الثلاثاء، 18 فبراير 2020

حوار #الرئيس_الشهيد د.مرسي مع الأمريكيين قبل الانقلاب

حوار #الرئيس_الشهيد د.مرسي مع الأمريكيين قبل الانقلاب



د. محمد الجوادي
آن الأوان للكشف عما نعرفه من تفصيلات الاتصالات الأمريكية بالرئيس مرسي قبل وقوع الانقلاب العسكري، بدأت هذه الاتصالات قبل الانقلاب بوقت كاف، بتبليغ أمريكي صريح عن أن رئيس الأركان زار السفارة بنفسه وتناقش مع الملحق العسكري في السفارة عن أنٌ النيٌة مُتٌجهة لإنجاز الانقلاب العسكري في 30 يونيو، بدا أن الأمريكيين يتطوعون بعرض معلوماتهم على الرئيس من باب كسب الثقة وإثبات حسن النية، في عصر لا يعرف الأسرار، وبخاصة أن الفريق ذهب في موكب، كانت المعلومات تتضمٌن أيضا تفصيل ما سبق في الإمارات من تصريح رئيس الأركان باستعداد الجيش المصري للتدخٌل في اللحظة المُناسبة وهي تصريحات فجة لم تكن تستدعي الإقالة فحسب لكنها كانت تستدعي محاكمة عسكرية عاجلة عقب العزل الفوري من الخدمة.
أضاف الأمريكيون أيضا بعض معلوماتهم عن التمويل السخي الذي توفٌره دولتان خليجيتان من أجل تزويد الانقلابيين العسكريين وأذرعهم بالأموال اللازمة لشراء ذمم القيادات الشعبية، وكان الأمريكان يتعجٌبون من الطريقة التي تُسلٌم بها الأموال حيث كانت تُعطى لمن سيُوزٌعونها بينما أنهم سيختصٌون بها أنفُسهم في مُقابل أن يُردٌدوا الأراجيف التي كانت فضائيات الثورة المُضادة تُذيعها مع إعادة إنتاج هذه الأراجيف بطريقة أنهم رأوا بأعيُنهم أو أنٌ الحدث حدث معهم هُم أنفُسهم وكان الأمريكيون على سبيل المثال يسخرون من جرأة الفكرة المضللة التي اختلقها أحد المُذيعين من أنٌ الدكتور مرسي يُبالغ في قيمة الكشف الطبٌي في عيادته.. كان تعجب الأمريكان من هذه الكذبة نابعا من أنهم سمعوا تكرارا لها بآذانهم من أساتذة جامعيين يُصوٌرون أنفُسهم مُمثلين للنُخبة المدنية وكان الأمريكان يستلذون بأن يطلبوا من الراوي تأكيدا شخصيا على صدق الواقعة فيجدونه يُجزمُ بصدق الواقعة 100%.
روى الأمريكان ما عرض عليهم من أسباب اختيار 30 يونيو، فهو الذكرى الأولى لتسلٌم الرئيس السٌلطة، وبدء السنة المالية ونهاية السنة القضائية وحالة الفراغ المؤقتة في قيادة الهيئات القضائية، فضلا عما يُسمى بحركة شئون ضباط القوات المُسلٌحة / واحد سبعة أي أول يوليو التي تشمل الإحالات للتقاعد والتٌنقٌلات وشُغل المناصب العُليا، لم يكن لذكرى التولية أو لبدء السنة المالية نفس الأهمٌية التي يُمثٌلها العنصران الآخران وهو نهاية السنة القضائية التي كانت تعني الخلاص من قضاة رفضوا الانقلاب كرئيس المحكمة الدستورية العليا، أما حركة الجيش فكانت تصُبٌ في مصلحة الانقلاب من حيث يفرح شاغلو المنصب الذي كان من المُحتمل خروجهم بمُدة إضافية نظرا لأنه لن تتمٌ تنقٌلات على مُستوى القيادات إذا كان الأمر مُرتبطا بحدث لا يتكرٌر إلا كل عدة عقود.
تلخٌص رد الرئيس محمد مرسي في التركيز على عدة حقائق:
أولُها: أنه يعرف كما يعرفون، لكن معرفتهم بالطبع أدقُ وأكثر تفصيلا وأنٌ تقديره الاستراتيجي (كرئيس) أن إنجاز الانقلاب ينحصر في المُعامل إكس X الذي بدونه لن ينجح الانقلاب على الإطلاق حتى لو شاركت فيه كل الجيوش العربية.. وبوجود هذا المُعامل إكس فإن الانقلاب يُمكن أن يتم بما لا يزيد عن ثلاثين عسكريا وبدون أية حاضنة شعبية على الإطلاق. وأن المُعامل إكس هو الموقف الأمريكي الحقيقي (وليس العلني، وليس الإسرائيلي ولا الغربي ولا السوفييتي) وإنما هو الموقف الأمريكي الرسمي الحقيقي وليس المراوغ، فإذا قررت أمريكا فإن الانقلاب سينفذ، وإذا لم تُقرر فلن تتم أية حركة انقلابية.
ثانيها: أن تقديره أن الموقف الأمريكي قد تحدٌد في واشنطن، وأن مُحدٌثيه في القاهرة ربما لا يعرفون القرار الحقيقي، ولأنه عاش في أمريكا ولا يزال يتعامل معها فإنه يعرف أن التصريحات والاتفاقات والمُعاهدات ليست ذات شأن إذا كان القرار الأمريكي مُختلفا مع كل هذه المنظومة من القيم الأخلاقية والقيم النفعية لأن هناك دائما “سر مهنة” في الطبخة الأمريكية. لكنه يظن بنسبة 30% أن الإدارة الأمريكية تمتلك من الحكمة ما يُمكٌنها من تجنب الخطأ الفادح الذي سيهدم كل ما بنته منذ دخولها المنطقة، وأن ثقته لا تنبع من فراغ وإنٌما تؤيٌدها تصرفات إيجابية مثل حضوركم، حتى إذا لم يكن العسكريون المصريون المُتورٌطون يتصوٌرون هذا، وحتى إذا كان الحكام الخليجيون يظنٌون أنهم يتقرٌبون بتمويل وتنفيذ هذا الانقلاب تأمينا لإسرائيل، كما أنه يعرف جيٌدا حقيقة الرأي الأمريكي في المُتورٌطين في الانقلاب.
ثالثها: أنه يؤمن إيمانا غير محدود بقدره، وأنه عاش السجن وعاش ما هو أصعبُ من السجن لكنٌه ليس على أي درجة من الاستعداد لأن يندفع بشعبه إلى معركة تُمزٌقُ الوطن رغم أن الحسابات السياسية تقول إن الوطن يبدو مُمزٌقا وبحاجة إلى معركة تُوحٌدُه، وأنه لو كان يبحث عن هذه المعركة لكان قد بدأ معركة المياه مع أثيوبيا وحشد الشعب من أجلها، وهو ما كانت تتوقٌعُه المخابرات الأمريكية نفسُها لكنٌه مع كل هذا الإيمان يعرف عن أمريكا الراهنة ما قد لا يتصور الذين يُحاورونه أنه يعرفه من أن سياسة أمريكا الخارجية بكلٌ عظمتها على شفا الاختطاف السيبرنيطقي، وأن الانقلاب العسكري المصري سوف يدفع بها أكثر إليه.
ومن ثم فإنه حين تُقرٌر أمريكا الانقلاب سيبذل كل ما يملك بما في ذلك دمه وروحه من أجل الحفاظ على الشرعية والأرواح لأن هذا واجبه الذي أقسم عليه، لكنه لن يكون سعيدا بأيٌة نقطة دم تُراق، ومع أنه يعرف أن مؤيدي الشرعية في مصر مُلتزمون وسيلتزمون بالسلمية فإنه يعرف من مراجعاته طيلة الأسابيع الماضية أن الانقلاب التركي/الأمريكي في 1980 (الذي حدث بينما كان هو في أمريكا) قد أراق كثيرا من الدماء بدون داع، ولما كانت الانقلابات العسكرية تتغدٌى من كتاب واحد فإنه يتوقٌعُ أن الانقلاب العسكري إذا ما قررته واشنطن سيكون حافلا بالفظائع متعطشا للدماء بدون أيٌ سبب.
رابعها: وهذه كانت مفاجأة للأمريكيين أنه يعرف أن رئيس الأركان ليس هو صانع الألعاب (بالإنجليزية “بيس ماكر” لأنها أكثر شيُوعا حتى بين العرب) لكن صانع الألعاب لا يزال يُظهر الولاء المفرط ويُبلغه أولا بأول بكل التحرُكات الانقلابية وكأنه ليس صانعها، ثم تظاهر الرئيس بأنه يستطرد من دون وعي فقال إن صانع الألعاب روى له كل ما لخصوه له في بداية الجلسة مع فارق بسيط وهو أن الأمريكيين هم من استدعوا رئيس الأركان للسفارة وليس العكس وأن رئيس الأركان فوجئ بأن اللقاء لم يكن مع قيادة قادمة من واشنطن كما أبلغ، وإنما مع العسكريين المقيمين فحسب!
أعرف أن هذه التفصيلات لم تُعلن من قبل على هذا النحو، وربما لم يعرفها كاملة من كانوا في الشارع السياسي، لكن ما قادني إلى معرفتها في وقتها أن الولايات المُتحدة بقنواتها اللانهائية كررت الحوار الذي أجرته مع الرئيس مع عدد لا يُستهان به من المصريين، وبالطبع فقد اختلفت الآراء في كل جزئية على نحو ما اختلفت ردود الفعل.. لكن شاء حظي أن أعرف وقتها من واحد ممن حاورهم الأمريكان أنه حين انتهى من حديثه معهم وجد أنشطهم يقول للآخر: هذا أول مصري تتطابق أقواله 100% مع أقوال رئيسهم مع أنهما فيما نعلم لا يتشاوران.
ومع أن حديثي حتى في الفضائيات الأمريكية ركز بوضوح منذ اللحظة الأولى وحتى الآن على أن الانقلاب أمريكي 100% فإن الأمريكيين لم ينفوا هذا في أي وقت حتى مع ما كان وزير الخارجية كيري يردده من افتراءات حاقدة على المصريين وأهل السنة على حد سواء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق