الأحد، 24 أغسطس 2014

امنحوا قطاع غزة لعباس أو لدحلان!!


امنحوا قطاع غزة لعباس أو لدحلان!!

ياسر الزعاترة

لم يعد الأمر سرا، فالدوائر الإسرائيلية من أعلاها إلى أدناها؛ أمنية وسياسية (في السلطة والمعارضة) وعسكرية، فضلا عن الإعلامية تدعو وتخطط لإعادة قطاع غزة إلى حضن السلطة في الضفة الغربية، ويتم ذلك في العلن؛ تشاطرها في هذا الرأي الدوائر المصرية التي تستضيف مفاوضات التهدئة، ومن ورائها دوائر عربية معروفة، وإن ظهر خلاف ما بينها حول الدور الذي يمكن أن يلعبه محمد دحلان في العملية، وحيث تصر بعضها على أن يكون له دور ما، الأمر الذي يرفضه عباس؛ أقله حتى الآن، فيما يبدو أن الأخيرة تعوِّل على أن يكون دحلان هو قائد السلطة القادم بعد قائدها الذي سيحتفل قريبا بعيد ميلاده الثمانين ولا بد من بحث عن بديل بذات المستوى من الوفاء لبرنامج التنسيق الأمني، والسلطة/الدولة، أو الدولة في حدود الجدار التي تبقى في نزاع حدودي مع جارتها، وبالطبع كي لا تقول إنها تنازلت عن الثوابت التاريخية!!
ولما كان منطلق السلطة/الدولة كما كرّسه محمود عباس منذ العام 2004 يقوم على السلطة الواحدة، وسلاح الشرعية الواحد، فلا يمكن أن يكون هناك سلاح خارج إطار الشرعية، لاسيَّما أنه سلاح لا أهمية له في ظل برنامج أيديولوجي محسوم ضد المقاومة المسلحة، وفي ظل موافقة معلنة من قبل قيادة تلك السلطة علي أن الدولة العتيدة ستكون منزوعة السلاح باستثناء سلاح الشرطة القادر على حفظ الأمن الداخلي، وهي العقيدة التي حددها الجنرال الأميركي دايتون عندما أشرف على بناء قوات الأمن بعد اغتيال ياسر عرفات وترتيب وراثته لعباس.
برأي هؤلاء جميعا، وفي ظل مخطط المصالحة وحكومة الوحدة والانتخابات التي ينبغي أن يستعيد من خلالها عباس ما فقده من شرعية عام 2006، فإن كل شيء سيعود إلى ما كان عليه في ظل البرنامج الذي أعده دايتون، وسيكون قائد السلطة والمنظمة وحركة فتح قادرا على المضي في برنامجه التاريخي حتى النهاية، وإذا ما تدخل القدر وأنهى حياته، فإن دحلان، أو من يتسلم المهمة سيكون وفيا لها وسيكملها بعناية، وهذه المرة بدعم من الشقيقة الكبرى والحلف العربي الداعم لها، وهو حلف «آسر»، كما وصفه زعيم المعارضة الإسرائيلية، وقائد حزب العمل إسحاق هرتسوغ.
حتى ذلك الحين لن يكون هناك مانع لدى عباس من الإبقاء على أجهزة حماس العسكرية والأمنية في قطاع غزة حتى لا تفسد العملية، لكن الأمر سيكون مختلفا بعد الانتخابات التي ستتم والمسدس مصوب إلى رأس الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع: إما أن ينتخب الشرعية التاريخية المعترف بها دوليا، وإما أن يكون عرضة لمزيد من الحصار، بخاصة في قطاع غزة المنهك بسبب حجم الدمار، وعليه تبعا لذلك أن يختار من يوفرون له الأمن ويفتحون له معبر رفح بشكل دائم، ولا يورطونه في القتل والقتال!!
هكذا يفكر القوم، ولم يعد الأمر سرا كما قلنا من قبل، وحينها قد يجري تسهيل إنشاء الميناء والمطار في قطاع غزة بإشراف دولي، ويجري استكمال ما توقف بعد تمرد عرفات على شروط أوسلو كما رسمها الآباء الصهاينة، وفي مقدمتهم شارون صاحب فكرة الحل الانتقالي بعيد المدى الذي سيحوِّل النزاع إلى نزاع حدودي طويل المدى، اللهم إلا إذا قبل القادة الجدد بحل على مقاس الطموحات الصهيونية، وغالبا بروحية وثيقة جنيف الشهيرة وملحقها الأمني.
يتطلب هذا البرنامج بالطبع أن يمضي المسار الراهن عربيا على ما هو عليه، ويتكرس الحلف العربي الجديد الذي سيمنح الغطاء لهكذا حل بائس، الأمر الذي لم يتوافر لياسر عرفات عام 2000 حين كان النظام العربي الرسمي أكثر حياءً في التعامل مع الكيان الصهيوني.
هذا ما يفكرون فيه دون شك، لكن النجاح قصة أخرى، فهذه الأمة التي أفشلت مشروع أوسلو، ومشروع الغزو الأميركي للعراق لإعادة تشكيل المنطقة، ستُفشل مشروع تصفية القضية الفلسطينية على هذا النحو، لكن البداية ينبغي أن تكون بيد من صنعوا انتصار غزة الأخير، والذين عليهم أن يرفضوا مسار ديمقراطية الاحتلال وسلطته التابعة، وأن يقلبوا الطاولة في وجهه، ويطرحوا إدارة بالتوافق للسلطة مقابل انتخاب قيادة لكل الشعب في الداخل والشتات تقوده على طريق المقاومة لاستعادة الحقوق، وبعيدا عن مسار عباس العبثي الراهن.
 إذا لم يحدث ذلك، فسيتكفل الشعب لاحقا بالانقلاب على هذه اللعبة بطريقته، ومن ورائه أمة ستقاوم مخطط الصهينة ووأد أحلام الأمة الذي يجري طبخه بفائض أموال الشعوب، ومن خلال أنظمة أولويتها هي مطاردة حرية الشعوب وتحررها بأي ثمن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق