أمير المجزرة ومصرع عز الدين
لا أحد يعلم هل تم تنفيذ مشروع تغيير اسم ميدان نهضة مصر، في محافظة الجيزة، إلى "ميدان خادم الحرمين" أم لا؟
كل ما نعلمه أن هذا الميدان دخل تاريخ المذابح الدموية، رفقة ميدان رابعة العدوية في القاهرة، حيث شهدا معاً أكبر جريمة ضد الإنسانية، ارتكبتها الأجهزة الأمنية في مصر، لإتمام عملية انقلاب عسكري، ممول ومدعوم سعودياً وإماراتياً.
نعلم أيضاً، وبحسب موقع"مصر العربية" إنه في يوم 22 أغسطس/ آب 2013، ولم تكن دماء شهداء المجزرة قد جفت بعد، تقدم المستشار محمد الليثى مستشار وزير الاستثمار الأسبق والمستشار أشرف ندى رئيس محكمة جنايات جنوب القاهرة، بطلب لتغيير اسم الميدان الذى يتوسطه تمثال نهضة مصر لاسم الملك عبد الله بن عبد العزيز، تقديرا لدعمه الاقتصاد المصرى بـخمسة مليارات دولار .
وواصل الطلب دورته الإدارية، ليحصل على موافقات متتالية، ففي اليوم التالي لتقديمه، وقع عليه بالموافقة من مدير عام إدارة التسميات المسئولة عن تغيير أسماء الميادين، ثم يوم 28 أغسطس وافق مدير عام الإدارة الهندسية، قبل أن يوافق فى 28 أغسطس اللواء أشرف شاش رئيس مدينة الجيزة.
الصحافة السعودية، وهي تتفاخر بإطلاق أسماء ملوكها على معالم العواصم العربية نشرت، حسب صحيفة مكة، أنه في سبتمبر/ أيلول 2013 جرى تحويل اسم ميدان النهضة في محافظة الجيزة إلى ميدان الملك عبدالله بن عبد العزيز.
رحل الملك عبد الله، وجاء الملك (سلمان وولده) ولم يظهر اسم الملك الراحل على ميدان المذبحة، غير أنه مع الدفء الذي يغمر علاقة عبد الفتاح السيسي بمحمد بن سلمان، ليس مستبعدا أن يعاد طرح المشروع مجدّداً، لإطلاق اسم الأخير على الميدان الشهير، وخصوصاً أنه على رأس مشروع أكثر اندفاعاً في دعم المقتلة الدائرة في مصر، وأشد حماساً للإجهاز الكامل على ما تبقى من جيوبٍ تتصدّى للهجوم الذي يستهدف قتل الثورات العربية، منذ العام 2013 وحتى الآن.
دور ما يسمى محور"عرب اعتدال" في قتل الحراك المصري المناهض للانقلاب العسكري من المقطوع به، حقيقة تسندها آلاف الحقائق على الأرض.
ومن ثم يدهشك هذا الحماس الهائل في إعلامهم للحراك الشعبي الذي يجري في إيران هذه الأيام، إذ، وفجأة، أصبح ضمان سلامة المتظاهرين والحفاظ على حياتهم حقاً مقدساً، وقيمة إنسانية مصانة، بما لا يستقيم أبداً مع وقائع تمويل هذا المحور ودعمه المقتلة التي حصدت أرواح آلاف المشاركين في الحراك المصري، وبما يتناقض مع مسلكهم تجاه حراك شهدته العاصمة البحرينية في 2011 كان أن عبرت الدبابات السعودية الحدود لسحقه.
عز الدين العريس، طالب الهندسة، الذي اعتقلته الشرطة المصرية سبعين يوماً، ثم أعلنت مقتله في مداهمة أمنية أول من أمس، هو بالنسبة لمحترفي السياسة يعني مجرد حالة جديدة تصلح للتدليل على بشاعة قمع النظام وهمجية إدارته البلاد، لكنه في الحقيقة المجرّدة يعني أماً مكلومة، لم تطرق باباً إلا وطرقته لاستعادة ابنها من خاطفيه، ويعني أيضاً زوجة صغيرة ترملت، قبل أن تضع فستان عرسها في خزانتها، ويعني جنيناً أجهضه الحزن واللوعة فلم يكتمل، ويعني أسرة تغرق في سواد الحزن، في وقت كانت تستحق فيه أن تفرح.
في دفتر يوميات الحزن والانتظار كتبت والدة عز الدين:
اعتقل من كمين بميدان الرماية مساء الأربعاء 18 / 10
تم إخفاؤه من وقتها ولا يُعلم مكانه أو أي معلومة عنه للآن.
أُرسلت تلغرافات لوزير الداخلية والنائب العام والمحامي العام وغيرهم.
قُدمت شكاوى رسمية وبلاغات باختفاء عز الدين للنائب العام ورئيس نيابة الهرم وغيرهم من المسئولين ولم يرد أي مسؤول للآن.
نحمّل مسئولية الحفاظ على حياته لكل المسئولين بدءا من النائب العام وصولا لمأمور قسم الهرم ومباحث الهرم المسئولين مسئولية مباشرة عن إختفائه
كما نطالب بسرعة إظهار عزالدين ومعرفة مكانه وأسباب اعتقاله.
لم يظهر عز الدين، وظهرت جثته مقتولاً على يد خاطفيه.
عز الدين من ضحايا المقتلة التي موّلها ودعمها الذين يحتفلون بحراك الجماهير في إيران الآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق