السيسيّون الجدد
الصحيفة هي "واشنطن تايمز" التي اختصتها إدارة الانقلاب بنشر مقال يحمل اسم الجنرال عبد الفتاح السيسي يحمل رؤية الإدارة المصرية الجديدة للاقتصاد والسياسة، وهي ذاتها الصحيفة التي اختارها نبيل فهمي أول وزير خارجية لمصر المنقلبة لكي يخاطب من خلالها الشعب الأميركي.
لقد كان نبيل فهمي سفيرا لمصر في الولايات المتحدة لفترة طويلة، وكذلك وزير الخارجية الذي جاء بعده سامح شكري، ومن ثم من السذاجة أن النظام المصري اختار هذه الصحيفة اعتباطا للوصول إلى الرأي العام الأميركي، الذي يحمل اللوبي الصهيوني مفاتيحه.
وعن هذه الصحيفة كتب الزميل محمد المنشاوي؛ وهو باحث مصري دقيق يقيم في واشنطن مقالا بصحيفة "الشروق" المصرية جاء فيه:
"أُسست واشنطن تايمز عام 1982 على يد مؤسس كنيسة التوحيد الأميركية "Unification Church" الملياردير ورجل الأعمال والقس (من أصل كوري) يدعى «سون مسونج موون».
وادعى هذا الشخص قبل وفاته عام 2012 النبوة، وأن الله اختاره ليؤسس جنة الله على الأرض، ومنحه مبادئ ربانية تعتبر نسخة ثالثة من الإنجيل والقرآن حسب زعمه.
وترتبط كنيسة التوحيد بعلاقات متشابكة مع قادة اليمين المسيحي المتطرف المعروف بولائه المطلق لإسرائيل، وعداء لكل ما يتعلق بالعرب والفلسطينيين والمسلمين.
ويرى بعضهم أن صحيفة واشنطن تايمز بمثابة المنبر الإعلامي الورقي الأهم للمحافظين الجدد في العاصمة الأميركية بما توفره من مساحة لنشر بروباجاندا مؤيدة لسياساتهم ومواقفهم".
انتهى الاقتباس من مقال الزميل المنشاوي وبقيت أسئلة تفرض نفسها بخصوص هذا الارتباط الوثيق بين منظومة الانقلاب المصرية، ودوائر اليمين الأميركي المعادي للعرب والقريب للغاية من اللوبي الصهيوني، إذ لا يتوقف الأمر على الرسميين فقط، بل يتجاوزهم إلى كل النخب العاملة في خدمة الانقلاب، وهي النخب التي لا تخفي إعجابها حد الوله بإسرائيل، وتعلن عن عدائها السافر للفلسطينيين والعرب المقاومين للمشروع الصهيوني.
أحد هؤلاء من المصريين الأميركيين والذي كان في طليعة المشاركين في زفة السيسي بنيويورك، وهو ضيف دائم على الفضائيات العربية، له لقاء طويل متلفز يتحدث فيه وسط أصدقائه من اليهود المحافظين قبل أربع سنوات في إحدى الجامعات الكندية عن روعة إسرائيل وبشاعة العرب الأوغاد..
الرجل في ذلك اللقاء يقول بكل فخر - وقد اعتمدت على ترجمة دقيقة - الآتي "الشيء الذي أتذكره في أول زيارة لي لإسرائيل عند وصولي إلى المطار هي كلمة السلام. وكنت مندهشا من وجود كتابة عربية على علامات الطرق إلى جانب العبرية والإنجليزية" ثم يخلص إلى القول "إذا كانت هذه الدولة العظيمة تهتم بهذه الأقلية العربية بهذا الشكل كيف إذن تتهم بالعنصرية. يجب على هؤلاء النظر إلى أنفسهم أولاً قبل اتهام إسرائيل".
وبالطبع هو يقصد بالـ "هؤلاء" العرب الهمج المتخلفين الذين يعيشون عالة على "إسرائيل" الوديعة المسالمة ويعكرون تحضرها ورقيها.
يعرف الانقلاب أن أوراق اعتماده في إسرائيل، وبالتالي يمارس نوعا من الانسلاخ التام عن التاريخ والتكوين الثقافي، ويتحرك منشغلا بإرضاء المتحكمين بمعادلات السلطة في المنطقة، ولا يتورع عن ازدراء شعبه وقيمه، طلبا للالتحاق بالمشروع المهيمن.
كما لم يكن من قبيل المصادفات أن تكون أولى صيحات الترحيب بالسلطة الجديدة في القاهرة صادرة عن الكيان الصهيوني، فالثابت أن أحداً لم يستفد مما جرى من انقضاض مبكر على ديمقراطية مصر الوليدة مثل الإسرائيليين، الذين احتفلوا بمصر العائدة إلى بيت الطاعة الأميركي، حتى وإن أنتجت مسلسلات فكاهية عن أسر قائد الأسطول السادس، وأعلنت استعدادها لمساعدة الشعب الأميركي في التخلص من استبداد إدارة أوباما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق