الثلاثاء، 29 أغسطس 2023

متى يكبر حنظلة؟ 36 عاما ولا يزال ناجي العلي “ريشة فلسطين المقاتلة”

 متى يكبر حنظلة؟ 36 عاما ولا يزال ناجي العلي “ريشة فلسطين المقاتلة”

“حنظلة” وهو طفل في العاشرة يعقد يديه خلف ظهره وبقي رمزًا للقضية الفلسطينية حتى اليوم

رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي

يوافق اليوم الثلاثاء الذكرى الـ36 لتوقف نبض “ريشة فلسطين المقاتلة” ناجي العلي بعد إصابته برصاصات غادرة في 22 يوليو/تموز 1987 في لندن أصابت إحداها عنقه وأصابت أخرى أسفل عينه اليمنى، وغاب عن الوعي واستمر في غيبوبته نحو 37 يومًا حتى أُعلنت وفاته رسميًا في 29 أغسطس/آب من العام نفسه.

ناجي العلي رسام كاريكاتير فلسطيني ارتبط اسمه بشخصية “حنظلة”، ولد في فلسطين ونشأ في لبنان، وبدأ رحلته مع الرسم داخل زنزانة المعتقل فانتقد الاحتلال والقمع والاستبداد، وكانت رسومه سبب شهرته وكانت أيضًا وراء اغتياله. وقد تنبأ بوفاته قائلًا “اللي بدو يكتب أو يرسم لفلسطين، يعرّف حاله: ميّت”.

رسم ناجي نحو 40 ألف كاريكاتير خلال حياته، أشهرها “فاطمة” رمزًا للمرأة الفلسطينية القوية، و”الرجل الطيب” رمزا للفلسطيني المشرد والمناضل والمكسور أحيانا، و”حنظلة” وهو طفل في العاشرة يعقد يديه خلف ظهره وبقي رمزًا للقضية الفلسطينية حتى اليوم.

عبّر العلي عن قضايا الأمة العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية، فرسم ساخرًا من جميع الأنظمة، كما وصف حال المخيم الذي نشأ به، ومجزرة صبرا وشاتيلا، واجتياح لبنان وقصف المخيمات دون أن ينطق بكلمة واحدة، وتميزت رسومه بالجرأة والصراحة وملامسة هموم الناس.

البداية

ولد ناجي سليم حسين العلي عام 1938 في قرية الشجرة في الجليل الشمالي من فلسطين، ومع نكبة 1948 هاجر مع عائلته إلى مخيم عين الحلوة جنوب صيدا في لبنان.

انقلبت حياته حين زار الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، مخيم عين الحلوة وتعرف عليه وشاهد رسوماته ونشر أحدها في العدد 88 من مجلة “الحرية” في 25 سبتمبر/أيلول 1961 لتبدأ رحلة ناجي في الصحف وتكون البوابة التي قدمته للجمهور.

شخصية “حنظلة”

ولدت شخصية “حنظلة” في 5 يونيو/حزيران 1969 في جريدة “السياسة” الكويتية كرمز للفلسطيني، وأصبح “حنظلة” بمثابة توقيع ناجي العلي على كل رسوماته.

في واحدة من الخيام، كان ناجي ووالديه وإخوته الثلاثة وأخته الوحيدة ينامون على حصيرة حملتها أمه معها في رحلة الهجرة إلى لبنان، وجمع والده بعض صناديق الخشب ووضعها عند بوابة الخيمة وعرض عليها بعض المعلبات التي كانت توزعها الأونروا للبيع ليكسب منها قوت أسرته.

يقول العلي في حوار أجرته معه الكاتبة المصرية الراحلة رضوى عاشور، عام 1984، في بودابست “شخصية هذا الطفل الصغير الحافي هي رمز لطفولتي. أنا تركت فلسطين فى هذا السن وما زلت فيه. رغم أن ذلك حدث من 35 سنة، إلا أن تفاصيل هذه المرحلة لا تغيب عن ذاكرتي”.

ويضيف “قدمته للقراء وأسميته حنظلة، كرمز للمرارة. وفي البداية قدمته كطفل فلسطيني، لكنه مع تطور وعيه أصبح له أفقه القومي ثم أفق كوني وإنساني”.

ويتابع “في المراحل الأولى، رسمته ملتقيا وجها لوجه مع الناس، وكان يحمل الكلاشينكوف، وكان أيضًا دائم الحركة وفاعلًا وله دور حقيقي، يناقش باللغة العربية والانجليزية، بل أكثر من ذلك، فقد كان يلعب الكاراتيه. يغني الزجل ويصرخ ويؤذن ويهمس ويبشّر بالثورة”.

هل سيكبر حنظلة؟ يقول ناجي “سيظل في العاشرة حتى يعود الوطن. عندها فقط يكبر حنظلة، ويبدأ في النمو. قوانين الطبيعة المعروفة لا تطبق عليه، إنه استثناء، لأن فقدان الوطن استثناء، وستصبح الأمور طبيعية حين يعود الوطن”. ومتى يمكن رؤية حنظلة؟ يجيب ناجي “عندما تصبح الكرامة غير مهددة، وعندما يسترد الانسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته”.

مسيرته في الصحافة

عام 1963 سافر ناجي للعمل في مجلة الطليعة الكويتية في الكويت، ثم في صحيفة السياسة الكويتية حتى عام 1974 حيث عاد إلى لبنان ليعمل في صحيفة السفير.

عاد مرة ثانية ليعمل في صحيفة السياسة الكويتية حتى عام 1978، ثم رجع إلى لبنان ليعمل مرة أخرى في صحيفة السفير حتى 1983، عمل بعدها في القبس الكويتية، والقبس الدولية في لندن.

في لبنان تعرف إلى العديد من قادة المقاومة المسلحة، واطلع على مجموع العمليات التي نفذتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، فألهبت مشاعره الوطنية وتميزت رسوماته في تلك المرحلة بالمناداة للكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لاستعادة الأرض، ونضجت مداركه السياسية لدرجة أصبح فيها متحدثا صلبا في الدفاع عن القضية الفلسطينية.

أنتج أكثر من 40 ألف عمل فني، غير تلك التي منعتها الرقابة وظلت حبيسة الرفوف، وأعطى ثلاثة كتب في أعوام 1967، 1983، 1985، وعرضت أعماله في بيروت ودمشق وعمان وفلسطين والكويت وواشنطن ولندن، ويشكل “حنظلة” أشهر شخصيات رسوماته الكاريكاتيرية.

اغتيال العلي

عند الساعة 5:13 بتوقيت غرينتش يوم الأربعاء 22 يوليو/تموز 1987، كان العلي في طريقه إلى مقر جريدة القبس الدولية جنوب غرب لندن، ولم يكن يعلم أن قاتلا يترصده.

ورغم التهديدات التي تفوق المئة حسب قوله، والتي كانت تنذره بالعقاب على رسوماته، وتلقيه معلومات وافية بأن حياته في خطر نظرا لأن الموساد الإسرائيلي قد جعله هدفا، إلا أن ناجي العلي لم يتخذ لنفسه أي إجراءات للحماية، لإيمانه القدري وفقا لمقولة “الحذر لا يمنع القدر”، لذلك كان اقتناصه سهلًا.

وأطلق شاب مجهول النار على ناجي العلي، فأصابه ومكث في غيبوبة حتى وفاته في مثل هذا اليوم قبل 36 سنة، ودفن في مقبرة “بروك وود” الإسلامية في لندن، وحمل قبره رقم (230191).

191).

المصدر : الجزيرة مباشر + وكالة الأنباء الفلسطينية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق