الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

فيسك: قطر تنجح بالعودة بقوة على مسرح الشرق الأوسط.. والسعودية تستشيط غضبا

فيسك: قطر تنجح بالعودة بقوة على مسرح الشرق الأوسط.. والسعودية تستشيط غضبا



سرد الصحفي البريطاني روبرت فيسك الأسباب التي حدت بقطر، من وجهة نظره، للتدخل لإطلاق سراح الصحفي الأمريكي المختطف بيتر كرتس، الذي كان محتجزا لدى جبهة النصرة قرابة العامين.

واعتبر فيسك، في مقال بصحيفة الاندبندنت أن الإمارة الخليجية تلعب دورا مثيرا للاهتمام، يجعلها تعود بقوة على خشبة مسرح الشرق الأوسط، وتزيد من درجة اعتماد الولايات المتحدة عليها.

وأضاف أن النجاح القطري في الإفراج عن كرتس يجعل السعودية تستشيط غضبا، لا سيما وأن الإمارة الصغيرة فعلت ما عجزت عنه المملكة التي فشلت في التوسط للإفراج عن الصحفي الأمريكي جيمس فولي، الذي نحرته قوات "الدولة الإسلامية"، فيما استغلت الدوحة تقاربها مع جبهة النصرة في سوريا لتحرير كرتس من أسره.

وأشار إلى حدوث تقارب ما بين الدوحة ونظام بشار الأسد في الشهور الأخيرة، لا سيما بعد ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" ظهرت في تخفيف قطر انتقاداتها ضد النظام السوري، ولفت إلى هدنة محتملة بين جبهة النصرة والأسد، في مجابهة خلافة أبو بكر البغدادي.

وفيما يلي نص المقال

مجددا، تبزغ قطر، العرابة الجنية للشرق الأوسط على خشبة المسرح، وهي الدولة التي يفترض أنها دفعت 40 مليون جنيه إسترليني منذ خمسة شهور لتحرير 13 راهبة من الأسر، وإذا صح ذلك، فقد أصبحن أغلى راهبات في العالم.

حققت قطر مجددا المستحيل، وتمكنت هذه المرة من تحرير الكاتب الأمريكي بيتر ثيو كرتس، من صحراء سوريا، بعد اختطافه في مدينة أنطاكية التركية منذ نحو العامين..

والذي أشاد في مقطع فيديو بالمعاملة التي لقيها خلال تلك الفترة من خاطفيه قائلا: ” كل شيء كان نموذجيا، الطعام والملبس، بل أنني كونت صداقات"، لكن من يمول هؤلاء ؟

لقد جاء مفتاح حل اللغز عندما كشف مصدر قطري أن كرتس تم تسليمه إلى ممثلين للأمم المتحدة، وأن الدوحة تحرر الرهائن لأسباب إنسانية، وأن الأمر تحقق جراء اتصالات مع الأشخاص المناسبين في سوريا.

لكن السؤال يدور حول ماهية هؤلاء الأشخاص الذين تعاملت معهم قطر؟ فالراهبات، اللواتي كن محجوزات في مدينة يبرود الحدودية، لم يكن يمكن تحريرهن دون مساعدة من وكالات أمنية لبنانية، و الرئيس السوري بشار الأسد، الرجل الذي كان ينبغي علينا،كرهه بالدرجة الأكبر ، إلى أن ظهر "داعش" الذي يسعى للإطاحة بالأسد، وهو التنظيم الذي يكرهنا أكثر مما نكره الأسد، بل بات النظام السوري أحد آخر المعاقل ضد الخلافة المروعة لأبو بكر البغدادي.

القطريون يلعبون مباراة مثيرة للاهتمام، حيث أنهم يلفتون نظر الأسد لمدى أهمية الدوحة في سوريا، وهو يدرك ذلك، منذ أن خصصت الإمارة ملايين الدولارات للصرف على ثوار "معتدلين" سعوا لإسقاط نظام الأسد.

لكن بدون التأثير القطري، دعونا لا نقصر تفكيرنا على الأموال، لم يكن ليتم إطلاق سراح الراهبات، وربما كان نظام الأسد سيضطر لشن هجمات على مدينة ياربود الحدودية في مارس.

والآن، على نحو مفاجئ، بعد الواقعة المروعة لقطع رأس الصحفي جيمس فولي، برز القطريون ليخبروا الأمريكان أن إمارتهم الصغيرة بإمكانها إطلاق سراح رهينة أمريكية"

هناك نقطتان جديرتان بالملاحظة، الأولى أن السعوديين لم يتمكنوا من تحرير رهينة أمريكي احتجزته "الخلافة"،(يقصد الصحفي الأمريكي جيمس فولي الذي ذبحه تنظيم الدولة الإسلامية)، بينما تمكنت قطر من فعل ذلك،(يقصد تدخل قطر لتحرير بيتر كرتس الذي اختطفته جبهة النصرة).


أما النقطة الثانية
فتتمثل أن قطر لم تهاجم الأسد بضراوة منذ شهور. فهل يعني ذلك أنه في مصلحة السلام في الشرق الأوسط، ومن أجل راحة بال أوباما، الذي لا يزال يحاول تفادي كارثة أمريكية أخرى في المنطقة، أن تتقدم العرابة الجنية القديمة نحو منتصف المسرح مجددا؟ قد يغضب ذلك السعوديين، وهو الأمر الذي تفعله قطر كثيرا، وهو ما يضع مجددا الإمارة النفطية الصغيرة كحليف يعتمد عليه لأمريكا، وحليف محتمل للأسد.

الساخرون سوف يثرثرون قطعا بعيدا عن ذلك الاتجاه، ويتحدثون، على سبيل المثال، عن المفارقة، في عدم قدرة الإمارة على تحرير صحفيي الجزيرة من السجون المصرية، بعكس القدرة السحرية التي استخدمتها في إنقاذ بيتر كرتس من الأسر.

من المؤكد أن بيتر جريست ورفاقه، القابعين في سجن طرة يتساءلون عن اليوم الذي سيخرجون فيه، ولكن أخشى أن ذلك الموعد لم يحن بعد، بعد الدعم القطري للرئيس المصري محمد مرسي، وعدم مساندة غريمه المشيرالرئيس عبد الفتاح السيسي، وهو السبب في سجن صحفيي الجزيرة بعد محاكمة هزلية، ولن يقوم السعوديون الداعمون للسلفيين الموالين للسيسي في مصر بالتدخل لإنقاذ صحفيي الجزيرة.

الأمر كله يعتمد على أي الجوانب التي تنحاز إليها، وأي الجوانب التي ترغب في أن تبدو وكأنك منحاز إليها، وكم الأموال التي تحصلت عليها.

حتى الآن، تبدو قطر ممتلكة لآذان ثوار جبهة النصرة، الذين يمكن اعتبارهم معتدلين بالكاد.

السلطات في الدوحة يمكنها إنكار تكبدها أموالا مقابل إطلاق سراح الأسرى، فعندما تقوم دولة خليجية بدعم "ميليشيات مسلحة"، لا يتعين عليها تكبد أموال مقابل إطلاق سراح رهينة، لا سيما عندما تتكفل بدفع أجور خاطفي الرهائن.

وإذا قامت جبهة النصرة بمنح الأسد هدنة، وشددت موقفها ضد "الدولة الإسلامية" ”الخلافة"، مقابل الإفراج عن رهينة أو اثنتين، فإن مثل هذه الأموال التي تتكبدها الدولة الخليجية تروق للغرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق