إستراتيجية ترامب الكبرى "المفاجئة": صعود "الهيمنة غير الليبرالية"
خدمة العصر
نشرت مجلة "فورين أفيرز" دراسة، رأى فيها أحد الكتاب أنها تقدم عمقاً في فهم ما يفعله ترامب، أعدها باري بوسين، الباحث البارز في معهد "ماساشوستس"، بعنوان "صعود الهيمنة غير الليبرالية.. إستراتيجية ترامب الكبرى المفاجئة".
والدراسة تتعمق في إستراتيجية ترامب وخطاباته. يرى الباحث خطابه عن السياسة الخارجية بأنّه يعود إلى عصر ما قبل الحرب العالمية الثانية، ويشير إلى جزأين أساسيين في هذا الخطاب، أولهما أنّه لا علاقة للولايات المتحدة الأميركية بقضايا بناء الأمم، أي بالتنمية والدمقرطة في دول أخرى، كما دعا الليبراليون والمحافظون الجدد الذين حكموا في عهد جورج بوش الابن (2001 - 2009). وثانيهما، عدم وجود ما يسمى "الراكب المجاني" أي أن حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية، يجب أن يدفعوا مقابل الحماية التي تقدمها لهم الولايات المتحدة، وإلا عليهم أن يقوموا بالدفاع عن أنفسهم بأنفسهم.
ويتناغم الجزء الأخير، أن يقوم الحلفاء بالدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، كما قال بوسين مع فكرة قالها ترامب في حملاته الانتخابية المبكرة، أنّ حلفاء الولايات المتحدة الذين لا سلاح نوويا لديهم سيسمح لهم بالحصول عليه، وهذا جزء من شق مرعب في هذه السياسة، فهذا رئيس أميركي لا يمانع أن تنتشر أسلحة الدمار الشامل. وكما يوضح الكاتب، هذا لا يعني تبني ترامب مذهب عدم التدخل والعزلة، بل إنّ ترامب شخص يهدد بالحرب كثيراً، كما في حالة كوريا الشمالية.
وهنا، لا يبتعد ترامب، كما يوضح بوسين، عن فكرة النظام الليبرالي، وفقط، الذي وجد بعد الحرب العالمية الثانية، والذي أعطى جزءا من قيادة العالم للولايات المتحدة الأمريكية، اقتصاديا وسياسيا، بل وأيضاً عن فكرة "الهيمنة الليبرالية" التي طورها مفكرون بعد نهاية الحرب الباردة، إذ دعت الولايات المتحدة لفرض التجارة الحرة، والمنظمات الدولية، وما سوى ذلك. والواقع أنّ هذا النظام قد فشل فعليا إلى حد كبير، مع عدم قدرة الإدارات الأميركية على إصلاح وتحويل المنظمات الدولية دون خسارة جزء من نفوذها.
وتقوم سياسة ترامب على شن الحروب لمنع المعارضين من امتلاك سلاح نووي، أو لتصفية الخصوم مثل طالبان في أفغانستان، وداعش في العراق وسورية، وبأموال أكثر، وبميزانية دفاع تسلح أكبر.
وتقدم الدراسة معلومات عن تدريبات واستعدادات عسكرية أمريكية فعلية في محيط كوريا الشمالية. . وكيف أنّ واشنطن تدعم، وستدعم، حروبا بالوكالة قد تشتعل في منطقتنا. ويشير الباحث إلى أن دولا مثل اليابان والصين قد تقدم تنازلات تجارية فعلا لترامب، لأنّها لا تريد تولي مهام أمنية تقوم بها الولايات المتحدة. وتفصل الدراسة الاتفاقيات والمنظمات الدولية التي انسحبت منها واشنطن أو قلّصت حضورها فيها.
ويرى الباحث "بوسين" أن سياسة الهيمنة الليبرالية لم تنجح منذ الحرب الباردة في تشكيل نظام جديد أو ضمان القيادة الأميركية. وتبدو الولايات المتحدة حائرة، فقد نفذّت في عهد بوش الابن (2001 - 2009) سياسة هجومية، تقوم على تغيير الأنظمة السياسية وفرض التجارة الحرة والديمقراطية، وفشلت، ثم جاء أوباما (2009 - 2017)، بسياسة هادئة لا تعتمد التدخل إلى حد ما، وهو ما أوجد فراغا في قيادة العالم ولم يقلل مصاعب الولايات المتحدة داخليا وخارجياً، والآن يجرب ترامب فرض الهيمنة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق