الأربعاء، 23 أغسطس 2023

عفوًا أبا إسحق

عفوًا أبا إسحق:
محمد جلال القصاص

لم يأخذ العلماء حشمتهم وعزهم من الدولة (الساسة) بل كانت الدولة دائمًا ضد العلماء المخلصين، وهذا صريح في السنة النبوية: " أَلَا إِنَّ الْكِتَابَ وَالسُّلْطَانَ سَيَفْتَرِقَانِ".


وهذا حال عامة علماء السلف: أحمد بن حنبل ومشهور ما فعل به من تعذيب وتنكيل سنين عددا من أجل رأي في مسألة علمية؛ وقبله مالك بن أنس إمام المدينة في عصر التابعين؛ وقبله أبو حنيفة الإمام فقد قتل في سجنه أو بسبب سجنه في مسألة علمية واحدة؛ وسعيد بن المسيب؛ وسفيان الثوري وقد ظل طريدًا يحاذر القتل وكاد أن يقتل؛ ومن بعدهم النووي وابن تيمية وابن القيم.. وكل الأئمة الأعلام. فلا تكاد تجد مجددًا في عصر من العصور إلا وقد نالت منه السلطة بكلتا يديها.


الذين أخذوا دعمًا من السلطة هم الحضور.. أنت وأقرانك. فقد دعمكم الخليج بقنوات ومنابر (مساجد) وأموال أنفقت على نشاطكم بشكل مباشر أو غير مباشر. ولا زال أهل السلطان يؤونكم. وفي مصر دعمتكم سلطة بعد سلطة، وأسوأ ما وقع لكم أن تركوكم بلا دعم. ومع ذلك لم يُسجَّل لكم موقف واحد دافعتم فيه عن قضية دينية، و كل قضاياكم مفتعلة ومن خارج السياق وقضاياكم فردية ضد سياق القيام بالأمة فقد تركت التدين الاجتماعي وانصرفت للتدين الفردي... حتى التنصير لم يتجرأ أحد بالرد على زكريا بطرس وقد سبكم بأشخاصكم وبأسوأ الألفاظ، ومع أن الرد عليه، وأمثاله، لم يكن يومًا ممنوعًا.. ببساطة لأنه رد علمي.


ألا إن الذين سادوا هم الذين هانت عليهم نفوسهم في سبيل نصرة دينهم. وإن الذين حافظوا على عرضهم وأموالهم سقطوا. وصدق رسول الله، ، صلى الله عليه وسلم،: "ما ذئبان جائعان أُرسِلا في غنمٍ بأفسدَ لها من حِرصِ المرءِ على المالِ والشرفِ لدِينِه"

ألا إن الرتب في الشريعة بالأفعال لا بالأقوال.


خرج صهيب الرومي من ماله مهاجرًا فتلقاه الحبيب صلى الله عليه وسلم، متهللًا يهتف بأعلى صوته : "ربح البيع أبا يحى"
وجهز عثمان جيش العسرة فنودي في الجموع: "ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم".
 وقتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود فكانت المكافأة "لو لم يكن لك في الإسلام غيرها يا علي لكفتك".

وأنتم بلا مواقف. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق