويبدو أنهم لم يتوقعوا أن يخرج واحد مثل سنودن ليكشف بضاعتهم هكذا على الملأ.
والحال أن المفاجأة التي أبداها الزعماء الأوروبيون، لا تعدو في كثير منها أن تكون محاولة لامتصاص الصدمة الشعبية، فيما هم يعرفون أن أمرا كهذا يحدث بالفعل من قبل الولايات المتحدة، وكذلك من أجهزة بلادهم أيضا في حق آخرين، لكن الأمر يتجاوز البعدين الأمني والسياسي إلى البعد الاقتصادي، وحيث يمكن لأنشطة التجسس على الشركات أن تكون سببا في خسائر لصفقات تجارية بين الدول.
على أن الأكثر إثارة بالنسبة إلينا فيما يتصل بفضيحة التجسس إن جاز التعبير هو ذلك المتعلق بالتجسس على الدول العربية والإسلامية التي نالت نصيب الأسد، وهو الأمر الذي يرتبط على ما يبدو بالبعد الأمني أولا، وبالسياسي ثانيا، وربما بالاقتصادي أيضا، لكن البعد الأمني بعد الحادي عشر من سبتمبر يبدو أكثر حضورا في السياق.
هذا البعد تكشفه تلك المعلومات المذهلة حول عدد المكالمات التي جرى التنصت عليها في عدد من الدول العربية والإسلامية بحسب ما كُشف إلى الآن، فقد ذكرت الوثائق أن التجسس قد شمل حوالي 8 بلايين عملية في السعودية، 1.9 بليون في مصر، 1.6 بليون في الأردن، 7.8 بليون في العراق، 1.73 بليون في إيران، والرقم الأكبر كان في أفغانستان، وهو 22 بليون عملية، في حين كانت حصيلة العمليات في شهر واحد هو (كانون ثاني/يناير) من العام الحالي 125 بليون عملية.

وما لا يقل إثارة فيما يتصل بقضايا التجسس هو ذلك المتعلق بتجسس الكيان الصهيوني، ليس على الدول العربية والإسلامية فحسب، بل على دول أوروبية حليفة، كما هو حال التجسس الإسرائيلي على مكالمات الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي، والذي كان يصنف بوصفه الصديق الأكثر وفاءً للكيان بين الرؤساء في تاريخ فرنسا كله.
لكن الأهم بالنسبة إلينا هو أن الكيان الصهيوني يتجسس، وبشكل يومي على جميع الدول العربية والإسلامية، وقد كشفت صحيفة إسرائيل اليوم بحسب تقرير لصحيفة القدس العربي أن الكيان الصهيوني يسيطر على فضاء جميع الدول العربية بواسطة 6 أقمار صناعية مهمتها تصوير كل صغيرة وكبيرة تحدث في الدول العربية وغير العربية، وفي معظم بقاع الأرض.
ونشرت الصحيفة عن الوحدة المسؤولة عن إدارة الأقمار الصناعية ذات أغراض التجسس في جيش الاحتلال، والمعروفة بمجموعة أقمار (عاموس)، والتي يقوم كل واحد منها بتغطية الكرة الأرضية بأكملها كل 90 دقيقة.
وأوضحت أنّ هذه الأقمار تضع المناطق العسكرية للدول العربية تحت مجهر القيادات العسكرية في تل أبيب بشكل شبه يومي، من خلال 3 أقمار صناعية مخصصة لهذه المنطقة، حيث تراقب كل صغيرة وكبيرة تحدث في تلك الدول، وترسل بتقاريرها الآنية لقيادة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال.
والجدير بالذكر أن وثائق سنودن لم تشر (حتى الآن على الأقل)، إلى أي شكل من أشكال التجسس الأمريكي على الكيان الصهيوني، ما يشير؛ إما إلى تواطؤ، أو ربما خوف من غضب اللوبي الصهيوني، بخاصة بعد تطور نفوذه على نحو مذهل في العقدين الأخيرين، ووصوله إلى البنتاغون وأجهزة الأمن، الأمر الذي لم يكن موجودا قبل عقود.
في أي حال، فما ينبغي أن يكون واضحا هو أن هذا النوع من عمليات التجسس لن يتوقف، وعلى الجميع أن يدرك أنه ما من شيء في الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر والإنترنت، بمنأى عن عمليات التجسس، ويبقى أن عمليات الفرز والتدقيق فيما تتم مراقبته هو المعضلة الأكبر التي تعجز تلك الأجهزة عن تحقيقه حتى هذه اللحظة، وإن كان الأمر أكثر يسرا في حالة الشخصيات المستهدفة، والتي يتم التدقيق في مكالماتها ورسائلها الإلكترونية على نحو استثنائي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق